الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية جادة

يحيي رباح

2009 / 10 / 22
القضية الفلسطينية


من المشروع جدا ومن المهم جدا في آن واحد، أن يوسع الشعب الفلسطيني فعالياته، ضد الاستيطان بأكبر قدر ممكن في هذه الأيام على وجه الخصوص، وأن تقوم الهيئات السياسية والوطنية على اختلاف أنواعها بتكثيف التيار المقاوم للاستيطان، والمصطدم مع الاستيطان على مستوى التفاصيل اليومية الدقيقة، لأن المرحلة الحالية تشهد نوعا من التوافق على صيغة ما بين الإسرائيليين والإدارة الأميركية على تجميد جزئي ومؤقت للأنشطة الاستيطانية الظاهرة والعلنية، مثل تلك التي تقوم بها الجرافات الإسرائيلية حين تبدأ الحفر والبناء في قطعة ارض جديدة في الضفة، سواء كانت ملكية خاصة او عامة، وسرعان ما ترتفع أعمدة الاسمنت وتبدأ الخلاطات بصب السقوف، وتبدأ المنطقة المحيطة بهذه البؤرة الاستيطانية الجديدة بالتآكل على هيئة طرق للمستوطنة، ومنشآت عسكرية وأمنية وحكومية وغيرها!

هذا الشكل الاستيطاني يعلن بصخب كبير عن وقفه في المرحلة المقبلة، بل ويتم الاتفاق مع مجالس المستوطنين على الإعلان ظاهريا عن التزامهم بهكذا توافق.

ولكن الاستيطان أوسع من ذلك بكثير، وله ألف وجه غير هذا المظهر التقليدي، حيث "اليشع "وهو المجلس الأعلى للمستوطنين، له قدرات كبيرة ممتدة في المجتمع الإسرائيلي تجعله مفلوت اليد إسرائيليا ولكن بأشكال أخرى!

فقد ثبت طيلة السنوات الماضية أن مجالس المستوطنين اليهودية، والنشاط الاستيطاني بوجه عام، له نفوذ كبير في نسيج دولة إسرائيل رسميا وشعبيا، مثل النفوذ القوي داخل المؤسسة العسكرية وجنرالاتها، والنفوذ في قطاع الأعمال، والنفوذ في الجهاز القضائي والتشريعي، ناهيكم عن النفوذ في المؤسسات الأمنية التي هي جوهر الكيان الإسرائيلي كله.

وعلى سبيل المثال فان هجمة الاستيطان اليهودية ضد القدس، تحاول هذه الأيام أن تجد لها عناوين مخادعة كثيرة، كالقول مثلا أن ما يجري في حي الشيخ جراح هو مجرد استعادة قانونية للأملاك اليهودية ليس إلا!

والادعاء ان المنطقة القريبة من الحرم القدسي كان يوجد فيها ستة كنس يهودية، فأين ذهبت؟
وأن بعض البيوت الفلسطينية التي يتم هدمها الآن في القدس كانت أقامتها وكالة غوث اللاجئين وهي لا تملك الحق في ذلك!
أو أن الأراضي التي أقيمت فوقها هذه البيوت الفلسطينية التي صدر بحقها قرارات هدم في مدينة القدس، منحت بقرار من الحكومة الأردنية قبل الاحتلال في العام1967، وأن الحكومة الأردنية لم تكن تملك الحق, بالإضافة إلى أن جهاز القضاء الإسرائيلي والمحاكم المختصة متورطة بشكل كبير في قبول وثائق ملكية يهودية مزورة، أو على الأقل لا يمكن الاعتداد بها لو كان القضاء الإسرائيلي محايداً وموضوعياً وبعيداً عن الانحياز الأعمى.
خلاصة القول أن الحراك الشعبي الفلسطيني الواسع ضد الاستيطان هو القادر وحده على كشف هذه الحالة الكبيرة من الخداع التي تمارسها دولة إسرائيل.
لنا نحن فلسطينيين في هذه المرحلة ما نفعله على نطاق واسع، وما يخرجنا أيضاً من حالة الركود والإحباط التي نمر بها، وما يجعلنا نجدد نضالنا الوطني ونخرج به من الدوائر التي غرق فيها منذ حدوث الانقسام حتى هذه اللحظة، لأن الانقسام موضوعياً حسب التخطيط الإسرائيلي، كان مقدراً له من الأساس أن يستنفذ الجهد المخصص للحياة الوطنية عن طريق استهلاكه في هذه المتاهات الهابطة التي نراها على مدار اليوم والساعة والدقيقة في حياتنا الفلسطينية، لدرجة أننا أصبحنا مشغولين بأنفسنا، بصراعاتنا الذاتية، بجراحنا التي نسببها لبعضنا، أكثر مما نحن مشغولون بالهم الوطني والأجندة الوطنية وعلى رأسها مواجهة الاستيطان، لأن الاستيطان يعني الأرض، والأرض تعني حلمنا الوحيد ومشروعنا الوحيد الممكن وهو قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.
ثم ان توسيع دائرة الفعاليات الوطنية ضد الاستيطان، لا يقتصر على كشف الخداع الإسرائيلي وإنما يتعدى ذلك الى كشف التراجع والانسحاب من جوهر المشروع الوطني الذي تغرق فيه بعض الأطراف الفلسطينية تحت غطاء من الادعاءات المختلفة!
وهكذا فان توسيع نطاق الفعاليات الوطنية ضد الاستيطان، يمكن بنوع من الرؤيا الجديدة، أن يتحول الى أسلوب شامل للحياة، فما دمنا نعيش فوق أرضنا، ونخوض صراع الحياة والموت من أجلها، فان سلوكنا اليومي سياسياً واجتماعياً وثقافياً يجب أن ينبثق أصلاً من هذه الحقيقة، حقيقة أننا نناضل من أجل أرضنا، وأن هذا النضال لا يقتصر على نخب أو مجموعات صغيرة تنحدر الى مستوى التناقض بينها، بل هو نضال واسع جداً، ومستمر، ومبدع، الى حد أنه يستوعب جهد الملايين من أبناء شعبنا على امتداد أرض الوطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: القيادي اليميني المتطرف إريك زمور يتعرض للرشق بالبيض


.. وفد أمني إسرائيلي يزور واشنطن قريبا لبحث العملية العسكرية ال




.. شبكة الجزيرة تندد بقرار إسرائيل إغلاق مكاتبها وتصفه بأنه - ف


.. وزير الدفاع الإسرائيلي: حركة حماس لا تنوي التوصل إلى اتفاق م




.. حماس تعلن مسؤوليتها عن هجوم قرب معبر -كرم أبو سالم- وتقول إن