الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أجهزة الدولة العراقيةإإإ والولاء المزدوج

احمد ثامر جهاد

2004 / 6 / 2
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يتفق الجميع على أن المجتمع العراقي منذ انتهاء الحرب وحتى الساعة ، يمر بمرحلة انتقالية حرجة ، لا على المستوى السياسي فحسب ، إنما على جميع المستويات . وقد تكون عملية إعادة تأهيل أو بناء أجهزة الدولة العراقية الجديدة ، إحدى أهم واخطر مسؤوليات هذه المرحلة ، إن لم تكن اشدها تعقيدا . ففي مثل هذه الظروف الحساسة ، ليس ثمة حل حقيقي فاعل لتجاوز هذه المحنة ، من دون انخراط جميع المواطنين في سعي جاد لانتزاع وطنهم من براثن الماضي وأمراضه وإشكالياته . وبسبب صعوبة عملية البناء بالقياس لعمليات الهدم في أيما مجتمع ، سيكون من الضروري أيضا في مجتمع تعرض لعقود من التجهيل والتشويه ، إجراء محاولات مختلفة لإرساء توعية شاملة ، يمكنها الوقوف بوجه الأخطار المحدقة المتمثلة بانتهاكات كل المتجاوزين والخارجين عن القانون والمنخرطين في عمليات التخريب والعمالة ، لفضح أهدافهم ومراميهم الإجرامية تحت أية مسميات كانت . من هنا نعتقد انه ليس حلا كافيا لبناء جهاز الشرطة - مثلا – أن تقتصر العملية على تزويدهم بالبدلات والشعارات الجديدة وواقيات الرصاص والسيارات الحديثة – رغم أهمية ذلك – بل أن المسألة اكبر من ذلك بكثير ، إذا ما فكرنا بوضع سياقات جديدة محل السياقات القديمة . حينها يلزمنا إشاعة عوامل مواطنة تعي ماهية أمن المجتمع والصالح العام . وحيث أن الشرطة العراقية هي الجهاز الأمني الأبرز حاليا ، خاصة بعد حل الهياكل والمؤسسات الأمنية الأخرى ، يبدو من الخطير أن يشتت هذا الجهاز الوطني تماسكه المطلوب بولاءات يوزعها بين جماعات وأحزاب تتحرك بوحي مصالحها الخاصة غالبا . فقد كشفت الأحداث الأخيرة في النجف والفلوجة وبغداد ومدن عراقية أخرى عن هشاشة أجهزة الشرطة والجيش ، ليس فقط من نواحي الاستعداد والتدريب والتسليح ، وانما من ناحية قناعات هذه الأجهزة بقضيتها . أجهزة حائرة ، لا تعرف من هم الأعداء ومن هم الأصدقاء ؟! وفي ظل الفوضى كهذه يصبح من الطبيعي أن ترى أحدهم يرفع سلاحا بكل الاتجاهات ، بحسب ما تقتضيه اللحظة الراهنة .
رغم ذلك كله من المرجح والمنطقي ألا تبقى هذه الأجهزة الرسمية لوقت طويل ميدانا تنافسيا متنافرا يخضع للأمزجة الشخصية والمصالح الآنية ، بعيدا عن الضوابط القانونية التي تحقق العدالة لكافة أبناء المجتمع . لذا من الطبيعي بالنسبة للأفراد الذين لا يفرقون بين المصلحة العليا للبلد وبين مصالحهم أو معتقداتهم الشخصية ، أن يعاد النظر بأهليتهم لتحمل هذه المسؤولية والتعاطي اليومي معها .
فقد تفكك الولاء الأوحد لدكتاتور العراق السابق إلى تضادات عقائدية عدة اقرب إلى ردود الفعل العاطفي منها إلى الإحساس النقي بالوطنية . لذا فان جهاز الدولة العراقية من المدرسة إلى الجامعة ومن شرطي المرور إلى أعلى رتبة عسكرية هو أحوج ما يكون اليوم إلى امتلاك وعي جديد ، يدرك معنى المسؤولية والوطنية والقانون . وان الوقت قد حان لتعمل المؤسسات الوطنية جميعها انطلاقا من اعتقادها بضرورة بناء عراق جديد يعبر بحق عن نموذج المجتمع المدني ، المتطور والمستقل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -