الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فاس تكرم الدكتور محمد بودويك.....الشاعر الذي لا يحصى

ادريس الواغيش

2009 / 10 / 18
الادب والفن


فاس تكرم الدكتور محمد بودويك.....الشاعر الذي لا يحصى
ذ/ إدريس الواغيش
فاس / المغرب

أن تركب (مركبة السنجاب) مع الشاعر محمد بودويك ، يعني حتما ركوب بحر الشعر ، فتصبح كل بحوره هادئة ومطيعة ومسالمة ، لكن ستصبح الزرقة في المقابل ، أكثر غمقا وعمقا . لذلك لم يتردد أحد في امتطاء مركبة السنجاب ، عشية يوم السبت 03أكتوبر 2009 بدار الثقافة ، مبحرين إلى عوالم الشاعر الأمير. الإعلامي محمد شرو قدم للحفل باحترافية كبيرة ، ليتسلم بعده الشاعر عبد الرحيم أبو الصفاء دفة تسيير هذه الأمسية التكريمية. أكثر من اسم لامع كان هناك ، وكل أصدقاء محمد بودويك الشاعر والإنسان ، في زمن أصبحنا نبحث فيه عن إنسانيتنا في أرشيفات الكتب القديمة.
الشاعرة أمينة المريني عن محترف الكتابة بفاس ، منظمة هذا التكريم ، أشارت إلى أن الهدف من وراء هذه المبادرات ، هو تقريب الناشئة من الرواد في شتى المجالات ، مؤكدة أن بودويك ينتصر في شعره للتراث ، ويبنيه بناءا جديدا ، غامض في جزئياته ، لكن جماليات قصائده تفشي سر هذا الغموض.
الأستاذ سلام أحمد إدريسو عن حلقة الفكر بالمغرب ، أفرد تدخله لعناصر التشابه والاختلاف في شعر بوديوك ، مع غيره من الشعراء ، في تشكيل سؤال الشعر. مشيرا إلى تكريم سابق ، لإمام شعري آخر، يتعلق الأمر بالشاعر الدكتور عبد السلام المساوي ، فالشاعر يبقى في كل الأحوال إمام اللغة وطبيبها.
خديجة زكي عن المنتدى النسائي بفاس ، أكدت أن انخراط المنتدى في المشروع ، جاء في إطار الاهتمام بالكتابة الشعرية ، وقدرتها على الابتكار ، وتنمية الحافز لدى الأجيال للاستماع إلى الآخرين ، بحثا عن الذات وتطهيرها من الجهل والتخلف والتطرف الفكري. معتبرة أن الشاعر محمد بودويك قامة شعرية ، تقوم له الكلمات من خلال آلامه وآماله .
مداخلة الشاعر/ الناقد الدكتور عبد السلام المساوي جاءت تحت عنوان (الشهد والعبير) ، وهي قراءة عميقة لديوان بودويك الذي صدر مؤخرا تحت عنوان (امرأة لا تحصى) ، مؤكدا بذلك أن الشاعر لا يفهمه إلا شاعر مثله ، مشيرا إلى أن عمر بوديوك الشعري يغطي كل مراحل القصيدة المغربية ، من أواخر السبعينات إلى اليوم ، وأن مشروعه الشعري هو انفتاح على كل الاهتزازات الاجتماعية و السياسية و الأدبية التي عرفها المغرب ، مشيرا إلى أن قصيدته تعتبر نموذجا للقصيدة الحديثة ، فنيا و بناء و رؤية . كما أنه استطاع بحسه الشعري واللغوي القدير والمقتدر أن يطوع اللغة ، ويخضعها لمتطلبات القصيدة ، باحثا باستمرار عن الجمالية في كل الزوايا المظلمة من اللغة ، والتي لم تكشف بعد. كما أنه يعتصر الشهد للإفصاح عن الكلام الكبير ، الذي يصلح لتغيير العالم. (امرأة لا تحصى) ديوان يشي بأن الشاعر أمسك بلجام دابة الشعر، موجها إياها إلى التخوم التي لم تطرق. كما أن الشاعر بودويك ظل يبحث دائما عن المرأة الشعرية التي يتوق إليها ، مشتغلا بالقلم واللغة ، كما فعل بيكاسو بالفرشاة والألوان مع امرأته التي تزين غلاف الديوان ، وهي ذات المرأة التي ربما نكلت بالشاعر ، كما قد تنكل مستقبلا بكل قارئ افتراضي يمر من هناك. مع بودويك كما قال المساوي ، نستمتع بلذة صوفية ، من خلال لغته الشعرية ، فتصبح معبرنا إلى عالم المرأة التي نتوق إليها ، ككائن بأصابع من هواء ، إذا ما نحن ابتهلنا ابتهالات شعرية على طريقة محمود درويش (أنا من رأى غده ، إذ رآك...).وهنا كان علينا أن نفرق بين المرأة كذات لغوية / إمعان في الهوية ، أو الأنوثة التي تضارع الفحولة. الشاعر/النقاد المساوي اعتبر المقطع الأخير من قصيدة (امرأة لا تحصى) التي سمي الديوان بها ، خميرة القصيدة بأكملها .
الناقد محمد قنوش في مداخلته النقدية الثانية ، لاحظ أن المتتبع لنصوص بوديوك ، يجد صعوبة في القبض عليه ، لأنه يحكم نصوصه ويقفلها بإحكام ، خصوصا في ديوانه (يتبعني صفير القصب) يبدأها بأفعال وليس بأسماء ، كما جرت عليه العادة ، مع توظيفه التكرار كأداة للتأثير في النفوس وتكرير الحروف و الصفات والأفعال، وهو تكرار متباعد لا ينقص من جمالية النص. شعريات يتراوح المتن فيها بين اليومي / الكوني/ الإنساني مع توظيف جمالي محكم للأساطير والرموز ، وذلك في تناغم كامل دون المساس أو التأثير السلبي على إيقاعية المتن. مداخلة الأستاذ عبد العزيز الفيلالي كانت تحت عنوان : كيف تنكتب القصيدة عند محمد بودويك...؟ ، في إشارة إلى أن كل قصيدة من قصائده ، تكمل ما لم يظهر في سابقاتها.
عبد الحميد عقار رئيس اتحاد كتاب المغرب ، قدمه في سياق عام مسكون بالهم الإنساني ، بحكم أن الإبداع له قدرة تحويلية هائلة للإنسان والزمن والتاريخ . وقد جاء حضور عقار في إطار الاحتفاء بصوت شعري رفيع وقوي الحضور، على الساحتين المغربية والعربية ، يمتاز بتنويع بلاغي وأسلوبي رفيع ، لا يكف عن التحليق في سماء القصيدة ، وفق رؤية عميقة وغير محدودة ، معتبرا تجربته مزيجا من المتخيل والمتعيش والمستلهم ، قليل النشر ، لكنه يعوض ذلك بالعمق والتروي والمزيد من القراءة ، لذلك تأتي قصائده مختمرة ومكتملة وعميقة ، معتبرا إياه رعويا في شعره ، كزميله عز الدين المناصرة ، مؤمن بالتحرر من النمطية والأنمذجة ، مؤصل للإمعان في الإبداع. أما الأستاذ عبد الفتاح الشاذلي من صفرو ، أحد تلامذته ومريديه ، اعتبره في كلمة طويلة ومؤثرة شاعر الاستثناء و الأعماق.
الدكتور فارسي السرغيني رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس ، ألقى شهادة باسمه الخاص واسم زملائه الحاضرين ، مبديا استعداده للتعاون مع كل الفعاليات الأدبية للخروج بباقي الأجناس الأدبية من العتمة ، والاحتفاء برموزها ، ممن لم يأخذوا حقهم في التكريم الذي يستحقونه. الدكتور التازي سعود رئيس جامعة القرويين ، حضر ومعه كل تاريخه الفكري والأدبي ، رغم حالته الصحية وكبر سنه ، ليركز في مداخلته الحماسية على ضرورة هدم الحواجز بين الأجناس العلمية كلها ، من آداب وعلوم ، لخدمة العلم والثقافة بشكل عام.
وكان لا بد للخاتمة أن تكون شهدا وعسلا ، استمع الحضور بكل ما يلزم من خشوع لبهاء الشعر ، إلى كلمة مؤثرة للشاعر الأمير الدكتور محمد بودويك ، شكر من خلالها كل من آزره في تعلمه وعلمه ، كل من شرفه بالحضور من أصدقائه ، وركب معه (مركبة السنجاب) والشعر، ليقرأ في صوت يتناغم مع بحة ولكنة مختومة بسحر قادم من الشرق المغربي ، ويستمتع الحاضرون بالاستماع لقصيدة (لارا) التي لا يكتبها إلا بودويك نفسه :
لم يعد معي لبي
أخذته لارا :
فليت التي أسرتني سقتني
وأبقتني الدهر كله بمعلولا
عليلا معتلا متبولا
أوشوشها قصائدي ودمي
أفتح لها سر الأسرار
وأنثر بين يديها
قلبي مخبولا مقتولا
جميعنا معك في مركبتك ، أيها الأمير والشاعر الذي... لا يحصى ، هنيئا لك بالتكريم.....مزيدا من الإبداع الأصيل والمتأصل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنانة نادين الراسي توبخ أما تعنف طفلها وتضربه


.. عوام في بحر الكلام - الشاعرة كوثر مصطفى تتحدث عن نشأتها وبدا




.. عوام في بحر الكلام - قرأتي شعر إمتى؟.. الشاعرة كوثر مصطفى: ب


.. عوام في بحر الكلام - اتخانقنا معاه.. الشاعرة كوثر مصطفى تحكي




.. عوام في بحر الكلام - دخلتي إزاي عالم الأغنية؟.. الشاعرة كوثر