الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صحراء I

أدونيس

2009 / 10 / 12
الادب والفن



1

أَلمدائِنُ تَنحلُّ، والأرض قاطِرةٌ مِنْ هَباءْ،-

وَحدهُ الشعر، يعرفُ أن يتزوّجَ هذا الفضاءْ.

2

لا طريقٌ إلى بيتِه، حِصارْ

والشّوارع جَبّانَةٌ؛

مِن بعيدٍ، على بيتِه

قمرٌ ذاهِلٌ يتدلّى

في خيوط الغبارْ.

قلتُ: هذا طريقي إلى بيتِنا ، قال: كلا

لن تمرّ، وسدّدَ نحوي رصاصاتِهِ،-

حسناً، ليَ في كلّ حيّ

رِفْقةً، لي بيوتٌ...

3

طُرُقٌ للدّماءْ-

ألدّماء التي كان طِفلٌ يُحدّث عنها

ويُوشوش أصحابَهُ:

لم يعد في السّماءْ

غيرُ بعض الثقوب التي سُمّيت أنجماً...

4

كان صوتُ المدينةِ ألطفَ من أن تشدّ الرّياحْ

حَبْلَ أوتارِه،-

كان وجهُ المدينةِ يَزهو

مثلَ طِفْلٍ يُهيءّ للّيلِ أحلامَهُ

ويقدّم كرسيّهُ للصّباحْ.

5

وجدوا أشخاصاً في أكياسٍ:

شخصٌ لا رأسَ لَهُ

شخصٌ دون يدينِ، ودونَ لسانٍ

شخصٌ مخنوقٌ

والباقون بلا هيئاتٍ وبلا أسماءْ

- أجُنِنْتَ؟ رجاءً

لا تكتبْ عن هذي الأشياءْ.

6

صفحةٌ من كتابٍ

تَتَمرْأى قنابلُ فيها

تَتمرْأى النّبوّاتُ والحِكَمُ الغابِرَه

تَتمرْأى محاريبُ، - سَجّادةٌ مِن حروفٍ

تتساقَطُ خيطاً فخيطاً

فوق وجه المدينةِ، من إبَرِ الذّاكرهْ.

7

قاتِلٌ في هَواء المدينةِ، يَسيح في جُرْحِها،-

جُرحها سَقْطَةٌ

زَلْزَلَت باسْمِها - بنزيفِ اسْمِها

كلّ ما حولَنا

ألبُيوتُ تغادر جُدرانَها

وأنا لا أنا.

8

ربما جاءَ وَقتٌ ستُقْبَلُ فيهِ

أن تعيشَ أَصَمٌّ وأبكمَ، لكن

ربّما سمحوا أن تُتَمْتِمَ : مَوتٌ

وحياةٌ

وبعثٌ،

والسّلامُ عليكم...

9

مِن نبيذ النّخيل إلى هدأة الصّحارى... إلى آخِرِهْ

مِن صباح يُهرّب أحشاءَهُ

وينام على جُثَثِ الثّائرينَ... إلخ*،

من شوارعَ ، من شاحناتٍ

للجنود، الحشود... إلخ،

من شوارعَ ، من شاحناتٍ

للجنودِ، الحشودِ...إلخ،

من ظلالٍ رجالٍ نساءٍ... إلخ،

من قنابِلَ محشوّةٍ بدعاء الحنيفين والكافرينَ...إلخ،

مِن حديدٍ ينزّ حديداً وينزف لحماً... إلخ،

مِن حقولٍ تحنّ إلى القَمْحِ والعشب والعاملينَ... إلخ،

مِن قِلاع تُسوّر أجسادَنا

وتُهيل علينا الظّلامَ...إلخ،

مِن خرافاتِ مَوْتى تقول الحياة، تقود الحياةَ...إلخ،

مِن كلامٍ هو الذّبْحُ ، والذّبْحُ ، والذّابحونَ...إلخ،

مِن ظلامٍ ظلامٍ ظلامٍ

أتنفّسُ، ألمس جسميَ-أبْحثُ عنّي

وعنكَ ، وعنه ، وعن غيرنا،

وأُعلّق موتي

بين وجهي وهذا الكلام-النّزيفِ...إلخ.

10

سوف ترى،_

قُلِ اسْمَهُ

أو قُل رسمتُ وجهَهُ

مُدّ يديكَ نحوه

أو ابتسِمْ،

أو قلْ فرحتُ مرّةً

أو قُلْ حزنتُ مرّةً،

سوف تَرى:

ليس هناكَ وطنٌ...

11

غَيّر القتلُ شَكْلَ المدينة-هذا الحجَرْ

رأسُ طِفْلٍ-

وهذا الدُّخانُ زفيرُ البَشَرْ.

كلُّ شيءٍ يُرتّل منفاهُ/ بَحْرٌ

من دماءٍ-وماذا

تتوقّعُ هذي الصّباحاتُ غير شرايينها المبحرهْ

في السديم ، وفي لُجّةِ المجزرهْ؟

12

سامِروها، أطيلوا السّمَرْ

إنّها تُجلسُ الموتَ في حضنِها

وتقلّب أيّامَها

وَرَقاً شائخاً،-

احفظوا آخرَ الصّوَرْ

من تضاريسها

إنها تتقلّب في رَمْلِها

في محيطٍ من الشّرَرْ

وعلى جسمها

بُقعٌ من أنينِ البَشَرْ.

13

بِذْرَةٌ بِذْرةٌ، تتناثَرُ في أرضِنا

فاحفظي سِرّ هذي الدّماءْ

يا حقولاً تُغذّي أساطيرَنا،-

أتحدّث عن نكهةٍ في الفصولِ

وعن بارقٍ في الفضاءْ.

14

ساحةُ البُرجِ- (نقشٌ يوشوش أسرارَه

لقناطرَ مكسورةٍ...)

ساحةُ البرج- (ذكرى تفتّش عن حالها

في غبارٍ ونارٍ...)

ساحةُ البرج- (صحراءُ مفتوحةٌ

تصطفيها الرياحُ، وتجترّها...)

ساحةُ البرج-(سِحرٌ

أن ترى جُثثاً تتحرك / أطرافُها

في زقاقٍ، وأشباحُها

في زقاقٍ/وتسمع آهاتها...)

ساحةُ البرج- (غربٌ وشرقٌ

والمشانق منصوبةٌ،-

شهداءُ، وصايا...)

ساحةُ البرج-(حشدٌ

مِن قوافِلَ: مُرٌّ

ولبانٌ ومسْكٌ

والبهاراتُ تفْتَتحُ المهرجانْ...)

ساحةُ البرج-(حشدٌ

من قوافِل: رعدٌ

وانفجارٌ، وبَرْقٌ

والأعاصيرُ تفتَتحُ المهرجان...)

ساحةُ البرج- (أرَخْتُ هذا الزمانْ

بِاسْم هذا المكان).

15

- جُثَثٌ أو حُطامْ

وجْهُ بيروتَ؟

- هذا

جَرَسٌ، أمْ صراخٌ؟

- صديقٌ؟

- أنْتَ؟ أهْلاً.

أسّافرتَ؟ عُدْتَ؟ جديدُكَ؟

- جارٌ لنا قتلوه.../

...............

لَعِبٌ/

- نَرْدُكَ اليومَ أقْوى،

- مُصادَفَةٌ/

............

ظُلماتٌ

والكلامُ يَجُرُّ الكلامْ.

___________

* تقرأ بلفظها الكامل، كما هي واردة في السطر الأول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بطول العمر نحن بحاجة للرواد
محمد بوغابة ( 2009 / 10 / 12 - 01:08 )
مع كامل الإحترام و التقدير .هنالك ما نسميه تخريفاعت الشيخوخة .
كما أعلم جيدا أن الشعراء بصعوبة تكتسحمهم التهريفات لأن عقولهم حية و نابضة


2 - تخريفات ابو غابة
سناء الشيخلي ( 2009 / 10 / 12 - 09:21 )
عليك يا محمد فقط بخزعبلاتك في تحليل المفردات وتقطيعها لا ابداء الرأي في قصائد لا تفهم منها شيئا , لا تتهم المفكر الكبير أدونيس بالتخربف فإنه الشموخ الأخير في دنيا العرب.. عليك مثلا تحليل اسمك غابة الى غاب بمعنى غاب عنك العقل و المنطق و حلل مفردة صحراء الى صح و الرأي اي صح رأي بني وهاب و جدك عكرمة الأعور


3 - أدونيس.. دمت للحياة والحقيقة
غـسـان صـابـور ( 2009 / 10 / 12 - 12:47 )
آه يا رفيق الحقيقة. لو سمعنا ما تقول من زمن بعيد, لما وصلنا إلى حالتنا الوجودية اليوم المليئة بالنق والحزن والبكاء. لو سمعنا ما تقول في كلماتك المستقبلية المليئة بالصراخ ضد الغيبيات والسحرة, لما بقينا مخدرين نائمين على مزابل التاريخ, ترفسنا كل يوم حوافر أحصنة الغزاة وخصيان السلاطين. كلما أقرأ كلماتك يا أدونيس, أفهم لماذا لم يعطوك جائزة نوبل. لأن مجلس نوبل وأسياد نوبل, لا يريدون من ينطق بالحقيقة. من أول الأزمنة يا رفيقي, كل من ينطق بالحقيقة يقتل. السلاطين في مكان وفي كل الأزمنة, لا تقبل ولا تكافئ سوى من يزحف أمام السلطان, ولا يغني سوى مدائح السلطان. وفي عالم اليوم, هل تبقى شاعر أو كاتب أو فيلسوف, أو شيخ أو راهب من غير مداحي السلطان؟؟؟... يا رفيقي أدونيس دمت للحياة.. والـحـقـيـقـة!!!...
غسان صابور ليون فرنسا


4 - الشعر عامة لا يفهمه إلا الخاصة من ذوي الفكر والمعرفة
أبو أيمن ( 2009 / 10 / 12 - 18:42 )
من لا يفهم ، وهذا ليس عيبا ، عليه ألا يتعجل في إصدار الأحكام .. عليه أن يقف ويتأمل مليا ، ويسائل : لم أنا لآ أفهم ؟ وكيف يمكنني أن أفهم ..؟ إن التعجل إنسان في الحكم على أشياء لا يفهمها ، لأن قدرته الإدراكية لا تمكنه من ذلك ، أو محدودية ثقافته لا تؤهله لذلك، لهو أخطر بكثير من الإعتراف بجهل الإنسان ومحدودية قدرته على الفهم و الإدراك .ليس في وسع أي إنسان أن يفهم أي شيء مهما كان طابعه ؛ لاسيما إذا كان إبداعا فكريا متميزا ، كالشعر مثلا، خاصة إذا كان صادرا عن كبار الشعراء وفحولهم من قبيل عيار أدونيس . إن كتابات أدونيس في عمومها لها ميزتها الخاصة ، شأنه في ذلك شأن كل المبدعين والمفكرين الكبار تتطلب حدا لا يستهان به من العلم والمعرفة العامة ، مع القدرة الفكرية من أجل الفهم و ألتفسير وغير ذلك الأدوات والمؤهلات الفكرية ... آسف جدا ، .. إن الشعر ليس خطابة تقصد الشحن والحماسة ؛ وإنما فكري بكل ما يتضمنه هذا الفهوم من معنى ، والفكر بطبعه تجريد للواقع و ليس تشخيص له ؛ وهو بهذا المعنى خطاب غير مباشر للواقع . ومن ثم ليس من شأنه أن يستعمل أدوات التشخيص المباشرة للتعبير عن قضاياه ، ولكن يوضف أدوات الرمز الممكنة للتعبير عما يريد ، ومن ثمة ليس في مقدور أيا كان أن يفهم مقصود الشعر . وفضلا عن هذا فإن لكل ش


5 - محمد بو غابة
هاشم كريم ( 2009 / 10 / 13 - 01:33 )
أنت لم أسمع بك من قبل بو غابة أنت لم تدخل غابة يوما.. فكف عن هذه التخرصات رجاء وكفى شعورا بالنقص المركبي بإزاء شاعر إنسان ردت سهام الشيخلي بسهم وهذا سهمي هاي وين؟؟ بو غابة أنت بلا شجر واحدة


6 - ماذا ؟
العربي الغربي ( 2010 / 12 / 18 - 14:40 )
إذا كان الشعر نخبويا .. فهل يفقد معناه ؟
إذا كان الفهم أيضا نخبويا ؟
إذا كان أدونيس يناجي نفسه من خلال هذه الكلمات فكم أدونيسا أراد لكي يفهموا هذا الشعر ؟
أليس الغموض سمة هذا الشعر و ليست مجرد تهمة ؟
أليس الغموض هو من يصبغ الشيئ بالقداسة ؟
التمعن في القراءة ... .. ألا يمكننا القول أن أدونيس يريد بهذا محاكاة شيئ من القداسة التي توجد في القرآن . ألا يسعى جاهدا إلى أن يكون كتاب الشعراء المقدس-
الفهم ملكة ..الفهم خيال
الشعر جرح .. وجع في البال
أآه أأنا بعيد عن بحرك أدونيس

إمنحني لحناً من شعرك
كلمةً من لغتك
فأنا شبح من قبيلة القبور

.


7 - من ؟
سالم الكشف ( 2010 / 12 / 18 - 14:47 )
من يستطيع أن يترجم هذه القصيدة إللى اللغة العربية البسيطة ؟
من فضلكم معشر الشعراء ؟
لا أحب التعقيد ..فمن ذا الذي يحل عقد أدونيس؟
جائني صوت يقول : ا
القاموس هو الحل .. قاموس الخيال ..ا
قاموس الموت و الحياة...ا؟؟؟؟

اخر الافلام

.. نابر سعودية وخليجية وعربية كرمت الأمير الشاعر بدر بن عبد الم


.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24




.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو