الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كركوك: قربان امريكا على مذبح افغانستان

ستار الدليمي

2009 / 10 / 25
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


في الوقت الذي كانت تصريحات المسؤولين العراقيين ومن مختلف القوى الممثلة في البرلمان تؤكد بأن الخلافات حول اعتبار العراق دائرة انتخابية واحدة ام متعددة والجدل حول اسلوب التصويت في الانتخابات القادمة هل يتم باعتماد القائمة المفتوحة او المغلقة هي التي تحول دون التصويت على قانون جديد للانتخابات طفت فجأة قضية كركوك بوصفها العنصر الذي يقف عقبة دون تشريع القانون الامر الذي أثار العديد من علامات الاستفهام وحرك المخاوف من نوايا الاكراد واختيارهم هذا التوقيت الحساس لاثارة هذه المشكلة.
والمثير للأستغراب أن الموقف الكردي هذا جاء خلافاً للسياقات القانونية المتفق عليها بين المركز و(حكومة إقليم كردستان) لتسوية الخلافات حول كركوك والتي تتم تحت اشراف الامم المتحدة’ وإن بعثة يونامي لاتزال تعقد اجتماعات تجمع ممثلي حكومة بغداد مع نظرائهم في (حكومة اقليم كردستان) لتحديد الحدود الادراية للمناطق المتنازع عليها مع تأكيد البعثة الاممية على ايجاد حل يرضي جميع الاطراف ويحافظ وحدة العراق ارضا وشعبا حسب التصريح الصحفي الذي ادلى به رئيس البعثة الاممية قبل ايام من تفجير الاكراد لقضية كركوك واصرارهم على اقحامها في صلب المناقشات البرلمانية الرامية الى سنّ قانون جديد للانتخابات مما دفع رئاسة البرلمان العراقي الى الاقرار بالفشل في التوصل الى صيغة توافقية لقانون الانتخابات وإحالة الامر الى المجلس السياسي للامن الوطني بعد تلويح الاكراد بالفيتو الرئاسي إثر مطالبة النواب العرب في البرلمان مراعاة الوضع الاستثنائي لكركوك وتقسيمها الى اربع مناطق انتخابية ريثما يتم الانتهاء من تسوية اوضاعها القانونية المنصوص عليها في المادة 140 من الدستور .
ولايمكن فهم الموقف الكردي بمعزل عن التصريحات التي ادلى بها مسؤولون امريكان وتعكس تخوفاتهم من انهيار الوضع الامني في حال تم تأجيل الانتخابات البرلمانية فبعد اقل من شهر على شهادة الجنرال راي اوديرنو قائد القوات الامريكية في العراق امام الكونغرس والتي افاد بها انه سيوصي بسحب 4 الاف جندي من العراق في نهاية تشرين الاول الحالي وان سحب باقي القوات الامريكية سيتم وفق الجدول الذي حدده الرئيس اوباما بسب ما اعتبره تحسناً امنياً ملحوظاً يشهده العراق, لكن الجنرال اوديرنو يعود ليصرح لجريدة التايمز قبل أيام بإن تعهد الرئيس أوباما بسحب القوات الأمريكية من العراق وإنهاء العمليات القتالية فيه بحلول أيلول 2010 أصبح موضع تهديد بسبب المستويات المتزايدة للعنف والمشاجرات في البرلمان العراقي التي قد تؤدي الى تأجيل الانتخابات البرلمانية حسب قول اوديرنو.
ذلك ان المسؤولين الامريكان يعتبرون إجراء الانتخابات محكاً لاختبار التحسن الامني الذي شهدته الساحة العراقية منذ تطبيق خطة الرئيس بوش القائمة على زيادة عديد القوات الامريكية التي بدأت في آذار سنة 2007 وفرصة لأكمال الانسحاب من العراق والتفرغ لأفغانستان التي تواجه فيها القوات الامريكية مقاومة عنيدة من قبل طالبان,ويمكن ملاحظة القلق الذي يسود دوائر صنع القرار الامريكي من احتمالية عودة العنف فيما لو فشل البرلمان العراقي في تشريع قانون جديد للانتخابات يؤدي الى تأجيلها تقول ميشيل فلورنوي مسؤولة شؤون السياسة في البنتاجون ان واشنطن تستخدم كل "سبل التأثير الدبلوماسية وغيرها من سبل التأثير سعيا لضمان اجراء الانتخابات في موعدها." وتضيف في إفادة امام لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب ان الزعماء العراقيين امامهم "اسبوع آخر او اثنان" لتسوية خلافاتهم حول قانون الانتخابات الجديد ولكن يمكنهم ايضا ان يلجأوا إلى استخدام قانون عام 2005 "كملاذ اخير" ويلتزموا بالموعد المحدد.
وبالتزامن مع هذه المخاوف الامريكية برزت كركوك باعتبارها عقدة تحول دون تشريع قانون جديد للانتخابات فماهي دلالات هذا الموقف الكردي؟
واضح ان الاكراد يحاولون استثمار الاصرار الامريكي على اجراء الانتخابات بأعتباه فرصة للانقضاض على كركوك بعد ان تلاعبوا بالتركيبة الديموغرافية وجلبوا اكثر من 250 الف كردي لاسكانهم في كركوك بما يؤمن لهم اغلبية في التمثيل على حساب العرب والتركمان الذين اقترحوا ان تُقسم كركوك الى اربع مناطق انتخابية ريثما يتم استكمال عناصر الحل التي تتطلبها المادة 140 من الدستور وهي ازالة أثار التعريب والتعداد السكاني واخيرا الاستفتاء على مصير المدينة .
هذا الموقف الكردي يشُكل ضغطا على ادرة اوباما التي ترغب بأجراء الانتخابات بأي ثمن وفرصة للزعماء الاكراد لفرض واقع جديد يتعين على باقي مكونات كركوك التسليم به لان فوز اغلبية كردية تمثل كركوك في البرلمان القادم يعني ان الاكراد يمثلون اغلبية في المدينة وبالتالي سيتعذر على بقية مكونات كركوك الاعتراض على هذا الواقع حينما تجري الانتخابات المحلية لاختيار ممثلي كركوك لأدارة المحافظة .
اذن الخطة الكردية تنطوي على خدعة ماكرة لأن نتائج انتخابات كركوك في الانتخابات البرلمانية القادمة ستُعتمد بوصفها المعبّر عن الحقيقة الديموغرافية وسيكون بوسع الاكراد في حينها المطالبة باجراء الاستفتاء المنصوص عليه في المادة 140 لتقرير مصير المدينة فيما اذا كانت ترغب بالانضمام الى (اقليم كردستان) من عدمه , بعد ان أمَن الاكراد الاغلبية المطلوبة لانضمام كركوك الى اقليمهم وهي نسبة الثلث من اصوات مجلس المحافظة .
هذه الحسابات الكردية ستنجح بامتياز في خطف كركوك خصوصا وان ادارة الرئيس اوباما مصممة على اكمال انسحاب الجنود الامريكان من العراق حسب الخطة الموضوعة لمواجهة الضغط الذي تتعرض له قواته في افغانستان ولايمكن لذلك ان يتم دون اجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها لأن اي تاجيل لها ستكون له آثار وخيمة على الوضع الامني الهش في العراق كما يُعقّد المهمة الامريكية في افغانستان, لذلك على الاعضاء العرب في البرلمان العراقي الانتباه الى ما يخبئه هذا الموقف الكردي عند التعاطي مع قضية كركوك في قانون الانتخابات, دون ذلك عليهم الاستعداد لحرب اهلية ضروس مع الاكراد او التسليم بهيمنتهم على كركوك .
في بداية الشهر الحالي كتب الجنرال ستانلي ماكريستال قائد القوات الأمريكية في أفغانستان تقريرا يطلب فيه زيادة قوات القوات العاملة في أفغانستان، ويحذر من الفشل ما لم يتم تلبية طلبه فهل ستكون كركوك القربان الامريكي على مذبح افغانستان؟؟؟

[email protected]










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قليلا من المنطق و شيئ من الضمير سيوفر علينا الکثير من الدماء
شيروان محمود محمد ( 2009 / 10 / 25 - 10:22 )
لست بصددالدفاع عن نوايا القيادات الکردية ولا عن نزاهة اساليبهم في الوصول الی اهدافهم.. ولکن کلما قرأت وجهات نظر مناوئيهم تيقنت بان الصراع بمجمله غير مبدئي وان هذه الاطراف تفکر باجندات سياسية و حسابات هي الابعد عن مصالح المکونات الاصلية للمدينة. اولا هذه الارقام المتفاوتة لعدد من يزعم بانه تم جلبهم الی المدينة من قبل القادة الاکراد لتغيير واقعها الديموغرافي، فمرة هي ربع مليون واخری هي نصف مليون ومرات عديدة تتجاوز المليون. اتفقوا علی رقم ايها الاخوة ! ان هذا التفاوت المريع في تقديراتکم ان دل علی شيئ فانما يدل بانکم لاتستندون الی ادلة واضحة والفروق بين تقديراتکم يقررها فقط مدی حقدکم علی الکرد و قادتهم.. ثم لنأخذ بأقل التقديرات التي تقول بربع مليون کردي تم جلبهم الی کرکوک... فلنا ان نسأل اين يسکن هؤلاء؟ ، من اي مصدر يوفرون عيشهم؟.. هل يعقل ان قادة الاقليم الذين نتهمهم بالفشل في ادارة شوؤن محافظاتهم الثلاث بسکانها الذين يملکون سکناهم و اشغالهم، قد نجحوا خلال 6 سنوات من اطعام واسکان و تشغيل ربع مليون بشر بشکل مستمر و بدون ان يؤدي اوضاعهم المزرية الی تفجير سخط شعبي يحرق الاخضر و اليابس معا... ثم من اين يأتي هؤلاء القادة بربع مل

اخر الافلام

.. نتنياهو: إسرائيل لا يمكنها أن تقبل بطلب حماس إنهاء الحرب وتر


.. الشرطة الأميركية تعتدي على عشرات الطلاب المتضامنين مع غزة بم




.. هنية: حريصون على التوصل لاتفاق شامل


.. -مدرسة مؤقتة- تفتح أبوابها لطلاب خان يونس في غزة




.. شركة «بلكسكو» تفتتح محطة الطاقة الكهروضوئية