الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احتفال و قضبان

وصفي السامرائي

2009 / 10 / 20
أوراق كتبت في وعن السجن


كان الموعد الساعة الرابعة عصرا. الموضوع : التحضير للاحتفال بميلاد الحزب. المكان : بيت الرفيق نهرو.كنا جميعا متلهفين لهذا الاجتماع لان الكل يشارك للمرة الاولى في احياء هذه المناسبة لحداثة انتمائنا للحزب. و كما هي العادة مع كل اجتماع فقد كنا نصل الى المنطقة التي يعقد فيها الاجتماع قبل ساعة من الموعد و نظل نتجول حول البيت المعلوم تحسبا لكل طارىء .
وفي الساعة المحددة شرعنا بالتسلل الى بيت الرفيق نهرو فرادا , وبعد حديث متنوع طلب الرفيق ماجد , سكرتير الخالية من الرفيق صهيب القيام بكتابة المحضر . اخذ الرفيق المسؤول بشرح نبذة مختصرة عن تاريخ المناسبة المذكورة , ثم انتقل الى تحديد مهمات كل رفيق , و نحن في هذه الاجواء سمعنا طرقات شديدة على الباب مصحوبة مع جلبة عالية . قام صهيب بالقاء المحضر تحت منضدة التلفزيون , اما علاء فقد حاول الهرب عن طرق التسلل الى سطح الدار لكنه وجد عدد من الرجال المسلحين ببنادق الكلاشنكوف و هم يرتدون الملابس المدنية وما ان راوه حتى قاموا باعتقاله عن طريق توثيق يديه خلف ظهره بعد ان انهالوا عليه بالضرب باعقاب البنادق , ثم انزاوه الى الاسفل حيث كنا نحن ايضا موثقين . ثم قام احدهم بالبحث عن ادلة الادانة وهي عبارة عن مجموعة من الكتب الماركسية الكلاسيكية و المحضر الذي وجدوه بعد طول عناء .
تم اقتيادنا الى مديرية الامن مصحوبين بسيل من السباب , و فور وصولنا الى هناك ادخلونا الى احدى الزنزانات التي يبلغ طولها المترين و النصف و عرضها مترين و قد كانت عارية من اي فراش لنترك فيها لمدة ستة ايام لا نرى احدا لانهم كانوا يلقون الينا الطعام من تحت الباب .و في اليوم السابع فتح الباب ليقتادني احد المنسبين الذي كان طويل القامة قاسي النظرات لم ينطق بنبت شفة الى غرفة ضابط التحقيق الذي كان جالسا خلف منضدة طويلة عريضة وضع امامها كرسيان و بمجرد دخولي حتى اشار لي ان اجلس على احداهما وما ان جلست حتى بدا سيل النصائح يتدفق من فمه حول عدم جدوى العمل مع هذا الحزب و الافضل لي و لمستقبلي ان اتركه و انتمي الى حزب السلطة حيث ستفتح الابواب امامي على مصراعيها و الا فاني ساواجه مصيرا مجهولا . و ما ان اجبته باني لا انتمي الى اي حزب حتى تبدلت سحنته متحولا الى ذئب كاسر قائلا بنبرات ملؤها التهديد و الوعيد بان الادلة واضحة و لا مجال للانكار و انه سينتزع اعترافاتي بالقوة . عندها اجبته بان الحزبين متحالفين و هما يسعيان سوية لبناء مستقبل واعد للبلد . هنا ضحك ضحكة هستيرية و قال عن اي تحالف تتحدث , هذا مجرد مصيدة لكشف الشيوعيين و من ثم القضاء عليهم , و اخيرا قال انه سيقوم بارجاعي الى الزنزانة كي اناقش رفاقي حول الحديث الذي دار بيننا و انه ينتظر منا الجواب في الغد .
لكنه لم يفي بوعده حيث قام باستدعاء صهيب و ما دخل المسكين حتى قاموا بربط قدميه الى الفلقة و شرعوا بضربه طالبين منه الاعتراف و كلما صمد كلما غيروا طريقة التحقيق من كهرباء و الكوي باعقاب السكائر الى ان انهار.
ونحن ننتظر مجيئه فاذا بهم يلقون به امامنا وهو جثة هامدة و الدم ينزف من كل مكان من وجهه , اختلطت مشاعرنا بين الحزن عليه و الخوف من ان نعامل مثله حتى كادت قلوبنا تفر من صدورنا . ولما ذهب عني الروع اخبرتهم بان من يعترف بانه شيوعي فسيطلق سراحه حالا من دون ان يتعرض الى اي مضايقة حسب الاتفاق المبرم بين الحزبين ثم اقنعتهم من عدم جدوى المقاومة لان النتيجة واحدة فسوف تلصق بنا التهمة و يكون مصرينا الى سجن ابو غريب و بعد تلردد وافق الرفاق على اقتراحي لنجد انفسنا في ظهيرة اليوم التالي نتمشى في الشارع الرئيسي لنعود الى بيوتنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرارة الجو ..أزمة جديدة تفاقم معاناة النازحين بغزة| #مراسلو_


.. ميقاتي: نرفض أن يتحول لبنان إلى وطن بديل ونطالب بمعالجة ملف




.. شاهد: اشتباكات واعتقالات.. الشرطة تحتشد قرب مخيم احتجاج مؤيد


.. رغم أوامر الفض والاعتقالات.. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات ال




.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا