الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وعندما أموت ....

امنة محمد باقر

2009 / 10 / 14
الادب والفن


اوصيكم اولا ... لاتحزنوا لهذه الكلمات .. لا شئ يستحق دموعكم الغالية ..
عندما اموت ... لا مكان للحزن !!
ولاتذرفوا الدموع على قبري !!
واذا رأيتم ذلك القبر الاصم في تلك المقبرة الساكنة الساكتة !! اعلموا انني في داخله اقهقه عاليا !!
لأن المقابر ... عالم اخر ... رجاءا .. لاتفكروا في صمت القبور ووحشتها وحزنها ... لن استوحش منها ... نصف اسرتنا هناك ... والملائك الطيبين ... والانبياء والمقربين ... لاتنظروا لها ابدا ... كوحشة .. ولا تحدقوا في صمتها بدهشة .. لربما هي خير من عالمنا .. وقد تأسون لنا .. ولكننا في الحقيقة نأسى لكم انتم ...
لايهمني ان اتيتم لزيارة القر وازالة الغبار ام لا .. استمتعوا بحياتكم ، ولا تدعوا موتي ينغصها عليكم ..
يا أخوتي ان جاءت سعاد ! لو اقبلت على عالمها ....
لو رحلت يوما !! في العشرين او الستين ، لافرق !!
التزموا بأمر واحد ! لا تذرفوا الدموع !!
اذكروا فقط ، شبابنا الذين ذهبوا ولم يحوهم قبر ولا كفن ، او قطعت اوصالهم تقطيعا !! وحرموا شبابهم !!
وعندما اموت واردتم البكاء ، لاتذكروني بل اذكروهم !
لاتجعلوا للاسى مكانا في مأتمي ، لانه سيبكيني انا ، بل انسوا لكي افرح انا !
لا اريد لطفلة بريئة ان تلبس السواد وهي في العاشرة !
ولا اريد لطفل برئ ان يتسائل ، لم تلبسون السواد !!
دعوا السواد للحزن على الشهداء ، ولست منهم الان !
دعوني ارقد بسلام ، واهدوني فضل الفاتحة ، وفضل اعمالكم !!
ولربما اشتروا لي صدقة ماء جارية ! سأترك مالا يكفي لذلك ! وسأترك كتابات ممتعة !!
وعندها لن ازعل عليكم وانا راحلة !!
يعز علي ان ترى بي كآبة فيشمت عاد او يساء صديق ! كما يقول الامام علي ع !
وماذا على من شم تربة احمد ! وماذا على من مات في وادي السلام !
ولسوف يعطيك ربك فترضى !!
لا اريد لموتي ان يكون محزنا ، ولا اريد ان يكون لي مأتما حزينا !!
ومن قال لكم انني اريد مأتما ! فقط اذكروني بخير ! ولاتصرفوا فلسا واحدا ! فانني لطالما لم اكلف غيري مؤنة امري !!
اعرف ان قلوبكم قد ملت رؤية تلك المآسي .. رأيتم من المآتم الكثير ... فلماذا يكون لي مأتم انا الاخرى ... رجاءا لاتذكروني بمأتم ... ضعوا صورتي الضاحكة امامكم .. وستملأ حياتكم املا ....
واني وان كنت راحلة ، فأن روحي خالدة ، تظل ترفرف في وادي السلام !
والسلام الذي اعشق سيكون رفيقي ! وسألتقي اخوة الدرب ! فلم الحزن ؟
وهل ان الانسان الذي عاش بينكم ، يضحككم ، ويروي شتى النكات ! ويقال عنه funny !! هل انه بحاجة الى مأتم حزين ؟
وان بكيتم لاجل الام الفراق ، فارجوكم كفكفوا الدموع !! لانني لا اريد لكم ان تحزنوا بعدي ! وسأترك لكم ذكريات جميلة ، لن تملوا تلاوتها بكرة وعشيا !! وستقولون كانت تضحكنا باقوالها البريئة !!
وليس هنالك من فراق .... الفراق الوحيد ان اعيش بينكم محزونة ... يؤلمني ما يجري حولي .. وتعتريني الكآبة .. لرؤية العبيد وقد صاروا على رؤسنا ملوكا ... ذلك الفراق الحقيقي .. وتلك هي غربة القبر الحقيقية ....
ولن اموت اليوم فتحزنون ، سأسأل الله ان يمهلني ، حتى ارسم الفرحة على وجوهكم !! هذه رسالتي في الحياة !!
فيا أهلي ، هذا هو اقتراحي ، عسى ان تأخذوا به !! ولقد تذكرته باكرا كي لاتقولوا لم تقل !!
ان القلب الصافي ، كالماء ، يجري ليحيي الارض !! لا لكي يبكيها !! الماء يجري فرحا !! وهكذ يجب ان تكون رحلتنا في هذه الحياة ، بلا دموع !!
لقد مللتم رحلة الحياة مع ايام العزاء !! افرحوا يوما ، ولو يوم !!
واني لا اذكر هذه الكلمات كي اشجيكم ، بل كي اخذ احتياطاتي من ملاك الموت الطيب !! فابادر لتذكيركم ، انه ان جاء يوما !! يسأل الفتيان عن صب كئيب !! اخبروه ::: ان ايام البعاد :: اخمدت في مهجتي ذاك اللهيب !!
يا أخوتي ان جاءت سعاد !!
وان قبض روحي او لم يقبضها ، فكونوا على ثقة !! انني احب الحياة !! ولا اريد اللون الاسود لاحبتي ، ولا الحزن لقلوبهم الطيبة ، ولا الدموع لعيونهم الجميلة ! لذا قررت ان احيا معكم بكل حب !! ولن اترككم بحزن بعدي ، بل بكل خير !!
ان الموت ليس على غيرنا قد كتب ، انما كتب علينا !!
قد يكون مؤلما ان تكتب امرأة عن موتها !! ولكن القلب العطوف لايريد للاعزاء احزانا !!
واريد ان احرص على ان اغادر بأجمل ما تكون المغادرة !!
ولا اريد ان افزعكم بموتي كما فعل القمر حين رحل !!
لانني لست كالقمر الامير !!
انني كالوردة حين تذبل ، وموتي يكون بكل هدوء !!
ولا اقول : ليت شعري : هل ابيتن ليلة بوادي الغضا ، ازجي القلاص النواجيا !! تلك امي وابنتاها واخرى تهيج البواكيا !!
ليس مأساويا ابدا ان اموت !! الامر المأساوي حقا ان امرأة في عز شبابها تكتب عن الموت في بلد الموت !!
ولكن فقط لأمر واحد ، صدقوني : كي اوصيكم بأن الموت صديق الاحرار ، وليس يموت حر الا وهو واقف ، وحي !!
رحم الله ابا الطيب :
وقفت وما في الموت شك لواقف .... تمر بك الابطال كلمى هزيمة ... ووجهك وضاح ... وثغرك باسم ...









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ادميتي قلبي
عادل ( 2009 / 10 / 14 - 11:41 )
بسمه تعالى
تحية اسلامية زكية للعاملين على هذا الموقع المتميز والرائع, كنت وما زلت من المتتبعين للمقالات والكتابات التي تنشر على هذا المنبر الاعلامي العالمي,وحقيقة كنت اتلهف وبشوق كبير لقرأة كتابات الاخت الفاضلة _ امنة محمد باقر_ لاني وجدت فيها نموذج راقي للمرأة العراقية المثقفة والواعية بما تحمله من افكار ورؤى وبما تمتاز بها كتابتها من اتقان لغوي ووضوح المعنى وسلاسة الافكار , ودفق للمشاعر الانسانية الفياضة تعكسها على ورق التكتب مقالا هو اشبه ما يكون برسم لوحة فنية متناسقة الالون او كأنها تعزف على اوتار قيثارة اجمل الالحان ,وجدت متعتي في قرأتي لمقالاتك اختي العزيزة, فلا تحرمينا منها, مقالاك الاخير ادمى قلبي واحزنني فلا توديعنا بكلمات كأنها سيوفا قطعتنا اربا وتركتنا في صحراء الهم والغم والحزن, امنة نحن من نصنع الحياة مهما اشتدت بنا عواصف هوجاء او تلاطمتنا امواج مجنونة لا تعرف لها قرار,ابقي معنا لنرسم البسمة على تلك الوجوه الكئيبة ولنقول اذا جاءت سعاد تسأل الفتيان عن صب كئيب فاخبروها ان ايام البعاد اشعلت في قلبي ذاك اللهيب


2 - شكراً جزيلا
امنة محمد باقر ( 2009 / 10 / 14 - 20:20 )
الاخ المحترم .. لم اكن انوي نشر هذه الكلمات .. وكنت ركنتها جانبا .. ولكنني ارى ان جزءا من وصية الانسان لاهله ، .. هو ان يهون عليهم امر فقده . ان ذهب يوما ما الى العالم الاخر .. ولكن من ناحية اخرى .. يكون من المحزن نشرها .. ولكن كل هدفي ان الحياة في العراق فيها من المآسي الكثير .. احدى الاكاديميات العراقيات نشرت تحليلا لقراءاتها في عذاب النصوص الذي يملأ كتابات طلابها العراقيين ، ولكنني ارى انني ايضا لم انجو من هذه الحالة .. واحيانا يكون من الافضل التخلص من مشاعر الحزن بكتابتها .. لذا آسفة لأي الم قد اكون سببته بنشرها .. ويبقى الجانب الاخر .. هو الاعتزاز بقراءك الى درجة .. اشراكهم في كل ما يمر على خيالك .. عدا استثناء واحد : يعز علي ان ترى بي كآبة فـ

اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي