الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دروس في قمة العشرين

عدنان الاسمر

2009 / 10 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


شهد انعقاد قمة العشرين خلال شهر أيلول الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية متغيرات في الفكر الاقتصادي السياسي للنظام الرأسمالي، وهذه المتغيرات تشير إلى جملة من الحقائق أهمها قدرة النظام الرأسمالي على التكيف مع المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية وتمتعه بمرونة هائلة تؤدي للاستجابة للواقع المعاش ،وإيجاد الحلول للمشكلات التي تواجه ذلك النظام وعدم التقيد بأية معاهدات أو اتفاقيات دولية تتناقض مع مصلحة الدولة في المرحلة المحددة فالأولوية تتمثل بالخروج من الأزمة ولو على حساب الدول والشعوب الأخرى ، فهذا النظام الرأسمالي المتوحش الذي نهب وسلب وأفقر شعوب العالم الثالث وخاض الحروب الاستعمارية ومارس التدريب الشامل ها هو يتراجع بكل سهولة عن صيغة الدول الثمانية ويحتمي بصيغة العشرين كما يسقط اليبرالية الجديدة والخصخصة وفرض سياسات صندوق النقد الدولي التاريخية المعروفة .
وقد اعتبر بعض المفكرين والمسؤولين الاقتصاديين المشاركين في ذلك المؤتمر الذي تصادف انعقاده مع مرور عام على الأزمة الاقتصادية والمالية التي عصفت بالنظم الرأسمالية انه لأول مرة في التاريخ يتم الاهتمام بتأثيرات الأزمة ونتائجها على الطبقات الشعبية في دول العالم ، ونظرا لأهمية المتغيرات التي طرحت في مؤتمر الدول العشرين وضرورة الاستفادة من تلك الدروس في السياسات الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا نستعرض أهم المتغيرات الجديدة وهي :
* طرح بالمؤتمر فكرة تشكيل جهاز إنذار مبكر عالمي للفقر فقد أدرك قادة الدول الكبرى إن الخروج من الأزمة دون تحسين مستوى معيشة الطبقات الكادحة غير ممكن أبدا فالمطلوب انجاز برامج تنموية فاعلة ورفع مستويات الأجور واتخاذ جملة من السياسات المالية والنقدية الهادفة لتخفيض نسب التضخم وارتفاع الأسعار ومكافحة البطالة فالتوقعات لدى قادة المؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد و البنك الدولي) تشير إلى أن مئة مليون إنسان سينضمون للعيش تحت خط الفقر خلال العام القادم
* التأكيد على كافة دول العالم بضرورة الاستمرار في الإنفاق الحكومي لتخفيض مستويات ومدة الركود في الدورة الاقتصادية وهذا معناه إعادة الاعتبار لدور الدولة والتأكيد على أهمية القطاع العام واتخاذ إجراءات حمائية ضد الإغراق واعتماد سياسات لحماية الصناعة الوطنية، وتعزيز دور القطاع الزراعي في الاقتصاد الوطني فالانتقال من نسب نمو سالب أو منخفضة إلى نسب نمو معقولة يتطلب تقليص دور الدولة الجابية ،وعدم إرهاق المواطنين بأنواع متعددة من الضرائب والرسوم والمخالفات بما في ذلك من أثارا خطيرة على القوة الشرائية للمستهلكين .
* التأكيد على أهمية الإفصاح والشفافية وعدم مشاركة المؤسسات المالية والمصرفية في صفقات مشبوهة تتعارض مع الدور الوطني لتلك المؤسسات وضرورة وجود جهاز رقابة خارجية للتأكد من مشروعية البرامج الاقتصادية والتمويلية المختلفة التي تنفذها تلك المؤسسات وهذا يعني التأكيد الصارخ على ضرورة مكافحة الفساد وفضح الفاسدين .
* وضع حد للرواتب والمكافآت الفلكية للمدراء والمستشارين لما في ذلك من خطر يؤدي لإخلال في معادلة توزيع الدخل الوطني ويستنزف قسم كبير من عوائد المؤسسات المالية والمصرفية، والذي يؤثر سلبا على مدخرات المودعين، بالإضافة إلى تأثيره على حجم الودائع لدى تلك المؤسسات حيث يؤدي إلى انخفاض قيمة الأصول والأسهم والعجز عن الوفاء بالالتزامات المالية للدائنين مما يشجع تلك المؤسسات على الاقتراض أو المتاجرة بالمشتقات المالية والمطالبة بوضع لائحة معايير دولية تحدد قيمة الرواتب والمكافآت لكبار المديرين .
هذه المتغيرات الغريبة عن طبيعة النظم الرأسمالية والتي جأت كعوامل ضرورية تساعد على الخروج من الأزمة فالذي كان طبيعي واعتيادي فالبنية الاجتماعية والاقتصادية للنظم الرأسمالية وكان مباحا ومتاحا ومسموحا به أصبح اليوم محاربا وممنوعا وتفرض عليه القيود فلا مصلحة تعلو فوق مصلحة الشعب والوطن والدولة بصفتها الكيان الجامع .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت