الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشروع الاستراتيجي الإيراني وواقع الأنظمة العربية

موفق الرفاعي
كاتب وصحفي

(Mowaaffaq Alrefaei)

2009 / 10 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


سياسات المدى المنظور - ولا نريد القول: قصيرة النظر- في العلاقات الدولية، هي سياسات مصلحية آنية أنانية، لا تقيم اعتبارا لمصالح عامة الشعوب والبلدان. إي انها لا تحسب حسابا للأمن والاستقرار الدوليين.
فقط تحرص على حصد ما يمكنها من مصالح حتى لو ادت عملية الحصاد هذه الى قحط عالمي.
مثال ذلك تصريحات وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي قبل اكثر من شهر حول المشروع النووي الايراني، والتي وصف فيها التهديد النووي الايراني بانه "مبالغ فيه" مؤكدا ان لا شيء يدعــو الى الاعتقاد ان إيران يمكن ان تمتــلك الســلاح النووي على المدى القصير. موضحا "نعم، نيــات إيران أمر مثير للقلق.. لكن فكــرة انه في الغد ومع استيقاظنا من النوم في الصباح ستكون إيران قد امتلكت السلاح النــووي، هي فكرة لا تصمد امام الوقائع".
لا شك هناك مصالح تربط إيران وروسيا كما تربط دولا أخرى في أوربا مثل ألمانيا بخاصة والاتحاد الاوربي بشكل عام. ونعلم ان المحافظة على تلك المصالح بل والعمل على تطويرها وتنميتها يبقى هدف جميع الأطراف. غير ان ما لا يجب إغفاله او التهاون فيه وجعله في مرتبة أدنى من مرتبة المصالح الاقتصادية والعلاقات التجارية هو الأمن والسلم العالميين لأنه وببساطة شديدة لا يمكن المحافظة على مصالح الدول في عالم مضطرب ويقع تحت تهديد القوة من هذا او ذاك من الأطراف.
فاللحظات الأكثر انتعاشا على مستوى الاقتصاد العالمي كانت هي اللحظات التاريخية الأكثر استقرارا على المستوى السياسي والأمني.
وإذا كانت روسيا او الكثير من دول أوربا في منأى عن ما يشكله المشروع النووي الايراني من خطر عليها بما تمتلكه من أدوات تصدي وردع فورية، فان دول الشرق الأوسط وبخاصة دول الخليج والعراق سيكونون الأكثر تضررا من ذلك المشروع خاصة وان إيران لا تخفي اطماعها التاريخية في هذه المنطقة ولا تنفي احلامها في السيطرة عليها.
واذا كان سيرغي لافروف يقر بان "نيات إيران مثيرة للقلق" فلماذا يريد منا الانتظار الى ما بعد الغد – طالما ان هذا لن يكون "في الغد"!!!- حين نستيقظ من النوم في الصباح على صوت الرئيس الايراني وهو يعلن إجراء التجربة النووية الإيرانية؟!
أليس الأولى به ان يضع مصلحة امن العالم فوق كل اعتبار ومنابع النفط وممراته الى العالم فوق كل مصلحة، وهو وزير لدولة كبرى وإحدى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ما يجعلها امام مسؤولياتها في حفظ الامن والسلم الدوليين!؟
ان السعي الايراني نحو امتلاك الأسلحة النووية هو سعي جاد وحثيث بل لقد أصبح الهدف الاستراتيجي رقم واحد للدولة والنظام الإيرانيين خصوصا بعد إعلان الهند وباكستان امتلاكهما القنبلة النووية والقيام بتجاربهما على ذلك السلاح، وهما دولتان قريبتان من إيران ويمدان نظرهما الى مناطق جغرافية ينافسانها عليها وتعتبرها إيران ضمن مجالها الحيوي.
وليس كما يتردد او يراد لنا ان نعتقد بان إسرائيل هي الدولة المستهدفة من وراء السعي لامتلاك إيران القنبلة النووية كما تشيع إيران تلميحا ويردده تصريحا من ورائها حلفاؤها، وإنها الدولة الوحيدة في المنطقة المتضررة من المشروع النووي الايراني كما تعلن دائما.
ان فلسطين ليست جزءا من التراب الايراني ولا الشعب الفلسطيني المشرد في افاق الدنيا او المحاصر داخل حواجز الكونكريت على الأراضي الفلسطينية هو احد الشعوب الإيرانية ليتحمل النظام الايراني كل هذا الحصار والعداء والتربص من المجتمع الدولي ويتحمل الشعب الايراني نتائج هذا كله من فقر وتخلف.
حين أرادت إسرائيل الإجهاز على مفاعل تموز العراقي (اوزيراك) في 7/6/1981 بعد عشرة أشهر من بدء حرب الخليج الأولى، فانها لم تتردد، والاهم انها حتى لم تعلن عن نيتها قصفه، كما هو موقفها الآن مع المشروع النووي الايراني والذي لا يتعدى الثرثرة الإعلامية، لأنها تعرف ان مفاعل تموز العراقي لو قيض له ان يستكمل وينتج القنبلة النووية فسيشكل اكبر تهديد لوجودها او في الأقل كان سيشكل عنصر توازن في المنطقة يجهض أحلام إسرائيل في التفوق.
ان إيران لديها مشروع تاريخي طموح في التوسع والهيمنة ولديها أيضا تطلعات إمبراطورية تعد لها بطرق متعددة وتسعى إليها بأساليب شتى وان بناء القوة العسكرية النووية ليس خارج هذا المشروع ولا بعيدا عن هذه التطلعات بل هو في صلبه ومن اجله.
لقد رأينا كيف ان النظام في إيران قبل التعاون مع الإدارة الأمريكية-الشيطان الأكبر- او ربما اقترح عليها هو ذلك، في غزوها أفغانستان ومن بعدها العراق بالرغم من وجود الف سبب وسبب يجعل إمكانات هذا التعاون تبدو مستحيلة الا ان إيران كانت تعلم بفائدة هذا التعاون لدعم مشروعها وان ذلك كان خطوة عريضة من اجل التقدم باتجاه تحقيقه وهو ما حصل فعلا.
الاتحاد الأوربي وروسيا إضافة الى الولايات المتحدة الأمريكية ومعهما إسرائيل وتركيا، جميع هؤلاء مهتمون بالمشروع النووي الايراني وان كان بدرجات تتحكم فيها حجم المصالح المتبادلة لكل طرف على حدة مع ايران. الغائبون الوحيدون عن الاهتمام بتداعيات ونتائج هذا المشروع الخطير بالرغم من انه اول ما يستهدفهم هم العرب.
هل هو الضعف.. وبالتالي الاستسلام؟
ام هو الركون الى الحماية (الدولية) التي كفلتها الاتفاقيات الأمنية الثنائية وهم اول من يعرف انها متغيرة وليست ثابتة في السياسة الغربية، ولقد عانوا من نتائجها؟ هل من حاجة للتذكير بالرسائل المتبادلة ما بين الشريف حسين والسير هنري مكماهون!؟
أم هي الثقة بما يزجيه الإيرانيون إليهم وان عبر الأثير من لافتات وشعارات ومنشورات وعبارات إسلامية؟ وعبر الحدود مما يعلمون ومما لا يعلمون!؟
ام هي القناعة بوجود القنبلة العقائدية فما حاجة إيران للتعامل معهم بالقنبلة النووية؟
أظننا على مشارف مرحلة تقتضي من جميع الأنظمة العربية صغيرها قبل كبيرها وضعيفها قبل قويها، نسيان الخلافات فيما بينها والتعامل مع المشروع الاستراتيجي الايراني بجدية بالغة ووضع الخطط من اجل ذلك والا فسنستيقظ في الصباح لا على اعلان امتلاك إيران للقنبلة النووية كما لا يتوقع لافروف، بل وعلى صيحات المزايدين وهم يبيعوننا بابخس الأثمان الى هذ الطرف او ذاك..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحقد العنصري العربي
منجد الخولي ( 2009 / 10 / 24 - 02:46 )
وماذا عن الخطر النووي الصهيوني الا يشكل خطر على الامة العربية ام عسل وزبادي صهيوني ؟

اخر الافلام

.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟


.. ماكرون يثير الجدل بالحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا | #غرفة




.. في انتظار الرد على مقترح وقف إطلاق النار.. جهود لتعزيز فرص ا


.. هنية: وفد حماس يتوجه إلى مصر قريبا لاستكمال المباحثات




.. البيت الأبيض يقترح قانونا يجرم وصف إسرائيل بالدولة العنصرية