الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصحيح لبعض المفاهيم السائدة،هل توجد قوى ديمقراطية في العراق... ؟

محسن صابط الجيلاوي

2009 / 10 / 24
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


ان توصيف هذه القوة أو هذا الحزب كونه ديمقراطي يجب ان يخضع لمواصفات دقيقة سياسيا وعلميا وقانونيا..بمعنى معين في ظل الأوضاع القائمة كنتاج للنظم السياسية السائدة في العالم أصبحت هناك تعريفات سياسية واضحة المعالم وبديهية ودقيقة لكل منظومة المصطلحات المُشكّلة للقاموس السياسي (الدولي ) لكي لا تُطلق التوصيفات جزافا..!

ولكي يكتسب هذا الحزب أو ذاك صفة الديمقراطية يجب أن تخضع كل آلياته الداخلية ومنظومة العلاقات الفكرية والسياسية التي تؤطر كامل نشاطه ووضعه الداخلي إلى ما هو متعارف عليه عالميا اليوم...!

فالمستوى الأول لكي يكون الحزب ديمقراطيا هو شكل العلاقات التنظيمية التي تسوده حيث الشفافية والتبادل الدائم للأطر القيادية ، التعددية السياسية ضمن إطار الوحدة ، العلنية ، وجود أقلية وأكثرية ووجود أشكال تنظيمية تبيح حرية وجود سائر الأفكار بشأن القضايا السياسية موضع الخلاف ، صحافة حزبية حرة ومفتوحة أمام جميع الآراء ، اعتبار النقد وبلا تفسيرات مسبقة ظاهرة صحية وضرورية واجب دعمها ورعايتها وتشجيعها ، نظام داخلي يرفض أي شكل للمركزية المفرطة ويُطبّق بشكل متساو على الجميع وغير انتقائي يعطي فرصة حقيقية لحرية التعبير والتمثيل المتساوي والعلني ، مصادر مالية معروفة لكل أعضاء الحزب ، حزب يؤمن بالدستور وبحق وجود الآخر واحترام التداول السلمي للسلطة واستقلالية وثبات الدولة ومؤسساتها ويبتعد عن موضوع سيادة طبقة اجتماعية على أخرى وعن مفاهيم دكتاتورية هذه الفئة أو تلك وعن التشكيل التنظيمي وفق أسس قومية أو أثنية أو طائفية ،حزب يتساوى فيه الناس في حقهم الجمعي برسم مشروع عادل للحرية والحياة ...!

كل القوى التي ساهمت في إسقاط الأنظمة الشيوعية سميت ( بالحركات الديمقراطية ) كون الذي كان يمسك بزمام السلطة هي الأحزاب الشيوعية والتي كانت تفتقد للآليات الديمقراطية التي جاءت بها قوى التغيير الجديدة، عندها شكلت هذه القوى الجديدة الصاعدة حديثا ( بلوك اليمين ) ، أي ان القوى اليمينية كانت أكثر ديمقراطية من قوى اليسار ..لاحقا أغلب الأحزاب الشيوعية تماهت مع اليمين الديمقراطي في أغلب هذه الدول عبر تحديث نفسها كليا وقدمت نفسها كونها حركات يسارية جديدة نابذة بذلك الإرث البغيض لسلطة القمع لشيوعية ، لهذا نستطيع القول اليوم أن اليسار واليمين كلاهما يشكلان اليوم حركة ديمقراطية واسعة عمت المجتمع بأسره فالجوهري هو الآليات الديمقراطية والفكرية التي تحكم طبيعة هذه الأحزاب واحترامها العميق للدستور وللتعددية وشكل التداول السلمي للسلطة وكذلك الوطنية الجامعة ...!

أي ان مفهوم كون هذا الحزب ديمقراطي ليس حكر على اليسار أو اليمين بل هو ممارسة شعبية واسعة موجودة كون المجتمع الديمقراطي يحدد شكل وطبيعة الأحزاب عبر قانون ينظم عملها وبشكل خاص احترامها للدستور وللتعددية والأهم عليها أن تقدم ممارسة ومنافسة حقيقية في احترام الحرية تنسجم مع طبيعة وأعراف المجتمع الديمقراطي ذاته وإن تضع في المقام الأول ( الإنسان ) كقيمة عليا عليها واجب العمل من أجل حقه في العيش الكريم...!

هنا في أوربا حتى الأحزاب المسيحية ديمقراطية وبشكل قاطع..!

ليس المهم التسميات بل المهم الممارسة العملية ..!

لهذا فالعراق بحاجة إلى حركات ديمقراطية تسودها كامل هذه المثل والأعراف والتقاليد السياسية كما في كل العالم سواء كانت يسارية أو يمينية أو وسط أو دينية إذا أرادت الأخيرة أن تكون متصالحة مع العالم وأسسه الجديدة والحديثة ...!

الخلاصة ان اعتبار التنظيمات الشيوعية في العراق كونها تقع في خانة اليسار أمر صحيح لكن أن تحسب كونها ( قوى ديمقراطية ) فهذا مجاف للحقيقة وعن أي اقتراب أو تعريف لهذا المفهوم ، عقود عشت في أوربا ولم أسمع حد اللحظة ان الحركات الشيوعية ديمقراطية بل التعريف السائد انها حركات يسارية راديكالية وهي دائما تقع في أقصى البلوك اليساري وهامشية أيضا رغم كل الضغط ومحاولة مجاراة الواقع السياسي بحكم آليات الدستور والتاريخ الديمقراطي العميق لهذه البلدان وحرص الناس على منجزاتهم ومنها مشروع الحرية ذاته ....، وبشكل لا يقل فداحة في التلاعب بالمفاهيم اعتبار الحركة التي يقودها منذ عشرات السنيين الشيخ نصير الجادرجي أيضا ديمقراطية ....والمهزلة يضاف أحيانا كون الحزب الديمقراطي الكردستاني ( وهو حزب عشائري وراثي ) وغريمة الاتحاد الوطني وهو منظمة راديكالية تسود فيها سيطرة العائلة إلي هذا التيار ...وبالمحصلة ان هذه القوى مجتمعة ليس لها علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالديمقراطية التي يتحدث عنها العالم وفقهه القانوني والمجتمعي والمؤسساتي بأي شكل من الأشكال ...!

كما ان ليس كل حزب علماني هو ديمقراطي كما تدل تجربة البعث والأحزاب الشيوعية الحاكمة في بلدان عديدة فقد كانت أحزاب رافعة لأيدلوجيات قمعية ...ولو قارنا الأحزاب المحافظة والمسيحية في أوربا وهي علمانية أو قريبة من الكنيسة لكن لها تاريخ عميق في احترام الفكر الديمقراطي وممارسته...!

الديمقراطية – مفاهيم وآليات مفتوحة ورحبة لكل من يريد ان يهتدي بها ولكن المهم ممارستها على الصعيد العملي الكلُي لكي نصدق وبالتالي نحكم على كون هذه الحركة أو تلك ديمقراطية أم لا ...!


ست سنوات مرت على سقوط النظام الدكتاتوري ولحد اللحظة لم اسمع أو أشاهد كمواطن عراقي أي حزب أو حركة سياسية قد قامت بفعالية تنظيمية علنية ومعروفة في بغداد كمثال ديمقراطي يحتذى به ...فالتوريث وحكم العوائل وما يسمى القيادات التاريخية والنضالية هو القاسم المشترك الجاثم على روح وجسد هذه الأحزاب تلك هي الحقيقية الماثلة في شكل القوى السياسية العراقية المؤثرة مجتمعة ، لهذا يسود بحق خراب حقيقي وينعدم أي أفق للتغيير العميق في العراق ...لقد فُرِضت فوقيا أشكال بائسة من دستور وآليات ديمقراطية ليست وطنية ( قومية وطائفية ومناطقية.. ) جاءت بها دعاية المحتل الرافع ( للحرية المزعومة ) لكن الجسد الذي حاول الاستفادة منها حد اللحظة جسد لا يؤمن بها إطلاقا وهو مجبر على تنفيذها كعبد مأمور في أغلب الأحيان حيث هراوات المحتل هي التي توحي لتطبيق شكل تهريجي تفتيتي تنعدم فيه سيادة الدولة والقانون كما نشاهد ونرى اليوم بشكل ساطع وواضح، فليس من المعقول ( ان فاقد الشيء يعطيه )...الموضع يأخذ طابعا شكليا ودعائيا بحتا فيما المواطن يعيش معاناة مستمرة حيث لا ماء ولا كهرباء ولا تنمية ولا حرية حقيقية أيضا ...!

لقد ابتلى العراق بمجاميع سياسية تحاول أن تلوي الحقائق وتشوه إرث وجهد الشعوب الخلاق المشترك في صياغة المفاهيم السياسية التي أصبحت دقيقة وواضحة شانها شان مفاهيم العلوم الأخرى لكن في العراق تجري محاولة لصياغة مصطلحات مثل ( الديمقراطية ، الفدرالية ، الدستور ، الأحزاب ، الانتخابات ، البرلمان ، الدولة ، السلطة ...) وغيرها من المفاهيم السياسية بشكل مشوه وبشع لكي تستمر معاناة الخراب للعقل العراقي عبر استغلال الحالة العراقية التي كانت ولعقود طويلة معزولة قسرا عن العالم الحر والديمقراطي وعن مفاهيم الحداثة والمعرفة والتقدم ...!

فإذا كانت هذه القوى الديمقراطية في العراق ( الجديد ) فما بالك بغيرها...!؟؟

هناك معارك كثيرة تنتظر العراقي منها تحسين حياته المعيشية والخدمية والصحية والتعليمية وبنفس القدر لا يقل عن ذلك أهمية معركة تحرير العقل من الخداع والمتاجرة والتدجين والشعارات واستغلال التغييب المعرفي الذي تعرض له لعقود طويلة في محاولة استمرار الأوهام المريضة التي عشنا عليها طويلا والتي وضعت بلدنا وشعبنا لقمة سائغة في طريق الخراب ...!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بدر عريش الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي في تصر


.. عبد الحميد أمين ناشط سياسي و نقابي بنقابة الاتحاد المغربي لل




.. ما حقيقة فيديو صراخ روبرت دي نيرو في وجه متظاهرين داعمين للف


.. فيديو يظهر الشرطة الأمريكية تطلق الرصاص المطاطي على المتظاهر




.. لقاء الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي