الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أجندتي وأجنداتى الآخرين ...ردّ على الأستاذ حمدي هرملاني ...!

كامل السعدون

2004 / 6 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


قرأتُ قبل هنيهة مقالة السيد حمدي هرملاني التي أعجبتني للغاية باعتراضاتها الجميلة على آرائي المتواضعة التي تثير بعض اللغط والجدل ، وأنا أتفق مع الأستاذ في الكثير مما قاله ، ولا أجيز لنفسي إلا أن أحترم هذا الذي لا أتفق به معه ، وبذات الآن فإني أستميح منه ومن غيره العذر في الرّد والتوضيح لما يشكل من آراءٍ قد يكون فيها الصائب وقد يجانب بعضها الصواب وفي الحالين فهي اجتهاد منّي في شأنٍ أو جملةَ شؤونٍ تعنى بقومي وبيتي ، ومن أدرى بالمرء من قومه وبيته …!!
إني أعتبر آرائي يا سيدي وحيث هي منشورةٌ لا مضمرةٌ في القلب ، أعتبرها أطباق فكرٍ جاهزةٍ للتذوق والنقد ، وبكل أنواع النقد ، فما كان منه مهذباً كهذا الذي ورد في المقال ، رددت عليه بمثله أو دونه في التهذيب ، ومن لم يكن منه مهذباً (أو من ينحو مناحٍ شخصية كاتهامات العمالة ) كتلك الرسائل العديدة التي تصلني في البريد والحافلة بالشتائم واللعنات والسباب ، فإني أشيح بوجهي عنه لأتابع بحبٍ مسار قلمي وهو يخطو بنزقٍ كعصفور ٌ صغير غير مكتمل الجنح بعد …!
حسناً … العزيز الأستاذ حمدي يقول أني أتهم سوريا وإيران بالتآمر على العراق ، وبذات الآن فأن هذا البلد محتلٌ من أجنبيٍ غريبٍ وأنا وعبر قلمي أضفي على الاحتلال صفة التحرير وأسوغ حضوره الثقيل …
هنا أرد على السيد حمدي بما أراه من آراء قد لا تكون صحيحةٍ جلّها أوكلّها ، ولكنها بالحالين آرائي وأنا مسؤول عنها ومؤمن بها حتى يثبت لي فسادها :
أولاً : هناك أجندة دينية قومية و..عربية فارسية ، مناوئة لاستقلالية القرار العراقي ولحرية الشعب العراقي وحقه في تقرير مصيره بنفسه بعد أن تمت إزاحة الطاغية الدموي وكامل المنظومة الفاشية القبلية القومية الطائفية التي كانت تحكم العراق بشكلٍ مشوهٍ لأدى لما أداه من تحطيمٍ ليس لقدرات هذا الشعب المادية حسب بل وإرادته ووعيه وقدراته السيكولوجية ومنظومته القيمية ونسيج وحدته الوطنية .
هذه الأجندة التي أدعيها أو أتوهما ، هي في واقع الحال ضد مصلحة العراق الحقيقية ، إذ لو كان هناك من هو في العرب أو المسلمين واحدٌ حريصٌ علينا لما كانوا يسلمونا لصدام حسين أو يمرروا مخابراته لقتلنا حين كنّا نتواجد لديهم بشكل مؤقت ولأغراض العبور إلى أوربا وأمريكا .
لو إنهم دعمونا بجدية وصدق ، لأمكن لنا تحرير العراق بغير حاجةٍ من الأمريكان أو سواهم .
تلك الأجندة التي أتهم بها السوريين والإيرانيين ومن ورائهم كمٌ لا يعد من الأحزاب والقوى والأفراد ، هدفها كما هو بائنٌ لكل عين إغراق العراق ببحرٍ من الدماء لكي ما يغوص الأمريكان ويغرقوا أو بالكاد يفرّوا حسب ما يتوهم هؤلاء الواهمون .
لماذا …؟
لكي تفلت تلك الأنظمة وغيرها من استحقاق التغيير الذي تريده شعوبها المغيبة العاجزة المنسية ، ويريده الأمريكان لأنه من شروط نجاح مشروع عولمة العالم ونسف الحدود الثقافية هذا أولاً ، وثانياً لكي لا تتكرر كارثة الحادي عشر من سبتمبر الدامي والتي كان السبب الأول فيها قبح وفساد النظم السياسية العربية والتي أنتجت أو تواطأت على إنتاج ، هذا الإرهاب وهذا الكمّ الهائل من الإرهابيين الذين يتخرجون بالآلاف كل عام من مدارس الأزهر وجوامع أم القرى ومكة والمدينة وغيرها …!
صدقني … لو إن الأمريكان قالوا للسوريين أو الإيرانيين لسنا بوارد إصلاحكم ولا شأن لنا بكم وبثقافتكم على الإطلاق ، لكفوا من يومهم عن التدخل في الشأن العراقي بل ولكفوا عن المتاجرة ببيت المقدس وتحرير فلسطين والجولان …!
يقولون أن النظام العربي قد أخترق بقوة من قبل الأمريكان بغزوهم للعراق وإقامتهم فوق أرضه …!
وذلك صحيح كل الصحة ولا أضن فيه خطورةٌ علينا نحن أهل الشارع وسكان الأزقة والحارات الضيقة البائسة…!
الذي أخترق يا سيدي هو المخترق أصلاً ومنذ خروج محمد من الجزيرة حاملاً لواء الإسلام .
الذي أخترق أصلاً هو هذا النظام الثقافي العربي الذي سمح للبلوشستاني والفارسي والتركي والألباني والشيشاني لأن يحكموننا لقرون عديدة …!
نحن مخترقين منذ الأزل لأننا لم نملك مثل شعوب الأرض هويةٍ قوميةٍ مميزةٍ ولم نؤسس ( بعد أن تحررنا من العثمانيين قبل قرن ) هويةٍ وطنيةٍ مميزةٍ لبلداننا القطرية ولشعوبنا العربية القاطنة لتلك البلدان ، ولم نرحم من شاركنا العيش في تلك البلدان القطرية من أخوتنا من الأثنيات الأخرى ( والتي شاركتنا هم الاستباحة القومية أيام العثمانيين وغيرهم وشاركتنا لاحقاً هم التسلط القبلي والطائفي والقومي في بلداننا القطرية بعد تشكيل تلك البلدان ) .
لقد أخطأنا جميعنا كعرب ولمراتٍ عديدة آخرها أيام الاحتلال الفرنسي والإنجليزي إذ قاومنا هذا الاحتلال تحت راية الوطنية والقومية والإسلام ، ففرّ المستعمرون قبل أن يعمرونا ، أنا لا أتمنى لبلدي أن يكرر ذات الغلطة فيطرد الأمريكان قبل أن يصلّب عوده ويحسن إدارة نفسه ويعدل مع أثنياته وطوائفه ويرسخ البناء الديموقراطي الذي لا يمكن لأي سائق دبابة أن يحطم بواباته العالية المتجذرة بعمق الأرض العراقية .
هناك أجندةٌ بل أجندات مختلفة متخلفة ليست بصالح بلدي ، وهناك أجندةٌ أمريكيةٌ صالحةٌ عادلةٌ جميلةٌ واعدة ، وأنا مع هذه الأجندة وهذا رأيي الذي أعتز به دون أن أقدسه ، بل العكس متى بان فيه العيب لفظته وتابعت مشواري .
وهكذا هي الحياة وديناميكيتها ، فهي تأبى الجمود والوقوف الطويل عند الحفر الصغيرة أو الألغام المبثوثة على الطريق …!
نخطأ …نعترف بخطئنا … نتعلم منه … ثم نتابع …!
ثانياً : يتهمني السيد حمدي بأني أعتبر الاحتلال تحريراً …!
طيب … ولِم لا وهو هكذا حقاً وصدقاً وبغض النظر عن حجم ثمن هذا التحرير الذي يجب أن أدفعه ، وبغض النظر عن نوايا المحرر وأغراضه الأخرى …!
هو تحريرٌ في عرف علم الإحصاء أولاً لأن صدام حسين ذبح منّا نحن العراقيين ومن فئات معينة منّا دون غيرها ، ذبح قرابة المليونين ، مليون في الحرب العراقية الإيرانية ، ربع مليون انتفاضة الشيعة في آذار 1991 أكثر من ربع مليون من الأكراد والمسيحيين والتركمان وغيرهم في بحر ربع قرن من حكم صدام حسين .
قرابة المليونين يا سيدي في الحروب الخارجية ، في أحواض الحوامض الكيماوية ، بالضربات الكيماوية عبر الطائرات ، اغتيالات في الداخل والخارج ، موتى تحت التعذيب ، عشرات الآلاف دفنوا وهم أحياء ، عشرات الآلاف ماتوا من الصقيع إثناء الهروب عبر الحدود الشمالية نحو إيران وتركيا ، عشرات الآلاف أعدموا في حملات تطهير السجون قبل مجيء ممثلي حقوق الإنسان في السنوات الأخيرة لحكم صدام حسين ، عشرات الآلاف أعدموا من الخلف بسبب الهروب من الحرب مع إيران وبعضهم أعدم في بيته وأمام أنظار أمه وزوجته وأطفاله …الخ …الخ
طيب من حرر أعناق الملايين الأخرى من العراقيين غير الأمريكان …!
أهم الإيرانيون أم السوريون أم الجامعة العربية وعميدا النجيب عمرو موسى أم إنها دول الخليج أو ربما الزرقاوي أو بن لادن …!!
طيب … وأي أجندةٍ يراد منّي أن أتبع ؟
أجندة من كانوا وإلى آخر يوم من عمره ، يريدون له النجاة أم أجندة من اقتصوا لي منه وحرروا عنقي وإلى الأبد ؟
قطعاً الآخرون … الأمريكان … وأجندتهم … ومهما كانت كلفتها ، فإنها لن تكون أثمن من عنقي وأعناق الملايين من بؤساء وطني …!
هذا يا عزيزي رأيي … في الأمريكان حتى لو قال العالم كلّه ….أنهم محتلون …!

ثالثاً : بالنسبة لرفضي ( وهذا رأيي الشخصي طبعاً ) لأي مرجعياتٍ دينيةٍ أو سياسيةٍ غير عراقية ولا هي من أقوام نسيجي الوطني العراقي بل تتبع قوميات ودول أخرى ، فأنا أرى يا سيدي في أن بلدي بلدٌ نامٍ لا يحتمل وفي هذه المرحلة الانتقالية شديدة الخطورة والحساسية ، لأي قنابل عنقودية بشرية متقنة التوقيت ومخفية تحت عمائم وفي جيوب وفي زوايا وأزقة بلدي ، لأن صاعقها هو في يد أعداء بلدي التاريخيين في الخارج ، ولا أدري ولا يدري أهل الحكم أو قاطني الشوارع متى ستنفجر تلك القنابل وكمّ من الضحايا ستحرق أو تعوقّ .
لقد أستنبت الإيرانيون لهم أذناب وأجنحةٌ في البحرين والكويت وفلسطين ولبنان والعراق ويرومون الدخول للساحة المصرية والأردنية وغيرها ، ومثل هؤلاء لا يخدمون قضية عليٍ أو عثمان بل يخدمون أجندة إيران القومية الخبيئة خلف الأجندة الدينية الطائفية …!
طيب … ما هو واجبي ككاتب وكمدعٍ للثقافة إن لم أدلي برأيي فأنبه وأحذر أهل وطني وبالذات أخوتي الشيعة لما يختبئ خلف الأكمة الإيرانية …!
كانت فئران السفن أول من ينبه البحارة إلى أن عاصفةٍ في الطريق ، كانت بالنسبة لهم أجهزةٌ إنذار حيةٍ لا تخطيء أبداً …!
المثقفون يا سيدي هم فئران السفينة … سفينة شعوبهم وبلدانهم …أليس كذلك …!

رابعاً : يقول السيد أني أسيء للناس أو لبعضهم حين أساوي بين مجرى ماءٍ قذرٍ وبيتٌ زائفٌ لرّبٍ بدويٍ رجوليْ ، فأنا لا أسيء للناس كشخوصْ ولا أقول مثل هذا القول جزافاً ولأغراض الدعاية ( أو من باب خالف تعرفْ ) ، ولكن لأن مهمتي ككاتب أن أهزهز قناعات الناس عسى أن يستيقظ منهم من يريد الاستيقاظ ، لأني أؤمن أن تلك القناعات جلّها غير منطقيٍ وغير عقلاني وهي بالتالي لا أكثر من أغلالٍ يجب التحرر منها لكي ما يتحسن مستوى حياة الفرد والمجتمعات .
المثقفون العربّ أو أغلبهم يقومون بتزويق المسطح وتجميل التافه ، سواء كان هذا المزوق أو التافه شخصاً أو قيمة أخلاقية أو نظام سياسي ، أنا أود أن أفعل العكس ( ولا أدعي أنني وحدي هكذا بل هناك ما لا يعدُ من الأقلام التي تحمل في رؤوسها جمراً ) …!
أنا أؤمن بأن مهمة الكاتب الحقيقية هي أن يسطح المسطحً ويسفه السفيهْ ْ، لكي ما يمكن هدمه كلما زاد تسطيحاً وافتضحت سفاهته …!
الأمر الثاني ، هو أن هذا المجرى القذر المقابل لكوخي في بلدي هو جزءٌ من هويتي الوطنية التي أعترف بها العالم ضمن هذا التقسيم الجغرافي السياسي للبلدان .
أنا لا أستطيع أن أقيم عند البيت العتيق أكثر من الفترة المقررة لي ولا يمكنني ولوج هذا البيت ( بيت الرّب ) أو الاقتراب منه بغير انصياعي لشروط الأمناء على هذا البيت ( السعوديون ) ، أما كوخي والمجرى المقابل له فتلك أقيم فيها بشروطي ولا يجرؤ أحدٌ من أهل الخارج أو الداخل على حرماني من حقي هذا .
هذا بيتي وذاك بيت الله ، بيتي لي وبيت الله له …!
أنا أقدس بيتي وأتباع الرّب يقدسون بيته …!
وأهل الهند يقدسون أبقارهم …!
( وكلُ قومٍ بما لديهم فرحون )…!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوراق الجوافة..كيف تحضر مشروبًا مثاليًا لمحاربة السعال والته


.. دراسة: مكملات الميلاتونين قد تمنع الإصابة بحالة الضمور البقع




.. في اليوم الـ275.. مقتل 20 فلسطينيا بغارات على غزة| #الظهيرة


.. ترقب داخل فرنسا.. انطلاق الجولة الثانية للانتخابات التشريعية




.. اقتراح التهدئة.. تنازلات من حركة حماس وضغوط على بنيامين نتني