الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سارة القيس

رياض الحبيّب

2009 / 10 / 19
الادب والفن


دنتِ السّاعة واٌنشقّ القمَرْ *** عنْ غزال ٍ صادَ قلبي ونفرْ
إنّـهُ مطلع قصيدة شهيرة لِاٌمرئ القيس- من بحر الرّمَل- جميلة ومميّزة برهافة الحسّ لدى الشاعر وبأصالة الشّعْر في ذلك العصر المسمّى بالجاهلي. لكنّ بعض الجهات فيما بعد حاولتْ إنكار القصيدة على شاعرها بحجّة أنّ أسلوبها لم يرق إلى أسلوب المعلّقة خصوصاً وأسلوب شعر اٌمرئ القيس عموماً، أمّا السبب الحقيقي للإنكار والقويّ فيكمن في أنّ مؤلّف القرآن قد سرق منها ما سرق مع سبق الترصّد والإصرار – سورة القمر مثالاً، ما حدا بجهات أخرى إلى إسقاط القصيدة من ديوان الشاعر المدوّن على الإنترنت؛ موقع الموسوعة العالمية للشعر العربي مثالاً، كما لاحظت خلال محاولتي العثور على القصيدة هناك.


أمّا بعد فلعلّ اٌمرأ القيس قصد أنّ الغزال الذي خرج لكي يصطاد هو الذي صاد قلبه وامتلكه وشرَدَ به حتـّى فرّ من أفق رؤيته ونفر- فمِنْ أيّة جهة يلوح وإلى أيّ اتجاه يروح؟! لقد دنت ساعة ظهوره بل حانت وإلاّ فلعلّ القمر يجودُ على الشاعر، لعلّه ينفلق عن الغزال، يتجلّى بما فاق الوصف والخيال، تتهادى في أثره الظلال ويرجع القلب بعد صلاة وابتهال-
رُبّما قصد اٌمرؤ القيس معنىً آخر غير ما تقدّم، لكنّ المعنى في قلب الشاعر- كما يُقال.


وأمّا اليوم فقد وقفتُ داخل صالة الإنتظار عبر بوّابة المطار التي تطلّ منها سارة القيس ذات الأسفار متجشـّمة جميع الأخطار. إنـّما وددت قراءة مطلع القصيدة المذكورة ورؤيتها من زاوية حديثة؛ راقبت جوانب الصالة كي أتلقـّف الزاوية التي أتوجّه منها لملاقاتها، لم أكن أعرف متى ستطلّ ولا من أين، لكنّ نظراتي لم تحِدْ عن القمر الذي انشقّ لحظة وصولها ليفاجئني بإطلالتها البهيّة- وإلاّ فما أدراني ما الذي زاد القمرَ بهاءً وروعة في تلك اللحظة:
دنتِ السّاعة واٌنشقّ القمَرْ *** وَصَلتْ سارة ُ ما أحلى الخبَرْ!
قمَرٌ حَدّث َ في روعَـتِهِ *** عنْ غزال ٍ صادَ قلبي ونفرْ

وهذا ما يسمّى بالتشطير، من فنون الشعر المُلحَقـَة بالبحور الستـّة عشر، في علم العَروض، تلك الفنون سبعة:
لزوم ما لا يلزم والتشريع والتسميط والتخميس والتفويف والإجازة، بالإضافة إلى التشطير–
راجع كتيّب “ميزان الذهب في صناعة شعر العرب” لمؤلفه السيد أحمد الهاشمي، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.


هنا ما وَصَل من قصيدة اٌمرئ القيس*

دنتِ الساعة ُ واٌنشقَّ القمَـْـر *** عن غزال صاد قلبي ونـَفـَرْ
أحورٌ قد حـِرْت في أوصافـِهِ *** ناعسُ الطرْفِ بعينـيهِ حَـوَرْ
مرَّ يومَ العيـدِ بي في زينـةٍ *** فرمـاني فتـعـاطى فَعَقــَرْ
بسِهـامٍ منْ لحـاظٍ فاتــك *** فرَّ عني كهشيـم المُحْـتظـرْ
وإذا ما غـاب عنـّي ساعـة ً *** كانتِ السـاعة أدهى وأمَـرّ
كُتـب الحُسْـنُ على وجنتـِهِ *** بسحيق المِسْـكِ سطراً مُختصرْ
عادة الأقمارِ تسرى في الدجى *** فرأيتُ الليـلَ يسري بالقمـرْ
بالضحى والليـلِ من طرَّتـِهِ *** فرْقه ذا النور كم شيء زهـرْ
قلـتُ إذ شـقّ العِـذارُ خـدَّهُ *** دنتِ الساعة واٌنشـقّ القمـرْ

---------------------

وهنا قصيدتي المُعارضة- وزناً وقافية- مهداة إلى الحبيبة- سارة القيس
- إنـّها الزوجة والدنيا، لم يكفّ الشـّاعر عن التغزّل بها، إنـّها الحبيبة قبل الزواج وبعده.

******* سارة القيس *******

(دنتِ السّاعة واٌنشقّ القمَرْ) *** وَصَلتْ سارة ُ ما أحلى الخبَرْ!

قمَرٌ حَدّث َ في روعَـتِهِ *** (عنْ غزال ٍ صادَ قلبي ونفرْ)

سارة ُ القيس اٌستخفـّتْ بالخطرْ *** ظنـّتِ الدنيا قضاء وقدَرْ

يا فؤادي إنـّما جدّ الهوى *** يتـشظـّى كالثـّريّا والمطـَرْ

ذا غزالي فرّ مِنـّي غزلاً *** ومديحاً كلّما حان السّمَرْ

أحمرُ الخدّين ما أحلاهما *** في بَياض ٍ منْ أعاجيب الصّوَرْ

تلتقي حولهما نافورة ٌ *** مِنْ سراب ٍ ما لها مِنْ مُستقـَرّ

خِصْلة ٌ دارتْ على محورها *** تتلوّى في دهاليز الشـّعَرْ

هِيَ في المَدّ وفي الجَزْر يدٌ *** لغريق ٍ بفم ٍ يشكو الخـَدَرْ

كهلالـَينِ أطـَلّا فجْأة ً *** مِنْ تـَحَدٍّ بينَ بَحرَينِ وبَـرّ

في ثنايا رِيمةٍ رُوميّةٍ *** ليس عند البَدْو منها والحَضـَرْ

غلبَ الحُسْنُ على أرجائها *** باٌختصارٍ لتصاميم البـَشـَرْ

--------------

فرّتِ الرِّيمة ُ مِنْ ذئب الفـَلا *** ذات يوم ٍ واٌستعدّتْ للسّفـَرْ

رحلتْ باكية ً منْ بيئةٍ *** تركتْ في نفـْسِها أقسى أثـَرْ

قدْرَ كلبٍ وحمارٍ حَصَدَتْ *** مِنْ سخافاتِ وَضِـيع ٍ مُحتـَقـَرْ

زرَعَ البُغـْضَ بأصقاع الدّنى *** فتفشّى الرّعبُ فيها واٌنتشرْ

كفرَتْ سارة ُ بالدِّين الذي *** حَط ّ مِنْ قيمتها أنـّى عَـثـَرْ

ممّنِ الوحْيُ لكي يخدعَها *** بأساجيعَ وشِعْر ٍ في سُوَرْ

تنزلُ الآي تباعاً هكذا *** شاءَ عِزريلُ بطول ٍ وقـِصَرْ

وُلِدَ الشّرْعُ مِنْ الغابِ وفي *** حَضرة الجنّ بوَيْلاتِ سَـقـَرْ

ليت للمخدوع عَيناً لترى *** خدعة الحَرْفِ وكمْ زاغ البصَرْ

قالتِ الحَسْـناءُ لي واثقة ً *** لمْ يكُ الذئبُ ذكيّاً واٌنتصَرْ

إنّما الخـَلـْقُ غبيٌّ حولـَهُ *** لم يُفرّق بين رَبّ ٍ وحَجَرْ

ذلك الأبيض قـِيلَ اٌسْـوَدّ مِنْ *** قـُبَل ٍ ضاق بها صَدْرُ عُمَرْ

ومن الحَيض زماناً غابراً *** ومن الحَـكّ وأسباب ٍ أ ُخـَرْ

هل دَرَتْ حوّاءُ يَوْماً جنـْسها *** سَيُلاقي ما تلقـّى مِنْ ضَرَرْ

لغـَوَتْ آدمَ كيْ يَقـْـتلها *** قلتُ يا ليتَ غوتـْهُ واٌنتحَرْ

نطقتْ سارة ُ بالحقّ فلا *** وَحْيَ لا تنزيلَ لا جبريلَ مَرّ

سارة ُ القيس اٌستعادتْ رُشـْدَها *** بلسان ٍ عَسَلَاً دَرّ وذرّ

مَيّزتْ خيرَ طريق فسَعَتْ *** تـُعلِنُ البشرى وتزهو بالعِبَرْ

إنها بنتُ الأصول اٌعتصَمتْ *** بيسوع الحبّ والفادي الأغرّ

_____________________

* هو امرؤ القيس بن حجر بن الحارث بن عمرو… الكندي، شاعر جاهلي يُعَدّ أشهر شعراء العرب على الإطلاق، من أصحاب المُعَلّقات السبع أو العشر- مطلع معلّقته:
قِفا نـَبْـكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيب ٍ ومَنـْزِل ِ *** بِسِقـْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُول فحَوْمَل ِ
يمانيّ الأصل، مولده بنجد. كان أبوه ملك أسد وغطفان، يُروى أنّ أمّه فاطمة بنت ربيعة بن الحارث بن زهير أخت كليب والمهلهل اٌبني ربيعة التغلبـيّين. قال الشعر وهو صبي، جعل يشبّب ويلهو ويعاشر صعاليك العرب، فبلغ ذلك أباه، فنهاه عن سيرته فلم ينته، فأبعده إلى حضرموت موطن أبيه وعشيرته وهو في نحو العشرين من العمر. أقام زهاء خمس سنين، ثم جعل يتنقـّل مع أصحابه في أحياء العرب، يشرب ويطرب ويغزو ويلهو، إلى أن ثار بنو أسد على أبيه فقتلوه، فبلغه ذلك وهو جالس للشراب فقال: رحِمَ الله أبي! ضيّعني صغيراً وحمّلني دمه كبيراً، لا صحو اليوم ولا سكر غداً، اليوم خمر وغداً أمر. ذهب إلى المنذر ملك العراق، وطاف قبائل العرب حتى انتهى إلى السّمَوأل، فأجاره ومكث عنده مدة، ثم قصد الحارث بن شمر الغساني في الشام، فسيّره الحارث إلى القسطنطينية للقاء قيصر الروم يوستينيانوس، ولما كان بأنقرة ظهرت في جسمه قروح فأقام فيها إلى أن مات.
ولا يُعرَف تاريخ ولادة امرئ القيس ولا تاريخ وفاته بالضبط، إلاّ أن هناك بعض الأحداث الثابتة تاريخياً وبعض الدراسات الحديثة ممّا ساعد على تحديد الفترة التي عاش فيها حتى توفي سنة 565م بأعلى تقدير. وهنا في الرابط سيرة حياته، علماً أنّ بعضها مدوّن في ويكيبيديا- الموسوعة الحرّة:
http://www.almuallaqat.com/poetDetails.do?poetId=1









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قصيدة رائعة أستاذ رياض
ج ح ( 2009 / 10 / 19 - 03:29 )
أقصد القصيدة المعناة بها الحبيبة *سارة أتمنى أن يكون الآن لقاؤكما دائم ولا سفر بعد الآن...كم سعيدة لكما كليكما وانت الذي يستاهل كل خير....كما أن ما لمٌحتَه عن الشاعر إمرؤ القيس وما جرى لقصيدته من إهمال لأنه منها أُحذت فكرة أعجوبة محمد المزعومة وهي إنشقاق القمر
شيء مؤسف جدا عقيدة تقوم على إندثار وأكتاف الآخرين كما أن
إعطاؤك فكرة عن حياة هذا الشاعر العظيم تُشكر عليها


2 - الي الاستاذ / رياض
bent el sa3eed ( 2009 / 10 / 19 - 04:46 )
سلام لك اخ رياض احببت ان اهنئك بقدوم محبوبتك الغاليه ساره القيس ..ربنا يحميها لك ويسعدكم ..واحييك علي هذه المقاله الرائعه والتي بها معلومات عن الشاعر امرؤ القيس لم اكن اعملها من قبل وقد استفدت جدا منها ..شكرا جريلا لهذا المجهود الرائع


3 - دام حبكم
رعد الحافظ ( 2009 / 10 / 19 - 06:41 )
ودامت سعادتكم أخي رياض الحبيب...المحب والمخلص
أفضل ما نبهتَ عليه هنا , هو طريقة الحرامية التي يلجأؤون إليها
لايكتفون بالأقتباس والتحوير والقص واللزق , بل يمحون إسم الكاتب ويدفنون تراثه لدفن جريمتهم
إذا كان قثم قد فعل ذلك مع شعر إمرؤ القيس ؟
فهل سيتوانى المحدثين منهم الآن عن قص ولصق مايكتبه الاخرون؟
ويتنعمون بحضارة وإنجازات الغرب ويستمرون بوصفهم بالقردةوالخنازير؟


4 - قصيدة رائعة
T. khoury ( 2009 / 10 / 19 - 13:44 )
قصيدة رائعة
ادب وفن رفيع
معلومات تاريخية قيمة
هكذا رياض الحبيب دائما
بحر من العلم والادب السامي


5 - الاخ رياض الحبيب أسم على مسمى
mama ( 2009 / 10 / 19 - 17:28 )
هنيئا لك أخ رياض بالحبيبة سارة
وهنيئا للحبيبة سارة بالحبيب
ما يؤثر القلب ويسعدة الحب والتقدير بين الازواج.وهذا مانطقت بة سطور قصيدتك ولا أخفى عنك أدمعت عينى تاثرا وفرحا لكما
فى رعاية أعظم محب من علمنا الحب والتضحية مخلصا وفاديا للبشرية وراعى صالح للجميع
كل التقدير لشخصك وللحبيبة سارة ولكما تحياتى


6 - قصيدة رائعة
بشارة فرح ( 2009 / 10 / 20 - 05:34 )
من اجمل ما قرأت في هذا الموضوع

ولا ارى شعر الأخ رياض الا بنفس مستوى شعر امرؤ القيس
وهنيئا للاخت ساره التي احسنت الاختيار في الدين وفي الزواج

سلام الرب يسوع معك اخي رياض


7 - الحوار المتمدن ومنهجه الجديد
shaker ( 2009 / 10 / 20 - 23:51 )
كعادتك رائع كم كنت اتمني ان ازاملك في منهجك هذا لكن للاسف لااعرف لماذا المنبر يرفض نشر مقالاتي حاليا فآثرت علي عدم التواصل مع لحوار وانصرفت الي عدة مواقع آخري ودخولي الحوار فقط لقراءة لبعض الكتاب مثل شخصك الكريم ووفاء سلطان وطارق حجي والسيد القمني ومحمد البدري التي اعشق كتاباتهم


8 - ردود 1
رياض الحبيّب ( 2009 / 10 / 21 - 15:03 )
أتقدم في البداية بجزيل الشكر لأسرة الحوار المتمدن الكريمة-
مع محبتي وفائق التقدير
_____________________

الأخت الغالية ج ح
شكراً جزيلاً لك على تواصلك المستمر واهتمامك وعلى وضع رابط القصيدة في موقع كنيستنا هناك. نعم، نشكر الربّ إذ لا سفر بعد الآن إلّا للسياحة. امّا الشاعر الفذ امرؤ القيس فقد استحقّ مني الإهتمام هو وآخرون من معاصريه-
الرب يباركك وسائر أهلك ولك من سارة ومني خالص المحبة وفائق التقدير

-------

الأخت الغالية bent el sa3eed
شكراً جزيلاً لك على اهتمامك ونبادلك سارة وأنا أطيب التحيّات والأمنيات والرب يباركك مع فائق التقدير

-------

الأخ الكاتب رعد الحافظ
أبادلك أطيب المودة والتحية والأمنيات
أمّا بعد فإن عصر المعلوماتية السريعة كفيل بزيادة الوعي والتثقيف وتالياً إرجاع الحق إلى أصحابه-
مع محبتي وفائق التقدير

-------

الأخ الغالي T. khoury
شكراً جزيلاً على تواصلك المستمر وعلى إطرائك الكريم والرب يباركك مع أطيب الأمنيات وفائق التقدير

-------

الأخت الغالية mama
شكراً جزيلاً على اهتمامك وتواصلك المستمر ومحبتك الخالصة وعلى إطرائك والرب يباركك وعائلتك ولك من أختك سارة ومني أطيب الأمنيات وفائق ا


9 - هرطقات
حسين الهاشمي ( 2021 / 9 / 17 - 01:40 )
1- نتحداك أن تثبت مصدر القصيدة وتصحيح نسبتها للعصر الجاهلي عموما و لامرئ القيس خصوصا
2- هذه الابيات غير موجودة في جميع كتب اللغة والأدب المتقدمة على كثرتها
3- هذه الابيات ليست موجودة في الديوان المجموع لامرئ القيس رغم اختلاف نسخه وطبعاته
4- من له اطلاع على الشعر الجاهلي وله ذوق في الشعر يجزم أن هذه الأبيات ليست لامرئ القيس ولا تنتمي للعصر الجاهلي أصلا بل هي من صناعة الشعر العباسي أو الأندلسي
5- تزعم أن المسلمين تعمدوا اخفاءها! طيب أنت اين وجدتها هل في رقم طيني او رقعة جلدية تحقق كتابتها في العصر الجاهلي؟ كما في حالة اناجيل ابوكريفا.
6- ما تقوله ليس سوى هرطقات لا تقل عن هرطقة التثليث

اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان