الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحمار والمائدة المستدير

محمد جهاد

2004 / 6 / 2
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


لم اكن قد اجتزت الخامسة حتما في ذلك اليوم لأن الأولاد الذين كانوا يحملون الحقائب على اكتافهم ويذهبون بها الى المدارس بالنسبة لي هي آخر مراحل الفروسية وحلم أبعد من ان يُنال قريبا. وكذلك خطواتي القصيرة لم تكن لتتيح لي روية شيء ابعد من عتبة الدار بكثير وهكذا كنت فارس عتبة الدار فقط. في ذلك اليوم وعند باب الدار كان اللقاء الاول بيني وبينه وما اجمل اللقاء بغير ميعاد. رغم انهم كانوا لايسمعونني الكثير من الحكم والاساطير عن هذا المخلوق العجيب ولكنه في تلك اللحظة كان مثلي الاعلى. انه حمار ابو كريم ألرمادي الذي يحمل ابو كريم واشيائه ثم يمشي متبخترا وانا اسمع من بعيد لطم ارجله الاربعة كانها قيثارة الزمان ولا تصدر عنه تلك الحركات السخيفة التي كانت تصدر من ابو كريم عندما كان يجبره على المشي... انه وببساطة حمار ابو كريم ألرمادي. لم اكن قد استوعبت منازل المخلوقات بعد ولكني وبكل بساطة كنت اتخيله شيئا انبل من البشر ورمزا لا يضاهيهه رمز او عَلمْ بل وحتى صورة الملك التي كانت تجبر كل من كان في صالات السينما بالوقوف لها عند عرض السلام الملكي قبل عرض افلام اسماعيل ياسين او غيره ان ذاك، ايها الناس انه حمار ابو كريم ألرمادي. ربطه ابو كريم باحدى القطع المعدنية الناتئة بباب الدار وتركه ودخل فنال مني كل احتقار كيف لابو كريم ان يقوم بهذا العمل بل كان يتوجب العكس ولم لا فرأس الحمار اكبر بكثير من رأس أبو كريم و مزايا اخرى كثيرة اخذت مني كل الوقت الذي قضاه ابو كريم في الداخل وانا أتأمل عضمة هذا المخلوق الصامت حمار ابو كريم الرمادي. تجرأت واقتربت من وجهه البشوش وانا بكل لحظة ازداد حبا واعجابا به. ادار المسكين بوجه نحوي مستغربا من اعجابي به حتى اكتشفت قطرات الدمع التي تسيل من عينيه الواسعتين عندها فهمت كل شيء إنه يبكي على مصيره الاسود بين يدي المجرم ابو كريم. كان جدي رحمه الله يسمعني كلمات قاسية وذلك لانني كنت امتنع عن تقبيل يده عندما كان يتكرم بزيارتنا اذ لم اكن اتقبل فكرة تقبيل الايادي رغم مشاهدتي الجميع يقبلونها وبسرور ولكني في هذه اللحظة وتضامنا مع الحمار قررت ان اتقرب اليه وان اقبله. بائت كل محاولاتي بالفشل لانه كان يرفضني كلما اقتربت من وجه ثم لم اجد حرجا من ان اقبل احدى رجليه فقد توقفْ تدفق دموع هذا الرمز الشامخ من رموزي او ان يشعر على الاقل بانني مناصره فتقدمت. لقد كانت اول رفسة واخر رفسة في حياتي، حاولت التنفس ولكن بدون جدوى وكانت اللحظات بالنسبة لي ساعات. لم اغير رأيي كثيرا به عندما استعدت تنفسي بل اضاف لمعرفتي شيئا جديدا وما زلت اكن له بكل العرفان فبضله اكتشفت نظرية العهر السياسي الحديثة وهي ان ليست كل الارجل ممكنة التقبيل. مع الاعتذار للذين يمارسونها يوميا مع اسيادهم ثم نراهم على شاشات التلفاز متبخترين وهم يحيطون بالمناضد الخضراء الكبيرة المستديرة( بالمناسبة اللون الاخضر هو اللون المفضل لدى الحمار لانه يذكره بحشائش الربيع النظرة).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة تعزز قواتها البحرية لمواجهة الأخطار المحدقة


.. قوات الاحتلال تدمر منشآت مدنية في عين أيوب قرب راس كركر غرب




.. جون كيربي: نعمل حاليا على مراجعة رد حماس على الصفقة ونناقشه


.. اعتصام لطلبة جامعة كامبريدج في بريطانيا للمطالبة بإنهاء تعام




.. بدء التوغل البري الإسرائيلي في رفح