الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجريمة

علي شكشك

2009 / 10 / 17
حقوق الانسان


لها لسان وتتحدث, وهذا من أساليب التعذيب التي تمارس ضدنا, ذلك أن المسرح مُعَدٌّ لها بعناية, فالمقاعدُ متراصّة والديكور مخملي والستائر مسدلة والمنصة ملكية والكاميرات مشرعة والميكروفونات مكدّسة والجمهور صامت, عيونٌ معلقة وابتساماتٌ منافقة والصمتُ مدوٍّ كالجحيم,

صلاة في بهو التاريخ, لا تَنسى في نهاية التراتيل أن تُوقّعَ بسيف الاقتدار على اللغة والأرض واللاجئين ببعض آياتٍ من العهد القديم, كأنّ استحضار النغم والإبهام يشفي الغليل ويبعث رسائله عبر الزمان, فلربما موجات العصر الحديث كما في المكان ترتدّ أيضاً في الزمان, يسمعها الآباء الأولون, ويموتون,

وبنظرات لا تخلو من يقين أنّ المستمعين لا يصدّقون, لكنهم يُصغون, بحكم اشتباك الروايات وكيمياء المذاهب والأيديولوجيات, وامتزاج الدين بالقوميات, واحتقان التاريخ بشتى المواقف والترسبات, واحتكار العذاب والجيتوهات, كان يمعن في التمثيل بِوجْدِنا وضمائرِنا وأسماعِنا, واعياً لألَمِنا, متلذّذاً بنا, وبانفطار أرواحنا,

"وحين تقرب مدينةً لكي تحاربها استدعها للصلح, فإنْ أجابتك إلى الصلحِ وفُتحتْ لك, فكلُّ الشعب الموجود فيها يكون للتسخير ويُستعبدُ لك, وإن لم تسالمْك بل عملت معك حرباً فحاصرْها, وإذا دفعها الربُّ إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحدِّ السيف, وأمّا النساء والأطفال والبهائم وكلّ ما في المدينة كل غنيمتها فتغنمها لنفسك",

كان علينا أن لا نجدَ أحداً, فلماذا كانوا قبلنا هناك؟, تلك جريمتهم التي سيدفعون ثمنها, وقد أردنا تصحيح التاريخ وإعادة الأمور إلى جادّة المنطق والصواب, فكان يجب أن نقتلهم عن بكرة أبيهم ولو كان إسماعيل, لكي نُطهّر التاريخَ بأثرٍ رجعي, فيكون عندما نكون قد وصلنا أنهم لا يكون, فكيف يكونُ إذاً أنهم كانوا قبلَ أنْ نكون؟,

وكان يجب أنْ يخرجوا من الذاكرة, وأطالس البلدان, وألّا يلبسوا الصلبان, فقد كانوا غير كائنين, وكانوا شعباً في أرضٍ بلا شعب, كانوا فلسطينيين, فأردنا أن يكونوا لاهناك, أليس هذا عين العمى وضميرُ الجريمة؟, فكيف تدعوننا عنصريين ونحن لا نميز بين جوييم وجوييم, فلا يجوز أنْ تمارَسَ الفضيلة, وأنتم تعلمون أو لا تعلمون أننا المفضلون,

فأصغوا رغم أنفكم إلى صوتكم, يخرج من صمتكم, فما أنا إلا اشتهاء الجريمة فيكم, المهيمن عليكم, والسائد في أزمنتكم, وكل قراراتكم تسري فقط عليكم, فلستم من جنسي ولست من جنسكم, ولكن عليكم أن تنتظروا نبياً ينصرنا عليكم, أن تعلنوا إقراركم بأنكم غير مؤمنين, كي نظلَّ وحدنا ننتظر الرسول, وحينما يجيء ننقض الرسالة ونقتل الرسول, كي نظلَّ وحدنا ننتظرُ الرسول, بل إنّهم مسؤولون عما فعلناه بهم, الكنعانيون, سنحذف اسمهم من التوراة, وليكفّروا عن خطاياهم ويقتلوا أنفسهم قبل أن يقروّا بيهوديّتنا, لأننا بدون ذلك لن نكون, ملخص الحكاية, كما كنا من البداية, سنختم الرواية ونحرق الفصول, ونقطع الرسالة ونقتل الرسول, .. وننتظر الرسول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال 300 شخص في جامعة كولومبيا الأمريكية من المؤيدين للفلس


.. ماذا أضافت زيارة بلينكن السابعة لإسرائيل لصفقة التبادل وملف




.. لحظة اعتقال الشرطة أحد طلاب جامعة ييل الأمريكية المتضامنين م


.. اشتباكات واعتداءات واعتقالات.. ليلة صعبة في اعتصام جامعة كال




.. تقرير: شبكات إجرامية تجبر -معتقلين- على الاحتيال عبر الإنترن