الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف اسقط الإعلام العربي نظرية داروين؟

باتر محمد علي وردم

2009 / 10 / 12
الطب , والعلوم


حققت مجموعة من وسائل الإعلام العربية اختراقا علميا هائلا في الأيام الماضية عندما أعلنت إسقاط نظرية داروين حول التطور الطبيعي والتي تعتبر الأساس لكافة العلوم البيولوجية الحديثة، وذلك عند "إعادة نشر" الأخبار والتقارير المبثوثة من قبل وكالات الأنباء العالمية حول إكتشاف اقدم هيكل عظمي لكائن يعتبر الأقرب إلى الإنسان وبعمر يقارب 4.4 مليون سنة. الحقيقة التي غابت عن بعض وسائل الإعلام العربية في خضم حماسها لإسقاط نظرية داروين أن هذا الأكتشاف لم يسقط النظرية ابدا، ولا يوجد في البحث المنشور في مجلة ساينس الأميركية (المكون من 11 بحثا متكاملا وليس بحثا واحدا بالمناسبة) ولا في الأخبار العلمية الدولية ما يشير إلى إسقاط النظرية، وما حدث هو حالة فريدة من التدخل في الأخبار العلمية وتحويرها بما يتناسب مع قناعات ذاتية لدى بعض المحررين وهذا ما تسبب في نشر أخبار خاطئة في وسائل الإعلام العربية.

الخطأ المهني الكبير وقع فيه الموقع الإلكتروني لقناة الجزيرة والتي تعتبر أهم قناة فضائية عربية وأوسعها إنتشارا، والذي أعاد نشر خبر بثته وكالة رويترز حول الإكتشاف ولكنه أضاف ثلاث فقرات من قبل محرر القناة، مع تصريح لعالم جيولوجي عربي –لا علاقة له بعلم البيولوجيا- يؤكد أن الإكتشاف أسقط نظرية داروين. الخبر بصيغته المحورة تناقلته تقريبا كافة وسائل الإعلام العربية مكررة الإضافات التي أدخلها محرر الموقع الإلكتروني حسب مزاجه.

في واقع الأمر أن الإكتشاف الجديد غير كثيرا من النظريات السابقة حول آلية تطور الإنسان من الأسلاف السابقة ولكن لم ينقض نظرية داروين ومبادئها الأساسية، وكافة التصريحات من قبل الباحثين الذين نشروا الدراسة لم تتجاوز إطار إعادة النظر في مسار تطور الإنسان وليس كافة النظرية. قبل هذا الإكتشاف كانت الأدلة العلمية تشير إلى أن هناك مسار تطور للإنسان يرتبط بسلف مشترك مع الرئيسيات يعود إلى 3.3 مليون سنة، ولكن الإكتشاف الجديد اكد بأن الإنسان ربما يكون قد تطور من سلف آخر ليس مشتركا مع الرئيسيات التي تطور عنها القرد والشمبانزي وهو أقرب إلى صورة الإنسان الحالي وامتد هذا المسار في الزمان مليون سنة أخرى حتى وصل إلى 4.4 مليون سنة هي عمر الأحفورة أردي التي أكتشفت أخيرا.

نظرية داروين تعاني من تشوه في نظرة الناس لها حيث يتم اختصارها بأنها تعني تطور الإنسان من قرد ولكن هذا ليس إلا مجرد الجزئية الأقل إقناعا في كل النظرية. أما نظرية داروين التي لم تتغير ابدا ولا حتى بسبب الأكتشاف الأخير تقوم على مقولتين أساسيتين: الأولى أن الأنواع المختلفة للكائنات الحية تتطور عبر ملايين السنين منتجة أنواعا جديدة و بالتالي فإن تلك الأنواع التى نراها اليوم قد تطورت جميعها عن أصول مشتركة عبر مسارات مختلفة . المقولة الثانية هى أن مايوجه تطور الأنواع هو الإختيار الطبيعي أو ما يتم التعبير عنه بمقولة البقاء للأصلح أو الأكثر ملاءمة للظروف البيئية المتغيرة. هذه الأسس لم تتغير من قبل الإكتشاف الأخير وهي موثقة بآلاف الأدلة العلمية.

التفاصيل هي التي تتغير وبالنسبة لتطور الإنسان فإن الصورة هي الأقل وضوحا وهذا ما يجعل التفسير الدارويني لتطور الإنسان يعاني من عدة ثغرات ويعطي الحرية التامة لكل شخص في الإيمان بما يعتقد أنه يشكل الصورة الأكثر إقناعا. في السنوات الماضية ظهرت معلومات وأحافير ألقت علامات استفهام على تصور داروين لتطور الإنسان والذي كان يقتصر على عدد قليل من الأدلة في نهاية القرن التاسع عشر. وليس من المستبعد أن تظهر الكشوفات العلمية في السنوات القادمة توافقا ما بين الرؤية الدينية والرؤية العلمية حول تطور الإنسان، ولكن هذا يتطلب نوعا من التغطية الإعلامية للشؤون العلمية تحترم المهنية والحقيقة وتبتعد عن التضليل والتدليس. وللأسف فإن الإعلام العلمي المحترف في العالم العربي لا يزال شبه مفقود ويحتاج إلى الكثير من الجهد والأهم من ذلك التركيز على الحقيقة وعدم توظيف العلم لدحض أو تعزيز قناعات اجتماعية ودينية وثقافية وسياسية، لأنه قد يظهر اكتشاف جديد يعاكس التوظيف الذي تم بتسرع وغياب للمهنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أصل الانسان
عامر حسين ( 2009 / 10 / 12 - 23:55 )
باعتقادي أن هذا الاكتشاف يعزز نظرية النشوء والارتقاء ولا يقوضها. ففي كل حقبة تنتج السلالة الواحدة حسب رأيي المتواضع ثلاث سلالات باختلافات طفيفة وأعداد غير مؤثرة تتعايش مع بعضها حتى تزداد الفوارق البايولوجية فتنفصل عنها. وأما السلالات الجديدة فستنتج سلالات مثلها ولكن الغلبة العددية دائما لصالح النوع الذي ثبتت فيه الصفات. قد يتساءل أحد ، هل أن سلالة الانسان الحالية ستنتج اذن سلالات مختلفة مثل الحقبة السالفة، فأقول لكم لو وضعنا العقل والجسد والآلة في كفتا ميزان فسنجد الفوارق الطفيفة جلية في سلالة الانسان... ولكن هذا الأمر له شرح سيطول في تحليل مسلك سلالتنا والسلالات السالفة... المهم في الأمر أن هذا الاكتشاف لصالح نظرية النشوء والارتقاء ويعزز فكرة أصل نوع الانسان


2 - آردي دليل على صحة نظرية التطور لدارون
فاضل فرج خالد ( 2009 / 10 / 13 - 07:06 )
لقد قال احد المساهمين بتلك الابحاث وهودافيد بيليم رئيس قسم متحجرات الانثروبولوجي في متحف هارفارد للانسان وعلم الاثنيات مايلي:
(ان هذا الاكتشاف يعتبر من الاكتشافات المهمة في دراسة تطور الانسان وهو يمثل سلف الانسان السبيه بالقرد الجنوبي الذي انحدر منه سلف الجنس البشري الحالي .اننا وجدنا اخيرا الاصل المشترك الذي اشار اليه دارون بحذر انه الانسان القرد هذا الذي متحجراته بين ايدينا والذي عاش قبل 4’4 مليون سنة

ان هذا العالم هو احد المساهمين بتلك الدراسات الاحدا عشر عن آردي وكان كلامه واضحا بتأييد قول دارون ان الانسان والقرد قد انحدرا من اصل مشترك وبهذا تسقط الضجة الاعلامية التي حاول بعض الاعلاميين العرب من أثارتها حول نظرية التطور التي برهنت عليها الحياة وليست بحاجة الى برهان بعض العقول المتخلفة

اخر الافلام

.. محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان وتلقيه العلاج في باريس


.. معرض ابوظبي للكتاب يناقش مستقبل صناعة النشر في ظل تقنيات الذ




.. في تسجيل صوتى محمد عبده يعلن إصابته بالسرطان


.. ابتداءً من 6 مايو | أثر الطائر الطنان | ناشونال جيوغرافيك أب




.. هكذا نحمي أطفالنا من مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي