الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم يكن (داخل حسن ) سويدياً !!

سعد الغالبي

2009 / 10 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كما هو الهور ..كان عراقياً

حين مكث (الهور) في مكانه الأزلي ليسكن في ارض الجنوب منذ الآف السنين، لم يكن في نفسه حاجة للتمني بأنه سوف يرحل عبر المسافات يوماً ما ليستقر في أرض غربة " السويد " مثلاً .. رغم إنه لا زال يعيش محنة الغربة في وطنه .

فلوكنت ماراً بجواره يوماً ، وسألته : لماذا هذا الأصرارعلى البقاء في هذا المكان لا تبارحه ؟
سوف يقول :لأن طيور كُل الدنيا تأتي لتستقرفي بقعة تعشقها وهي عندي منذ الأزل ، ومادمت أرى الطيور تفعل ذلك ، وقد علمها الرب ، فلماذا إذن الرحيل ؟

فلو كنت ماراً بجواره ثانية فسألته من علمك الغناء ؟
فسوف يجيبك قائلاً : حين إستمعت يوماً الى من سكنني ، الى ترنيمة أمٍ تئن ، حين كان مفتاح يومها الصبر ، وخواتيم ليلها الصبرهي ترقد بجوار شيخ يؤدي صلاة أساسها محبة الله ، عندها قررت تعلم الغناء ، ومنذ ذلك الحين ، أصبحت أنا من علّم كل اللذين رحلوا عني أغاني الفرح في أشد حالات حزنهم وحزني ، فذهبوا يجوبون البلدان ، ويرددون أغاني داخل حسن في صبرهم في أرض السويد ،ولكن ، وأنا أستمع اليهم من بعيد لم يكن ( غناء داخل حسن) الذي يرددوه غناءاً سويدياً ، لأني أنا الهور من علّم داخل حسن الغناء، فأصبح غناءه يشبه كُل الغناء ..ولكن غناء كُل العالم لا يشبهه ، وهكذا أنا عشت ، أشبه كُل العالم ولكن العالم لا يشبهني لذلك فالعالم يعرفني من اكون .

فلو كنت ماراً بجواره مرّة أخرى، ربما تسأله من تكون ؟
فيجيبك قائلاً : أنا أول من دون اول سطر من الكتابة على ظهر وروده ، وحمل مائي سفن الحضارة الأولى ، وإن أصبحت يوماً بلا ماء ، سيبقى ترابي يحمل إسمي وأظل أحتفظ بأسماكي ، لأن بيوضها لاتموت وهي نائمة في ترابي .
وأظل أردد أمنياتي لكل المارين بقربي .. كانت أمنيتي أن أخبركُل اللذين رحلوا ، إنني لم أعد أرى كردياً يأتي بقربي ، ولم يدعوني أحد لأشارك في عرس مقام على الجبال ، لأغني لهم أغاني داخل حسن التي علمتها إياه .
أنا الهور .. كانت أمنيتي أن أخبر كل اللذين رحلوا عني إن كركوك لا تستطيع النوم ، لأن قُطاع الطرق منتشرين ، وأخشى أن يمنعوني من الدخول ،لأنني أريد أن أقول للنساء والأطفال هناك ، إن كل حياتي تأتي من أرضكم ، فلا تشاركوا في قتلي، ثم لأقول للأطفال والنساء قبل الرجال ، مثلما كنت أقول ، ما كان داخل حسن ليكون إلا عراقياً ، فلم تكن كركوك يوماً ، تركمانية أو كردية أو عربية .. بل كانت عراقية .

أنا الهور .. كانت أمنيتي أن أخبر كل اللذين رحلوا عني ، إني لم أعد استطيع الوصول الى البصرة لأن أوصالي قد تقطعت ، وأصبح مثلي كمثل بحارة الفاو حين جردوا فسكتوا عن غناء البحر ، فبات نهار صيدهم موحشاً ، كوحشة العشار ، حين غادرها "حميد البصري وشوقية " وتركوا أطفال البصرة لا يتذكرون إبتسامتها وضربات أوتار عوده ، ولا يسمعون صوتها والْحانه.
أنا الهور.. بت أخشى أن يضيع ميراثي الذي لا يشبهه أي ميراث .. فلا استطيع أن أفعل أي شي سوى معرفة موعد رحلة العائدين .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد