الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفساد من ثقب قفل البرلمان

سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)

2009 / 10 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


جلسة مساءلة وزير الكهرباء (كريم وحيد) أشرت، وبما يدع مجالا للشك، أن الفساد الاداري والمالي صار ثقافة وسمة للنخب اللاديمقراطية التي استفردت بحكم العراق باستغلال آليات الديمقراطية.
الأمر الثاني الذي أشرته هذه الجلسة، وهو الأخطر، هو بلوغ الفساد، عند هذه النخب، درجة استغلال أهم مؤسسات الدولة والديمقراطية (البرلمان) واحالته إلى مجرد أداة خدمية لتحقيق المنافع الشخصية والفئوية وتصفية الحسابات السياسية بين الكتل والاحزاب المتصارعة على السلطة.
فجلسة المساءلة، ورغم انها كانت تحمل ما يكفي من مبررات الاستدعاء، بل وحتى الادانة، لوزير الكهرباء لتقصيره المتعمد في اداء مهامه ولاختلاساته التي رصدتها ووثقتها النائب (جنان العبيدي) بالأدلة القاطعة، إلا انها أيضا كانت تصفية حساب سياسي (انتخابي) بين كتلتيهما البرلمانيتين، وبالتالي بين مستقبل كتلة وزير الكهرباء وكتلة النائب جنان في معيار صناديق اقتراع الانتخابات المقبلة، والتي لا تفصلنا عنها سوى أقل من أربعة شهور.
مما يؤسف له ان هذه لم تكن المرة الأولى في استغلال هذا الجهاز الديمقراطي، الذي من المفروض انه يمثل المواطن وان يكون عينه الرقابية على أجهزة الحكومة وادائها التنظيمي والخدمي والسياسي للحياة العامة للبلاد، بل هي مرة من (مرات) متكررة ومازالت تتوالى على رأس المواطن العراقي، ومنذ تشكيل هذا المجلس وحتى الساعة الأخيرة من حياة دورته هذه. فهذه المؤسسة هي التي مررت الدستور المختل، الذي مازال موضع خلاف واختلاف، رغم قرب نهاية دورتها هذه، وهي أيضا المسؤولة عن تمرير قانون تكريس تقسيم العراق (قانون النفط والغاز)... وأيضا هي مؤسسة استغلال المناصب الرسمية لغرض الاثراء السريع بتشريع أعضائها القوانين لانفسهم كأغطية تشريعية لامتيازاتهم ومكاسبهم النفعية في الرواتب الفلكية الثورة الصناعية!
فقد استغلت نخب نخب الخارطة السياسية التي أنتجها الاحتلال الأمريكي للعراق قبة هذه المؤسسة لتمنح نفسها أعلى مرتبات لممثليها فيها وإلى درجة انها تخجلهم هم أنفسهم من الاعلان عن أرقامها المفزعة، فهي وحسب التسريبات غير الرسمية تتراوح مابين 25 و30 مليونا، من الدنانير العراقية، كراتب شهري لكل عضو... ومازالت بعض الكتل تطالب بتشريعات اضافية لرفعها إلى 40 مليونا! (في لقاء على قناة البغدادية العراقية حاول الزميل حميد عبدالله انتزاع اعتراف من النائب عبد مطلك الجبوري بمقدار هذا الراتب فتهرب النائب الجبوري بدعوى انه لايعرف كم هو راتبه من مجلس النواب، لأنه لم يستلمه بنفسه ولو لمرة واحدة وانه يتحول اوتوماتيكيا إلى حسابه في المصرف)!!! هذا المثال أسوقه هنا لأنه يقودني إلى مثالين آخرين في الشأن نفسه، ولكنهما متناقضين في الوجهة والهدف.. الأول هو المخصصات التي يفرضها هذا المجلس لسفرات أعضائه إلى خارج العراق، والتي بلغت لشخص رئيسه السابق، محمود المشهداني، في سفرته إلى ايطاليا (400 ) أربعمائة ألف دولار أمريكي لأيام زيارته لهذه الدولة الاوربية، والتي لم تزد على أربعة أيام؛ أي بمعدل مئة ألف دولار أمريكي لليوم الواحد فقط، ولشخص رئيس المجلس وحده من غير مخصصات باقي أعضاء الوفد!! علما ان المعلومات تفيد ان مدة اقامة المشهداني في سفرته تلك كانت على حساب السفير الايطالي في بغداد!
المثال الثاني هو عن النائب الدكتور اياد علاوي، رئيس كتلة القائمة الوطنية العراقية، الذي لم يتقاض راتبه من مجلس النواب من لحظة دخوله له ولغاية حادث تفجير جسر الأئمة والذي تبرع به لعوائل ضحايا ذلك التفجير الاجرامي.. والمعلومات المتوفرة لدي تقول انه لم يتقاض راتب أي شهر للفترة التي تلت ذلك الحادث وإلى يومنا هذا... والدورة الانتخابية تشارف على نهايتها.. كما وانه، وفي احدى زياراته الرسمية لاحدى الدول وجد ان مخصصات الوفد المرافق له كبيرة فأمر بوقف صرفها ودفعها من ماله الخاص، رغم انه كان في زيارة رسمية ولشأن يخص الدولة العراقية.
فإلى أي مدى يبلغ فساد نخبنا السياسية يا ترى في الوزارات وباقي المؤسسات والدوائر التابعة لها، اذا كان فسادها تحت قبة البرلمان، (جهازها الرقابي كما تدعي) في مثل هذه الحالة؟! وأي جهة ستحاسب من جعلوا من أنفسهم عينا للشعب على أمانة الوزير والمدير والموظف الصغير؟
... وبذكرك الطيب أستعين يا سيدي الامانة يا عمر بن عبد العزيز!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأميركيون العرب -غاضبون من بايدن ولا يطيقون ترامب- | الأخبا


.. اسرائيل تغتال مجدداً قيادياً في حزب الله، والحزب يتوعد | الأ




.. روسيا ترفع رؤوسها النووية والناتو يرفع المليارات.. | #ملف_ال


.. تباين مواقف الأطراف المعنية بمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة




.. القصف التركي شمالي العراق يعطل انتعاش السياحة الداخلية الموس