الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذكرات فراشة في بلاد العم سام (1)-دين الحب-

لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)

2009 / 10 / 23
الادب والفن


أدين بدين الحب أنّى توجهت ركائبه ...فالحب ديني و إيماني
(محي الدين بن عربي)


كتبت بيت الشعر هذا -بعد ترجمته إلى اللغة الإنكليزية- على الدفتر الأزرق الجميل ل " سام " ذو السنوات الثمانية، الطفل الأشقر الجميل و ابن الجيران الذي يلعب مع ابنتي في الحديقة كل عطلة .
وهذا الأمريكي الأشقر كان له الفضل الكبير في تعلم ابنتي اللغة الإنكليزية فهو يتحدث طوال الوقت حتى أنّه لم يكن مقتنعا بفكرة النوم ...فقد أخبرني جدّه أنّه يهرب من السرير و يحارب النعاس مطوّلا ،و هو يصيح : لم أنه حديثي بعد ...
اعتاد " سام " الذي يكبر ابنتي بعدة سنوات أن يجلس قربي في الحديقة العامة ، يغرقني بأسئلة طفوليّة عن الحياة و الموت ، الحزن و الفرح ، الطفولة و الكهولة ...و كانت طريقة أكله لبعض الحروف تضحكني ، و تضحك ابنتي على ضحكي .

حدث ما سأحكيه لكم في يوم العطلة السابق ، في الثامنة صباحا عندما كنت أعد قهوة الصباح ،و سمعت نقرا خفيفا على الباب.
نظرت من خلال الستائر البلاستيكيّة التي تغطي باب المطبخ لأجد قدمين صغيرتين ترتديان خفا أزرق و( تنطّان) من البرد .
دخل " سام " البيت باكيا ،ضاما دفترا أزرقا إلى صدره ، و صامتا تماما على غير عهدي به .
كان أنفه الصغير محمرّا من البرد ، بشكل متناسب مع منامته الحمراء المليئة بالنجوم .
طبعا لم يخطر ببال عروبتي سوى مكروه قد أصاب الجد ، و تهدج صوتي و أنا أسأله عنه ...فقطع صمته بصوت حزين :
-جدي نائم و كذلك "رو " .
" رو " نائم ..عظيم ، قلت في نفسي : بما أن الكلب " رو " نائم فبيتهم بخير .
و عندما سألته عن سبب بكائه ، فتح دفتره الأزرق على ورقة محددة فيها العديد من الخطوط الملوّنة ، ثم أجابني : لم أنم من الكوابيس ..لقد قالت لي " كلير" أنني لست صالحا ، لأنني لا أذهب إلى الكنيسة ، و رسمت لي الطريق هنا ...
ثم كفكف دموعه بكم منامته و سألني :
ما هي هذه الشجرة التي يجب أن نتسلقها حتى نصل إلى الله ؟! لقد سخرت مني و من عدم معرفتي هذه الشجرة التي أسمتها دينها ؟

ذكرتني رائحتها بفورانها ..قهوتي أصبحت الآن للشم ، و للهرب أيضا ...اعتذرت منه لأنقذ ما بقي من القهوة .
ماذا سأجيب هذا الطفل الذي لا أعلم عن ديانة أبويه شيئا ، و حتى لو كنت أعرف هل من حقي أن أورثه ألقابا يحملونها ...
مئة فكرة دارت في عقلي ، و مليون لعنة ...
رجعت إلى دفتره الأزرق و كتبت على الصفحة الأولى بيت شعر " محي الدين بن عربي " ، ثم قلت له مشيرة إلى رأسه الصغير :
"سام " الله موجود هنا لا حاجة بك لتسلق الأشجار ، ثم شرحت له بيت الشعر .
ضحكت عيناه و هو يردد آخر ما قلته له : كل من أحبهم في هذا العالم يحملون نفس الدين ، دين الحب ...دين الحب .
ثم قبلّني و هو يضحك : أيقظيها أريد أن نذهب إلى الحديقة ...

يتبع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصيدة الشاعر عمر غصاب راشد بعنوان - يا قومي غزة لن تركع - بص


.. هل الأدب الشعبي اليمني مهدد بسبب الحرب؟




.. الشباب الإيراني يطالب بمعالجة القضايا الاقتصادية والثقافية و


.. كاظم الساهر يفتتح حفله الغنائي بالقاهرة الجديدة بأغنية عيد ا




.. حفل خطوبة هايا كتكت بنت الفنانة أمل رزق علي أدم العربي في ف