الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية الجني في نيويورك

محمد أبو هزاع هواش

2009 / 10 / 25
كتابات ساخرة


جني في نيويورك

قصة حقيقية.

في هذه الأيام أعيش قصة تتعلق بالجان والطب والدين. هل هناك جن؟ وماهو علاج المسكون بالجن؟ من يعالج هذه الأمور وهل المعالجة متوفرة؟ الإجابة علي كل هذه الأسئلة سيأتي مع سرد قصة ولكن قبل ذلك فإن سرد قصة أخرى تتعلق بالجن تعطي الموضوع بعداً موضوعياً وذلك لإختلاف سياق نقاش الجن في نيويورك.

القصة الأولى:

ذهبت منذ خمسة عشر عاماً على الأقل لتناول العشاء مع صديقي أسامة والذي سندعوه في هذه القصة بسامي لإن إسمه قد تغير إلى ذلك بعد غدرة سبتمبر. كعادته كان سامي صاخباً فهو مشهور بذلك. الإحتيال والكذب والنصب على البشر كانوا من صفاته وأنا شخصيا لولا أنه كان من معارفي من مدينتي الشرق أوسطية لما شاهدني أبداً. كذب علي سامي في الكثير من الأحيان ومعظم كلامه تجليط بتجليط كما يقولون عندنا وبالطبع كان ينتهز أول فرصة للإحتيال على كل من يصادفه. كنت أقابله مرة كل سنة وبالطبع لم أكن أخرج بإنطباعات جيدة عنه في معظم الأوقات.

ذهبنا ذلك اليوم إلى مطعم شرقي مشهور لأن سامي كعادته يريد أن يتعرف على النساء ولايقتنع بالذهاب إلى مطاعم الدروشة المناسبة. كانت ملابسه وشعره يعكسان مبغاه.

جلب صخب سامي إهتمام فتاة كانت على البار تسكر ويبدو عليها أنها في مراحل متقدمة من السكر لأنها في تلك اللحظة كانت قد أصبحت صديقة الكل تتنقل بين الطاولات محادثة الجميع. شقت هذه الفتاة طريقها نحونا وعندما سمعتنا نتكلم بالعربية سألتنا من أين نحن وثم أخبرتنا مع صرخة عالية بأنها من تركيا وتعمل في نيويورك. كان يبدو عليها أنها من الطبقة الميسورة وبعد قليل من الأخذ والعطاء سألتنا عن أعمالنا وقلت لها ماأعمل وعندما أتى دور سامي أخبرها بأنه منجم ويقرأ الكف ويعلم بالغيب.

شهقت الفتاة وصرخت: لاأصدق فأنا أذهب إلى كوينز إلى عند إمرأة تركية لتقرأ لي فنجاني.

قال لها سامي: لماذا الذهاب وأنا هنا متخصص بالتحدث مع الجان وبإستطاعتي إستحضار أحدهم لك وبهذا فبإستطاعتي إخبارك عن الكثير من أمور المستقبل لأنه يبدو عليك أنك غير سعيدة في الحاضر.

بداعلى الفتاة العشرينية الإهتمام وشم سامي رائحة عملية نصب أو إحتيال أو التعرف على الفتاة ومصاحبتها. كان في تلك الفترة عند سامي صاحبة أمريكية ولكنها كانت تعمل المشاكل له وتنغص حياته ولهذا فعندما إبتسمت الفتاة التركية بإستمرار إزداد معدل تجليطات ووعود سامي لها بلقاء الجني.

أتت صديقاتها وأنقذوها من سامي الذي كان في تلك اللحظة قد بدأ بمحاولة الدخول إلى قلب وعقل الفتاة من خلال حركاته ولمساته المتزايدة ليدي وساقي الفتاة. لم أكن أصدق ماكان يجري أمام ناظري لأن الفتاة متعلمة وتعمل في الحقل المالي في مدينة عصرية متقدمة ولاتزال تؤمن بالجن وتقع بهذه السهولة في حبال المحتال المحترف سامي؟ كان سامي قد أخبرني مرة على التليفون بأنه قد قرأ الفنجان لإمرأة لبنانية وصديقاتها وقد أعطوه مئة دولار.

أتت الأيام وذهبت وفي إحدى الليالي إتصل بي سامي وأخبرني بأنه على موعد مع تلك الفتاة ليقرأ لها فنجانها ويحضر لها الجني. وعندما سألته عن صاحبته الأمريكية شتمها وقال لي بأنها تسبب له المشاكل وربما تقع الفتاة التركية في حباله !

وصل سامي إلى شقتي سكران لأن عادته كانت شراء نصف دزينة من الهاينكن وشربها في طريقه إلى منزله الذي كان يسكن فيه مع صديقته الأمريكية. لكنه في تلك الليلة لم يذهب إلى منزل صاحبته وأخبرها من قبل بأنه سيقضي سهرته معي ومع أصدقاء آخرين. كذب سامي بالطبع كعادته.

أما عن نصف دزينة الهاينكن فقد إشتراها بالطبع وبدأ بشربها من لحظة إنهاء عمله في محل ميكانيك السيارات الذي أسسه مؤخراً بعد سلسلة من الصفقات والقروض بالطبع في طريقه إلى لقائي.

قلت له بأنه سكران وصرخ وقال بأنه سيسكر أكثر في الطريق إلى شقة الفتاة. لم يكن يعرف طريقه إلى شقتها وبالطبع كان معه سيارته ولهذا فهو كان محتاجاً إلى خدماتي. أخذ يسألني عن ماذا يلبس المنجمون وعرف بأنه لدي عباءة كان أحد القادمين من بلادنا قد جلبها لي متوقعاً أن ألبسها في مناسبة ما. تحدثنا عن المنجمين في المجلات العربية وكيف أن صناعتهم في إزدهار لأن الشعب العربي والإسلامي عامة يؤمنان بالغيب والجن. تذكرنا سوية بأن الألوسي المنجم الشهير كان يلبس عباءة وعمامة عليها جوهرة وأمامه كرة زجاجية. لم نستطع حل معضلة الكرة الزجاجية وإنما لبسنا سامي العباءة وعملنا له عمامة ولصقنا عليها قطعة كريستال كانت على مقبض باب الحمام!!!!!!

عندما نزل سامي من السيارة وتوجه إلى شقة الفتاة الواقعة في بناء ضحم سكني في الحي المالي، بدا على البواب الدهشة لرؤية القادم اللابس للعباءة والعمامة. كنت قد أخبرت سامي أن يتصل بي عندما يريدني أن أرجع وألمه قبل منتصف الليل لأن صاحبته الأمريكية سوف تسأله وتحاسبه كالعادة . ربما ستتطور الأمور إلى شتم وضرب كعادتهم. كانت علاقة سامي بصديقته مؤذية لكلا الطرفين وسكره كل يوم يؤزم الأمور بالطبع ولكن هل يرى سامي تلك المشكلة؟ وأيضاً هل ستجرى الأحداث على مايرام كما توقع سامي المتفائل دائماً.

الأمور في ذلك اليوم جرت على مالايرام بالطبع كعادة الأمور مع سامي المحتال. هذا متوقع وبنسبة متزايدة إذا كان هناك جني في الموضوع.

عندما وصلت إلى شقتي بعد توصيله وجدت عدة رسائل منه يترجاني فيها لأن أعود بأسرع مايمكن وأقابله لأن الفتاة ليست على مايرام. لم أفهم ماقصده ورجعت وقدت السيارة بسرعة خائفاً لمساعدة سامي لأنه كان من الواضح أنه في مشكلة وعندما وصلت كانت حالته سيئة فهو قد خلع العمامة والعباءة ويلهث. قفز سامي إلى السيارة قبل أن أتوقف كلياً. دل شكله على مأساة.

قال سامي: "دخلت إلى شقتها وكانت في إنتظاري ومعها أختها التي قد عملت بعض الأكل التركي الشهي فجلسنا وشربنا نبيذ وأكلنا بعدما دخنا ماريجوانا وبعد العشاء أخذتني إلى غرفة أخرى وقالت لي بأنها سوف تعمل القهوة وبعد ذلك سوف أقرأ لها فالها في الفنجان. قلت لها بأن تتركني لوحدي قليلاً لأنني أريد أن أحضر الجني ليكون حاضراً لتسأله ماتريد."

أكمل سامي بعد أخذ نفس طويل: "ذهبت وبدأت أنا بالتمثيل ووضعت منشفة بيضاء من منزلها فوق رأسي وبدأت بالتمتمة والهمهمة وعندما أتت لم أعرها إنتباهاً ومثلت بأنني أتكلم مع شخص غير مرئي وبدأت حركات يدي تسرع وتدل على أنني سوف أدخل إلى حالة من التواصل وعندها نظرت إليها ووجدتها مغمضة العينين ترجف وعندما صرخت بأن الجني هو هنا شهقت الفتاة شهقة لم أسمع مثلها في حياتي وأغمي عليها للتو......

صرخت أختها عن ماذا فعلت بشقيقتها أخبرتها بما حدث ومن ثم ذهبت إلى الحمام وأحضرت كحولاً وشممتها إياه حتى عادت إلى وعيها ولكنها مازالت تعتقد بأن الجني في المنزل."

عندها سألته عن لماذا تركهم فأجانتي بأنه خاف بشدة وقرر الهرب عندما دخلت الشقيقتان إلى الحمام ليغسلو وجه المغمي عليها. أعرفه ذو قلب قوي وحب للمغامرة ولكن ذلك اليوم تغلب خوفه عليه وجعله يغادر مكان الحدث بسرعة خاطفة.

لم تنتهي الأمور عند تلك النقطة لأن البيجر الخاصة بسامي رنت تعلمه بأن يتصل بالفتاة. كانت هذه الحادثة قبل التليفونات المحمولة ومن عصر البيجر. توقفنا وإتصل سامي بالفتاة وفجأة إنبسطت أساريره وعاد إلى السيارة. لاحظت هذا وعندما سألته لم يجاوب بل سألني عن إذا كنت أعرف من أين بإستطاعته شراء بخور؟

بخور؟ وجني؟ وقهوة؟ وحريم؟ هذه أمور قال سامي بأنها من إختصاصه. ذهبنا إلى المخزن الهندي وإشترى سامي بخوراً وبيرة بالطبع من العيار الثقيل: الأربعين أونصة وبدأ بشربها في السيارة في طريقنا إلى منزل الفتاة مرة أخرى.

لبس سامي العباءة ووضع العمامة التي ظبط حروفها وأرجع الكريستالة إليها وعندما أنزلته أمام شقة الفتاة قال لي: بأنه عليه العودة إلى منزلها الآن وطرد الجني وعليه أن يعمل هذا بسرعة لأن عليه العودة إلي شقته وإلى صديقته.....

بخر سامي الشقة وتمتم تعاويذه وشق طريقه إلى عملية إحتيال ونصب جديدة لكن بمساعدة الجني هذه المرة...

طرد سامي الجني وتعافت الفتاة وأصبحنا أصدقاء بعد فترة لتخرب هذه الصداقة عندما أمسكت الفتيات بسامي يكذب حول معرفته بنجم عالمي مشهور.......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقارنة
عبد القادر أنيس ( 2009 / 10 / 27 - 07:11 )
استمتعت بقصتك فشكرا، إلا أنني لم أفهم المغزى المراد من وراء سردها. او ما مدى تمثيلها للواقع في أمريكا من حيث إيمان الناس بهذه الخرافات وإكانية سقوطهم في حبائل الخداع؟
بدوري أقدم لك هذين الرابطين ولكن من العيار الثقيل، وهذا في رأيي الفارق بيننا وبينهم
http://www.youtube.com/watch?v=fe8awMohuq8
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=122677
تحياتي

اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-