الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصحافة والاعلام وجرائم حرية التعبير ..!

فراس الغضبان الحمداني

2009 / 10 / 25
الصحافة والاعلام


لا يبالغ من يعتقد بان الديمقراطية ليس وصفة جاهزة تصدر من مرسوم جمهوري وتتحقق بعصا سحرية ، بل هي مواد في الدستور تستمد من قيم إنسانية ، وقيمة هذه النصوص في التطبيق وفي حجم الوعي والثقافة التي تكرس هذه الحقوق في زمان ومكان معينين .

ولهذا فان التوصيف الدقيق للتجربة العراقية هي أنها في مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية ، أي إننا مازلنا في مرحلة تشكيلها وصياغتها وتجربتها على كل المستويات نصا وفعلا ، والذي يعنينا منها حرية التعبير عبر وسائل الإعلام في مختلف إشكالها وفي مقدمتها الصحافة المكتوبة ، وهنا يحق لنا إن نتساءل مع كل أزمة وفي كل مناسبة هل إننا نمتلك إعلاما حرا وإعلاميين أحرار أم إننا ما زلنا في مرحلة انتقالية أو انتقائية .

وهذا الأمر يحتاج إلى وقفة تأمل والبحث عن المعايير والمقاييس الموضوعية لمعرفة اتجاهات ومستويات التعبير كي نميز مابين الذي ينطلق بوعي تام عن مبادئ حرية التعبير وبين الذين يستغلونها وسيلة للتكسب والاستجداء أو لتصفية الحسابات أو قد تكون وظيفة للدعاية والصراعات السياسية لتتحول من خلالها الوسيلة الإعلامية إلى أبواق مأجورة ويصبح الصحفي من الناحية العملية والواقعية ناطقا باسم هذا الطرف أو ذاك الكيان وليس ناطقا باسم الشعب أو الضمير بل الناطق الفعلي لمن يدفع بالدولار أو الدينار .

وهنا يحق للجمهور إن يسال عن الممارسة الإعلامية التي رافقت جريمة مصرف الزوية .. هل كانت كل الأقلام التي انبرت للدفاع عن هذا الطرف أو ذاك مخلصة لقضايا الرأي العام وحرية التعبير أم إن الأوراق اختلطت والأجندات تعددت واستطاع البعض من الساسة - وهذا الأخطر في الموضوع - إن يستغلوا هذه الأزمة ليوظفوا أقلاما وقنوات فضائية وإذاعات وصحف لإغراض انتخابية وعمليات للتسقيط السياسي ، وكل ذلك يتم باسم حرية التعبير والدفاع عنها ولهذا علينا إن نحذر من الذين يدسون السم بالعسل ويتخذون من الحرية جسرا لملئ جيوبهم وتنمية ثرواتهم والتزلف لكبار المسؤولين أو الحزبيين .

نقول ذلك ونحن شاهدنا الضجة الإعلامية التي رافقت جريمة الزوية ، والغريب إن البعض نجح بتحويل القضية من جريمة قتل وسطو مسلح إلى قضية جانبية وفتح ملف جديد لمحرر في جريدة الصباح ، حيث تم تضخيم الأمر بطريقة مسيسه وغير بريئة حتى بما في ذلك هجوم الشيخ جلال الدين الصغير والذي - لا نتفق معه - ولكن استغلاله بهذه الطريقة الانترنيتية يؤكد بان هناك دوافع سياسية لا علاقة لها بحرية التعبير لأننا على يقين بان الزميل الضحية يشعر بالاستغراب عن هذه الحملة التي يسميها البعض تضامنية وتبدوا من حيث الشكل صحيحة ولكن من يدقق بالدوافع سيجدها سياسية وبان هنالك من يؤجج المواقف ويدفع لأسباب انتخابية .


إن الحقيقة الساطعة في هذا الأمر تعد جريمة وتوظيفا سياسيا للإعلام والإعلاميين لتحقيق أهداف سياسية مدفوعة الثمن وخيانة للشعب ، والإعلامي الذي يقدم هكذا خدمة قد يستثمر موقفه من حيث يدري أو لا يدري بالتجارة السياسية التي تشهد يوما بعد آخر ومع اقتراب موعد الانتخابات ، ولعل من الممارسات الغريبة في سوق حرية التعبير ترى شخصا واحدا له أربع مواقف متناقضة في أربع مقالات ، وان من يدعوا استقلال الإعلام عن السلطة نراه ينبري ويدعو السلطة والمرجعيات الأخرى لاحتضانه وحمايته .

إن هذا التذبذب وهذه الممارسة في هذه المرحلة الانتقالية تؤكد إننا لا نؤسس لحرية حقيقية بل معركة ولاءات وصراعات مكاسب والحفاظ على المواقع الإعلامية أو الحكومية أو السياسية ، فأين الحقيقة وأين حرية التعبير وهل قام من يدعي حمايتها باغتيالها في اللحظة الأولى التي قرر فيها توظيف الصحافة بدرجة خادم مطيع للسياسيين والمسؤولين الحكوميين ولكل من يدفع بالأخضر والاحمر .

بل إن بعض الذين ادعوا الدفاع عن ثروات البلاد والثار عن ضحايا الزوية تراجعوا عن اتهاماتهم بل العكس غيروا الاتجاه وأصبحوا في وادي آخر ، والذي يهمنا بالأمر من هذه القضية إن نتساءل ونقول لماذا ضاعت الحقيقة في هذه الضبابية وأين وصلت نتائج التحقيق الجنائي في الجريمة .


ربما يغيب العقل وتختفي الحكمة في ذروة الأزمات وتتغلب العاطفة والانفعالات وتحجب الرؤيا عن حقائق الأمور وربما يقود التهويل إلى قلب الحقائق أو اقل تقدير تضخيم المشهد آلاف المرات متجاوزين بذلك حتى مثلنا الشعبي الذي يوصف المبالغة بتحويل ( الحباية إلى كباية ) ولكننا نرى الآن في بعض القضايا بتحويل الحباية والكباية إلى ما يشبه جبال الهملايا .


ونحن نتابع المشهد الإعلامي الغريب عن حرية الإعلام التي تتقاطع فيه المشاهد والمواقع وتتداخل فيه الأوراق لا يسعنا إلا إن نردد وعلى لسان بطل المشهد المفترض وهو الصحفي الشريف الذي يظهر في اللقطة الأخيرة من الفلم ساخرا مما يجري إمامه وهو يردد .... وكم من الجرائم ترتكب باسم حرية التعبير ..؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يكثف غاراته على مدينة رفح


.. مظاهرات في القدس وتل أبيب وحيفا عقب إعلان حركة حماس الموافقة




.. مراسل الجزيرة: شهداء ومصابون في قصف إسرائيلي على منازل لعدد


.. اجتياح رفح.. هل هي عملية محدودة؟




.. اعتراض القبة الحديدية صواريخ فوق سديروت بغلاف غزة