الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما هي مشاكلنا ولماذا نكتب

عمرو اسماعيل

2004 / 6 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


من المؤكد ان الشعب المصري وباقي الشعوب العربية غير راضية عن حالها , فما هي مشاكلنا التي نتحدث عنها جميعا دون ان نجد لها حلا , رغم ان البعض منا يحاول ان يشارك عن طريق الكتابة او غيرها من وسائل التعبير المتاحة في محاولة العلاج من وجهة نظره وهي ظاهرة صحية و خطوة علي الطريق.
فما هي هذه المشاكل ؟:

*اهمها في رأيي حالة الاحتقان السياسي و الاجتماعي التي يعانيها مجتمعنا و الناتجة اساسا من سيطرة قلة علي المناصب السياسية و الاقتصادية والثقافية الهامة ولمدة طويلة دون اعطاء الفرصة لعملية التغيير و الاحلال التي هي سنة الحياة والوسيلة الوحيدة لتواصل الأجيال والتقدم .. والنتيجة الوحيدة لهذا الأحتكار هو فقدان الامل و تفشي السلبية بين اغلبية قطاعات المجتمع والتي من المفروض ان تكون قاطرة التقدم والازدهار.. والامثلة كثيرة من مؤسسة الرئاسة الي رئاسة الوزراء الي الوزراء انفسهم .. من مجلس الشعب الي مجلس الشوري .. من المؤسسات الصحفية و الاعلامية التي تقود الرأي العام وتشارك في تشكيله .. وحتي مؤسسات المجتمع المدني الغير حكومية .. فالأحزاب سواء الحزب الحاكم او الأحزاب المعارضة تعاني من نفس المشكلة ورؤساؤها هم نفس الوجوه من عقود ونجدها بمنتهي البجاحة تنادي بالتداول السلمي للسلطة .. حتي المؤسسات الاقتصادية الهامة سواء المملوكة للدولة او الخاصة تشارك الجميع في نفس الكارثة .
وسبب هذه المشكلة ينبع اساسا اننا نسينا سهوا او عمدا ان نضع معايير للأداء وآليات للتغيير وهي مصيبة نحن جميعا حكاما و محكومين مسئولين عنها .. فمن كان معارضا بالأمس للأحتكار أذا جاءته الفرصة مارس الاحتكار باشد من سابقه .. نهاجم توريث السلطة رغم اننا نمارس توريث المناصب في جميع المجالات فكل منا يحاول قدر المستطاع ان يورث منصبه الي اولاده و افراد عائلته في كل المجالات و الامثلة كثيرة تخزق العين.
أما النتيجة الاخطر لمشكلة الاحتكار المتفشية في مجتمعاتنا فهي ان التغيير بالعنف يصبح هو الوسيلة الوحيدة المتاحة للتغيير .. والسبب الوحيد لعدم تفشي العنف في مجتمعنا هو طبيعة الشعب المصري السلمية او السلبية وليس قوة النظام وكم اتمني الا يخدع هذا النظام نفسه و تغره قوته الوهمية لأنه اذا استمر الحال كما هو فالعنف قادم لا محالة و عندها سيخسر الجميع .. ولكم عبرة في المجتمعات المحيطة والتي تفشي العنف فيها اسرع, فقط لأنها شعوبا طبيعتها اكثر عنفا من الشعب المصري.

* اما المشكلة الثانية وهي نتيجة طبيعية وتلقائية للمشكلة الاولي فهي سوء توزيع الثروة وغياب عنصر العدالة الاجتماعية .. فالهوة بين الفقر والغني تزداد والطبقة الوسطي قاطرة التقدم في اي مجتمع تتآكل بسرعة .. وهي نتيجة طبيعية لاحتكار المناصب فمن يملك السلطة يملك الثروة .. وهو يملكها دون ان يكون مختلس او حرامي كما نعتقد ولكن النظام هو الذي يساعده .. لأنه يغدق عليه ضمانا لولاءه.. وسأضرب مثالا واحدا وهو دخل الصحفي في اي مؤسسة صحفية تابعة للدولة ودخل رئيس مجلس الادارة الفرق قد يصل الي عشرات الاضعاف وهذا لا يمكن ان يحدث في اي مجتمع صحي في مؤسسات تابعة للدولة وليس للقطاع الخاص .

* اما المشكلة الثالثة والتي في رأيي هي السبب الحقيقي لكل المشاكل الاخري و اعرف مقدما انني ساتعرض بسبب رأيي هذا للهجوم المعتاد .. المشكلة الاساسية هي طبيعة الثقافة المتفشية في مجتمعنا .. وهي ثقافة الديكتاتورية .. ثقافة الاحتماء بالمألوف من المعتقدات و العادات .. ثقافة التلقين وليس التفكير .. ثقافة ان كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .. ثقافة اللي مالوش كبير يشتريله كبير . ثقافة انا واخويا علي ابن عمي وانا وابن عمي علي الغريب بصرف النظر عن اين الحق واين الباطل .. ولهذا يتم احتكار المناصب والثروة و توريثها .. ولهذا لا توجد آليات واضحة للتغيير لأن هذه الآليات تضرب هذه الثقافة في الصميم .. ولهذا الولاء اهم من الكفاءة .. والاهم ان هذا هو السبب اننا جميعا محكومين قبل حكاما قد و وصلنا الي ما نحن فيه من تردي ونحن كشعب مسئولين اكثر من الحكومة فنحن من نفرز مثل هذه الثقافة.

*أما لماذا نكتب او علي الأقل أنا وماهي فائدة الحوار حتي لو احتد احيانا .. فهو ان الكتابة تنفيس لحالة الاحباط التي نعيشها رغم انها لن تكون الحل ولكن الحل سيكون في الحوار .. فنحن قد نتمسك بأرائنا علنا بدافع الكرامة ولكن الحوار يدفعنا الي البحث والقراءة وهنا يبدأ التغيير في بعض الأفكار التي نعتنقها في معظم الأحيان بسبب العادة او التي تتغلغل الي اعماقنا بسبب تكرارها دون ان نفكر فيها فعلا ثم نعتبرها لا شعوريا انها الحقيقة وقد نقتل في سبيلها احيانا .. انها ثقافة القطيع .. والكتابة و الحوار و الاختلاف الحضاري في الافكار هو الوسيلة الوحيدة للتخلص من هذه الآفة .. لا أحد فينا ولا أنا في كل ما كتبته في هذا المقال يمتلك الحقيقة .. ولكننا جميعا قد نقترب منها اذا عبرنا عن رأينا بحرية دون وهم الثوابت و الخطوط الحمراء الا خط الأهانة الشخصية والشتيمة .. قد يكون كل ما كتبته خطأ ولكنه رأي أدعو الي التفكير فيه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيناريوهات خروج بايدن من السباق الانتخابي لعام 2024


.. ولادة مبكرة تؤدي إلى عواقب مدمرة.. كيف انتهت رحلة هذه الأم ب




.. الضفة الغربية.. إسرائيل تصادر مزيدا من الأراضي | #رادار


.. دولة الإمارات تستمر في إيصال المساعدات لقطاع غزة بالرغم من ا




.. بعد -قسوة- بايدن على نتنياهو حول الصفقة المنتظرة.. هل انتهت