الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تضارب المواعيد الفلسطينية

ماجد الشيخ

2009 / 10 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


لم يبق من أمل باستعادة ترميم أو إعادة بناء الوضع الوطني الفلسطيني، إلاّ انتظار موعد جولة أخرى جديدة من جولات الحوار المغدورة، وهي التي يجري الرهان عليها كونها قد "تشيل الزير من البير" على ما يذهب المثل الشعبي. أو انتظار الموعد الذي ينبغي أن يعلن فيه الرئيس الفلسطيني إصدار مراسيمه الدستورية لتحديد مواعيد الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 25 كانون الثاني (يناير) من العام القادم، أي قبل 90 يوما من موعد الاستحقاقات الدستورية تلك، في الوقت الذي ذهبت الورقة المصرية لتحديد موعد الانتخابات في 25 حزيران (يونيو 2010)، فلأي الموعدين الأولوية، وعلى أيهما يكون الرهان على أن تكون نتائجهما بداية بوادر الاتفاق على إنهاء الانقسام، والشرط التنفيذي لإنهائه؟

وسط تعقيدات الوضع الوطني الفلسطيني، ووقوعه عند فالق الهزات والزلازل السياسية الإقليمية والدولية، يصعب تحديد الاتجاهات التي يمكن أن تسلكها مآلات السياسة الفلسطينية، في ظل تجاذبات الوضعين الإقليمي والدولي، ومجموع الضغوط والتدخلات التي أفرزت وضعا سلطويا بات معه التنازل "ولو قيد أنملة" عن استملاك امتيازات ونزعات وضع كهذا، بمثابة خروج أو إخراج للذات، من بوتقة وحلبات مراكمة نزوع استمساك بالسلطة، على حساب نزوع ونزعات التحرر الوطني، إذ وعلى جانبي الانقسام والتقاسم الجغرافي والسياسي، ضاعت تخوم التحرر الوطني، وضيّعت معها قضية شعب ووطن، ومعها فقدت النخبة السياسية اتجاهها التحرري.

هنا وعلى هذه الخلفية بات من الواضح، أن هناك من يعتني بتغذية وضعه السياسي، انطلاقا من تغذيته هو لتكريس واقع الانقسام، دون رادع أو خشية من تبديد المشروع الوطني الموحد، أو تعريضه لانكشاف فاضح أمام العدو، آملا بذلك استكمال حلقات اعتراف الوضع الإقليمي والدولي به، بهدف الدفع بـ "السياسة البديلة" المغايرة للسياسة الرسمية، كما جسدتها منظمة التحرير الفلسطينية وائتلافها الوطني العريض، رغم أن سياسة "حركة حماس" المغامرة تلك، تنطلق من كونها جزء من السلطة (سلطة أوسلو) التي وصلت عبر الانتخابات لتكون كذلك؛ جزء من سياسة سبقتها إليها حركة فتح والائتلاف الفصائلي العريض في إطار منظمة التحرير.

لهذا قلنا ونقول.. إن الحسابات السياسية القادمة، وهي تتغذى من الحالة الانقسامية، لن تأخذ بعين الاعتبار الحق الفلسطيني، كما هو مجسد في أذهان الأغلبية الفلسطينية داخل الوطن وفي الشتات، وضرورة التئامه وفق مشروعه التحرري. فإذا كان لكل حساباته السياسية الخاصة، بدءا من الإدارة الأميركية التي يتركز جل اهتمامها على بناء توافقها الخاص مع حكومة نتانياهو عبر نيل الرضا الإسرائيلي، وعدم قصم ظهر حكومة اليمين، كما بدا وتجلى مؤخرا إزاء موضوع الاستيطان، وما يقال عن "خطة أوباما"، فقد اتضح وفي أعقاب اللقاء الثلاثي بنيويورك، تلك الاستدارة الكاملة نحو المصادقة على "خطة نتانياهو" كما وردت في خطابه بجامعة بار إيلان، بينما تراجع الرئيس أوباما عن بنود خطابه بجامعة القاهرة، فيما الوضع الفلسطيني في هذه المعمعة كان الخاسر الأكبر بفعل اجتماع الطرفين الأميركي – الإسرائيلي في مواجهته، في محاولة لتطويعه واستفراده، لجره إلى مفاوضات غير متكافئة بالمطلق، لا مرجعية ولا أساس لها؛ وهي لا تملك من الوضوح ما يؤهلها لرؤية ولو بصيص أمل في نهاية النفق، حتى حين يقال أن الإدارة الأميركية لديها وثيقة تعترف بأن مرجعية المفاوضات تستند إلى الاعتراف بحدود العام 1967.

على أن الانحياز لموضوعة التفاوض المجردة، على حساب المطالب التي كان ينبغي إعلانها، وإعلان استنادها إلى مرجعية واضحة، مثل هذا الانحياز، الذي يقود الوضع الوطني الفلسطيني إلى الوقوع في حبائل التخلي عن ثوابته ومعاييره الوطنية الواضحة، المتمسكة بأهداف إنهاء الاحتلال أولا، ووقف الاستيطان وإزالة المستوطنات التي أقيمت إلى جانب الجدار العنصري العازل على أراضي فلسطينية محتلة عام 1967، من اليقين أن سقف التفاوض الراهن لن يصل إلى ما أسمي "حل الدولتين" عبر تجسيد قيام دولة فلسطينية مستقلة في النطاق الجغرافي الذي كانته الأجزاء الشرقية والجنوبية من فلسطين. مثل هذا التفاوض لتحقيق الأدنى من حل بات يتمرحل رويدا رويدا، على ما يجري تصوره في الذهن الإسرائيلي – الأميركي، تحت قناع "حل الدولتين"، حسب مفاهيم اليمين الإسرائيلي عبر ائتلافه الحاكم؛ مثل هذه العملية لا ولن ترقى إلى إقامة نصاب تفاوضي متكافئ، ولو بالحد الأدنى من النسبية. فكما كان اللقاء الثلاثي ناتج انسجام اثنين قويين إلى واحد ضعيف، لا ظهير له ولا سند. كذلك لن تتخارج العملية التفاوضية عن هذا المستوى من الإخلال الهيكلي بكامل البناء التفاوضي وكامل العملية التفاوضية، وهذا بحد ذاته نتاج وضع فلسطيني غير موحد وغير منسجم، كما هو في ذات الوقت نتاج وضع عربي لا مبال، لم يعد يدري، أو يدرك، أو يهتم لتلك الأخطار السلبية، الناتجة من تلك اللعبة "الفرجة"، واللاأدرية الملازمة لوضع عربي وإقليمي عاجز مرة ومتواطئ مرات.

في ظل وضع هذه سماته وملامحه العامة، يشكل الاستمرار في بناء "البديل السياسي" عن منظمة التحرير، وغض النظر عن ذلك، والتهاون إزاء الدفاع عن المشروع الوطني الفلسطيني بسماته التحررية، انسياقا خلف تكريس وضع انشقاقي تفتيتي، تشظّت على وقعه الحركة الوطنية الفلسطينية، وبالمقابل، فإن تكريس واقع منظمة التحرير وتثبيته على حاله المترهل، لا يقل تكريسا لروح الانشقاق وديمومة الفعل الانقسامي، لأهداف تتغاير ومنطلقات التحرر الوطني، والمبادئ الكفاحية العامة للمشروع الوطني الفلسطيني الموحد.

إن إصرارا على تأجيل الانتخابات، أو التهرّب من استحقاقاتها، يعكس إصرارا على المضي بمشروع الانقسام السياسي والجغرافي حتى النهاية؛ نهاية إيقاع أكبر الأضرار الممكنة بالمشروع الوطني الموحد، ومواجهة مهام التحرر الوطني وإنهاء الاحتلال، واستبدال كل تلك الأهداف الدنيا، بأدنى من هدف إقامة "سلطة بديلة" لسلطة لم تفلح في الحفاظ على هيكلية موحدة لها، في مواجهة مهامها هي التي أنشئت من أجلها، لا من أجل مشروع التحرر الوطني بآفاقه الأرحب والأبعد.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ