الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفغانستان وطقوس فرانسيس كوبولا !

عادل الخياط

2009 / 10 / 24
الصحافة والاعلام


لم أشاهدها وتمنيت لو شاهدتها وأشاهدها . هل هي من ضمن الرعيل الكوني المتدفق أم لم تزل تقضم الحجر والشجر .. أنا من ضمن الذين يعشقون قضم الشجر وليس الحجر لأنه .. هذه التضريسة أشبه بحكايات الملفوفين بهشيم الكون : أغنام وإبل وماعز وعمائم ولُحى وبراقع وقنابل وسراويل وأفيون وتراتيل قرآنية وأحاديث ودم وجماجم.. لكن الأهم إنها آفاق بلا ملامح مدنية .. مرة واحدة كنت أتمنى أن تظهر لي أو يظهر مسؤول يزور هذه الكينونة المنفلتة من عُمق العدم وأشاهد معالم مدينة , أية معالم مدينة : سوق , خان , بناية , أي معلم يدل على ما أتوق لرؤيته , أضع رقبتي نحرا لكي أرى معلما من هذا النوع ! .. مرة واحدة شاهدت العاصمة - كابل - عندما سيطر الشيوعيون عليها سنة 1979 , تلفزيون بغداد عرض المظاهرات التي إنطلقت في كابل تأييدا للشيوعيين , بمعنى شاهدت مدينة وليس - براح عدمي - هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها معالم مدينة وليس - خيام وتراب وعمائم وماعز وإبل - .. يعني لا يُمكن أن تتخيل , حتى زيارة السناتور الأميركي كيري هذه الأيام عندما عرضتها الـ CNN وبقية المحطات لم أشاهد معالم مدينة !! إلى درجة أنني أحيانا أحاول أن أسأل بعض الأفغان هنا في كندا : هل تعيشون في خيام أم بيوت من طين أو طابوق أو كيف يعني ؟ ..وإذا كنت شاهدت مدينة كابل سابقا في أحداث سنة 79 , فهل ألغيت هذه المدينة بعد سيطرة طالبان ليُحولوها إلى منتجعات قرآنية .. هذه التساؤلات ليست عدمية إنما ..

لكن الأكثر تعجبا عن خبر يقول : إضمحلال التمويل المادي لتنظيم القاعدة .. وتلك إشكالية , فما معنى أن يرفض أو ترفض حكومة طالبان الحاكمة في أفغانستان سنة 2001 تهديد الأميركان بتسليم قيادات القاعدة في أفغانستان بعد أحداث 11 سبتمبر , التهديد الذي يعني سقوط حكومة طالبان , ثم واصلت موقفها ولم تُسلم جماعة القاعدة وبعدها أسقطت تحت ضربات الناتو العسكرية .. ومن ثم ياتي الخبر الراهن ليقول : إضمحلال تنظيم القاعدة ماديا , وتوقد طالبان جهاديا وماليا , فهل طالبان ذات صلة بالقاعدة ماديا وجهاديا , وإذا كانت كذلك وما دامت إنها مُتضخمة ماديا - طالبان - فما معنى الإضمحلال المادي القاعدي ؟

هذ الإشكالية تصدر من بلد لا يمتلك هيكلا ظليا , أو أن طالبان قد أحالته إلى خراب قرآني .. فهل تعني هذه الطقوس الغير مرئية والغير مفهومة أنها ذات طقوس " كوبولا " في القيامة الآن أو الرؤية الآن : أدغال ومستنقعات وقصب يتطاير شررا وكائنات مجدورة وموبوئة وثيران تُشق ظهورها بالأطبار والحراب وسط تراتيل أقوام بدائية وجنرال أسير يُفصح عن كل ذلك : إنه الهول , إنه الهول , الهول .. !؟ .. وهنا لُحى وعمائم وقرون منغولية وسراويل وبراقع وترانيم قرآنية ورطنات بشتونية وكهوف جبلية وصحار تقتل البعير والضب بهجيرها الجهنمي , هنا أفيون ودروشات وإبتهالات بدوام هذه النِعم الإلهية العظيمة .. هنا كل شيء , كل الأشياء , كل الرموز الطقوسية .. هنا شيخ يُهاجر عبر الهجير فيموت بعيره وحصانه وحفيده , فينتفض في وجه عابر سبيل : عن موت الإله - نيتشة أفغانستان - ,لا تحدثني عن الإله بعد ذلك , الإله مات منذ زمن بعيد ؟ فهل ينعم علينا - كوبولا - بأسطورة شبيهة : بالقيامة الآن .. بقيامة جديدة؟

وهنا يا سيد - كوبولا - الرمزية أشد إيغالا : أفيون ونفط وأزمة تمويل مالية , كيف هذا ؟ جورج بوش وأسامة بن لادن يُعتبران نجمان مُتألقان في عالم السمسرة النفطية , وهما مقترنان بأفق تاريخي علاقاتي مميز حسب المُعطيات الإعلامية , إلى حد إنه بعد أحداث 11 سبتمبر بسنوات طويلة لم يصدر قرار قضائي أميركي بحق تجميد أموال عائلة بن لادن - مع إحترامنا للقضاء الأميركي في حياديته , لكنه ربما يظل خاضعا ولو جزئيا لمردودات سياسية أو مالية - .. في الأفق الآخر الـ - مُلة عُمر - زعيم طالبان ولفيفه هم تجار الأفيون الأفغاني الذي تقول عنه المعلومات أنه المصدر الرئيسي الأفغاني , وبالمناسبة موضوعة الأفيون الأفغاني وعصابات المجاهدين المُتاجرة به كانت موضع جدل في الكونغرس الأميركي منذ الوجود السوفيتي في أفغانستان , لكن ساسة البيت الأبيض والبنتاكون وحتى الكونغرس بلفيفه المُزدوج كان همهم الأول هو هزيمة السوفيت هناك , وحتى بعد إنسحاب السوفيت وزمن كلينتون والضخ بإتجاه طالبان وسقوط أحمد شاه مسعود ( يا للعهرنة الأميركية ) , لكن الموضوع بقي على أي حال موضع قلق في الكونغرس الأميركي .

واليوم تضخمت المشكلة لتصير ثلاثية البُعد : تجارة الأفيون , والتورط العسكري الأميركي , وإنفلاق نجم القاعدة .. إذن , وحسب هذا من أين جاءت لنا الإستخبارات الأميركية بنبأ : إضمحلال التمويل المادي للقاعدة ؟ فبالإضافة لما ورد : إن تنظيم القاعدة لا يُمثل أو لا يتكون من حلقات كلاسيكية التكوين , إنما يُمثل مفهوما أو نهجا عاما , لا يعتمد على تمويل محدد , ولا يعتمد أوامر عسكرية عُليا في تنفيذ مهامه , القاعدة هي رؤية مركزية في النظر إلى العالم والأحداث , وكل أحداث لندن ومدريد وغيرها تؤكد هذا النبع ؟ الواقع إن إيهام الإستخبارات الأميركية للعالم هذا متواضع جدا ... والمُخرج - مايكل مور - هو الأكثر رصدا لهذه التواضعات الخبرية .. مع بقاء طقوس - فرانسيس كوبولا - الرمزية ضرورة أو الضرورة القصوى في هذا المخاض الغامض حقا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -صانع قدور- و-بائع كمون-.. هل تساءلت يوماً عن معاني أسماء لا


.. حزب الله ينسق مع حماس وإسرائيل تتأهب -للحرب-!| #التاسعة




.. السِّنوار -مُحاصَر-؟ | #التاسعة


.. لماذا تحدى الإيرانيون خامنئي؟ | #التاسعة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | ما جديد جولة المفاوضات بين حماس وإسرائيل ف