الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فضيحة إنسانية كبرى! النظام السوري ... حكاية أقدم سجين في العالم ؟

داود البصري

2004 / 6 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


لعلها قصة خرافية تصلح كقصة من قصص الخيال العلمي ! لولا أن شهودها وشواهدها ووثائقها حية ونابضة بالحياة وتفضح كل دعاة الشعارات الوطنية والقومية المزيفة والمتاجرين بقضايا الأمة والذين يعلقون مصائب شعوبها على شماعة الصراع مع العدو الصهيوني! وهي الأسطوانة المشروخة التي ثلمت زهرة شباب الأمة وإلتهمت مقدراتها ، فمنذ ربيع الحرية البغدادية في العام الماضي ، وسقوط صنم هبل البعث الفاشي الأهوج وفأر العروبة صدام حسين ، والتداعيات التي تعانيها أنظمة الموت والدمار والشمولية والحزبية الستالينية أكبر من أن يمكن إخفاؤها ؟ ومنذ أن ظهرت حقيقة المقابر الجماعية وحقول الموت البعثية في العراق التي توزعت على خارطة الوطن العراقي المستباح لتشكل حقيقة الرسالة الخالدة لحزب البعث النافق ، والمفاجآت لم تكن مستبعدة لإكتشاف ( فتوح جليلة ) أخرى ! وقبور جماعية مضافة في الجوار العراقي وماأعنيه تحديدا هو النظام السوري والذي على مايبدو أنه لم يفهم أو يستوعب حتى اليوم الحكمة مما جرى ببغداد؟ كما أن صور قائد الحفرة القومية الرهيبة يبدو أنها لم تنجح في رسم صورة المستقبل أمام أشباهه والسائرين على خطه ، والمقتبسين لمسيرته ، فمقابر الشام الجماعية والمتواجدة في مقابر تدمر الصحراوية وفي جديدة عرطوز! وفي أماكن أخرى يتوقع النظام صاحب الطوق الإستخباري الأشد في المنطقة من أن أخبارها لم تصل؟ والمجازر التي قام بها هذا النظام ضد الإخوة الأكراد مؤخرا قد تسربت أخبارها للدنيا بطرفة عين ، ففي عصرنا الراهن لم يعد هنالك من معنى لأية أسرار كانت تعتبر في الماضي القريب من قدس الأقداس ، كما أ ن ممارسة القمع الممنهج و الإبادة الشاملة وتدمير المدن على رؤوس ساكنتها ، لم تعد عملا من أعمال السيادة الوطنية ، والتبجح الإعلامي في عرض معاناة السجناء العراقيين وتعذيبهم على يد جلاديهم من أفراد الجيش الأميركي لايلغي أبدا حقائق وإستحقاقات حفلات التعذيب المتواصلة فصولا رهيبة في السجون العربية ولعل السجون السورية أبرزها وأوضحها وأشدها جلاءا للعيون ، فاللنظام السوري تاريخ طويل وحافل بالقمع والقتل والتقتيل والإبادة الجماعية وتدمير المدن وهي كلها إنجازات تسجل بأحرف سوداء لنظم الحزبية الفاشية العربية والتي تتم تحت ذريعة الحفاظ على الوحدة الوطنية!! وتعزيز ( الخيارات التقدمية والإشتراكية)!! و( الإستعداد لمقاتلة الصهيونية )!! عبر ( إخصاء وتشليح وتشريد) الجماهير العربية!! وهي كلها ذرائع ومبررات إستند إليها القتلة في نظام البعث العراقي النافق في تبرير جرائمه ، ونفس المبررات تتخذها أنظمة القمع العربية الأخرى التي لاتريد أن ترعوي ولاأن تخضع لمنطق الحتمية التاريخية في زوال الطغاة ونهاية المستبدين بأبشع صورة ، ولعل مصير جلاد العروبة الأكبر وفأرها الكبير الدليل الأكبر على مدى إستهانة وإذلال الطغاة .

إن سجون أنظمة القمع والخوف العربية والتي طبقت شهرتها الآفاق مازالت حتى الآن وبرغم العصر الفضائحي والمعلوماتي الذي تعيشه شعوب الأرض تضم مصائبا ورزايا سكت عنها الإعلام أو تجاهل أخبارها ، أو لم تتيسر له سبل المعلومات الكافية التي تدعو للنبش فيما يدور خلف جدرانها المغلقة والحصينة والمختلفة الأرقام والأعداد والأماكن ، وهنا لابد من الإشارة للدور الفدائي والمغامر الذي قام به الإخوة السوريون في ( المجلس الوطني للحقيقة والإنصاف والمصالحة في سورية) لإماطة اللثام عن واحدة من أكبر الإنتهاكات ضد الإنسانية والتي تمت بدون مسوغات شرعية ولاقانونية ولاأي مبررات مقبولة ، بل أن الأمر يتجاوز الفضيحة بكثير ويدخل ضمن خانة الكوارث المرعبة لنظام وأجهزة لاتعرف الإنسانية سبيلا لقلوبها ثم تدعي كذبا ورياءا نيتها في تحرير الأرض السليبة والمغتصبة أو في تحقيق التوازن الإستراتيجي المنشود والمستحيل مع العدو الصهيوني!! فكيف لدولة قمعية طويلة عريضة أن تستطيع مناطحة العدو وهي خائفة من رجل واحد وتتفنن في إختراع سبل الإخفاء والدفن والتغطية على الجريمة عبر مسلسل الصمت القاتل وغض البصر الرهيب ، وهنا أوجه ندائي ونداء كل الأحرار للرئيس السوري بشار الأسد لو كان حريصا فعلا على إقامة كيان سوري حداثي وقويم يتجاوز كل جرائم الماضي البشعة أن يتحرك وبأسرع وقت لإنقاذ إنسان بريء قذف في غياهب المعتقلات الإستخبارية السورية طيلة أكثر من ثلاثة عقود بلا ذنب ولاتهمة ولاجريرة ولاحتى قرار محكمة!! والقضية تتعلق بإعتقال وإختفاء المواطن العربي السوري وأحد أفراد القوات المسلحة السورية وأحد ضباطها المدعو :

الملازم فرحان يوسف شحاذة الزعبي من محافظة درعا الجنوبية السورية ومن مواليد 30 ديسمبر 1942 والذي أسرته القوات الأردنية خلال الإشتباكات السورية الأردنية بعد أحداث أيلول عام 1970 وظل في الأسر الأردني طيلة أربعة أعوام إنتهت بتسليمه لبلده سورية في 24 أيلول 1974 ثم إختفت آثاره ولم يظهر له وجه ولاموضوع طيلة أكثر من ثلاثين عاما وحيث تبين مؤخرا ووفقا لتحريات دقيقة وخاصة ومكثفة وفدائية قامتا بهما المناضلتان السوريتان السيدة ناديا قصار دبج ، والأخت ملك بيطار في كل من دمشق وعمان ليتبين بعد ذلك أن السيد فرحان الزعبي لم تتم تصفيته بل مازال في السجن الإنفرادي في إحدى الزنازين الإنفرادية بالفرع الإستخباري المرقم 293/1 ، والمعروف بإسم ( فرع الضباط في شعبة المخابرات العسكرية السورية ) والذي يرأسه اللواء علي يونس!!.وذلك طبقا من كتاب موقع من قبل العماد علي عيسى دوبا رئيس شعبة المخابرات العسكرية السابق بتاريخ العشر من تموز/ يوليو 1999 يأمر فيه : بنقل الموقوف فرحان الزعبي بن يوسف إلى الفرع 293/1؟؟؟؟ ،

كما أن هنالك وثائق عديدة تؤكد بقاء الموقوف حيا حتى اليوم وفي ظل إحتجازه إحتجازا إنتقاميا غير شرعيا وبدون أية إتهامات قانونية محددة ومعروفة وبدون إبلاغ عائلته وأولاده الذين لم يرونه منذ ثلاثة عقود؟ وهذه حالة أتيحت لها الظروف أن تتوضح بعض معالمها في ظل آلاف الحالات المشابهة والمدفونة أسرارها ، فهل يستطيع النظام السياسي السوري الذي يتحدى الإمبريالية ويتحدى قانون محاسبة سوريا الأميركي ويتحدى قانون تحرير سورية الوشيك أن يوضح قضية الضابط المذكور وأن يعلن حيثياتها وأسبابها ويعاقب متسببيها ويعوض متضرريها ؟ أليست هذه القضية تتفوق في خرافيتها وبشاعتها على كل حكايات سجون العروبة الرهيبة من تازمامارت المغربية وحتى أبو غريب العراقية مرورا بسجن الواحات والسجن الحربي المصري الناصري ومعتقلات القذافي وبقية شلة الأنس من بقايا الدكتاتورية والإرهاب والقمع الشامل ؟ من يتحرك لإنقاذ وإنتشال أقدم سجين سياسي في العالم من قبره المظلم ؟ وهل سيكشف النظام السوري عن كل أسرار وأوراق هذه الفضيحة الرهيبة ضمن إطار المعالجة الوطنية السليمة لكل تداعيات ملفات الماضي القريب الإجرامية بحق الشعب؟ وهل يكون النظام أمينا على حياة ومستقبل أبناء شعبه ويصفي كل قضايا عهد الموت والدمار والإنتقام الشامل ليدشن البداية الصحيحة لعصر عربي جديد ... أم أن ربيع دمشق القادم سيفتح ملفات حقول الموت السورية ومغاليق قبور الأحياء والتي لايزال المواطن السوري فرحان يوسف الزعبي نزيلا لها منذ أكثر من ثلاثين عاما دون ذنب ولاجريرة ولاتهمة محددة؟ .... سؤال أتركه للضمائر الحية من العرب والعجم والبربر ، ولكل من في قلبه ذرة من الإنسانية التي إستباحتها أنظمة الموت والخراب والمخابرات ... من ينقذ الأحرار؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وصلت مروحيتان وتحطمت مروحية الرئيس الإيراني.. لماذا اتخذت مس


.. برقيات تعزية وحزن وحداد.. ردود الفعل الدولية على مصرع الرئيس




.. الرئيس الإيراني : نظام ينعيه كشهيد الخدمة الوطنية و معارضون


.. المدعي العام للمحكمة الجنائية: نعتقد أن محمد ضيف والسنوار وإ




.. إيران.. التعرف على هوية ضحايا المروحية الرئاسية المنكوبة