الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وفشل الحل السحري؟

محمد طيفوري

2009 / 10 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


بإنهاء شهر مايو تكون المبادرة الوطنية للتمنية البشرية التي أطلق العاهل المغربي الملك محمد السادس انطلاق مشروعها في 18مايو من عام 2005 قد استكملت أربع سنوات، تبدو لنا كافية للتساؤل عن المنجزات والمشاريع ما تحقق منها وما لم ينجز بعد. خصوصا وأن كل الفاعلين السياسيين أجمعوا عليها، فمنهم من صار بين عشية وضحاها خبيرا في التنمية البشرية يشرح للمغاربة فلسفلة المبادرة وغاياتها وأفقها وأكثر من هذا رأى بعضهم أنها الحل السحري ومفتاح الخلاص لإخراج المغرب من هشاشته وكل الأعطاب التي تلتف حوله. إنها شعار المرحلة فكل المشاريع والبرامج العامة و الخاصة والجمعوية أضحت في خدمة التنمية البشرية، بل حتى المهرجانات الموسيقية صارت تعلن اشتغالها بروح المبادرة.
لقد جاءت هذه المبادرة لتقليص الفقر والعجز الاجتماعي في المناطق السوداء ضمن خريطة الفقر الخاصة بمغرب العهد الجديد، من خلال سعيها لاستهداف غايات أساسية تكمن في:
توسيع استفادة جملة من الشرائح الاجتماعية من التجهيزات والمرافق الاجتماعية كالصحة، التعليم، الماء، الكهرباء، محاربة الأمية،...
تشجيع الأنشطة المدرة للدخل القار من خلال إنشاء تعاونيات ومراكز اشتغال جماعية لبث روح التعاون بين أفرادها.
تقديم العون لأشخاص في وضعية هشة وذوي الاحتياجات الخاصة سعيا للإدماج في المجتمع.
مبادرة لم تستكمل بعد شروطها الذاتية و الموضوعية للولادة حيث لم ينشأ مرصد وطني يضم خبراء في التنمية البشرية إلا في السنة الثانية من انطلاقها. مع إشارة هامة تكمن في سحب البساط من تحت أرجل القطاعات الحكومية المعنية فالعمال والولاة هم الآمرون بالصرف، ما يعني أن الإشراف من نصيب أم الوزارات ـ أي وزارة الداخلية ـ، الرامية من خلال فعلها هذا إلى التدخل السريع كلما انبرت أزمة في الأفق. علما أن تقرير البنك الدولي وتقرير ماكنزي اللذين خرجا قبيل إطلاق المبادرة حذرا من المستقبل الأسود للاقتصاد الوطني الذي بدأت تباشيره تلوح في الأفق مع الأزمة الاقتصادية العالمية.
المبادرة الوطنية للتنمية البشرية حسب الخطاب الرسمي ساهمت في خلق 30 ألف منصب شغل من خلال الأنشطة المدرة للدخل( ما يعني أن منح معزة لسيدة قروية يعني إحداث منصب شغل) على حد تعبير السوسيولوجي المغربي عبد الرحيم العطري، وهنا نتساءل عن فلسفة اشتغال المبادرة وجدوائيتها في الواقع المغربي المعقد والمتأزم، الذي يفرض دراسة تفكيكية وتحليلية على كافة الأصعدة لأزماته الأخطبوطية قبل الإقدام على الحلول إن جاز الحديث عنها. فالأرقام والإحصائيات التي يكشف عنها بين الفينة والأخرى حول منجزات المبادرة وحصيلتها تظهر بجلاء أن غياب الدراسة المسبقة لكل من الواقع والحل السحري وكيفية تنزيله تجعل نجاعته في هذا الواقع المتأزم في خبر كان.
إن المبادرة لم تقدر على الحد من تنامي الحركات الاحتجاجية التي تتزايد وثيرتها مع توالي السنين فعلى مدار 2008 انتفضت العديد من المناطق في كل جهات المغرب احتجاجات بومالن دادس (يناير)، ثورة سيدي افني (يونيو)، مسيرة الجياع بزاكورة (غشت)، مسيرة الفيضانات بإمنتانوت (أكتوبر)، انتفاضة آيت يحيى بالراشدية (دجنبر)... ، نشير إلى ملاحظتين جوهريتين بخصوص كل هذه الانتفاضات تكمن أولها في اشتعال فتيلها في المغرب العميق حيث الفلاح الذي لم يعد مدافعا عن العرش كما كان يصفه ريمي لوفو، والأخرى في اجتماعية المطالب المرفوعة في هذه الاحتجاجات وغيرها والمرتبطة بالمعيش اليومي بعيدا عن المطالب الحقوقية والسياسية التي كان بإمكانها تحقيق الأولى لو توفرت ما يطرح إشكال مدى قدرة هؤلاء على المساهمة في بناء مغرب الخطاب الرسمي أي المجتمع الديمقراطي الحديث.
مرة أخرى يخطئ المغاربة الموعد مع التغيير فالمبادرة لم تقدهم إلى الرفاه الاجتماعي الذي وعدوا به من قبل المبشرين بها، بل لم تقدر على تدبير القائم من الأوضاع فكيف تستطيع تقديم البدائل التي تفنن عرافوا السياسة في الحديث عنها. ربما بهذا القول نظلم التغيير أو الموعد لأن المغاربة من لم يكونوا واضحين منذ البدء مع أنفسهم حين لم يجيبوا على الأسئلة الاجتماعية والسياسية الملازمة لولادتها أهي محاولة لدعم وتقوية مشروعية ومركزية المؤسسة الملكية أمام باقي الفرقاء؟ أم أنها محاولة للم الشمل الاجتماعي واحتواءه بهدف قطع الطريق في وجه كل اللاعبين على هذا الوترـ الاجتماعي ـ؟ أم أن الأمر هذا ولا ذاك بل مرده بكل بساطة إلى كسب الوقت وتسكين التوتر وامتصاص الغضب؟ متى حسمنا مع هذا الإشكال سنكون قد قطعنا نصف الطريق لتقييم المبادرة وإنزالها منزلتها الحقيقة لا تلك التي وضعها فيها السياسيون والإعلاميون المبالغ فيها إلى درجة قد لا يرمي من أطلقوا إلى تبويئها إياها.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي
NADJA ( 2009 / 10 / 24 - 22:37 )
التنمية صارت واظحة في ممتلكاتهم. اما الشعب فلهم السماع الى تراتيلهم الفارغة

اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة