الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طرائف ... ديوانيه 7 / 9

محسن صياح غزال

2004 / 5 / 31
الادب والفن


هـــاجسُ الخــــوف !

بيوت مهلهلة وعشوائية بُنيت من اللِّبْنِ والطين , تلاصقت وتشابكت حتى بدت وكأنها سجن جماعي مكشوف

لاتميزه سوى الأبواب الخارجية. عشيرة واحده , أصل ودين ومذهب واحد , رافقت مجرى النهر في حلّها

وترحالها حتى أستقرّت على الضفّة اليمنى للفرات في الديوانيه . عِشْقُها الأزلي للماءِ والطينِ والخِصْبِ حدى بها
أن تتقلّد أسم العشيق , فكانت ... أهلُ الشَطِّ ! حي المُعدَمين هذا أِحتضن البراعم الأولى للشيوعية في الثلاثينات , لتُزْهِر وتَكَبر وتُنْجِبْ , تصبح عائلة وجيشاً من المناضلين, فكان نصيبهم من القتل والتعذيب والأبادة على يدِ قطعان الحرس القومي في شباط الأسود وما تلاه من عقود ثلاث , الأكبر قياساً بالأحياء الأخرى من المدينة , ليتقلّد مع جاره ورفيقه " حــــيّ الجُديدَه" لقب موسكو الصغرى !! . أربعون عاماً ونيف لم تلمس هذا الحي يدُ المدنية والأعمار والخدمات الأساسية , حيٌّ محروم ومهمل ومحتقر , يفيض بالنفايات والفطائس والبُرك الآسنة... والأمراض ! مابين مقهى عواد ومقهى خضير خير الله تفترش ثلّة من الصبية عـشب " الفْلكة " الدائرية , وعيون الشرطة والحرس العارفي " تسهرُ "- لأمن وراحة- ذلك الحي الموبوء بالمارقين ذوي الأفكار المستوردة !! أجساد نحيلة بثياب رثّة مهترئة , وجوه شاحبة غادرتها الطفولة ليسكنها الحزن ... والخوف ! تلاشت همومهم في لُجّة الصياح والتحدي والمغامرات والمغالات البريئه. محسن و يحيى رفيقين متلاصقين كالتوأم , ولدوا وترعرعوا في شارع واحد وبيتين متلاصقين بسطحٍ واحد . دأب الأثنان على جمع قناني البيرة الفارغة وبيعها وشراء بعض الحلوى و" الدوندرمه " , أو الأشتراك بتذكرة واحده للسينما .

هاجس الخوف , من كل شيء , ديدن " يحيى كشاش " وصفته الملازمه : أُغمى عليه وسقط فاقد الوعي من" زفْــرَةِ " حصان مربوط الى عربته ! يهرب مذعوراً وبسرعة مذهلة حين يرى شخصاً ما مهرولاً ناحيته ! . في زحمة الصراخ والعناد , الضحك والرفسات والسخرية , لمَحَ محسن , وعلى بعد بضع مئات من الأمتار , على الرصيف وتحت عمود النور... زجاجة بيره , تدارس الأمر في سرّه , عليه مغافلتهم وسبقْهم لأ لتقاطها والاّ.. تصبح من نصيب غيره ! شبكت أصابعه شعيرات العشب الكثيفة , تمطّى كمن يعدّل من جلسته ,

قفز راكضاً ً بسرعة بأتجاه زجاجة البيره , عشرات الأمتار.. وأذ بيحيى يركض الى جانبه ! بين الدهشة والأستغراب,التحدي والأصرار , ضاعف من سرعته , صوت أنفاسه , ضربات قلبه تتضاعف سرعة ولكن.. يحيى كان أسرع وقد سبقه ببضعة أمتار ! ورغم أن اليأس من الفوز بالزجاجة طغى على خياله , الاّ أن نزعة التحدي والعناد لم تتخلى عنه ! وصل يحيى حيث الزجاجة .... تجاوزها دون أن يقلل من سرعته ! توقف محسن مقطوع الأنفاس شاحب الوجه متيبس الشفتين , حملق في يحيى , الذي بدأ يفرمل من سرعته بعد أن وجد نفسه يركض وحيداً , بدهشة وحيرة وتساؤل :

- ليشْ تركُضْ.. وراي ؟ بادره علّه يجد تفسيراً لما رأى

- - شْمَدْرِيني .....شِفْتَكْ تركض .. آني هَمْ ركِضتْ !!

- محسن صياح غزال
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ندوة الرواية والفنون: روايات واسيني الأعرج أنموذجا- الجلسة ا


.. ندوة الرواية والفنون: روايات واسيني الأعرج أنموذجا- الجلسة ا




.. دوة الرواية والفنون: روايات واسيني الأعرج أنموذجا- الجلسة ال


.. أرملة جورج سيدهم تتبرع بقميصه في مسرحية المتزوجون بمزاد خيري




.. ندوة الرواية والفنون: روايات واسيني الأعرج أنموذجا- الجلسة