الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موسم الزيت والحرب

هاني العقاد

2009 / 10 / 22
القضية الفلسطينية


جاء موسم زيت الزيتون ,و جاء اليوم الذي انتظره الفلاح الفلسطيني ساعة بعد أخري , و ليلة بعد ليلة , و حلم بعد حلم , فكل يوم كان يتفقد حقله ليعرف كم كبرت حبات الزيتون بتلك الأشجار و كيف تغير لونها من الأخضر إلى الأسود لتنذر بالنضوج و الامتلاء بالزيت و تقدم نفسها لأيدي هذا الفلاح لكي يقطفها و يحملها برفق إلى الطاحونة لتعطيه ما رزقه الله تعالى من زيت يكون عماد بيته و ما يبلل زاد أبنائه حتى العام القادم و موعد القطاف التالي . هذا ما ينتظره الفلاح الفلسطيني الذي ورث أرضه أبا عن جد و جد عن جد و كانت في كل فترة من الفترات تشتاق لفأسه و حنان يديه
الدافئتين و قطرات عرقه المتصبب عند كل جزع و حوض لشجرة , فما أجمل أن يفهم الفلاح ما تصبو إليه أرضه و شجرات زيتونه , إلا أن موسم القطاف أصبح عند الفلاح موسم الحرب أيضا ..!! , حرب المستوطنين الصهاينة التي تستهدف كل ما يملك هذا الفلاح المسكين من أشجار الزيتون التي تعتبر الزاد الحقيقي للبيت , و من هنا يبدأ الفلاح التجهيز لأمرين الأمر الأول و الأهم هو السرعة في جمع ثمار زيتونه قبل أن يحرقها أو يدوسوها المستوطنين بأقدامهم و الثاني مواجهة أعداء الأرض و الإنسان , اليهود المتربصين للنيل من بقاءه و كبريائه و عزته ,و خاصة أنهم قاموا هذا العام
بتوزيع منشورات على كافة المستوطنين بالضفة الغربية , تحرض على عدم السماح للفلسطينيين بجني محصول زيتونهم هذا العام وكانت هذه المنشورات قد وزعت بالآلاف على كافة تجمعات المستوطنين في مغتصباتهم على الأرض الفلسطينية . إن الزيت والزيتون يشكلان عنصرا هاما من عناصر الصراع و البقاء بين المستوطنين اليهود و الفلسطينيين اجمع و ليس الفلاحين فقط وإنما كل شرائح و تجمعات أبناء هذا الشعب الأبي , لهذا تدرك القيادة الفلسطينية أهمية مواسم القطاف و الحصاد أن كان قمحا أو زيتون و تصدر التوجيهات باستمرار إلى كافة عناصر الشرطة الفلسطينية بالتطوع
إلى جانب الكتل الوطنية من طلاب و عمال و موظفين للمبادرة بالالتحاق بصفوف الفلاحين الفلسطينيين للمساعدة بجني الثمار و المشاركة في هذا العرس الوطني الرائع , عرس الحكايات التاريخية القديمة لكل شجرة زيتون . أنها الأيام الرائعة في حياة الفلاح أيضا عندما يري الجميع يمد يده ليساعده إن كان وزيرا أو رئيس الوزراء أو كان موظفا بسيطا أو حتى شرطيا بسيطا, و قد بادر الأخ سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني بافتتاح هذا الموسم لإدراكه العميق أهمية هذا الموسم لكل من الفلاح الفلسطيني و الدولة دون تمييز , انه الانتماء للأرض و الوطن و المواطن و
الانتماء إلى شجرة الزيتون المباركة التي تمدنا بما يقوي سواعد أبنائنا و أصلابهم الفتية ليصبحوا رجالا يطلبهم الوطن على الدوام ليكونا في خندق الدفاع عنه و عن مقدراته .
ما كاد موسم القطاف يبدأ حتى بدأت حرب المستوطنين ضد أصحاب الزيت و الزيتون ,و جاء ما هو متوقع من أعداء الإنسانية, فقد عمدوا إلى الاعتداء على قاطفي الزيتون في حي وادي الحصين في مدينة الخليل والواقع على التخوم الغربية لمستوطنة "كريات أربع" بالرغم من وجود متطوعين ناشطين فلسطينيين و أجانب وهبوا جهدهم و قليل من أيام حياتهم لمساعدة أهل الزيت و الزيتون , واستنادا إلى احد المتطوعين الذين شاركوا في النشاط فإن المستوطنين قاموا بسرقة الدِلاء والأكياس المليئة بالزيتون الذي قطفه المزارعون والناشطون ومن ثم ألقوا بمحتوياتها على الأرض وداسوا
عليها بأقدامهم , بل تعدي الأمر هذه الهجمة ليقوم عددا من المستوطنين انطلاقا من مستوطنة " نجيهوت" المقامة فوق أراضي مواطنة قرية "فقيقيس" غرب بلدة دورا ، بقطع عدد من أشجار الزيتون القريبة من المستوطنة المذكورة، والتي يزيد عمرها عن 30 عاما. أما في رام الله, فقد قام المستوطنين مؤخرا بقطع ما يزيد عن 150 شجرة زيتون في بلدة دير عمار في المحافظة ، بالإضافة إلى حرق آلاف الدونمات
وقطع عشرات آلاف الأشجار، الاستيلاء على الأرض تأخذ شكلا أخر من الحرب المتوحشة ضد أراضي الدولة الفلسطينية و زيتونها , فقد قضم الجدار العنصري الكثير من الأراضي الفلسطينية والعديد من أشجار الزيتون , كما حدث في عابود التي فقدت ثلث أراضيها بسبب هذا الجدار ,و .لم تتوقف الحرب على الزيتون و قاطفيه عند دورا الخليل بل وصلت إلي كافة بلدات الضفة الغربية و على امتداد جدار الفصل العنصري ,من الجنوب إلى أقصي الشمال ,فقد هاجم العشرات من المستوطنين المتطرفين قبل أسبوع قاطفي الزيتون في قرية بورين جنوب نابلس ، ورجموهم بالحجارة, هذا عندما تدفق عشرات
من المستوطنين الصهاينة من مستوطنة براخا نحو حقول الزيتون في القرية بغية منع الفلاحين من قطف ثمار زيتونهم وقد اعتدي المستوطنين على المواطنين ، خاصة في قرى الريف الجنوبي والشرقي . بالفعل أنها حرب من نوع أخر أنها حرب الصهاينة على الزيتون الفلسطيني و حرب الزيت الدافئ , يد تقطف زيتون و أخري تقذف حجرا تدافع بها عن حضارة الآباء و الأجداد , و يد تلملم ما تقطف الأخرى و يداً ترفع الفأس لتدافع عن الأرض و الإنسان و الزيت و الزيتون.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: الرجل الآلي الشهير -غريندايزر- يحل ضيفا على عاصمة


.. فيديو: وفاة -روح- في أسبوعها الثلاثين بعد إخراجها من رحم أم




.. وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع


.. جنوب لبنان.. الطائرات الإسرائيلية تشن غاراتها على بلدة شبعا




.. تمثال جورج واشنطن يحمل العلم الفلسطيني في حرم الجامعة