الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة مجرمة وفق الأعراف القبلية

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2009 / 10 / 13
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف


يقال إن تكرار المآسي يُكسب الذهنَ المناعة، ويخدره، وهذه المآسي بتكرارها سوف تخفف من شدة ردود الأفعال، أو تقتلها. وثمة حقيقة تكمن في هذه الوحشية، إذ أنكم لو يوميا وفي كل لحظة ، طرقت الأخبار أسماعكم عن الجرائم والاعتداءات، والرجم ، والإعدام، والإرهاب، و المفخخات ، و سكب الأسيد على الأجساد لتشويهها ، وهذه السلسلة الطويلة من التوحش والبربرية ، فلابد أن تكون النتيجة أن يكتسب جهازكم العصبي المناعة و تهون قدرته عن رد الفعل ... أجل، إن كانت تلك في نظر المرء بالأمس فاجعة، تعود اليوم حدثا مألوفا، لا تعار له أهمية. وعالمنا اليوم بتفننه في جنون الإجرام، وخصوصا بحق النساء والأطفال، باتت له نفس الوظيفة في إكساب جهازنا العصبي المناعة ضد الجرائم والصدمات.
أتذكر غالبا خبرا وقع قبل سنوات كلما اقرأ في الصحف السويدية عن حالات الاغتصاب و الاعتداء بحق النساء في السويد، وأفكر في الجحيم الذي خلقته العادات والتقاليد الرجولية للنساء في الشرق. فالخبر يقيني وصادم: بأمر من رؤساء قبيلة " بابا كوت" الباكستانية، تم وأد ثلاث فتيات بأعمار 16و 17و 18!ولكن ، تصوروا ، لماذا؟
لأن رجال قبائل بلوجية باكستانية ، اعتبروا مطلب هذه الفتيات في اختيار أزواج بأنفسهن، بدون فرضهم عليهن غصبا ، عارا و مخالفا "للعادات والتقاليد القبلية المقدسة " ، فأصدروا بحقهن حكم الموت. وبما أن الرجال القبائليين هم حماة قوانين عصور الظلام ، فيقومون بإصدار حكم الموت بحق هذه البنات البريئات ، وكما يرمون أيضا سيدتين أخريين نويتا مساعدة البنات المذكورات، أو أبديتا نوعا ما احتجاجا على الجريمة بشكل ما ، فقاموا بوأدهن وهن جريحات فيهن رمق من الحياة . وبعد هذه الجريمة عادت الأمور ، وكأنه لم يحدث شيء. والأفظع أن مندوبي هؤلاء القتلة انبروا للدفاع على الجريمة ومرتكبيها في البرلمان الباكستاني، وأكدوا أن هذه العقوبات هي عبرة للأخريات ، وهي ضرورية ولا بد منها في سبيل صون قدسية التقاليد العريقة ، وشرف الأمة و كرامتها.
المدافعون عن حرية الرأي و الداعون الى احترام المعتقدات البرجوازيون ، و أنصار النسبية الثقافية و فلسفة البوست مودرنيزم العنصرية يوجدون مبررات " لهذه الجرائم و " تفهما لعادات الشعوب ، لكنني أرى أنه يجب أن يبصق المرء على هذه التقاليد والأعراف ، وممثليها و حماتها. أجل، أصبح لزاما على البشرية أن تدفع غاليا ثمن قبول هذه التقاليد والأعراف و أفكار هؤلاء الرجعيين. والملفت إن عشاق هذه التقاليد وحماتها لا يحددون أية عقوبة " للخطرين" و المجرمين من الرجال . وإنه حتى لو ارتكب الرجال شيئا ما يخالف هذه الأعراف، فأن نساء هم هن يدفعن الثمن، ويتعرضن إلى العقاب. فالمرأة هي المجرمة دوما في عرف هؤلاء الرجعيين المتخلفين، وعليها قبول العقاب، لكي يرتاح شرفهم القذر.
حادثتا " مختار ماي" المثيرة ، و قرية كردية في كردستان العراق قبل أعوام حيث اضطر رجل لقتل ابنته غسلا للعار لأن أفراد قبيلة أخرى متخاصمة مع قبيلة الرجل الجاني نكاية بهم اغتصبوا هذه الفتاة المسكينة ، نموذجان يدلان على الكلام عاليه ، وهما غيض من فيض من بحر حكايات جحيم النساء . فهذه الحادثة في باكستان وقعت في مناطق هذه القبائل الباكستانية عام 2002، لكن الحكاية هذه المرة تختلف كليا. ليس فقط أن رجلا لم يرغب في الشروع بحياة جديدة بإرادته وإرادة شريكة حياته.
‘نها ماساة مرأة اتهمت بممارسة الجنس مع رجل خارج العلاقات الزوجية، فعوقبت المرأة الزانية بالرجم حتى الموت ، لكن الرجل الزاني لم يكن خوف عليه ولا هم يحزنون.إذ أمر رؤساء القبيلة بإتيان أخت الرجل الزاني، لكي يغتصبها ثلاثة رجال آخرين... لماذا؟؟؟ لكي يعاقب رجل كانت له علاقات جنسية مع امرأة أخرى؟؟؟؟ هذه هي منظومة الحق الإلهي هذه وممثليه على الأرض..
وان كان ثمة من تمايز بين أعمال هؤلاء من مكان إلى آخر، فليس هو الفرق في حدة الوحشية والهمجية وحجمها، بل الفرق يكمن في المجتمع والناس الذين يقفون في وجههم هنا وهناك..
والجدير بالذكر أن باكستان تملك القنبلة الذرية والديمقراطية البرجوازية ، و قبل فترة ليست طويلة كادت الراحلة بينظير بوتو أن تصبح نموذجا يحتذي في بقية البلدان الإسلامية.
في الظاهر ارتكبت جريمة قتل أربع نساء ووأدهن في قبيلة، بأمر من شيوخها. وان شيوخ القبيلة ممثلون في البرلمان البرجوازي الباكستاني ، و يعترف بنفوذهم القبلي رسميا. الحدث لم يجري في القرون الوسطى ، بل حدث في العالم الرأسمالي المعاصر.. والسؤال هو لماذا تزيح الرأسمالية أي عائق أمام الربح و تراكم الرأسمال، لكنها تسمح بجرائم ترتكب يوميا بحق النساء باسم الدين والمذهب وشرف الرجال و القبيلة والأمة؟؟
الجواب بكل بساطة هو أن هذا النظام يستفيد من معاداة حقوق المرأة، والجرائم بحقها و تحقيرها...هذا التمييز العنصري والعنف القروسطي ضد النساء ، وحتى في ألطف أشكاله، انعكاس لدستور هذا النظام المبني على الظلم والاضطهاد الطبقيين، اضطهاد المرأة والعنف بحقها ركن أساسي لمستلزمات الربح والرأسمال في العالم المتقدم الرأسمالي.إن الملالي والقساوسة والحاخامات وشيوخ القبائل والرجعيين الآخرين يتغذون من هذا المستنقع،و لا حدود لجشعهم، إلا يوم تنتهي العلاقات المادية الرأسمالية بعلاقات اشتراكية إنسانية.

‏12‏/10‏/2009









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حكم الجاهلية
فاطمة الفلاحي ( 2009 / 10 / 13 - 07:59 )
المكرم حميد

فما بالك الان ونحن نعيش التحضر والمدنية في اعراف مازال وقعها كحد السيف على رقابهن ...
قال لها : لاتخافي سأأتي لأخطبك ، فلا تهربي
قالت : انا لابن عمي ، انها الاعراف ونقاليد العشيرة
انه حكم الجاهلية



2 - حكم الراسمال كذلك
فاضل زياره ( 2009 / 10 / 13 - 10:15 )
دائما ما تتحفنا بالمزيد من الشذرات بالمزيد من الابداع
ربطك ما يجري الان وبعد تجاوزنا القروسطيه دليل على فهمك المادي للتاريخ لاحياة امنه للجميع الا في ظل العلاقات الاشتراكيه الساميه
تقديري الكبير اليك والى المزيد


3 - تحياتي
د.لمى محمد ( 2009 / 10 / 13 - 19:34 )
يقول نيتشه : (المرأة هي غلطة الله الثانيّة.)...ماذا سنكتب يا سيد الليلك في الغلطة الثالثة !!...تحياتي

اخر الافلام

.. لقاح -أسترازينيكا- يصيب امرأة مغربية بـ-شلل في الوجه-.. والق


.. امرأة متوارية عن الأنظار تظهر لأول مرة: حياتي مهددة وأريد أط




.. المشاركة خيزران خير


.. سلوى الوالى إحدى المشاركات الدائمات في الحراك من بلدة شهبا




.. حرائر السويداء حملات التشهير لن تحد من عزيمتنا