الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحزب الشيوعي العراقي والتحالفات المجدية

عادل امين

2009 / 10 / 20
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية




الإنتخابات البرلمانية على الأبواب ، تساؤلات كثيرة أشغلت بال جماهير الحزب الشيوعي العراقي عن الصيغة التي ينوي الحزب لخوضها ، دارت النقاشات في المحافل العديدة ، سواء على الصفحات الألكترونية أو في المجالس العامة أو في الهيئات الحزبية ، تعددت الآراء ووجهات النظر وكلها كانت تنم عن الحرص والغيرة على الحزب ويحدو اصحابها الأمل في ان يحقق الحزب نجاحاً يليق بتأريخه ونضالاته وتضحياته ... و اخيراً حزم الحزب أمره ، وطرح خياراته الثلاثة ، القائمة الوطنية العريضة أو القائمة الديمقراطية أو خوضها منفرداً بقائمة تحمل اسمه .
بدءاً أود أن أبدي إعجابي الشديد بالرفاق ، سواء الذين كانوا وراء هذا القرار ، أو الذين أيدوه على شجاعتهم في إتخاذه ويقيني أنهم درسوا إمكانيات الحزب وإمكانيات القوى التي يريد التحالف معها ، بعيداً عن المغالاة بتلك الإمكانيات ، ويقيني أنهم أخذوا بنظر الإعتبار القانون الإنتخابي المزمع تشريعه من قبل البرلمان ، و بأن ميل الأكثرية البرلمانية يسير باتجاه تعدد الدوائر ، وهو القانون الذي سوف لا يصب في كل الأحوال لصالح الاحزاب الصغيرة ، ويقيني أيضاً أنهم لا يريدون أن يغرد الحزب خارج المؤسسة التشريعية ، حتى وأن كان خارج المؤسسة الحكومية ، ولابد أن الرفاق يدركون أن وضع الحزب لا يتحمل إنتكاسات وهزائم إضافية وإن كانت إنتخابية ، صحيح أن الهزيمة الإنتخابية لا تعني نهاية التأريخ كما يقول بعض الرفاق ، لكنها خطوات لا يستهان بعواقبها. إن لم يحسب لها حسابات دقيقة ومتأنية بعيدة عن الحماس المفرط والتواضع . هنا يتبادر إلى الذهن التساؤل عن من هي هذه القوى ، التي ستنضوي سواء تحت لواء القائمة الوطنية العريضة ، أو القائمة الديمقراطية ؟ وهل هي الصورة التي عكسها مؤتمر فندق بابل الذي عقد في 16/10/2009 ؟ كلنا نعرف خارطة القوى السياسية العراقية لمرحلة ما بعد السقوط ، فإذا كان هدف الحزب لملمة هذه الأطراف والدخول بها في التحالف مع قوائم أخرى من ذوات الأمكانيات ، فلا أجد في ذلك بأساً ، وإذا كنت أفترض غير ذلك ، فالمسألة بحاجة إلى التأني والتفكير الأعمق ، ويجب أن لا نبالغ في إمكانيات هذه المجاميع ( مع كامل تقديري لجميع المشاركين في المؤتمر ) والمراهنة عليها لأن النتيجة معروفة سلفاً ، وكذلك خوضها بقائمة منفردة أحسبها مغامرةً متسرعة .
فالحديث عن بعض الأحزاب والتجمعات السياسية التي لعبت دوراً مشهوداً في تأريخ العراق السياسي القريب ، سلباً أو إيجاباً ، للأسف لم يبق لقسم منها سوى الأسم من حيث تأثيرها على الساحة السياسية العراقية اليوم ، وهذا لا يعني الغاء دور هذه المكونات السياسية أو التقليل من شأنها ، لكن لا يمكن الرهان على إمكانياتها في النجاح .
ما تبقى من التيار الديمقراطي ، أُنحّي جانباً الكونتينات والدكاكين السياسية التي برزت بعد السقوط ، و التي هي حالة طبيعية بالنسبة للوضع العراقي وملابساته ، وإنما أتحدث عن التيار الديمقراطي بتكتلاته وتجمعاته وشخصياته والذي لم يستطع من أن يوحد نفسه في إطار تحالفي خلال خمس سنوات ، الفترة ما بين الإنتخابين ، سوف لايمكن له من أن يأتلف في إطار واحد، أو في قائمة إنتخابية واحدة خلال فترة الأشهر المتبقية للإنتخابات ، هذا ليس بالتشاؤم أو الطعن بهذه الجهة أو تلك .
للتيار الديمقراطي أمراضه الخاصة به ، تمنعه من التوحيد مهما كانت مصادر الدعوات الموجهة له وأشكالها للتوحد ولو التكتيكي (الزمني) فقط لخوض الإنتخابات ، قسم منها سايكولوجية ، تتعلق بالتركيبة الذهنية لشخصيات هذا التيار بالأساس ، وإنعدام ذهنية قبول الطرف للطرف الآخر إلا بصيغة الند للند ، لأن المنبع الذي تشرب منه شخصيات هذا التيار هو المنبع ذاته ، ومنه تشتتوا ، وإفتقار هذا التيار للشخصية الكارزمية التي تتوفر فيها المواصفات بحيث تكون مقبولة من أغلب أطرافه ، وتستطيع على لمّ شمل مجاميع هذا التيار تحت عباءتها هي مشكلة أضافية اُخرى، هذا هو واقع هذا التيار والذي يعكس التركيبة الإجتماعية والثقافية والخلفية السياسية التأريخية لشخصياته ، وإلا لا يوجد ما يفرق بين مجاميعه من الأهداف ، وإذا ما قُدِّرَ لبعض أقسامه من الإتفاق والتفاهم ، سوف لايغيرذلك ، لا من موازين القوى في العملية السياسية ولا في التأثير على الوجهة المقبلة للعراق ، لأن هذا التيار ضعيف أساساً ومنقسم على ذاته ، وضعف الدولة المركزية يؤثر بشكلٍ فعال على هشاشة حاضنته الإجتماعية ، وسوف تذهب أصواته بموجب القانون الإنتخابي المزمع إقراره من قبل البرلمان إلى القوائم الكبيرة الفائزة ، شئنا أم أبينا .
البحث عن المواقع والتحالفات الأخرى القوية والمؤثرة و القريبة من الحزب في الأهداف الآنية ، باعتقادي أكثر مجدية ، وهي تحالفات ظرفية تكتيكية تنصب حول جملة من الأهداف والمهام تواجه البلاد تتطلب التصدي لها و معالجتها بالتعاون المشترك مع قوى أخرى تصب في نفس الإتجاه ، وهي ليست بالتحالفات الستراتيجية التي قد ترعب البعض من خطر الذوبان والإنحراف عن المبادئ ، وإنما هي تحالفات إنتخابية حول أهداف آنية ملتهبة ، وهذه الأهداف ممكن أن تجمع بين العلماني والأسلامي والديمقراطي والليبرالي والقومي ...إلخ .
التيار الشيعي في الإسلام السياسي ، انقسم الآن إلى جناحين أساسيين ورئيسيين ( المالكي و الحكيم ) ، والأثنان مختلفان، يحاول كل طرف من إستقطاب الذين يوافقونه في التوجه إلى سربه ، والخلافات بين الجناحين معروفة لدى كل متتبع لظروف المعارضة العراقية قبل السقوط ، جناح ( المالكي ) يميل نحو قضايا العراق الوطنية مع الإحتفاظ بطائفيته ، والجناح الآخر( الحكيم ) يميل أضافة إلى الإحتفاظ بروحيته الطائفية ، إلى ربط العراق بالمحور الإيراني ووضعه تحت إنتداب ولاية الفقيه ، يمكن تسمية جناح ( المالكي ) بالوطني الطائفي المعتدل ، وهو قد شكل إئتلافاً سميّ ( إئتلاف دولة القانون ) ونأى بنفسه عن الطائفية و جمع في إطاره طيف ملون يعكس إتجاهات متنوعة في الشارع العراقي اليوم ، ومهما كانت الأهداف من وراء هذا التنائي ، يكفي أنه أدرك أن الروح الطائفية بضاعةٌ لم يعد لها رواج في الشارع العراقي ، وأنه يريد أن يتماشى مع نبض العراقيين ، وبدأ ينفصل ويبتعد بمسافات طويلة عن الجناح الآخر( الحكيم ) الطائفي المتزمت ، وهذا مؤشر إيجابي بحاجة إلى الدعم والتشجيع من لدن القوى الديمقراطية ، التي يهمها جرّ هذه القوة المؤثرة في الواقع السياسي اليوم من مستنقع الطائفية نحو الإتجاه إلى الوطنية العراقية وبناء دولة العراق للجميع .
اذا كان هناك من المآخذ على التقصير وسوء الأداء خلال فترة حكم هذا الجناح ( دولة القانون)، فليس هو وحده المسؤول عنها ، هناك مشاركون رئيسييون له في الحكم وهم في المراكز الأساسية والمهمة في إدارة الحكم الحالي ، للكثير منهم قدم في الحكومة وقدم مع الإرهاب أو الميلشيات ، وأغلبها مرتبطة بهذا الشكل أو ذاك مع الدول الإقليمية التي لا تتوقف عن تدخلاتها السلبية في الشأن العراقي ، فيجب أن لا نحمل جناح ( المالكي ) وحده مسؤولية سوء الأداء ،وهذا لايعني في كل الأحوال تبرئة ساحته من جميع المساوئ التي جرت و تجري داخل نظام الحكم من المحسوبيه والفساد الأداري والمالي والمحاصصة ...إلخ وفي الوقت ذاته لايمكن حذف دوره في الإمور والتغيرات الإيجابية نسبياً على الأصعدة الأمنية والإقتصادية والخدمية ...إلخ التي جرت خلال الفترة ما بين الإنتخابين .
الأطراف الإقليمية التي لها أذرع طويلة في الشأن العراقي وفي عدم إستقراره ، هي الأخرى لا تريد من فوز جناح (المالكي) في العملية الإنتخابية ، لأنها تدرك من أن هذا الطرف يتمسك بالوطنية العراقية أكثر من الأطراف الرئيسية الأخرى المتنفذة اليوم داخل الحكم ، فهل يمكن للحزب من إيجاد لغة مشتركة وتساومية معه ، وأُعيد إلى الأذهان بأن التحالفات ليست بالضرورة أن تكون ستراتيجية ، وإنما ممكن أن تكون تكتيكية وحول مهام آنية ، قد يكون هكذا تحالف مُرّاً ولا يتناسب مع تأريخ الحزب وأمجاده وتضحياته ، لكن هذا هو الواقع السياسي ، يجب التعامل معه بعقلانية وتواضع ، وقبول الأمر الواقع والتحلي بروح المساومة بعيداً عن الحماس المفرط والمغالاة بالإمكانيات .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأخ العزيز عادل أمين
مارسيل فيليب / ابو فادي ( 2009 / 10 / 21 - 00:20 )
(( في الفقرة الأولى تقول .. ويقيني أيضاً أنهم لا يريدون أن يغرد الحزب خارج المؤسسة التشريعية ، حتى وأن كان خارج المؤسسة الحكومية ، )) .

وانا اتسائل .. ما الضرر في أن يبقى الحزب كمعارضة خارج العملية السياسية القائمة حالياً بكل سلبياتها فطوال تأريخ الحزب الشيوعي العراقي لم يكن امتداده الجماهيري الواسع بسبب مقاعد عدد معين من مقاعد برلمانية أو توزير ، بل بمدى التزامنا بمطالب الطبقات المسحوقة والمصالح الوطنية والدفاع المستميت عنها ، هنا أستدرك ان الوضع والظروف والواقع القائم مختلف تماماً ، لكننا الآن نتعرف أيضاً بحقيقة أن ليس بأستطاعتنا تغيير ماهو قائم جراء سياسة المحاصصة الطائفية والقومية أو التدخلات الخارجية ، وبسبب محدودية إمكانيات الحزب وإمكانيات القوى التي نريد التحالف معها ، الديمقراطية الوطنية واليسار العراقي بشكل عام .

أعتقد وحسب قناعتي المتواضعة ، ومن خلال متابعتي للوضع العراقي وتطوراته ، أن الوضع الحالي أحدث فراغاً واسعاً في الساحة العراقية ، والمشكلة في عدم تمكننا من التحرك بشكل سليم لملأ بعض هذا الفراغ ولا أقول كله ، ومعذرة لعدم اتفاقي معك حول ما أشرت اليه كسبب رئيسي تقريباً (( لعد أمتلاك هذا التيار للشخصية الكارزمية التي تتوفر فيها المواصفات بحيث تكون مقبو


2 - الشيوعية انهارت في العالم
jassim ( 2009 / 10 / 21 - 06:31 )
لا أعتقد أن للشيوعية التقليدية المتناقضة اي رصيد في الشارع العراقي كما في كل العالم هذا هو سبب الضعف..سيتجاوزكم يسار اخر..تحياتي


3 - ثمن الديمقراطية
ابو العز ( 2009 / 10 / 21 - 21:10 )
من السهل الوقوف على التل وزاعلان المعارضة لكل ما لا يتفق مع الرأئ او السياسة التي يتبعها الحزب الشيوعي. ولكن يجب ان لا ننسى اننا لا نعيش عام السبعين او الثمانين من القرن الماضي. اذا كنا فعلاً نتكلم عن سياسة وانتخاب فيجب ان نحلل من هذه الزاؤية وليس العكس ان نتمسك بكل الكماضي اللاديمقراطي ونقول غير ذلك.
اذا حصل الحزب على مقعد واحد بالبرلمان فذاك مقبول لاننا نعرف الواقع الاجتماعي السايكولوجي والاقتصادي للعراق وما مر به. نحن لا نؤمن بارادوية والتسلطية الفوقية وانا لا اقصد التخلي عن الفرص المتاحة للحزب لكي يأخذ دوراً اكبر في الساحة السياسية ولكن الصراع لا يدار او الاصح ان لا يدار الا بطرق سلمية لادارة الصراع, والحزب جاد في انتهاج سياسة تبادل السلطة السلمي وكان دوماً ممن يدعو له كلما توفرت فرصة لذلك.
ان تجربة ملايين البشر في خارج العراق ومحيطنا التعبان تمارس التحالف مع بعضها للانتخابات البرلمانية ضمن قناعاتها وتقدم تنازلات في مجال او اخر للوصول لحلول وسط والكل يقوم بذلك القوى الكبيرة والصغيرة وهذا ما يجب ان نتعلمه. وننزل من فوق الجواد الذي نمتطيه.
اما اذا حصل الحزب على مقعدين فان ذلك جيد وبذلك سنعمل على ترسيخ عمل ليس سهل علينا ولا على الاخرين خلال الدورة البرلمانية ولما بعدها.

اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟