الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تخصيص اراضي محاذية لنهر دجلة للمسؤولين

حسن الناصر

2009 / 10 / 21
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا اعلم لم يغرم مسؤولي شرقنا الاوسخ وخاصة العراق بالسكن قرب الانهار , هل تدفعهم غاية تتوق لها نفس الرسام والروائي والشاعر الذي تترقرق ذائقته لتنتج ابداعاً جديداً مثل الشاعر علي بن الجهم حينما اسكنه المتوكل قصراً محاذياً لدجلة لتشذيب بداوته الفظة بعد ان مدحه ببيت سوقي قائلاً له :

انت كالكلب في حفاظك للود وكالتيس في قراع الخطوب

وبعد مكوثه ستة اشهر بذلك القصر متنعماً بمرأى مياه دجلة تهذبت وتلطفت الفاظه لينتج بديع الكلام متغزلاً بقوله :

عيون المها بين الرصافة والجسر جلبن الهوى من حيث ادري ولا ادري

ان كانت الغاية من توزيع هذه الاراضي للمسؤولين التي اعلن عنها مؤخراً زيادة مستوى التحضر والذوق العام الذي يفتقده الكثير منهم فهي لعمري دافع نبيل نصفق له ونحتفي به لكن خشيتي من ان يحيل البعض منهم ضفاف النهر الى مرتع للجاموس والبط المنزلي فهنا سيتفاقم التلوث لهذا النهر البائس اكثر مما هو عليه الان ليعجل بوفاته قبل أوانه الذي يتسارع بخطى حثيثة بعد ان اغلق الجيران والابناء *مصادره .

وماذا لو اصبح توزيع الاراضي للوزراء واصحاب الدرجات الخاصة الذين لانعلم عددهم الاجمالي سنّة حكومية تتوارثها الحكومات خلفاً عن سلف حينها ستصبح الاطلالة على نهر دجلة حلم سرمدي لا يتحصل الا من الجو بمنطاط هوائي او بطائرة شراعية ونتطابق مع ابناء السعودية الذين حينما يرغبون برؤية شاطئ البحر الاحمر يسافرون الى مصر لرؤية جانبه الغربي بعد ان استملك امراء آل سعود شاطئه الشرقي .

ان هؤلاء المتصدين للسلطة الان والتي تتوق انفسهم السكن قرب الانهار طالما رفعوا شعار مظلومية وفقر السواد الاكبر من الشعب وكانوا يشهّرون برموز واقطاب نظام صدام الذين استهوتهم الاقامة قرب الانهار والبحيرات الاصطناعية حتى اصبحت حكراً لهم لكن حينما سقط سراق الامس سارع دعاة المظلومية من سراق اليوم وغداً وبعد غد الى السكن في نفس مناطق الطغاة وفي نفس القصور التي بنيت بدماء وآهات الفقراء وكم تمنيت وتمنى غيري ان يتسامى من ادعى النضال في الامس ويحط رحاله قرب بني جلدته الذين اوصلوه الى سدة الحكم بدمائهم ودموعهم ويستوطن مثلاً مناطق الثورة والعبيدي والشعلة وحي طارق وحي النصر عدا مناطق البؤس والشقاء التي يزدهر بها عراقنا الواعد في باقي المحافظات بدلاً من التصارع على السكن في الجادرية والكرادة والمنصور .

تنص المادة 82 من الدستور العراقي على مايلي : (ينظم بقانون رواتب ومخصصات رئيس واعضاء مجلس الوزراء ومن هم بدرجتهم). ترى هل شرع هذا القانون ؟ وهل نشر في الوقائع العراقية ؟ وماهي الحدود الدنيا والعليا لرواتب ومخصصات هؤلاء ؟ وهل تنشر اعلاميا كما تتطلب مفاهيم الشفافية ام هناك خشية من عيون الحاسدين ؟ وما سر هذه الثروات الهائلة التي تهدلت اطرافها لاغلب الوزراء واعضاء البرلمان واصحاب الدرجات الخاصة .

الصدفة وحدها هي التي كشفت راتب رئيس الوزراء العراقي حين اعلن عن ذمته المالية بالمنقول وغير المنقول امام رئيس هيئة النزاهة حيث تبين راتبه الشهري هو خمسين الف دولار فقط لاغير !!!! يعني بواقع دخل قدره ستمائة الف دولار سنوياً هذا عدا الميزانية الهائلة التي تقيد تحت بند المنافع الاجتماعية ولا احد يعلم آلية تخريجها وانفاقها الا الله والراسخون في العلم والحق يقال بان لهذه المنافع الاجتماعية شقيقة كبرى هي من حصة الطالباني ونوابه الذين يحضون برواتب اضخم وعطاء اقل واخرى من حصة رئيس واعضاء البرلمان الموقر !!!!!! بالمقابل نجد ان رئيس اعظم واغنى دولة في العالم وهي الولايات المتحدة لايتعدى راتبه سنوياً عن 200 الف دولار قيل بان الرئيس السابق بوش طالب بزيادتها لتغطية نفقات المعيشة له ولاسرته فوافق الكونكرس على جعلها 400 الف دولار بالسنة يتحاسب بمقتضاها الرئيس ضريبياً عن كل سنت يتحصل عليه.

كما لا يتجاوز الراتب السنوي لرئيس وزراء بريطانيا عن 260 الف دولار في حين يبلغ راتب رئيس الصين العملاقة 3200 دولار سنوياً .

ان كتب السماء واولها القرآن يبصق في وجوهنا ويصفنا بالسفهاء لاننا نسمح بهدر اموالنا وسرقتها علناً دون ان نفعل شئ او نحرك ساكن او نخرج بمظاهرة بسيطة نندّد بهذا الهدر الحكومي والسرقة المنظمة لاموال الشعب العراقي الذي مازال الكثير والكثير جداً من ابناءه يعيش تحت خط الفقر.

ان كل حضارات الامم وامجادها وحقوق ابنائها خلقتها شعوب حية بعرقها ودمائها وتضحياتها ولم يحدثنا التاريخ بالمطلق عن حاكم عدا الانبياء ومن يتصف بصفاتهم يمنن طوع ذاته تقليم سلطاته او تحجيم منافعه رأفتاً بابناء شعبه الا ان يرى صولة الشعب ترعب اوصاله وتزجره عن بغيه , وفي هذا المساق يقول الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو: (عندما ننزع عن الكبار احترام الشعوب نحولهم لمجرد ادوات بخسة للسلطة التعسفية) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*اعني بالجيران تركيا وايران الذين اقتطعو مياه اغلب روافد نهر دجلة اما الابناء فهم حكومة كردستان التي اقامت العديد من السدود على النهر ليصرح بعض خبراء المياه العالميين بان نهر دجلة من الانهر التي ستجف في العقود القريبة القادمة .



[email protected]









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نارين بيوتي تتحدى جلال عمارة والجاي?زة 30 ا?لف درهم! ??????


.. غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الحرس الثوري الإيراني يكشف لـCNN عن الأسلحة التي استخدمت لضر


.. بايدن و كابوس الاحتجاجات الطلابية.. | #شيفرة




.. الحرب النووية.. سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة! | #منصات