الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألحلف الاطلسي يفقد صوابه ويتحطم رأسه على الارض الافغانية!

احمد سعد

2009 / 10 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


يُعقد في مدينة برتسلافا السلوفاكية اجتماع وزراء دفاع الحلف العسكري الاستراتيجي الامبريالي الحلف الاطلسي/ حلف الناتو. ورغم مرور حوالي ستة عقود على اقامته بهدف مواجهة المد الشيوعي والتحرر القومي والتقدم في فترة "الحرب الباردة" وان يكون الدرع الواقي للنظام الرأسمالي العالمي، رغم مرور هذه الفترة، فانه يواجه ازمة غير مسبوقة، في مواجهة ارادة الشعوب. لقد توهم البعض انه بانهيار الاتحاد السوفييتي وحلف وارسو العسكري الذي ضم دول المنظومة الاشتراكية في اوروبا الشرقية وانتهاء الحرب الباردة، لم يعد هنالك مبرر موضوعي لبقاء ووجود حلف الناتو وان انسجاما سيسود العلاقات الدولية في ظل دفيئة الامن والاستقرار والسلم العالمي. وانطلاقا من ادراكنا الواقعي لجوهر الصراع الطبقي الاستراتيجي والسياسي والاقتصادي الاجتماعي، اكدنا ان ذئب العدوان الطبقي الرأسمالي لن يغير طاقم انيابه المفترسة، لن يغير طابعه الاستراتيجي ولكنه يعمل على التكيّف مع متغيرات الواقع ومستجداته لبلورة تكتيكه السياسي واستراتيجيته لكسب مزيد من الارباح ودفع عجلة مصلحته. فمع انهيار نمط الاشتراكية في اوروبا الشرقية زادت وتصعدت جرائم الطابع العدواني للعولمة الرأسمالية الخنزيرية وذراعها العسكري حلف الناتو، كما انه من سخريات القدر أن اتسعت دائرة العضوية في الحلف الاطلسي والاتحاد الاوروبي، لمن كانوا بالامس القريب اعضاء الاسرة الاشتراكية امثال التشيك واستونيا ولاتفيا ولتوانيا ورومانيا وبلغاريا وبولونيا، كما زرعت اراضي بعض الجمهوريات السوفييتية بالقواعد العسكرية الامبريالية وخاصة الامريكية في اوزبكستان وطجكستان وقرغيزستان وغيرها. والاخطر من كل ذلك ان الامبريالية الامريكية استغلت الخلل الذي حصل بانهيار المعسكر الشرقي لممارسة استراتيجية هيمنة القطب الواحد الامريكي وشن الحروب الاستراتيجية بهدف الهيمنة على مصادر الطاقة وعلى خيرات وثروات العديد من البلدان. وهذا ما مارسه الحلف الاطلسي في خدمة المصالح الامبريالية لالمانيا وغيرها من بلدان الاتحاد الاوروبي في تمزيق اوصال اتحاد الجمهوريات اليوغسلافية، وما مارسته ادارة بوش واليمين المحافظ الامريكي من خلال الحروب العدوانية تحت ستار "الحرب الكونية ضد الارهاب" والعمل على عولمة ارهاب الدولة الامريكية المنظم في الشرق الاوسط وجنوب شرق آسيا وامريكا اللاتينية و القارة الافريقية. واستغلت ادارة بوش واليمين المحافظ العمل الارهابي المدان في نيويورك وواشنطن في الحادي عشر من سبتمبر/ ايلول الفين وواحد للبدء في تنفيذ مشروعها الاستراتيجي المعد سلفا للهيمنة الاستراتيجية والاقتصادية، لشن الحروب التدميرية على افغانستان وبعدها على العراق ودعم المحتل الاسرائيلي في تصعيد جرائمه الدموية الارهابية بحجة محاربة "الارهاب الفلسطيني"، والمقصود القضاء على المقاومة الفلسطينية وترسيخ اقدام المحتل الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية. وماذا كانت نتيجة هذه الحروب الامبريالية الاستراتيجية؟
* فشل وازمة المعتدين:
من استمع الى تقييم القادة العسكريين في حلف الناتو ووزراء دفاع الحلف فانهم جميعا، وكل واحد منهم، ينوح كأنه في مأتم جنائزي يعزي برحيل عزيز عليه ويندب حظه المتعثر. فنقطة البحث الاساسية على اجندة لقاء براتسلافا تتمحور حول فشل قوات الناتو وعجزها عن مواجهة قوات الثوار من طالبان، الذين اصبحوا يسيطرون على عدة مناطق في افغانستان، وان احدث آلات القتل والتدمير والقوات الهائلة الامريكية والبريطانية والفرنسية والايطالية وغيرها لم تستطع وقف تدهور وتعمق ازمة الغزاة وقوات التحالف، خاصة في ظل وجود حكم دمى عميل معزول جماهيريا ومقسوم على نفسه، ووجوده مرهون بوجود قوات التحالف ولمواجهة هذه الازمة تكثر المناكفات والتناقضات داخل اروقة حلف الناتو. فقائد قوات الناتو في افغانستان يقدر ان الوضع في افغانستان بمثابة محنة هائلة للحلف وينقصه لمواجهة طالبان مزيد من القوات والعتاد وحث دول الحلف على زيادة مشاركتها في معترك الجريمة في افغانستان. وزير الحرب الامريكية، غيتس، يدعي انه تسود الفوضى ولا توجد استراتيجية محددة وواضحة المعالم للحرب في افغانستان. والحقيقة هي ان جوهر ازمة قوات التحالف العدواني في افغانستان تتمحور حول خيارين لا ثالث لهما. كل خيار اسوأ من الآخر. الخيار الاول ان تقر الادارة الامريكية وحلفاؤها في الناتو بفشل حربها على افغانستان بعد ثماني سنوات من الحرب التدميرية المخضبة بدماء عشرات الوف الضحايا الافغانيين، الفشل في القضاء على طالبان والقاعدة. وجر ذيل الهزيمة والخروج من افغانستان يعني عمليا توجيه ضربة موجعة لواشنطن وحلفائها في منطقة جنوب شرق آسيا والهند الصينية واحتمال هيمنة طالبان ليس في افغانستان فحسب بل في باكستان ايضا ووضع يدها على القوة النووية الباكستانية. اما الخيار الثاني فهو تزويد الجيش الامريكي وقوات الناتو باعداد هائلة من الجنود ومن الاسلحة العصرية الفتاكة ومواصلة المعركة مهما طالت وكلفت من خسائر في الارواح والعتاد. وحقيقة هي انه نتيجة لضخامة عدد القتلى والجرحى المتزايد من القوات الامريكية والاطلسية فانه تتصاعد في العديد من بلدان الاطلسي في بريطانيا وحتى في امريكا وغيرها المظاهرات والنشاطات الاحتجاجية المطالبة بوقف الحرب على افغانستان والانسحاب من نار جهنم هذه الدولة.
* إذا عرف السبب بطل العجب:
إن السبب المركزي والاساسي لفشل التحالف الامبريالي العدواني يكمن في السياسة الاجرامية الفاشلة التي انتهجتها وتنتهجها قوات الاحتلال الامريكي والاطلسي في افغانستان. فالذريعة التي اتخذتها ادارة بوش واليمين المحافظ لشن الحرب على افغانستان وتجنيد الحلفاء من المدجنين امريكيا كان الادعاء بالقضاء على النظام الارهابي لطالبان وتنظيم "القاعدة" بقيادة اسامة بن لادن. وان المحتل الامريكي بعد الاطاحة بنظام طالبان سيوفر الحرية والسيادة والدمقراطية وتحسين ظروف حياة ومعيشة الشعب الافغاني وانقاذه من براثن الفقر والمخدرات، خاصة وان الارض الافغانية تعد من اكبر الاراضي لزراعة وانتاج المخدرات من كوكايين وغيرها. لسنا من مؤيدي بل من المنددين بنظام طالبان الظلامي، ولكننا نؤكد ان الحق الشرعي للشعب الافغاني الاطاحة بنظام طالبان والقاعدة واختيار النظام الذي يرتئيه مناسبا. بالرغم من ذلك فقد كنا على قناعة بان الهدف الاستراتيجي للحرب على افغانستان هو استغلال الحرب ضد طالبان والقاعدة لتعزيز التواجد الاستراتيجي الامريكي المدعوم اطلسيا وترسيخ اقدامه في افغانستان قريبا من مصادر النفط في بحر قزوين وعلى تخوم الحدود مع الصين والباكستان والهند وايران التي تعتبر منطقة استراتيجية هامة وفق الافق الامني الامريكي. وثماني سنوات لم تكن كافية لحسم المعركة مع طالبان الذي اطيح به عن عرش السلطة الافغانية ولتحقيق ظروف امنه الاحتلالي في افغانستان. والاهم من كل ذلك ان قوات الاحتلال الامريكية – الاطلسية لم تنتهج سياسة بديلة لخدمة الشعب الافغاني افضل من سياسة التجهيل الظلامية لطالبان والقاعدة، بل انتهجت سياسة ممارسة الاجرام المنظم، جرائم حرب بحق الشعب الافغاني والانسانية جمعاء. فلتعزيز وجودها الاحتلالي لجأت ادارة الاحتلال وقواتها الى انتهاج سياسة "فرّق تسد" بتأجيج الفتن القبائلية بين من كانوا بالامس حلفاء الغزاة في الحرب التي اطاحت بحكم طالبان، بين البشتون والطاجيك وغيرهما. كما انه تحت بصر وسمع وغض طرف المحتلين تضاعفت زراعة وتجارة وتعاطي المخدرات. وساءت الحالة المعيشية للشعب الافغاني، فاكثر من سبعين في المئة يعيشون تحت خط الفقر، وأدت جرائم القصف لطائرات التحالف وقذائف دباباتها الى قتل الالوف المؤلفة من المدنيين، من النساء والاطفال والشباب والرجال، والى هدم احياء ومجمّعات سكانية بأكملها والى هجيج الالوف من النازحين اللاجئين قسرا الذين يفتشون عن اماكن آمنة تقيهم من شبح الموت الاسود. كما ان اخراج مسرحية "انتخابات حرة ونزيهة" تحت اشراف حراب المحتلين قد ثبت فشلها ومدى عدم مصداقيتها في ظل التزوير المنهجي بتشجيع المحتل وتحت حراسة قواته القمعية. فمسرحية انتخابات الرئاسة بين حميد كرزاي الموظف لدى المحتل بوظيفة رئيس دولة تابع، وبين وزير الخارجية السابق في حكومة الدمى الامريكية عبد الله عبد الله هذه المسرحية عكست ليس فقط مدى التزوير، بل مدى هشاشة القوى الخادمة للمحتلين حيث ان كلا منهما يمثل مصلحة قبيلة او تحالف بعض القبائل، فالتزوير ونسبة التصويت المنخفضة والخوف من صراع قبائلي دامٍ ادى الى اعادة الانتخابات في السابع من شهر تشرين الثاني القادم مع التأكيد انه لا ضمانة من بروز مظاهر تزوير في الانتخابات المقبلة. ولهذا فان دولا وانظمة مثل هولندا والدانمارك قد اعلن وزراؤها في اجتماع براتسلافا انهما لن يرسلا مزيدا من الجيش الى افغانستان الى ما بعد انتخابات الرئاسة الافغانية المقبلة وفحص حالة الاستقرار والامن في افغانستان.
فاذا كانت هذه هي ثمار العلقم للاحتلال الامريكي – الاطلسي والتي يعاني منها الشعب الافغاني الذي دمر المحتلون وطنه واوصلوه الى الفقر المدقع والمجاعة وصادروا حق مئات الالوف من بناته وابنائه في الحياة، وشردوا مئات الالوف في متاهات اللجوء القسري، كما صادروا حقه في الحرية والدمقراطية والسيادة الوطنية وادخلوا شعبا بأكمله في معتقل الظلمة المعتمة، اذا كانت هذه هي ثمار العلقم، فلماذا لا تتسع دائرة مقاومته للمحتل المعتدي الغاشم وجرائمه، ولماذا لا يساند طالبان والثورة ضد الغزاة، فشعب افغانستان عبر مختلف العصور التاريخية قد اثبت انه اصلب من تضاريس بلاده الجبلية الصعبة وصحاريه القاسية في مواجهة الغزاة من الدخلاء الاجانب. ما يصعب على المستعمرين في لقاء براتسلافا واسيادهم في امريكا والاتحاد الاوروبي ادراكه ان الشعوب تُمهَل ولا تهمل واذا ما هبت ستنتصر. ومهما بلغت التضحيات فللحرية والسيادة الوطنية مهر لا مفر من دفعه. والشعب العراقي مثل الشعب الافغاني والشعب الباكستاني والشعب العربي الفلسطيني ومثل كل الشعوب التي واجهت جرائم الاحتلال والمحتلين فانها على يقين ان فجر الحرية والاستقلال آت لا محالة، وان مصير المحتلين المجرمين الى ارشيف مزبلة التاريخ. وليفقد وزراء دفاع حلف الناتو صوابهم واعصابهم ما شاءوا، ولكن رؤوسهم ستتحطم كذلك، على صخرة الحق والصمود الافغاني.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ----
السيدة الحرة ( 2009 / 10 / 26 - 22:31 )
انها الامبريالية العالمية المدمرة.قالها الرفيق لينين ,طالما بقيت الملكية الخاصة فان حياة الانسان جحيم.
ملاحظة,لمادا نستعمل اسماء الحيوانات عندما نريد ان نصف جرائم الانسان,وشروره,وجشعه؟الحيوانات اسمى المخلوقات ,كلها جمالا وطيبةوبراءة .انها تعيش على الفطرة السليمة .
تحياتي للكاتب


2 - طالبان
اياد العراقي التركماني ( 2009 / 10 / 27 - 04:20 )
صرف عشرات المليارات وازهقت الالاف الارواح وجندت مختلف الجيوش والامم وذلك لنقل حكومه طالبان فقط عشره كم من كابول ولو ان المبالغ والجهود هذه صرفت في تطوير البلد ونشر الحريه الفكريه لديه لكسبوا مابنوه اليوم ولكن العنجهيه الغربيه واستعمال القوه المفرطه تؤدي الى نتائج كارثيه

اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد