الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرية الفائض البشري !

جمعة الحلفي

2004 / 6 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


عندما اندلعت حرب الخليج الأولى (العراقية ـ الإيرانية) أعاد أحد المحللين الغربيين، أهم أسباب اندلاع تلك الحرب، إلى ما اسماه بالفائض البشري، قائلاً، ما معناه، أن العالم يتهدده الانفجار السكاني، ومثل هذه الحروب تساهم، بين وقت وآخر، في تعطيل أو تأخير موعد ذلك الانفجار، عبر تصريف بعض هذا الفائض من البشر في تلك الحروب. لهذا فالمؤسسات العسكرية والسياسية والاستخبارية، المعنية بإدارة الكرة الأرضية، تشجع، بل وتدفع أحياناً نحو اندلاع الحروب، هنا وهناك، من أجل هذا الهدف الكوني "الإنساني!" معتبراً أن آثار ونتائج مثل هذه الحروب، أقل ضرراً من نتائج ذلك الانفجار السكاني، إذا ما وقع "لا سامح الله"! وعلى رغم فانتازية هذا التحليل، جرى، يوم ذاك، تداول فكرة أو نظرية الفائض البشري تلك، بكل جدية، من قبل بعض المحللين العرب، ممن ينتظرون بلهفة، تلك الأفكار الحداثوية القادمة إلينا من الجهة الثانية للكرة الأرضية، كما ينتظر المؤمنون فتاوى المشايخ. ويومها طرح أحد هؤلاء المحللين السؤال التالي، على صاحب تلك النظرية: لماذا يجري التركيز على الدول النامية والفقيرة، لتصريف الفائض البشري، وهي الأقل سكاناً من الدول الغربية المتخمة بكل شيء؟ فرد عليه المحلل مذكراً إياه بالنكتة القديمة والشهيرة،التي تقول إن هناك أربعة سياسيين (روسي وألماني وأميركي وهندي) كانوا يستقلون طائرة خاصة، وقد أصيبت بعطل فني وهي في السماء، فأستوجب ذلك تخفيف الوزن من على متنها، فنهض الروسي وهتف قائلاً: باسم الاشتراكية والشيوعية أضحي بحياتي، ثم رمى بنفسه من باب الطائرة. وقام الألماني وهتف قائلاً: باسم الأمة الجرمانية الخالدة، ورمى بنفسه أيضاً. ثم نهض الأميركي وهتف قائلاً: باسم الأمة الأميركية العظيمة ومسك برقبة الهندي ورماه من الطائرة.
ونحن اليوم تنطبق علينا تلك النكتة حرفياً، حيث يمسك الجميع برقابنا، ويرمون بنا في أتون الحروب والموت والأنفجارات والسيارات المفخخة، باسم الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان وشريعة طالبان، وهو شيء يشبه تصريف الفائض البشري ولكن تحت لواء شعارات معتبرة وإنسانية تستحق التضحية بالغالي والنفيس (؟!) هذا ما يفعله ويقوله لنا اليوم جورج بوش وتوني بلير والزرقاوي وبن لادن، أما صدام حسين فقد أدى واجباته، بكل أمانة، وذهب الى مزبلة التاريخ، فهو رمى، قبل هؤلاء، بمئات الآلاف من العراقيين في جحيم الموت والقبور الجماعية، تارة باسم مبادىء الحزب والثورة، وأخرى باسم البوابة الشرقية للأمة العربية، وثالثة باسم أسوار بغداد، التي سينتحر عندها مغول العصر، كما صرح قبل أن يذهب لينام في حفرة الجرذان!!
وهكذا تظل فكرة، أو نظرية الفائض البشري، على فنتازيتها، هي القانون السائد في عالمنا، لكنها لا تطبق إلا في رؤوس اليتامى.. أقصد رؤوسنا!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال


.. روسيا تواصل تقدمها على عدة جبهات.. فما سر هذا التراجع الكبير




.. عملية اجتياح رفح.. بين محادثات التهدئة في القاهرة وإصرار نتن


.. التهدئة في غزة.. هل بات الاتفاق وشيكا؟ | #غرفة_الأخبار




.. فايز الدويري: ضربات المقاومة ستجبر قوات الاحتلال على الخروج