الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الارهاب يضرب مجددا

حسين عبدالله نورالدين

2004 / 5 / 31
الارهاب, الحرب والسلام


مرة أخرى يضرب الإرهاب الأصولي ضربة دموية في شرقي السعودية. ضحايا أبرياء وفوضى ودماء ومناقشات جديدة حول أسباب هذا الإرهاب ودوافعه

ومرة أخرى لم نسمع أحدا يسمي ما حدث بأنه إرهاب.

هذه الازدواجية لدى الكثير من الصحفيين العرب والكتاب والمعلقين إلى متى؟ على أي حال سبق ان كتبت في موضوع الازدواجية والآن اسأل الذين يكتبون مؤيدين لما تفعله عصبة الإرهاب في العراق بزعامة الإرهابي أبو مصعب ماذا سيقولون عما حدث في السعودية هذه الأيام؟

على أي حال، ما أريده اليوم هو الحديث عن أصول هذا الإرهاب في السعودية. كثيرون ينكرون ان تكون المناهج الدراسية هي السبب وأقول انها سبب رئيسي لنشأة الإرهاب. لنستعرض بعض ما تقوله تلك المناهج التي ينشا عليها الجيل السعودي. قبل ذلك أنبه إلى ان الحديث عن وجود أجيال لم تتأثر بتلك المناهج ولم تمارس الإرهاب وهذا صحيح لكنه الاستثناء وليس القاعدة. ومن الواضح ان الأصولية في المملكة العربية السعودية منتشرة وأغلبية السكان لديهم تعصب ديني وجهل بالآخر وهم يتشربون الفكر المغلق الذي لا يسمح لهم بالاعتراف بحق الآخرين بالاختلاف وبحق الآخرين بالوجود أصلا.
نعود إلى موضوع المناهج ونرى:
تؤكد مناهج التعليم في السعودية على فكرة معاداة الآخرين من غير المسلمين لكن المناهج تشير إليهم بالكفار. والتبرؤ من الكفار جزء لا يتجزأ من إيمان المسلم حسب تلك المناهج. ومن نواقص الإيمان موالاة الكفار. لن افصل كثيرا في هذا المجال ولكنني أحيل القارىء إلى كتاب "التوحيد" للصف الثانوي الأول في المدارس السعودية. فهذا الكتاب يحتوي الكثير من الإثارة القوية للكره ضد الغرب وسد أي سبيل للاتصال بهم بل وتحريم أي اتصال بهم. فالجيل الناشيء عندما يتعلم هذا الأمر من قبل معلم مؤمن بما يقول فانه بذلك يصبح تربة خصبة جاهزة ليصبح إرهابيا، خاصة إذا اكتمل ذلك بما يعرف بالمعسكرات الصيفية التي تعلم القران والتفسير من قبل أناس من "الهيئة" أو ما شابههم. يدرس الناشئة ان عليهم معاداة الآخر غير المسلم "الكافر" وعدم مبادأتهم بالسلام والتضييق عليهم في الطرقات واعتبار ذلك من مكملات الدين. وغير ذلك مما يوغر الصدور ضد الآخر.
كما يمكن مراجعة كتب أخرى تدرس في المدارس السعودية مثل كتاب التوحيد والحديث للصف الخامس الابتدائي. وكتاب الحديث والثقافة الإسلامية للصف الثانوي الثاني. وكذلك كتاب التوحيد للصف الثانوي الثالث. وفي هذا الكتب تحريض واضح جلي على "الآخر" . ليست فقط كتب المناهج الدينية بل أيضا كتب التاريخ للصف الثانوي الأول، ففي هذا الكتاب توصف القومية العربية بأنها دعوة جاهلية الحادية تهدف إلى محاربة الإسلام والتخلص من أحكامه وتعاليمه بحسب ما ينسب إلى ابن باز.
هذه المناهج ترسخ البغض والكراهية وتحرض على الإرهاب وتهيئ النشء ليكون جاهزا لتلقي التحريض من التنظيمات الإرهابية خاصة ان تلك التنظيمات تتخذ من آية "واعدو لهم..." مبررا للإرهاب لتقول ان الإرهاب عمل إسلامي مشروع.

هذه المناهج تحتوي الكثير من العنصرية والتعصب والكراهية.
الذين اعدوا هذه المناهج هم المطاوعة أو أنصارهم أو ما شاكلهم.
ولا ننسى ان المملكة العربية السعودية وفي جهدها المدعوم اميركيا في ذلك الوقت لمحاربة القومية العربية والحركة الناصرية احتضنت منذ الستينات أولئك الاخوانجية الذين طردتهم مصر أو غيرها من الدول العربية. وقام هؤلاء بتهيئة أرضية خصبة من الأجيال المتطرفة المتعصبة التي نرى الآن نتائجها وثمارها.

مسالة أخرى لا بد من ملاحظتها وهي ان "الدولة" في السعودية ومصر وحتى الأردن والجزائر واليمن والإمارات وغيرها اخذ تنافس الحركات الإسلامية المتطرفة في ادعاء الإسلام من خلال الجرعات الدينية الزائدة في التلفزيون والإذاعة والصحف. وحيث ان القائمين على برامج هذه الجرعات الدينية ما هم سوى مجترين ليس لديهم أي إبداع فإنهم يقومون بالنسخ من الكتب القديمة ووضع نصوص في غير موضعها وتحريض الناس ومحاولة إعادتهم إلى الماضي.

فننظر في الفضائيات وما تقدم.
ولننظر في منتديات الانترنت.
ولننظر في الصحف
ولننظر في الملاحق الدينية يوم الجمعة
ولننظر حتى في الإذاعات والتلفزيونات الرسمية.
ولندرس تلك الفتاوى التي تنطلق على الهواء وعلى صفحات الصحف.

انطلاقا من هذه المسلمات هل الإرهاب إسلامي؟ وهل الإسلام إرهابي؟
الواقع انه لا يوجد إرهاب إسلامي أو إرهاب غير إسلامي. يوجد إرهاب فقط.
فالإرهاب إرهاب مهما كان مصدره ومهما كان هدفه بغض النظر عن عقيدة الإرهابي. لكن المعضلة التي تثير الأعصاب هنا هي ان الإرهابيين من المسلمين يغلفون إرهابهم بغلاف ديني لكسب شعبية الشارع.
وعندما نسمع إرهابي مثل أسامة بن لادن أو أبو مصعب أو المدعو المقرن عندما نسمع هؤلاء يستشهدون بآيات من القران الكريم لدعم ما يقومون به من ممارسات فإننا إذا لم نكن نعرف الإسلام الحقيقي فسنسمي ما يقوم به هؤلاء بأنه إرهاب إسلامي.
عندما يبدأ الإرهابي خطابه بآيات قرآنية فانه يلبسه لبوس الدين ويستقطب العوام من المسلمين وحتى المتعلمين منهم، باستخدام الآيات والأحاديث وتأويلها بما يرضي عقليته الإرهابية وبربط غير منطقي بين السبب والنتيجة نجد عقلية القطيع وقد سادت الشارع الإسلامي .
والغريب في الأمر ان الشارع الإسلامي ينساق وراء الخطاب العاطفي ولم يتوقف لحظة ليفكر فيما يعنيه هذا الخطاب الجاهل الذي يستعدي العالم ويجعل من أصحابه ضحية مؤامرة لا وجود لها.
لا بد من عمل جاد وجهد مخلص للانفكاك من تلك المناهج والتخلص من العناصر الرجعية التي تغذي الإرهاب الفكري الذي هو الأرضية الخصبة للإرهاب الدموي. لا بد من وقفة جريئة صادقة ضد هؤلاء واستئصالهم سواء بالقوة أو بالتي هي أحسن.

فلا حوار مع الإرهاب ولا مهادنة.

وعلى الأغلبية الصامتة التي تتسم بالاعتدال والوسطية ان ترفع صوتها قبل فوات الأوان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله