الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرية الصمت ... أول الطريق الى الديمقراطية .. أم هي المقبرة لها !؟

سعد الغالبي

2009 / 10 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في البلدان االتي تمر حياة شعوبها بفترة من الزمن ، وطول المدة تعني الكثير ، وقد تلظت بنيران سلطة النظم الدكتاتورية ، فإن تلك الشعوب تظل على الدوام في إنتظار القادم من الأيام ، والتي ربما تحمل بشارة اليمقراطية لتكون كنظام للمارسة في الحياة السياسية ، وما يظهر من نتائج إيجابية نتيجة تلك السياسة ترتقي بالنهاية بالحياة العامة لمواطني ذلك البلد .

لو إنحدر الحديث بي الى الأمة العراقية ، وتم إستعراض زمن العراق الحديث ، لرأينا العجب في كيفية توالي الأنظمةالدكتاتورية التي حكمت العراق وشعبه ، وكيفيــــة وصول تلك الأنظمة الى مركز القيادة ،ومن ثم الإلتصاق بكرسي الحكم والقيـــــادة ذلك الإلتصاق الإلتصاق الذي يخالف كل القوانين الفيزياويةالتي يندرج تحتها أي إلتصاق .
القيادة في النظم الدكتاتورية والتي حكمت العراق كانت تستند الى نظرية بسيطة جداً ، وتلك النظرية مفادها " إنهض من فراشك ، وعاقب شعبك مباشرة ودون تفكير "والعقاب يتم بدون سبب يذكر ، فقط عاقب لأجل العقاب ، والذي يكون ، سوف يكون مرهون بفكرك أيها الدكتاتور .. فراح البعض منهم يعمل بالفكرة القديمة " فكرة التجويع " في كل شيء ، في الثقافة ، أو الخبر على حد سواء ، وما إن لم تستطع فكرته تلك في أن تؤتي ثمارها ، قرر أن يجهز الجيوش لمعركة تبقيه يمتلك الوقت الذي يجعله حاكم قائم في مكانه لوقت يظنه سيكون طويل .

ذلك ماكان يفكر به آخر دكتاتور حكم العراق بقوة لا تضاهيها أي قوة حكمت في بلد ما من بلدان الدنيا ، لذا أصبح لزاماً على الشعب المحكوم في ظل هذا الحاكم أن يلتزم (الصمت) وإن كان شعب حي ، ولكنه إنحدر نحو حالة الصمت ، رغبة منه للتكيف ، ليحفظ حيويته تلك من الفقدان .
وبمرورالأيام يتقن هذا الشعب المنهاج العملي لنظرية الصمت تلك ، لدرجة يحتار فيها الدكتاتور وأعوانه لما يحصل من حولهم ، ففي زمن الصمت ، يصبح كل شي مفضوحاً أمام عيون من يمارس الصمت ، لإختفاء وجود السواتر التي تمنع الرؤيا ، لأن كل المتحدثين في الجانب المقابل للصامتين في وقتها ، قد قالوا وفعلوا كل شي ، لأمتلاكهم مفتاح الأمان في زمن قد ظنوا إنه زمنهم . ولأن شروط تنفيذ بنود تلك النظرية تختلف من مكان الى آخر داخل البلد الواحد ، وبذلك تصبح فكرة إيجاد الحل بالنسبة للدكتاتور لكي يفهم لما يحصل من حوله مهمة صعبة للغاية .
ربما يقول أحد الرافضين لموضوعة الصمت تلك ، إن الصمت لم يكن سوى بداية إستسلام الكامل !
فيأتي الجواب ، ولكن الإستسلام يعني فقدان الحيوية ومن ثم الموت لكل شيء حي
ولكن الذي يعمل بصمت ، رغم كثرة أوجاعه ، لازال يمتلك الحيوية التي تبقيه سائراً ويراقب بشدة ما يفعله الحاكم الدكتاتور ، ويرصد حالات القوة وأماكن الضعف التي تحصل لديه ،وهذا ما حصل فعلاً ، إذ حينصمت شعب الأمة العراقية
طوال سنين طويلة ، قد عرف أين مكامن القوة في النظام الدكتاتوري الذي يحكمه
فعمل على إضعافها تماماً ، وعرف أيضاً نقاط الضعف فيه ، فإستفاد منها ، ولذلك حين إستطاعت قوات التحالف الدولي أن تمر بجوار المدن لتصل الى مقام راس النظام الدكتاتوري ، ما هي إلا تطبيق لما سبق الحديث عنه .
ولكنثمةسؤال آخر ، لماذا كل هذا الصمت والإنتظار في زمن الدكتاتور ، لماذا لا تندلع ثورة ؟ فيأتي الجواب على ذلك : ـ
أولاً ــ زمن الثورات الشعبية قد إنتهي لسبب قد عرفه الجميع ، مفاده إن كينونة أي دكتاتور ما ، ترافقها قوة بطش لا تعرف أي معني للأشياء سوى البطش وتحطيم كل شي يقف في طريق مسيرة الحكم الذي إختاره الدكتاتور .
ثانياً ــ لو حدث وقامت ثورة ما في ظل الحكم الدكتاتوري ، فعادة الشعوب الثائرة لاتتفق على إختيار قادتها مسبقاً ، لذلك سرعان ما ينتهي عنفوان الثورة ويتلاشى ، ولو حدث أن تم توكيل مهمة قيادة الثورة الى أشخاص بعينهم ، فهؤلاء سرعان ما ينقضون بإلتزامهم ليكونوا محل الدكتاتور الذي رحل جراء ثورتهم (حسب ظنهم) ليأخذوا كل شي .
ولذلك يقرر الشعب أن يلوذ بالصمت والإنتظار الحقيقي لمعجزة تزيح هذا الدكتاتور من كرسيه ، وتلك المعجزة والتي ما كان لها أن تحدث لولا خطأ ، ولو كان صغير ، قد إرتكبه الدكتاتور بالتزامن مع حالة الصمت التي يعشيها الشعب ، ولكبر ظن الحاكم بعظمته ، يصبح ذلك الخطأ قاتل .
وهذا ما حصل بدكتاتور العراق ، ففي العام 2003 ، حين سقط صنم الدكتاتور في صباح أحد الأيام ، سمعنا وفي نفس الساعة منادياً يقول ، قد جاء زمن الديمقراطية الذي تم إنتظاره ، وفي وقتها عرفت أن الشعب قد أقحم نظرية جديدة في علوم السياسة مفادها " إن الشعب يمكن أن ينتصر لو إتخذ الصمت سلاحاً له " .بعدأن أقتن هذا الشعب العمل بتلك النظرية تماماً .

وبمرور الأيام أصبح المنادي يقول إن الديمقراطية " هي اللعبة الجديدة " بدل الصمت ، واللاعب بها يمكن أن يخسر المباراة ، ولكن في النهاية لا يوجد خاسر، لو إلتزم الخاسر بشروط اللعبة ،وأهم شروطها ، أن تذهب الى بيتك مرتاح البال ، لتأتي في الصباح لتمارس اللعب مجدداً .
وبمرورالأيام أصبح اللعب صعباً في ملعب الديمقراطية ، فا للاعبون قد تدربوا في ملاعب مختلفة ، تختلف بإختلاف مدراسها السياسية ، لذلك حدث أشبه ما يكون بصراع السياسات ، ونتيجة لذلك الصراع ، غابت الديمقراطية في دهاليز معتمة ، ليحل محلها في الحياة العامة حُكم البدلات والسيارات العسكرية المصفحة وقد عادت من جديد ، ويكون تصريح الناطق العسكري هو الأهم .
قديماً تشكل دليل مفاده أن هنالك تنافر دائم بين حكم الديمقراطية والبندقية ، إذ اساس الثانية ‘نها تستخدم في تنفيذ حكم العسكري ، والعسكري ينتمي الى عالم إسمه الجيش ، والجيش يكمن في تعريفه الأزلي المعروف في العراق "إنه كائن ضعيف يستمد قوته من الضبط العسكري " .
والذي يحدث يقود الجميع الى الطريق القديم ـ الجديد ، وهو طريق حكم "العسكر" لمجتمع مدني قد تبنى مبدأ الديمقراطية حياة له ، وفي هذا خوف أكثر رهبة من إنتحاري مجرم يحاول تفجيرنفسه بين السائرين في شارع ما.
رغبة البعض (ممن يضمرون الشر) في عودة الخوف مجدداً في النفوس ، وإنتهاج ذلك كسياسة يتم الترويج لها ، هي رغبة مدمرة للقضاء على ملامح الأمل التي بدأت تتكون وبسرعة ، هنا وهناك .
فحين تعلن الشرارة الأولى لقتل الديمقراطية من البعض من رجال الشرطة (وأظن إنه يحدث دون علمهم بالنتيجة السيئة لذلك ) وهم يحملون الهراوات اثناء سيرهم في الشارع يلوحون بها بمتعةٍ تشبه رغبة الإنتقام من خصم ، هي تطبيق فعلي لسياسة الأشرار .. ولا أظن حين خرجوا أفراد الشرطة هؤلاء من ثكناتهم كي يلتقوا السائرين في الشارع ، إن أحداً من قادتهم قال لهم : كونوا أكثرحذراً وأنتم تتعاملون مع السائرين ، وأخفوا أي شيء كونكم تنشرون النظام الذي يسمح للجميع الخروج من بيوتهم ، ليعودوا اليها آمنين .. ولو عرفوا ذلك ، فذلك هو أول الطريق الى الديمقراطية .. ولن نكون بحاجة الى نظرية صمت جديدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد