الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الستالينيون (اخيرة) : يعيشون في الماضي
يعقوب ابراهامي
2009 / 10 / 16ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
"كتب أنجلز هذا الجواب قبل صدور البيان الشيوعي ومع ذلك كان جوابه ماركسياً كاملاً لم ينطبق على الثورة الألمانية وحسب بل كان صحيحاً بالنسبة للثورات البرجوازية التي تلت الثورة الألمانية أيضاً. بل إن محتوى الجواب ما زال صحيحاً حتى اليوم إذا استثنينا موضوع القيادة في الثورة البرجوازية . . . وقد وردت في هذا الجواب عدة نقاط واضحة ما زالت تحتفظ بحيويتها حتى يومنا هذا."
(حسقيل قوجمان يحاول أن يقنع القراء ، في كتابه عن ثورة 14 تموز في العراق ، إن ما كتبه فريدريك أنجلز ، قبل أكثر من 150 عاماً ، عن الثورة البرجوازية في ألمانيا ، في القرن التاسع عشر ، يصلح أن يكون بوصلة تهدي الشيوعيين العراقيين في التصف الثاني من القرن العشرين. في نظر حسقيل قوجمان لم يحدث، خلال قرن ونصف القرن من التاريخ البشري ، شيء يستحق الذكر مما يوجب إعادة النظر في ما كتبه أنجلز.)
"انتفاضة البلاشفة في أكتوبر 1917 لم تكن ثورة ولم تكن اشتراكية . كانت انتفاضة شعبية يقودها البلاشفة بهدف استكمال الثورة البورجوازية في فبراير 1917 . ففي صبيحة الإنتفاضة دعا لينين جيع الأحزاب البورجوازية للاشتراك في حكومته . . بناء على هذه الوقائع التاريخية يترتب على أولئك الذين يأخذون على لينين أنه فجر الثورة الإشتراكية في روسيا المتخلفة أن يغلقوا أفواههم مرة واحدة وإلى الأبد."
(فؤاد النمري يكتب التاريخ من جديد ، ويلقن القراء درساً في سياسة كم الأفواه الستالينية. لا شك أن النمري يؤمن إيماناً مطلقاً بغباوة القراء.)
"أنا أطالب بإبادة هذه الكلاب السائبة رمياً بالرصاص ، كلهم جميعاً وكل واحد منهم بلا استثناء . . . نحن نطالب بإبادة هذه الحشرات الطفيلية بلا رحمة." (فيشنسكي ، المدعي العام الستاليني والمنشفيكي السابق ، يشرح ، في الثلاثينات من القرن الماضي ، قواعد "دكتاتورية البروليتاريا" ويطالب بإعدام كل رفاق لينين.)
"أولى أولويات العمل الشيوعي لا بدّ أن تكون الشطب الكلّي والنهائي لمراجعي الماركسية من مختلف الصنوف والأحجام . فليُشطب شتّى المراجعين للماركسية بالجملة دون وخزة ضمير، وحتى قبل النظر في مراجعاتهم ."
(فؤاد النمري يشرح قواعد النقاش الأديولوجي. بعد سبعين عاماً من إبادة "الكلاب السائبة"، يكتفي الناطق باسم الستالينية ب"شطب" خصومه الإديولوجيين ولا يطلب قتلهم رمياً بالرصاص "كلهم جميعاً وكل واحد منهم بلا استثناء".)
" يعتبر الصراع الأيديولوجي الذي خاضه الرفيق لينين (قبل الحرب العالمية الأولى) ضد الماخيين أروع مثال يقتدى به في هذا المجال لصياغة أسس النظرية الثورية في المرحلة الراهنة."
(آمال الحسين يحاول أن يقنعنا أن كتاباً فلسفياً صدر عام 1908 هو الرد المفحم على من يريد الإنفتاح على منجزات الحضارة البشرية اليوم. التحديات التي تضعها الفيزياء الحديثة، في القرن الحادي والعشرين، أمام المادية الديالكتيكية لا تحرك ساكناً لدى آمال الحسين . الإنسان يقتحم السموات، يصل إلى المريخ ويغوص في أعماق الذرة وأخونا "الماركسي حتى النخاع" لا زال يحارب ماخ كما حاربه لينين قبل أكثر من قرن.)
السبات العميق:
"ستالينيونا" يغطون في سبات عميق. من هذا السبات لم يوقظهم لا تداعي أصنام ستالين في أرجاء العالم، لا انهيار جدار برلين، لا خطوات الإنسان يصعد على سطح القمر ولا المحطات الفضائية التي نزلت على أرض المريخ.
العالم تغير وهو يتغير كل يوم. أما "ستالينيونا" فلا زالوا يعيشون في الأربعينيات، وفي أحسن الحالات في الخمسينيات، من القرن الماضي.
حسقيل قوجمان يعيش في النصف الأول من القرن العشرين:
ما رأيكم في "مفكر ماركسي" يكتب مقالاً عن "التحالفات الطبقية"، اليوم، سنة 2009 ، أي في مستهل القرن الحادي والعشرين، ولا يجد مثلاً يحتذى به أفضل من التعاون الذي قام بين الحزب الشيوعي العراقي وكامل الجادرجي (وسائر الأحزاب البرجوازية) سنة 1945 للقيام بإضراب عام في ذكرى وعد بلفور؟ أي تشابه يجد حسقيل قوجمان بين عراق 1945 وعراق 2009؟ أي دروس يمكن تعلمها من تعاون قام قبل أكثر من نصف قرن، في ظروف مغايرة تماماً، ويمكن الإستفادة منها في ظروف العراق المعقدة اليوم؟ أم إن قوجمان لا زال يعيش في الأربعينيات من القرن الماضي؟
ما رأيكم في "مفكر ماركسي" يقرأ كتاباً كتبه لينين عام 1903 (أي قبل أكثر من قرن)، وفيه تحليل للأوضاع الخاصة بروسيا القيصرية آنذاك ، التي لا تشبه من قريب أو بعيد أوضاع العراق، فيقرر إن ما كتبه لينين آنذاك ينطبق بالضبط على ظروف العراق اليوم، فيقرر بناءً على ذلك إن الحزب الشيوعي العراقي كان عليه أن ينتقل إلى مرحلة الثورة الإشتراكية (ويعمل على إقامة دكتاتورية البروليتاريا) مباشرة غداة 14 تموز 1958؟ إقرأوا:
"وفي مثلنا العراقي انتهت الثورة البرجوازية يوم ثورة تموز وتحولت السلطة من سلطة شبه اقطاعية شبه استعمارية الى سلطة برجوازية. في يوم ثورة تموز انتهت مرحلة الثورة البرجوازية العراقية بصورتها البرجوازية. ليس هناك استكمال او اتمام او مواصلة للثورة باي شكل من الاشكال."
هل يعيش قوجمان أوضاع العراق اليوم، أم إنه يعيش في عالم من الخيال بناه من الكتب الماركسية التي قرأها والتي كتبت في عالم آخر وفي "دهر" آخر ؟
فؤاد النمري "يرمم" الماضي (ولكن: هل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟) :
إذا كان حسقيل قوجمان يعيش في سنوات الأربعين أو الخمسين من القرن الماضي ، فإن فؤاد النمري يعيش في ماضٍ من صنعه هو ، وهو بارع في صناعة الماضي. (للحقيقة والتاريخ نقول إن مهنة "صناعة الماضي" ليست من اختراع فؤاد النمري نفسه، ولكنه من القلائل الذين لا زالوا يمارسونها).
هل هناك حدث تاريخي يزعجكم؟ هل حقائق الحياة لا تتفق مع اديولوجيتكم؟ هل تريدون التخلص من ماضٍ محرج؟ فؤاد النمري هو الحل.
مالطا يوك:
خذوا، على سبيل المثال، النقاش الذي يدور في صفوف اليسار الماركسي حول ما إذا كان لينين قد "تعجل" في القيام بثورة إشتراكية في ظروف روسيا المتأخرة عام 1917. هذا نقاش مشروع ، ولكلا الجانبين في النقاش حججه المشروعة والمعقولة. أما بالنسبة لفؤاد النمري فالقضية غير قائمة على الإطلاق. فؤاد النمري يتصرف هنا على طريقة قائدِ الأسطولٍ العثماني الذي أمره السلطان باحتلال مالطا. فبعد غياب دام عدة أشهر ضل خلاله الطريق وهو يبحث عن تلك الجزيرة ، عاد خائباً ليخبر السلطان بأن "مالطا يوك"، أي مالطا غير موجودة.
يقول النمري: "انتفاضة البلاشفة في أكتوبر 1917 لم تكن ثورة ولم تكن اشتراكية . كانت انتفاضة شعبية يقودها البلاشفة بهدف استكمال الثورة البورجوازية في فبراير 1917 ففي صبيحة الإنتفاضة دعا لينين جيع الأحزاب البورجوازية للاشتراك في حكومته ."
الحقائق التاريخية التالية لا تهم النمري:
1. عندما وصل لينين إلى بتروغراد في 3 نيسان 1917 أعلن في محطة القطار من على ظهر السيارة المصفحة المشهورة: عاشت الثورة الإشتراكية.
2. الموضوع الأول الذي أطلقه لينين في ما يعرف ب"موضوعات نيسان" هو: "كل السلطة لمجالس السوفييت".
3. في اجتماع سوفييت بتروغراد الذي عقد في الساعة الثانية والنصف من ظهر يوم 25 اكتوبر (يوم الثورة) أعلن لينين: "إن ثورة العمال والفلاحين التي طالما تحدث البلاشفة عن ضرورتها قد أنجزت".
4. في صبيحة الإنتفاضة لم يدع لينين الأحزاب البرجوازية للإشتراك في حكومته.
5. في خطابه الأول أمام مجلس سوفييت بتروغراد يوم 25 اكتوبر قال لينين: "ما هي أهمية ثورة العمال والفلاحين؟ أهمية هذه الثورة تكمن قبل كل شيء في حقيقة أن الحكومة السوفييتية ستكون أداتنا للسلطة دون أية مشاركة من جانب البرجوازية."
فؤاد النمري "يصحح" التاريخ:
في الإجتماع الموسع للجنة المركزية للحزب البولشفي، في 10 اكتوبر 1917، صوت زينوفييف وكامينيف ضد الإقتراح الذي قدمه لينين للتحضير لإنتفاضة مسلحة في أسرع وقت ممكن. وفي اليوم التالي أعلنا عن موقفهما هذا في مقال نشراه في جريدة مكسيم غوركي "الحياة الجديدة". في هذا المقال ، الموقع بأسمائهم الصريحة، أوضحا موقفهما كما يلي: "يقولون : 1. لقد اكتسبنا أغلبية الشعب إلى جانبنا و-2. إن أغلبية البروليتاريا العالمية تقف إلى جانبنا. كلا الإدعاءين، مع الأسف الشديد، غير صحيحين. وهذه هي كل المشكلة."
نشر المقال في "الحياة الجديدة" أثار غضب لينين لا لأنه رأى في ذلك تحدياً شخصياً له فحسب، بل لأن المقال كشف صراحة عن نية البلاشفة القيام بانتفاضة مسلحة، وهو ما كانوا ينفونه علانية. (يمكن طبعاً فهم ما قام به زينوفييف وكامينيف على ضوء حرية الصحافة وحرية التعبير والنقاش التي سادت المجتمع الروسي بعد ثورة فبراير). وفي رسالة إلى اللجنة المركزية إتهمهما لينين بالكذب وعدم الحياء وقال إنه لن يعتبرهما رفيقين له بعد اليوم.
كيف يصف كل ذلك "المؤرخ المصحح" فؤاد النمري ؟ إقرأوا:
"وخير مثال على هذا هو قيام زينوفييف وكامينيف عضوي المكتب السياسي للحزب بافشاء ساعة الصفر لثورة أكتوبر إلى البوليس السري."
هل هذا هو وصف نزيه لما حدث؟ عن أية ساعة صفر يتحدث النمري؟ وعن أي بوليس سري؟ مكسيم غوركي؟
ولكن النمري لا يكتفي بذلك:
"ليس من حق أحد أن يشكك في محاكمة الثنائي اليهودي زينوفييف وكامينيف في العام 1936 أو محاكمة بوخارين وريكوف في العام 1938 طالما أن تلك المحاكمات جرت أمام الإعلام الدولي ومراسلي الصحف من كافة البلدان الأوروبية والأمريكية .
أما طعون المراسلين بصدقية تلك المحاكمات فإنها لا تثير إلاّ الضحك والاستهزاء كونها صادرة عن أخدان الرأسمالية والتروتسكية."
إنتبهوا إلى "الثنائي اليهودي". عيب. هذا ليس لائقاً، لاسيما إذا جاء ذلك من شخص يساري. أريد أن أذكر فؤاد النمري إن هذا "الثنائي اليهودي" كان من أقرب رفاق لينين (نعم، أقرب من ستالين) ، كان من أبرز قادة ثورة اكتوبر ووقف على رأس الأممية الشيوعية (الكومنترن) عدة سنوات إلى أن قتلهما ستالين. كل واحد من هذا "الثنائي اليهودي" هو في نظري مثال لمثقف ثوري قضى حياته في خدمة قضية الطبقة العاملة والحركة الثورية العالمية يجب أن تكون فخورة بهما.
المضحك (وشر البلية ما يضحك) هو إن النمري ينكر علينا حق التشكيك في صدقية المحاكمات الستالينية بحجة "أن تلك المحاكمات جرت أمام الإعلام الدولي ومراسلي الصحف من كافة البلدان الأوروبية والأمريكية" وفي الوقت نفسه (تماماً في الجملة التي تلي ذلك) يهاجم طعون مراسلي الصحف الذين غطوا المحاكمات. ألا يشعر النمري أنه يناقض نفسه، أم أنه واثق أن القراء لن يدركوا ذلك؟
فؤاد النمري "يزين" التاريخ (كلمة "يزين" مستخدمة هنا بمعناها في اللغة العبرية، اللغة التوأمة للغة العربية) :
كل العالم سمع عن المجاعة في أوكرانيا في الثلاثينيات من القرن الماضي، ما عدا النمري الذي قلب المجاعة إلى فائض من القمح. يقول "مؤرخنا المزين":
"ويؤججون حملة شعواء على السياسة الزراعية للحزب مدعين بانتشار المجاعة آنذاك في أوكرانيا . يتجاهل هؤلاء الأفّاقون حقيقة بلجاء وهي أن أوروبا الغربية كانت في تلك الفترة تأكل خبزها من القمح السوفياتي ."
ثم يتساءل مندهشاً: " هل يمكن للبلاشفة أن يجوّعوا السوفياتيين ليطعموا الإنجليز والهولنديين !؟"
أجل، هذا بالضبط ما حدث وأنت تعرف ذلك جيداً: السلطات السوفييتية صدرت القمح إلى أوربا بغية الحصول على العملة الصعبة لتمويل مشاريع السنوات الخمس، في الوقت الذي مات الفلاحون جوعاً في أوكرانيا.
"هل تعتقد أن النظرية الماركسية شاخت وبحاجة إلى تطوير بحيث تلائم العصر الراهن ؟"
قد تختلف الإجابة على هذا السؤال بين المفكرين الماركسيين. ولكننا لا نعدو الحقيقة كثيراً إذا قلنا إن أغلبية المفكرين الماركسيين غير الستالينيين سيجيبون على هذا السؤال ب"نعم" (مع التحفظ بعض الشيء من الكلمة "شاخت").
كان كارل ماركس فيلسوفاً ، مؤرخاً، عالماً إقتصادياً، لغوياً، ناقداً أدبياً ومناضلاً ثورياً. كتاباته ، التي نشر القليل منها فقط أيام حياته، تحتل خمسين مجلداً. وعلى قبره ، في 17 آذار 1883، في مقبرة هاي جيت، تنبأ صديقه ورفيق حياته فريدريك أنجلز قائلاً: "إن اسمه وكتاباته ستبقى خالدة مدى الأجيال".
ولكن كارل ماركس كان ، قبل كل شيء، إنساناً وليس إلهاً. والإنسان قد يخطئ ويرتكب الحماقات. كارل ماركس كان مفكراً وليس نبياً، ولم يوجد حتى الآن المفكر الذي يصدق في كل "تنبؤاته". كارل ماركس أنشأ نظريته بنفسه ولم تنزل عليه من السماء شأن الكتب المقدسة. لذلك ليس غريباً أن أقساماً منها قد تشيخ وأقساماً أخرى قد تحتاج إلى التطوير أو حتى إلى الشطب.
السؤال، "هل تعتقد أن النظرية الماركسية شاخت وبحاجة إلى تطوير بحيث تلائم العصر الراهن ؟" ، هو إذن سؤال مشروع . غير أن "المفكر الماركسي" الستاليني حسقيل قوجمان يعتقد أن مجرد طرح السؤال يدعو إلى السخرية والضحك. وهو، طبعاً، محق في ذلك.
الماركسية الوحيدة التي يعرفها قوجمان هي ماركسية جامدة ميتة، وكيف لميت أن يشيخ؟ كيف لجامد أن يتطور؟ هم حنطوا جثة لينين فحنطوا الماركسية ، ثم راحوا بعد ذلك يسخرون بمن يريدون تطوير الماركسية "بحيث تلائم العصر الراهن".
قوجمان محق في سخريته لأن الماركسية في نظره مثلها مثل الكتب المنزلة، وكيف يمكن تغيير حرف واحد في كتاب منزل؟
غير أن حسقيل قوجمان ، في ضحكه وسخريته على من يريدون تطوير الماركسية، يغالط القراء. فهو لكي يبرهن على مدى سخافة السؤال حول "شيخوخة" الماركسية، يقارن السؤال: "هل تعتقد أن النظرية الماركسية شاخت وبحاجة إلى تطوير بحيث تلائم العصر الراهن ؟"، مع سؤال "مشابه" وهو: "هل تعتقد ان الطب شاخ وبحاجة الى تطوير بحيث يلائم العصر الراهن؟". وبما أن سخافة السؤال الثاني واضحة للعيان (ليس هناك إنسان عاقل يعتقد أن الطب قد شاخ) ، استنتج "مفكرنا الماركسي" (صاحب نظرية "فناء الضدين") إن السؤال الأول، حول "شيخوخة" الماركسية ، سخيف هو الآخر.
حسقيل قوجمان، كما قلنا، يغالط القراء. الماركسية هي مجموعة من النظريات في علوم الإقتصاد، التاريخ والإجتماع، وليس فرعاً منفرداً من فروع العلم. لذلك فإن المقارنة يجب أن تكون، مثلاً، مع سؤال كهذا: "هل تعتقد أن نظرية داروين شاخت وبحاجة إلى تطوير بحيث تلائم العصر الراهن ؟" أو: "هل تعتقد أن نظرية الوراثة شاخت وبحاجة إلى تطوير بحيث تلائم العصر الراهن ؟". إذ مهما تكن الإجابه على هذه الأسئلة (بالنفي أو الإيجاب) فإنها أسئلة مشروعة لا تدعو إلى سخرية قوجمان ولن تدفعه إلى الضحك.
ردود على بعض التعليقات:
إلى فؤاد النمري حول دور الإتحاد السوفييتي في إنقاذ يهود العالم:
لم أفهم ما علاقة ما تقوله بموضوع النقاش، ولكني كي لا أدع مجالاً للشك أؤكد مرة أخرى ما كتبته في مقالة سابقة: إن الشعب اليهودي لن ينسى أبداً دور شعوب الإتحاد السوفييتي ، قادة الإتحاد السوفييتي وستالين شخصياً في تحطيم آلة الحرب الهتلرية وفي إنقاذ اليهود من الإبادة الجماعية. الشعب اليهودي لن ينسى أبداً أن الجيش الأحمر الظافر هو الذي حررمعسكر الإبادة "اوشويتس".
نحن نعرف أن هناك قوى رجعية يهودية تحاول أن تطمس هذه الحقائق التاريخية، ولكن القوى التقدمية اليهودية لن تدعهم يفعلون ذلك.
إلى عبد المطلب حول "العصابات الصهيونية" و"دولة إسرائيل":
النقاش هو نقاش سياسي وليس نقاش تاريخي حول شهر ونصف الشهر من الزمان:.في نيسان 1948 يجب الحديث عن "عصابات صهيونية" وفي 15 أيار 1948 يمكن الحديث عن "دولة إسرائيل".
ما أردت أن أقوله هو أن استخدام لغة أحمدي نجاد وحماس ("الكيان الصهيوني" و"العصابات الصعيونية" ) في خطاب اليسار العربي لا يخدم قضية السلام الإسرائيلي-العربي ويخذل اليسار الإسرائيلي.
نكتة الإسبوع زودنا بها القارئ عبد المطلب:
"اما ما يذكره عن قتل ميخائيلوس بامر من ستالين ففي الواقع فقد صدمته سياره و هو عائد مخمورا في وقت متاخر في مدينه منسك."
"كتب أنجلز هذا الجواب قبل صدور البيان الشيوعي ومع ذلك كان جوابه ماركسياً كاملاً لم ينطبق على الثورة الألمانية وحسب بل كان صحيحاً بالنسبة للثورات البرجوازية التي تلت الثورة الألمانية أيضاً. بل إن محتوى الجواب ما زال صحيحاً حتى اليوم إذا استثنينا موضوع القيادة في الثورة البرجوازية . . . وقد وردت في هذا الجواب عدة نقاط واضحة ما زالت تحتفظ بحيويتها حتى يومنا هذا."
(حسقيل قوجمان يحاول أن يقنع القراء ، في كتابه عن ثورة 14 تموز في العراق ، إن ما كتبه فريدريك أنجلز ، قبل أكثر من 150 عاماً ، عن الثورة البرجوازية في ألمانيا ، في القرن التاسع عشر ، يصلح أن يكون بوصلة تهدي الشيوعيين العراقيين في التصف الثاني من القرن العشرين. في نظر حسقيل قوجمان لم يحدث، خلال قرن ونصف القرن من التاريخ البشري ، شيء يستحق الذكر مما يوجب إعادة النظر في ما كتبه أنجلز.)
"انتفاضة البلاشفة في أكتوبر 1917 لم تكن ثورة ولم تكن اشتراكية . كانت انتفاضة شعبية يقودها البلاشفة بهدف استكمال الثورة البورجوازية في فبراير 1917 . ففي صبيحة الإنتفاضة دعا لينين جيع الأحزاب البورجوازية للاشتراك في حكومته . . بناء على هذه الوقائع التاريخية يترتب على أولئك الذين يأخذون على لينين أنه فجر الثورة الإشتراكية في روسيا المتخلفة أن يغلقوا أفواههم مرة واحدة وإلى الأبد."
(فؤاد النمري يكتب التاريخ من جديد ، ويلقن القراء درساً في سياسة كم الأفواه الستالينية. لا شك أن النمري يؤمن إيماناً مطلقاً بغباوة القراء.)
"أنا أطالب بإبادة هذه الكلاب السائبة رمياً بالرصاص ، كلهم جميعاً وكل واحد منهم بلا استثناء . . . نحن نطالب بإبادة هذه الحشرات الطفيلية بلا رحمة." (فيشنسكي ، المدعي العام الستاليني والمنشفيكي السابق ، يشرح ، في الثلاثينات من القرن الماضي ، قواعد "دكتاتورية البروليتاريا" ويطالب بإعدام كل رفاق لينين.)
"أولى أولويات العمل الشيوعي لا بدّ أن تكون الشطب الكلّي والنهائي لمراجعي الماركسية من مختلف الصنوف والأحجام . فليُشطب شتّى المراجعين للماركسية بالجملة دون وخزة ضمير، وحتى قبل النظر في مراجعاتهم ."
(فؤاد النمري يشرح قواعد النقاش الأديولوجي. بعد سبعين عاماً من إبادة "الكلاب السائبة"، يكتفي الناطق باسم الستالينية ب"شطب" خصومه الإديولوجيين ولا يطلب قتلهم رمياً بالرصاص "كلهم جميعاً وكل واحد منهم بلا استثناء".)
" يعتبر الصراع الأيديولوجي الذي خاضه الرفيق لينين (قبل الحرب العالمية الأولى) ضد الماخيين أروع مثال يقتدى به في هذا المجال لصياغة أسس النظرية الثورية في المرحلة الراهنة."
(آمال الحسين يحاول أن يقنعنا أن كتاباً فلسفياً صدر عام 1908 هو الرد المفحم على من يريد الإنفتاح على منجزات الحضارة البشرية اليوم. التحديات التي تضعها الفيزياء الحديثة، في القرن الحادي والعشرين، أمام المادية الديالكتيكية لا تحرك ساكناً لدى آمال الحسين . الإنسان يقتحم السموات، يصل إلى المريخ ويغوص في أعماق الذرة وأخونا "الماركسي حتى النخاع" لا زال يحارب ماخ كما حاربه لينين قبل أكثر من قرن.)
السبات العميق:
"ستالينيونا" يغطون في سبات عميق. من هذا السبات لم يوقظهم لا تداعي أصنام ستالين في أرجاء "العالم الإشتراكي" سابقاً، لا انهيار جدار برلين، لا خطوات الإنسان يصعد على سطح القمر ولا المحطات الفضائية التي نزلت على أرض المريخ.
العالم تغير وهو يتغير كل يوم. أما "ستالينيونا" فلا زالوا يعيشون في الأربعينيات، وفي أحسن الحالات في الخمسينيات، من القرن الماضي.
حسقيل قوجمان يعيش في النصف الأول من القرن العشرين:
ما رأيكم في "مفكر ماركسي" يكتب مقالاً عن "التحالفات الطبقية"، اليوم، سنة 2009 ، أي في مستهل القرن الحادي والعشرين، ولا يجد مثلاً يحتذى به أفضل من التعاون الذي قام بين الحزب الشيوعي العراقي وكامل الجادرجي (وسائر الأحزاب البرجوازية) سنة 1945 للقيام بإضراب عام في ذكرى وعد بلفور؟ أي تشابه يجد حسقيل قوجمان بين عراق 1945 وعراق 2009؟ أي دروس يمكن تعلمها من تعاون قام قبل أكثر من نصف قرن، في ظروف مغايرة تماماً، ويمكن الإستفادة منها في ظروف العراق المعقدة اليوم؟ أم إن قوجمان لا زال يعيش في الأربعينيات من القرن الماضي؟
ما رأيكم في "مفكر ماركسي" يقرأ كتاباً كتبه لينين عام 1903 (أي قبل أكثر من قرن)، وفيه تحليل للأوضاع الخاصة بروسيا القيصرية آنذاك ، التي لا تشبه من قريب أو بعيد أوضاع العراق، فيقرر إن ما كتبه لينين آنذاك ينطبق بالضبط على ظروف العراق اليوم، ولذلك كان على الحزب الشيوعي العراقي أن ينتقل إلى مرحلة الثورة الإشتراكية (ويعمل على إقامة دكتاتورية البروليتاريا) مباشرة غداة 14 تموز 1958؟ إقرأوا:
"وفي مثلنا العراقي انتهت الثورة البرجوازية يوم ثورة تموز وتحولت السلطة من سلطة شبه اقطاعية شبه استعمارية الى سلطة برجوازية. في يوم ثورة تموز انتهت مرحلة الثورة البرجوازية العراقية بصورتها البرجوازية. ليس هناك استكمال او اتمام او مواصلة للثورة باي شكل من الاشكال."
هل يعيش قوجمان أوضاع العراق اليوم، أم إنه يعيش في عالم من الخيال بناه من الكتب الماركسية التي قرأها والتي كتبت في عالم آخر وفي "دهر" آخر ؟
فؤاد النمري "يرمم" الماضي (ولكن: هل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟) :
إذا كان حسقيل قوجمان يعيش في سنوات الأربعين أو الخمسين من القرن الماضي ، فإن فؤاد النمري يعيش في ماضٍ من صنعه هو ، وهو بارع في صناعة الماضي. (للحقيقة والتاريخ نقول إن مهنة "صناعة الماضي" ليست من اختراع فؤاد النمري نفسه، ولكنه من القلائل الذين لا زالوا يمارسونها).
هل هناك حدث تاريخي يزعجكم؟ هل حقائق الحياة لا تتفق مع اديولوجيتكم؟ هل تريدون التخلص من ماضٍ محرج؟ فؤاد النمري هو الحل.
مالطا يوك:
خذوا، على سبيل المثال، النقاش الذي يدور في صفوف اليسار الماركسي حول ما إذا كان لينين قد "تعجل" في القيام بثورة إشتراكية في ظروف روسيا المتأخرة عام 1917. هذا نقاش مشروع ، ولكلا الجانبين في النقاش حججه المشروعة والمعقولة. أما بالنسبة لفؤاد النمري فالقضية غير قائمة على الإطلاق. فؤاد النمري يتصرف هنا على طريقة قائدِ الأسطولٍ العثماني الذي أمره السلطان باحتلال مالطا. فبعد غياب دام عدة أشهر ضل خلاله الطريق وهو يبحث عن تلك الجزيرة ، عاد خائباً ليخبر السلطان بأن "مالطا يوك"، أي مالطا غير موجودة.
يقول النمري: "انتفاضة البلاشفة في أكتوبر 1917 لم تكن ثورة ولم تكن اشتراكية . كانت انتفاضة شعبية يقودها البلاشفة بهدف استكمال الثورة البورجوازية في فبراير 1917 ففي صبيحة الإنتفاضة دعا لينين جيع الأحزاب البورجوازية للاشتراك في حكومته ."
الحقائق التاريخية التالية لا تهم النمري:
1. عندما وصل لينين إلى بتروغراد في 3 نيسان 1917 أعلن في محطة القطار من على ظهر السيارة المصفحة المشهورة: عاشت الثورة الإشتراكية.
2. الموضوع الأول الذي أطلقه لينين في ما يعرف ب"موضوعات نيسان" هو: "كل السلطة لمجالس السوفييت".
3. في اجتماع سوفييت بتروغراد الذي عقد في الساعة الثانية والنصف من ظهر يوم 25 اكتوبر (يوم الثورة) أعلن لينين: "إن ثورة العمال والفلاحين التي طالما تحدث البلاشفة عن ضرورتها قد أنجزت".
4. في صبيحة الإنتفاضة لم يدع لينين الأحزاب البرجوازية للإشتراك في حكومته.
5. في خطابه الأول أمام مجلس سوفييت بتروغراد يوم 25 اكتوبر قال لينين: "ما هي أهمية ثورة العمال والفلاحين؟ أهمية هذه الثورة تكمن قبل كل شيء في حقيقة أن الحكومة السوفييتية ستكون أداتنا للسلطة دون أية مشاركة من جانب البرجوازية."
فؤاد النمري "يصحح" التاريخ:
في الإجتماع الموسع للجنة المركزية للحزب البولشفي، في 10 اكتوبر 1917، صوت زينوفييف وكامينيف ضد الإقتراح الذي قدمه لينين بالتحضير لإنتفاضة مسلحة في أسرع وقت ممكن. وفي اليوم التالي أعلنا عن موقفهما هذا في مقال نشراه في جريدة مكسيم غوركي "الحياة الجديدة". في هذا المقال ، الموقع بأسمائهم الصريحة، أوضحا موقفهما كما يلي: "يقولون : 1. لقد اكتسبنا أغلبية الشعب إلى جانبنا و-2. إن أغلبية البروليتاريا العالمية تقف إلى جانبنا. كلا الإدعاءين، مع الأسف الشديد، غير صحيحين. وهذه هي كل المشكلة."
نشر المقال في "الحياة الجديدة" أثار غضب لينين لا لأنه رأى في ذلك تحدياً شخصياً له فحسب، بل لأن المقال كشف صراحة عن نية البلاشفة القيام بانتفاضة مسلحة، رغم أنهم كانوا ينفون ذلك علانية. (يمكن طبعاً فهم ما قام به زينوفييف وكامينيف على ضوء حرية الصحافة وحرية التعبير والنقاش التي سادت المجتمع الروسي بعد ثورة فبراير). وفي رسالة إلى اللجنة المركزية إتهمهما لينين بالكذب وعدم الحياء وقال إنه لن يعتبرهما رفيقين له بعد اليوم.
كيف يصف كل ذلك "المؤرخ المصحح" فؤاد النمري ؟ إقرأوا:
"وخير مثال على هذا هو قيام زينوفييف وكامينيف عضوي المكتب السياسي للحزب بافشاء ساعة الصفر لثورة أكتوبر إلى البوليس السري."
هل هذا هو وصف نزيه لما حدث؟ عن أية ساعة صفر يتحدث النمري؟ وعن أي بوليس سري؟ مكسيم غوركي؟
ولكن النمري لا يكتفي بذلك:
"ليس من حق أحد أن يشكك في محاكمة الثنائي اليهودي زينوفييف وكامينيف في العام 1936 أو محاكمة بوخارين وريكوف في العام 1938 طالما أن تلك المحاكمات جرت أمام الإعلام الدولي ومراسلي الصحف من كافة البلدان الأوروبية والأمريكية .
أما طعون المراسلين بصدقية تلك المحاكمات فإنها لا تثير إلاّ الضحك والاستهزاء كونها صادرة عن أخدان الرأسمالية والتروتسكية."
إنتبهوا إلى "الثنائي اليهودي". عيب. هذا ليس لائقاً، لاسيما إذا جاء ذلك من شخص يساري. أريد أن أذكر فؤاد النمري إن هذا "الثنائي اليهودي" كان من أقرب رفاق لينين (نعم، أقرب من ستالين) ، كان من أبرز قادة ثورة اكتوبر ووقف على رأس الأممية الشيوعية (الكومنترن) عدة سنوات إلى أن قتلهما ستالين. كل واحد من هذا "الثنائي اليهودي" هو في نظري مثال لمثقف ثوري قضى حياته في خدمة قضية الطبقة العاملة والحركة الثورية العالمية يجب أن تكون فخورة بهما).
المضحك (وشر البلية ما يضحك) هو إن النمري ينكر علينا حق التشكيك في صدقية المحاكمات الستالينية بحجة "أن تلك المحاكمات جرت أمام الإعلام الدولي ومراسلي الصحف من كافة البلدان الأوروبية والأمريكية" وفي الوقت نفسه (تماماً في الجملة التي تلي ذلك) يهاجم طعون مراسلي الصحف الذين غطوا المحاكمات. ألا يشعر النمري أنه يناقض نفسه، أم أنه واثق أن القراء لن يدركوا ذلك؟
فؤاد النمري "يزين" التاريخ (كلمة "يزين" مستخدمة هنا بمعناها في اللغة العبرية، اللغة التوأمة للغة العربية) :
كل العالم سمع عن المجاعة في أوكرانيا في الثلاثينيات من القرن الماضي، ما عدا النمري الذي قلب المجاعة إلى فائض من القمح. يقول "مؤرخنا المزين":
"ويؤججون حملة شعواء على السياسة الزراعية للحزب مدعين بانتشار المجاعة آنذاك في أوكرانيا . يتجاهل هؤلاء الأفّاقون حقيقة بلجاء وهي أن أوروبا الغربية كانت في تلك الفترة تأكل خبزها من القمح السوفياتي ."
ثم يتساءل مندهشاً: " هل يمكن للبلاشفة أن يجوّعوا السوفياتيين ليطعموا الإنجليز والهولنديين !؟"
أجل، هذا بالضبط ما حدث وأنت تعرف ذلك جيداً: السلطات السوفييتية صدرت القمح إلى أوربا بغية الحصول على العملة الصعبة لتمويل مشاريع السنوات الخمس، في الوقت الذي مات الفلاحون جوعاً في أوكرانيا.
"هل تعتقد أن النظرية الماركسية شاخت وبحاجة إلى تطوير بحيث تلائم العصر الراهن ؟"
قد تختلف الإجابة على هذا السؤال بين المفكرين الماركسيين. ولكننا لا نعدو الحقيقة كثيراً إذا قلنا إن أغلبية المفكرين الماركسيين غير الستالينيين سيجيبون على هذا السؤال ب"نعم" (مع التحفظ بعض الشيء من الكلمة "شاخت").
كان كارل ماركس فيلسوفاً ، مؤرخاً، عالماً إقتصادياً، لغوياً، ناقداً أدبياً ومناضلاً ثورياً. كتاباته ، التي نشر القليل منها فقط أيام حياته، تحتل خمسين مجلداً. وعلى قبره ، في 17 آذار 1883، في مقبرة هاي جيت، تنبأ صديقه ورفيق حياته فريدريك أنجلز قائلاً: "إن اسمه وكتاباته ستبقى خالدة مدى الأجيال".
ولكن كارل ماركس كان ، قبل كل شيء، إنساناً وليس إلهاً. والإنسان قد يخطئ ويرتكب الحماقات. كارل ماركس كان مفكراً وليس نبياً، ولم يوجد حتى الآن المفكر الذي يصدق في كل "تنبؤاته". كارل ماركس أنشأ نظريته بنفسه ولم تنزل عليه من السماء شأن الكتب المقدسة. لذلك ليس غريباً أن أقساماً منها قد تشيخ وأقساماً أخرى قد تحتاج إلى التطوير أو حتى إلى الشطب.
السؤال، "هل تعتقد أن النظرية الماركسية شاخت وبحاجة إلى تطوير بحيث تلائم العصر الراهن ؟" ، هو إذن سؤال مشروع . غير أن "المفكر الماركسي" الستاليني حسقيل قوجمان يعتقد أن مجرد طرح السؤال يدعو إلى السخرية والضحك. وهو، طبعاً، محق في ذلك.
الماركسية الوحيدة التي يعرفها قوجمان هي ماركسية جامدة ميتة، وكيف لميت أن يشيخ؟ كيف لجامد أن يتطور؟ هم حنطوا جثة لينين فحنطوا الماركسية ، ثم راحوا بعد ذلك يسخرون بمن يريدون تطوير الماركسية "بحيث تلائم العصر الراهن".
قوجمان محق في سخريته لأن الماركسية في نظره مثلها مثل الكتب المنزلة، وكيف يمكن تغيير حرف واحد في كتاب منزل؟
غير أن حسقيل قوجمان ، في ضحكه وسخريته على من يريدون تطوير الماركسية، يغالط القراء. فهو لكي يبرهن على مدى سخافة السؤال حول "شيخوخة" الماركسية، يقارن السؤال: "هل تعتقد أن النظرية الماركسية شاخت وبحاجة إلى تطوير بحيث تلائم العصر الراهن ؟"، مع سؤال "مشابه" وهو: "هل تعتقد ان الطب شاخ وبحاجة الى تطوير بحيث يلائم العصر الراهن؟". وبما أن سخافة السؤال الثاني واضحة للعيان (ليس هناك إنسان عاقل يعتقد أن الطب قد شاخ) ، استنتج "مفكرنا الماركسي" (صاحب نظرية "فناء الضدين") إن السؤال الأول، حول "شيخوخة" الماركسية ، سخيف هو الآخر.
حسقيل قوجمان، كما قلنا، يغالط القراء. الماركسية هي مجموعة من النظريات في علوم الإقتصاد، التاريخ والإجتماع، وليس فرعاً منفرداً من فروع العلم. لذلك فإن المقارنة يجب أن تكون، مثلاً، مع سؤال كهذا: "هل تعتقد أن نظرية داروين شاخت وبحاجة إلى تطوير بحيث تلائم العصر الراهن ؟" أو: "هل تعتقد أن نظرية الوراثة شاخت وبحاجة إلى تطوير بحيث تلائم العصر الراهن ؟". إذ مهما تكن الإجابه على هذه الأسئلة (بالنفي أو الإيجاب) فإنها أسئلة مشروعة لا تدعو إلى سخرية قوجمان ولن تدفعه إلى الضحك.
ردود على بعض التعليقات:
إلى فؤاد النمري حول دور الإتحاد السوفييتي في إنقاذ يهود العالم:
لم أفهم ما علاقة ما تقوله بموضوع النقاش، ولكني كي لا أدع مجالاً للشك أؤكد مرة أخرى ما كتبته في مقالة سابقة: إن الشعب اليهودي لن ينسى أبداً دور شعوب الإتحاد السوفييتي ، قادة الإتحاد السوفييتي وستالين شخصياً في تحطيم آلة الحرب الهتلرية وفي إنقاذ اليهود من الإبادة الجماعية. الشعب اليهودي لن ينسى أبداً أن الجيش الأحمر الظافر هو الذي حررمعسكر الإبادة "اوشويتس".
نحن نعرف أن هناك قوى رجعية يهودية تحاول أن تطمس هذه الحقائق التاريخية، ولكن القوى التقدمية اليهودية لن تدعهم يفعلون ذلك.
إلى عبد المطلب حول "العصابات الصهيونية" و"دولة إسرائيل":
النقاش هو نقاش سياسي وليس نقاش تاريخي حول شهر ونصف الشهر من الزمان:.في نيسان 1948 يجب الحديث عن "عصابات صهيونية" وفي 15 أيار 1948 يمكن الحديث عن "دولة إسرائيل".
ما أردت أن أقوله هو أن استخدام لغة أحمدي نجاد وحماس ("الكيان الصهيوني" و"العصابات الصعيونية" ) في خطاب اليسار العربي لا يخدم قضية السلام الإسرائيلي-العربي ويخذل اليسار الإسرائيلي.
نكتة الإسبوع زودنا بها القارئ عبد المطلب:
"اما ما يذكره عن قتل ميخائيلوس بامر من ستالين ففي الواقع فقد صدمته سياره و هو عائد مخمورا في وقت متاخر في مدينه منسك."
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - تعاليم ماركس
محمد
(
2009 / 10 / 16 - 20:15
)
ان الانطلاق مما يسمى بتعاليم ماركس لا يمكن أن يختلف في شيء عن الانطلاق من تعاليم المسيح أو النص القرآني، وسواء حمل هذا الانطلاق اسم تطوير الماركسية أو اسم الأورثوذوكسية فانه يقوم على قراءة ايديولوجية للتاريخ لا قراءة مادية تاريخية. فالانطلاق من تعاليم ماركس هو الانطلاق من مقولات ايديولوجية لا من دراسة اقتصادية اجتماعية للواقع المادي للبشر في مساره ومستوى تطوره الفعلي، لذلك فاننا سنكون بمثل هذه الطريقة في مواجهة تأويلات للنص الماركسي تتناقض وتتصارع تماما مثلما تتصارع الطوائف الدينية حول تفسير القرآن، ولن نكون في مواجهة التاريخ المادي نفسه كما يعرض نفسه للمنهج المادي الذي لم يكن ماركس سوى أحد تعبيراته، لذلك فاننا نجد الماركسيين المذهبيين بدل دراسة الواقع التاريخي واستخلاص قوانين تطوره فانهم يواجهون أفكار لينين بأفكار تروتسكي وأفكار ستالين بأفكار ماو...الخ
ان الدراسة المذهبية الايديولوجية للتاريخ لا تستهدف التحليل والتفكيك العلمي للظواهر التاريخية واستخلاص دروسها الفعلية بل تستهدف تبرير الموقف الايديولوجي لهذا الفصيل أو ذاك، لهذه الفرقة أو تلك، وهذا ما قاد دائما ليس لتزوير التاريخ ولي عنقه فحسب بل الى عزل الأبحاث العلمية التي قام بها ماركس عن سياقها التاريخي وتحويلها الى تعاليم دينية
2 - لي عنق الحقيقه
عبد المطلب
(
2009 / 10 / 16 - 22:29
)
لما يصر الصهيوني عدو الشيوعيه على التزوير؟إن ماورد في تعليقي على الجزء الخامس من تحفته هو تفنيد لادعائه ان تشيكوسلوفاكيا قدمت الاسلحه لدوله اسرائيل و ليس الى العصابات الارهابيه ولقد ذكرت في التعليق كلمتا(العصابات الارهابيه) وكيف يريد منا الابراهامي ان نفهم المغزى الحقيقيقي لدعوته بمسح صفه الصهيونيه عن الكيان المحتل لارضنا و المشتت لشعبنا بدعوى ان تسميه كهذه لا تخدم قضيه السلام الاسرائيلي العربي و تخذل اليسار...وما شاننا نحن البلاشفه باليسار و شعاراته الوسطيه و هل نفي الصفه الصهيونيه عن الدوله يغير طابعها و يجعلها دوله تؤمن المساواه و العداله لرعاياها و يجبرها على الاقل بالعوده لخطوط الهدنه حسب اتفاقيات رودس؟؟ و يعيد شمعون بيرس الى بولندا و يعيدني من بولندا الى القدس؛ و كل هذا يعيدني الى فقره اخرى من مقاله المذكور و هي ان الاحزاب الشيوعيه في البلاد العربيه ايدت قرار التقسيم، نعم كان الامر كذلك وبما انه كان عضوا في الحزب الشيوعي العراقي فلا بد انه اطلع على كتيب الرفيق الخالد فهد حول هذه المسأله و ما هي الدوافع لهذا التأييد و كيف تغير الموقف لاحقا في الحزبين العراقي و السوري و عن كتابات خالد بكداش حول ذلك ؛لقد اثرت في المره الماضيه عدم الكتابه عن هذا معتبرا ان ما ورد في المقال مجرد سهو
3 - خرافة يعقوب ابراهامي
نزيه الزياني
(
2009 / 10 / 17 - 12:55
)
لايمكن بأي حال من الاحوال فهم هدا الهجوم الصهيوني وهده الثرثرة المبالغ فيها , والتي يشكل بطل مسرحيتها السيد يعقوب ابراهامي , على السيد قجمان , قلت لايمكن فهمها الا من مواقع داتية , بدليل أن السيدين معا التحقا باسرائيل ضمن نفس الضروف والشروط , السيد قوجمان رفض الاقامة باسرائيل والسيد يعقوب قبل بها , ومعه شكل في الفترة الحالية لسان الصهيونية في محاربة الشيوعية والشيوعيين , في حين ان السيد قوجمان لازال رغم سنه وجراح تجربته التاريخية الطويلة , بلشفي الطرازولم يخن تاريخه ولازال يعانق بعمق عالي قضايا البروليتاريا والكادحين....أما بخصوص السيد النمري فلم افهم لحد الان لمادا لايستحيي السيد يعقوب في ترديد هدا الكلام الببغاوي وهدا الغثيان الدي مابعده غثيان في حق السيد النمري وكتابات السيد النمري التي لن يقوى السيد يعقوب وامثاله وحتى بغض المتمركسين , لن يقووا على نقض ولو موضوعة واحدة منها , ان كان فيها بطبيعة الحال مايستحق النقض.......,لم افهم لمادا يصر يعقوب على الهجوم عليه . وللحقيقة وللتاريخ نقول , ان الاقلام المأجورة والعقول الكلسية التي تحركت وتجندت في الاونة الاخيرة للهجوم على النمري , وهو الشيوعي والماركسي الصلب الدي لايدخر جهدا في البحث الحثيث والعميق , على كل مابامكانه أن ينير الط
4 - يهود المحرقة
د/ موسى سنان
(
2009 / 10 / 18 - 06:43
)
ثيودور هرتسل حذر بقوة من أن غلاة الصهاينة الذين منهم يسار إسرائيل أيضاً سيأخذون اليهود إلى المحر قة والإبراهامي لم يتعظ فها هو اليوم يتخصص في محاربة الشيوعية فكما لو أنه تجند في سرايا هتلر
لعلم الصهيوني الإبراهامي فقد كان في حكومة لينين الأولي وزيران من الحزب الاشتراكي الثوري الذي قاد الثورة البورجوازية في شباط
5 - إلى موسى سنان
يعقوب
(
2009 / 10 / 18 - 07:13
)
الحزب الاشتراكي الثوري لم يكن حزباً برجوازياً
6 - لنتفاهم كبشر
ابو حيدر
(
2009 / 10 / 18 - 12:01
)
اني اتمنى ان ياءتي اليوم الذي يتعامل فيه ناسنا مع اليهود
كاخوة في الخلق ولو على مستى ما قبل اكثر 1400 سنه
وان يفهموا ان الحزب الصهيوني هو حزب قومي كحزب القوميين العرب وان يتحرر مثقفونا من عقدة التعامل مع اليهود وكانهم مجموعه من المخلوقات المختلفه عن كل البشر وانها كلها من صنف واحد وسئ هذا عار ايها الاخوه تحرروا منه فاليهود قبل كل شء اخوة لنا في الخلق على اقل تقدير
7 - عن الدياليكتيك و المثالية
عزير
(
2009 / 10 / 18 - 12:37
)
و عكس ما يدعين المناشفة الجدد أصحاب المنهج البورجوازي الجديد يعتبر المنهج الماركسي اللينيني المنهج الحاسم في تناول القضايا السياسية و الإقتصادية في عصر الإمبريالية ، الذي وضع لينين أسسه النظرية و العملية بالدفع بالثورة الإشتراكية إلى الأمام عندما تأكد من خطورة الإمبريالية على الإنسانية معتبرا أن مهمة إدارة دولة دكتاتورية البروليتاريا تتجاوز القضايا السياسية إلى القضايا الإقتصادية ، سعيا إلى الإنتقال من المجتمع الرأسمالي إلى المجتمع الإشتراكي على اعتبار أن المهام السياسية تخضع للمهام الإقتصادية من أجل بعث القوى المنتجة الإشتراكية ، مما يتطلب إعادة تنظيم الإقتصاد أولا عبر -الحساب و الرقابة على إنتاج و توزيع المنتجات- و ثانيا ب-زيادة إنتاجية العمل- بعد انتصار العمال و الفلاحين في الحرب الأهلية ، مما يتطلب المقدمات الأساسية للنظام الرأسمالي التي تسعى الإشتراكية إلى هدمه في روسيا الدولة التي لا تتوفر فيها جميع هذه المقدمات على جميع المستويات سياسيا و اجتماعيا و اقتصاديا و ثقافيا ، و لتحقيق هاتين المهمتين الأساسييتين في إدارة دولة السوفييتات لا بد من سيطرة البروليتاريا على السلطة حتى تصبح الطبقة السائدة ذلك ما تحقق في الإتحاد السوفييتي ، و لتخطي النقص في المقدمات الرأسمالية من أجل البناء ا
8 - بين اللينينية و الإنتهازية
زروال
(
2009 / 10 / 18 - 12:42
)
و يعتبر كتاب :-المادية و المذهب النقدي التجريبي- أروع ما أنجزه الرفيق لينين على المستوى الفلسفي و المعرفي و هو عبارة عن أطروحة متكاملة حول المادية و الدياليكتيك المادي ، الذي استطاع من خلاله دحض -الفكر التجريبي- الذي قاده ماخ ضد الماركسية في محاولة لتجاوز خلاصاتها المادية ، و صاغ الرفيق لينين أسس المادية باعتبارها -مقولة فلسفية للإشارة إلى الواقع الموضوعي- كما قال عبر محاكمة المنطلقات المثالية الذاتية لفكر ماخ ، وصولا إلى وضع مفهوم جديد للمعرفة باعتبارها -عملية تطور الحقيقة النسبية إلى حقيقة مطلقة- معارضا بذلك مقولة النسبية و زوال المادة التي حاول الماخيون الترويج لها ، و توصل الرفيق لينين إلى أن الواقع الموضوعي موجود خارج الذات و أنه -تعكسه إحساساتنا ، و هو موجود بصورة مستقلة عنا- كما قال ، مما يجعل فهم المادية/الواقع الموضوعي يختلف حسب قدرة المناضلين على إدراكه ، هذا الواقع الذي لا يتغير و لا يتبدل إلا بمدى قدرتنا على فهمه من أجل القدرة على تغييره ، عكس فهم الإنتهازية التحريفية للواقع الموضوعي الذي تعتبره مجالا للإنصهار و الإندماج في سيرورته وفق موازين القوى التي تتحكم فيها البورجوازية يمدعين أنها هي المحدد الأساسي للنضال ، الشيء الذي حولها إلى أداة أيدسولوجية لتمرير المفاهيم البور
9 - الحركة الماركسية اللينية المغربية
صالح
(
2009 / 10 / 18 - 12:44
)
ما أحوج الماركسيين اللينينيين المغاربة اليوم إلى النضال الأيديولوجي ضد أوهام البورجوازية التي تعمل جاهدة و بكل الوسائل المتاحة لها على نشر أفكار المثالية الذاتية الحديثة ، ساعية وراء ذلك إلى بسط سيطرة هذه الأفكار على عقول المناضلين الماركسيين اللينينيين في أزهى مراحل الرأسمالية الإمبريالية ، معلنة بذلك حربها على المادية منذ سقوط جدار برلين بعد إطلاق مقولتها المشهورة -نهاية التاريخ- و تجاوز مفهوم الثورة الإشتراكية ، و في أزهى أزمات الرأسمال المالي التي تعيشها الرأسمالية الإمبريالية تحاول البورجوازية استغلال الإنتصارات المرحلية للثورة المضادة ضد المادية ، و في عصر الإنحطاط و التفسخ الفكري على جميع المستويات الفلسفية و العلمية و الأدبية و الفنية بعد طفرة العلوم الطبيعية تسعى المثالية الذاتية الحديثة إلى دحض المادية التي صاغها الرفيق فلاديمير إيليتش لينين ، ففي كتابه القيم -المادية و المذهب النقدي التجريبي- صاغ أسس المادية في مواجهة أفكار أرنست ماخ الذي حاول الرجوع بالفلسفة المادية إلى ما قبل الإشتراكية الطوباوية ، إلى عهد جورج بركلي و دافيد هيوم لنشر أوهامهما الفلسفية ، في محاولة للعصف بالماركسية في اتجاه المثالية الذاتية و السوليبسيسم بعد انبهاره بالإكتشافات العلمية في مجال العلوم الطب
10 - اين تعليقي
ابو حيدر
(
2009 / 10 / 18 - 23:47
)
ين تعليقي لماذا لم ينشر لليوم الثاني
هل هنالك انتي ساميه في لجنة التحكم عجيب وغريب
.. رولكس من الذهب.. ساعة جمال عبد الناصر في مزاد
.. Socialism 2024 rally
.. الشرطة الألمانية تعتدي على متظاهرين مناصرين لغزة
.. مواطنون غاضبون يرشقون بالطين والحجارة ملك إسبانيا فيليب السا
.. زيادة ضريبية غير مسبوقة في موازنة حزب العمال تثير قلق البريط