الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يا اهل اوكلاند ماتت كاشين ....؟

عربي الخميسي

2009 / 10 / 20
حقوق الانسان


مسكينة كاشين ماتت وهي لم تبلغ من العمر سوى سبع وثلاثون سنة ، وقد وجهت جريدة
.. ( مشهد اوكلاند ) ليوم 30 من آب سنة 2009(City Scene)
الدعوه لأهالي مدينة اوكلاند لحضور تشييع جثمان المتوفاة الى مثواها الاخير

كاشين هذه مغلوب على امرها ، جرى تهجيرها وربما بٍِيعت وهي لا تدري .. وسُفِرّت من مسقط رأسها في تايلاند الى بلدها الجديد نيوزيلاند دون ارادتها ، وهي لم تزل صبية فتية لا يتجاوز عمرها الاربع سنوات ، هكذا ورد بهذه الدعوة . ومما يلفت النظر الصيغة التي كَتِبت بها هذه الدعوه ، فقد جاءت بمانشيت عريض خَََط بأحرفِ كبيره تصدرت الصفحة الاولى من الجريده وفي الاعلى منها ، حيث تقول كلماتها ( الجمهور في اوكلاند وعموم نيوزيلانده مدعون لحضور حديقة الحيوانات هذا الاسبوع ، للمشاركة بتشييع وتوديع احدى الأناث المسماة كاشين التي رحلت عنا يوم الاثنين الماضي، والدعوة قائمة لكل هؤلاء وإؤلئك الذين يضمرون لها في قلوبهم حبا وتربطهم واياها ذكريات موثيره طيبة )- الترجمة بتصرف –

أتدرون من هي السيده كاشين الراحله عنا والتي جرى نعيها في هذه الدعوه ؟ هي احدى اناث الفيلة ذات التاريخ الحافل .!
هذا ما صرحت به رئيسة الهيئه الاداريه لحديقة الحيوانات في اوكلاند ، واضافت مشيده باوصاف وصفات السيده كاشين قائلة ( انها ايقونة الحديقه ورمز حيواناتها تستحق الاحتفاء بها وتمجيدها في يومها الخالد هذا ) وان السيد اندرو رئيس الفريق المسؤول عنها في الحديقه ، ايدها في نعوتها لها ، وعدد هو الاخر مواهبها وثر عطائها ، قائلا ( كانت تبدو ملكة فوق عرشها بل عملاقا شاخصا وعظيما بين رفاقها تستحق الاحترام والتبجيل ) واستمر بطرح محاسن هذه الفقيده ، ولكي لا اطيل عليكم سابين المقصود ، رغم استمرار الحديث عنها ، وسرد الذكريات والافعال المميزه للفقيده كاشين بهذه الصحيفة المحليه وبصحف اخرى تصدر في اوكلاند على توالي الايام والاسابيع ولا تزال و حتى هذه اللحظة ...!

نحن بمجتمعنا العراقي ومنطقة الشرق الاوسط عامة ، ننعت نهاية حياة الحيوان ، فنقول نفق ذلك الحيوان ولم نقل مات لا اعرف السبب ، وربما لكي نعلو بالانسان منزلة ورقيا ، وقد يكون الامر صحيحا ، لأن الانسان يقع في قمة هرم المخلوقات ، لتمتعه بصفات وممارسات تختلف جوهريا عن غيرها مما يقوم بها خلق اخر ، وهذه الامور يعرفها العلماء والاختصاصيون وغيرهم ..
الا ان من المؤلم حقا اننا عكس ذلك تماما ، ففي هذه الايام نحن معشر العراقيين ، لا نقيم وزنا ليس للحيوان فقط بل للانسان وقيمته وحقوقه باعتباره اغلى كائنات هذا الكوكب ، بل هو اثمن الموجودات كافة ، وقد سخرت له الطبيعه كل مصادرها ، ومنحته الحرية المطلقه بالتمتع بمعطيات الكره الارضيه على وفرتها واتساعها بما تحتويه من مأكل ومشرب وملذات هذه الدنيا ، وقضى بتسخير الكائنات والموجودات كلها لخدمته وتحت تصرفه ، والمهم ان الطبيعه ذاتها زودته بالعقل والفكر والادراك ، وهو وحده على الاطلاق منحته موهبة النطق والتفاهم ، فما عليه الا حسن التصرف والممارسة اتجاه نفسه وضمن الجمع وما يحيط به من كائنات ومكنونات كثيرة

نحن من تقاليدنا الباليه نمقت الحيوانات والطيور والزواحف ، وقياسنا لهذا الفهم ودرجة هذا المقت يتحدد بمقدار الفائده التي نجنيها منه طعاما ، او عطاء ، او خدمة ،واستخدامنا اواستئناسا ، وعلى العموم ، تعودنا او هكذا كانت ثقافتنا ، ان نحمل لها في قلوبنا كرها وتحريما واقصاء إلا ما ندر منها رغم فوائدها الكثيره ، فنحن مع الاسف بشر تغلبت علينا الانانيه وحب الذات ، وزرعت في قلوبنا الضغينه والحقد ، وربما ممارسة جبلنا عليها او معتقدا دينيا إتمرنا به ..! وقياسا للتعامل مع انثى الفيله كاشن موضوع حديثنا هذا وحضور جمهورها ، نطرح السؤال الأتي .. اين نحن منها يا ترى ؟ اين الخطأ ؟
هل ان كياننا البنيوي ودرجة وعينا الثقافي وتقاليد وعادات مجتمعاتنا ومن ثم قوانينا الوضعيه كانت هي السبب ؟ ام هي انعكاسا لقهر وظلم السلطة والتسلط وانظمة الحكم التي زرعت الخوف والكره بقلوب مريديها ؟
لا اعرف لماذا يحدث الان بالعراق ؟ وقد اباح الانسان لنفسه قتل اخيه الانسان الاخر ؟ وهل هو طبع ام تطبع ؟ ومن الغريب حقا ترى ان هذا الكائن العراقي هو نفسه ومن قديم الزمان شرع القوانين واوجد قواعد احترام بني البشر واسس للحياة قيمتها وحرم الاعتداء عليها لأنهائها والتجاوز عليها ..! واكرر السؤال ..كيف حدث العكس بعراقنا الحبيب ؟ اسئلة كثيرة واردة وهي بحاجه الى دراسة ميدانية من قبل العلماء وذوي الاختصاص ، كظاهرة اجتماعيه سلبيه حلت بالشعب العراقي في ظروف قد تبدو جديده وغير مسبقه وبالتأكيد لها اسبابها ومسبباتها سابقا ولاحقا ؟

وخلاصة القول ارى ان العراق يجب عليه ان ينهض من هذه الكبوه، ويؤسس مجددا للتربيه والاخلاق ، ويرتفع بالوعي الفردي والجماعي ، لتوطيد مفاهيم المحبه والتآخي بين بني الانسان كافة ، ويقر الحقوق الشخصيه للفرد والجماعه ، وان نتعلم مما وصلت اليه الامم والشعوب في هذا المجال ، وهي تحترم الخلق من بشر وحيوان على حد سواء ، وحتى النباتات يجب ان تشرع لها قوانينها وكيفية الحفاظ عليها وتطوير زراعتها وتحسين جماليتها ..! امور كثيره تنقصنا فهما وممارسة قياسا لما وصلت اليه باقي الأمم المتحضره ...!

رحلت عنا كاشين الى الابد ، ونََثِرت على جثمانها الزهور والرياحين ، وغنى لها عشرات الاطفال اناشيد الحب والوداع ، وحيّاها الكبار ساعة توديعها الوداع الاخير، وخلدت ذكراها كل وسائل الاعلام المرئية والسمعية والمقرؤه ، وما علينا نحن معشر العرب والشرقيين ، ان نتعلم كيف ان نتعايش مع بعضنا ، ونستوحي العبر من هذه الواقعه ، وليكن حبنا لبعضنا البعض حميميا ، ولنوطد شعور السلام بيننا وبين البشر كافة ، ومع كل ما حولنا من كائانات ومكنونات ، والتي اصبحت من اساسيات الحياة وجوهرها ومقومات الانسانية الناهضه ، داعين للسلام والمحبه ، ولتسود اواصر الاخوة والمشاركة ، وليعش الجميع بوئام على هذا الكوكب وبسلام

عربي الخميسي










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الرفق بالأنسان
محمد علي محيي الدين ( 2009 / 10 / 20 - 17:32 )
عزيزي الأستاذ الخميسي
عرب وين طنبورة وين مثل شعبي يصدق في كل زمان ومكان فالدول المتقدمة تعنى بحيواناتها أكثر مما تعنى الدول المتأخرى بأبنائها ونحن في العراق بفضل النظام العفلقي الصدامي أطعمنا المأبون صدام حسين النفايات طحينا والطحين العراقي لا يصلح في هذه الدول علفا للدواب فمن هم خير أمة أخرجت للناس هل هي أمة دام أم الأمة التي ترعى أبنائها لذلك أناشد المنظمات العالمية بأن تسعى لأنشاء جمعيات للرفق بالأنسان بدلا من الحيوان لأن الحيوان في بلدانهم حصل على حقوق لم يحصل عليها الأنسان في الدول المتخلفة وبذلك يقدمون خدمة الينا نحن الذين نحتاج الى الرفق مع تحياتي.


2 - الاستاذ محمد علي محيي الدين
عربي الخميسي ( 2009 / 10 / 22 - 07:09 )
في البدء اشكر لكم مداخلتكم الموقره واقول نعم سيدي نحن معشر العراقيين في واد والعالم المتحضر في واد اخر وهنا اتفق واياكم باننا رضخنا لواقع مر وتعرضنا لمعاناة قاسيه وما علينا الان الا ان ناخذ المبادره لتولي امورنا وننهض من جديد ولنتعلم من العالم المتمدن كيف يعيش وكيف يرتقي بالانسان وعيا وثقافة وسلوكا حيث يشكل محور الحياة والنمو والارتقاء وشكرا لكم ايها الاستاذ الفاضل محبتي وتقديري
الخميسي

اخر الافلام

.. الدبابات الإسرائيلية تسيطرعلى معبر رفح الفلسطيني .. -وين ترو


.. متضامنون مع فلسطين يتظاهرون دعما لغزة في الدنمارك




.. واشنطن طالبت السلطة الفلسطينية بالعدول عن الانضمام للأمم الم


.. أزمة مياه الشرب تفاقم معاناة النازحين في ولاية القضارف شرقي




.. عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تطالب بوقف العمليات في رفح