الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجربة مسرحية متفردة

رشيد كرمه

2009 / 10 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بصوتٍ أنهكهُ حب المسرح والناس والوطن،وقف (لطيف صالح) المخرج البصري على يمين صالة العرض الصغيرة ليعلن عن جهادية رائعين متألقين تفننوا وبذلوا كل ما يملكون من أجل تقديم عرض مسرحي يستفز ذاكرة الناس كي تنتبه إلى ما يحيق بها من عبث الموت والدمار الذي طال الطفل والكهل الرجل والمرأة الكتاب والصورة,,,,والحديث عن فرقة بابل المسرحية وما قدمته من اعمال مسرحية سابقة شئ وهذا العمل الجاد والمهم شئ آخر , ولعل العروض التي قدمتها الفرقة في بغداد والناصرية رغم ضعف الإمكانات المادية من جهة ومادة أو موضوعة النص وما يعنيه من غياب الأمن ورعب الإنفجارات من جهة أخرى أثبتت للجميع "جمهور ومهتمين بالمسرح" أن الفنان المسرحي( حيدر ابو حيدر) يختط لنفسه مسرحاً مميزاً يعتمد نصاً يعالج وضعاً آنياً قابلاً للحوار وتحريضياً قابلاً لتوسيع دائرة الإهتمام أضف إلى الإقتصاد بالممثلين وإختصاره إلى أقل عدد ممكن ولم ألاحظ غيرهذا في (مسرحية البرقية)و(دم شرقي)و(مملكة الكريستال) وأحسب أنني وعند كتابتي عن أعمال سابقة له كنت قد أشرت الى مايمتلكه من طاقة مسرحية ترقص وتغني وتتحرك ببديهية تقرب الناس للمسرح تحاكيهم والحقيقة أن الإستعاضة بالجمهور وإشراكهم يحفز التفاعل بين الممثل أو الممثلة والمخرج وهذه إيجابية وليست سلبية. لقد نجح العمل( مملكة الكريستال)للأسباب التالية كون أن العمل مستوحى عن نص شعري لشاعر متوقد الذاكرة مجروح ينتمي الى الضحايا من العراقيين لذا كتب قصيدة( عبدائيل)وأحسب أنه حديث مفترض لأبرياء قضي عليهما نتيجة عنف الإرهابيين والذين أذاقوا الناس المرارة والسخط ,أنه الشاعر (موفق ابوخمرة ـــ موفق محمد )من الحلة ,والنص الشعري تحول الى نص مسرحي أعده ( حيدر ابو حيدر) حيث جعل من الشخصيتين الضحيتين في إنفجاريين منفصلين تتحاور من جهة وتسأل من جهة أخرى يطرح العمل المسرحي هذا معاناة مجتمعنا العراقي الذي بات لايعرف متى يحز رأسه ويرمى في حاويةٍ للقاذورات؟ ،كما أنه يطرحُ برمزيةٍ تساؤل اشلاء الإنسان الفقيرةالمودعة في ثلاجات الطب العدلي أو ماصار في بطون الكلاب،حيث يقول(عبدائيل) في اشارة الى العالم الخارجي إن الموت مستنسخ من حياتهم الرتيبة حيث وجبة غذائية واحدة في اليوم لاغير وحينما يمرضون فمستوصف واحد لاغير وكذا الأمر مع الطبيب الواحد والدواء الواحد ولاغرابة في أن يكون دارالعبادة هو المسجد الواحد وكلهم يتضرعوا للإله الواحد, ولكن حينها يأتي من يقتلهم بإسم ربٍ آخر؟وهذا سؤال مهم للجميع. وخصوصاً لأولئك الذين شرعنوا القتل على الهوية أو أشاعوا القتل لمجرد القتل. في أحد مقاطع النص المسرحي تقول الضحية( نضال عبد الكريم): أمي العزيزة ليس المصادفة هي التي قادتني لسوق الكتب لحظة الإنفجار،بل ذكريات سبعينية مجنونة تبحث عن مصادر قديمة ،من أين لي أن أعرف أن عزرائيل دخل السوق ورائي؟ في كل حرب بين جيلين يغتالون أرصفة الكتب , والناس تشتعل أجسادها بزمن النفط الأول وحيث تسربت أحلامها إلى جيوب اللصوص ،يا لسراب الشعارات انها خدعة التائه بين كثبان وطن من الرمال المتحركة، لايعول على وتد يدق فيه ولا على واحة تلوح منه,,,,,,,
لقد حضرتُ قاعة المسرح مبكراً, ووجدت مخرج العرض المسرحي الفنان(سلام الصكَر) كمن يحارب ويسابق الزمن فلقد أستلموا المسرح الساعة الثالثة والنصف وأمامهم ثلاث ساعات لترتيب الإنارة والصوت والمؤثرات الأخرى والديكور, وكاد كل شئ ينجز لولا عطل تقني قبل لحظات العرض بدقائق ألغى عنصر الإنارة تماماً, ولكن إصرارالممثلين وما يمتلكونه من إرادة وموهبة جعلت من حركاتهم ومن تعبير الوجه والجسد والعيون مساقط ضوئية ألقت بشعاعها على كل دائرة المسرح , وصادف أن تكون صالة العرض (المسرح)ارضية حيث الجمهورينظرالى الأسفل مما سهل عليهم متابعة حركة الممثلين، ولوحظ أن جهدأ مميزاً بذلته الفنانة المتمكنة (نضال عبد الكريم) وكذلك ( حيدر ابو حيدر) دون مؤثرات ضوئية وهي لرب ضارة نافعة إذ وبتقديري الشخصي كان إختباراً حقيقياً لهما وتحت الأضواء الكاشفة وأمام جمهور قريب من مكان العرض يلحظ دونما صعوبة تعبير الوجه والإلقاء وتواصل الحوار بينما تابع المخرج(سلام الصكَر) العرض واجما من عطل الإنارة الطارئ , غير أن تصفيق الجمهور وقوفاً وباقات الورد وكلمات الإطراء, والود الذي طغى على قاعة العرض بدد خذلان الإنارة وما من شك أن المؤثرات الصوتية وجهود ( هادي الواسطي ) والعزيز (صلاح الصكر) قد أضافت فضيلة أن العمل المسرحي عمل جماعي أمتع الجمهور الذي شكلت المرأة العراقية الأغلبية في عرض يوم 17 اكتوبرفي مدينة يوتبوري ــ السويد وكان لهذا وقع حسن . تحيتي الخالصة للمسرحيين العراقيين الجياد الذين ما انفكوا يواصلوا الليل بالنهار من أجل إحياء المسرح الملتزم بقضايا الناس والوطن. السويد 18 اكتوبر2009 رشيد كرمة











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نيويورك تايمز: صور غزة أبلغ من الكلمات في إقناع الآخرين بضرو


.. فريق العربية في غزة.. مراسلون أمام الكاميرا.. آباء وأمهات خل




.. تركيا تقرر وقف التجارة بشكل نهائي مع إسرائيل


.. عمدة لندن صادق خان يفوز بولاية ثالثة




.. لماذا أثارت نتائج الانتخابات البريطانية قلق بايدن؟