الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحوار مع البعث وأجهزته الأمنية إلى أين؟

جان كورد

2004 / 6 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


منذ نشوء الحركة الوطنية الكردية على شكل تنظيمات سياسية في الخمسينات والكرد يرددون شعارات التآخي العربي – الكردي والوحدة الوطنية وسواهما من الشعارات التي لم تفارق أدبياتهم المنشورة ولا لقاءآتهم الكثيرة مع كل ممن التقوا ويلتقون به حتى يومنا هذا، وكثيرا˝ ما رفعوا في مؤتمراتهم السرية والعلنية تلك اللافتات العريضة والملوّنة التي تؤكد على نزعتهم التفاوضية واستعدادهم للحوار حتى مع جلاديهم ومغتصبي ديارهم والساهرين على منع أي تطور سياسي إيجابي لصالح الكرد في سوريا. وازداد هذا التهافت من أجل الحوار في عهد الحركة التصحيحية التي لم تصحح شيئا˝ في واقع الأمر، بل زادت الأمور تعقيدا˝باستمرارها في اتباع نهج البعث الحاقد على الكرد وكوردستان، ذلك النهج العفلقي المتحجر والذي طبع قلوب شرائح كبيرة من الكادر المتقدم في الحزب الحاكم وأجهزة الدولة وكأن على قلوبهم أقفال صدئة لايمكن فتحها...

وسارت مواكب الحوار الكردي مع النظام وأجهزته الأمنية يوما˝بعد يوم صوب دمشق ومنتدياته لأن بعضهم مقتنع بأن حل القضية الكردية يكمن في دمشق، حتى كنت ترى قيادات الأحزاب الكردية العديدة تتخذ من دمشق مقرات شبه علنية لها في المطاعم الفاخرة وفروع الاستخبارات وبيوتات موظفي الدولة الذين كانت لهم علاقات ما بالأكراد عن طريق سكناهم لفترة من الزمن في المناطق الكردية أو قيامهم بمهام أمنية فيها، وغيرهم ممن يعرف من أين تؤكل الكتف... ولكن كل ذلك الحجم الكبير من البيانات والكتابات المختلفة عن الأخوة العربية – الكردية لم يؤثر في سياسة النظام العنصرية، بدليل أن "الانتفاضة المباركة" في القامشلي البطلة في 12 و13/3/2004 ما كانت لتنفجر في وجه النظام وما كانت لتمتد إلى كل كردستان سوريا لو أن المشاكل التي يعاني منها الشعب الكردي حلت ولو أن الحوار مع أجهزة النظام أتى بثمرة من الثمار الموعودة..

بعد أيام قلائل من تصريح الرئيس السوري لقناة الجزيرة حول مشروع الإحصاء الاستثنائي المطبق حيال الشعب الكردي ومظلومية الكرد نتيجة ذلك واعترافه بأن "القومية الكردية هي جزء من النسيج الوطني والتاريخي لسورية"، قام "فرع فلسطين" للاستخبارات والمعروف بصيته الإجرامي ضد الشعب السوري كله بإرسال من يبلغ قادة الأحزاب الكردية بعدم مشروعية عملهم السياسي وضرورة حل أحزابهم والتوجه إلى وزارة الشؤون الاجتماعية لتسجيل "جمعيات غير سياسية" بحجة أن هذه الأحزاب التي منها من يزيد عمره عن الأربعين عاما˝غير مسجلة لدى دوائر الدولة، في وقت ينعدم فيه حتى الآن قانون للأحزاب السياسية في البلاد، وتعاملت أجهزة النظام مع الأحزاب المتواجدة السورية ، ومن ضمنها الكردية، وكأنها حقائق وواقع لا يمكن تجاوزه أو إنكاره.
فهل كانت هذه هي المحطة الأخيرة للحوار الكردي ،الوطني والديموقراطي والتقدمي، مع النظام؟ وهل هذه هي انتصار للحركة القومية الكردية وما كسبته من ثمرات "الانتفاضة" التي أريقت فيها دماء الشباب الكردي وتعرّضت أثناءها وبعدها أموال وممتلكات كثيرين من الكرد للسلب والنهب، كما تعرّض آلاف من الكرد للتعذيب والتنكيل والتحقير والإذلال في المعتقلات الرهيبة وخارجها؟..

طبعا˝ لا أحد في رأسه ذرة عقل ينكر أهمية الحوار الحضاري بين وجهات النظر المختلفة بشرط أن يعترف أطراف الحوار بعضهم ببعض، ولكن النظام لم يعترف يوما˝ بالوجود القومي الكردي، فكيف يعترف بأحزاب كردية؟ وحزب البعث لا يعترف بهذا الوجود أيضا˝، بل إن برنامجه يدعو إلى طرد كل عنصر أو جماعة لا تنسجم رؤاها مع مفاهيم الأمة العربية والوطن العربي الذي يضم في نظر البعث حتى اليوم نصف أفريقيا وكل اسبانيا وكل كردستان وغيرها من البلدان والأراضي التي "فتحها!!" العرب في عصرهم الذهبي بفضل رسالة الإسلام التي ناصبه البعث العداء ولا يزال. لذا يجب أن يتحمل مسؤولية هذا الفشل الذريع أولئك الذين ساروا جنبا˝إلى جنب مع أزلام النظام لتهدئة الشعب وقمع الانتفاضة الكردية الشعبية عن طريق نثر الوعود المعسولة بأن النظام يعمل على تهدئة الوضع الأمني أولا˝ ثم يقوم بحل القضية الكردية وافساح المجال أمام حركته السياسية الوطنية والتقدمية لتأخذ مكانها تحت قبة النظام المزركشة الألوان ثانيا˝...أم سيتحمل المسؤولية أولئك الذين قالوا ولا يزال يقولون بأن الحوار مع هؤلاء العنصريين من البعثيين لن يؤدي إلا إلى مزيد من تمزيق الحركة السياسية الكردية وإلى إضعافها وإلى ذبحها بكل معنى الكلمة؟

إن كان هذا الذي يقومون به حوارا˝ فلماذا لا يكون مع القيادة السياسية والقادرين على تغيير الدستور الناكر لوجود القومية الكردية في البلاد ولماذا لا يكون مع الذين بيدهم قرارات وقوانين تغيير الواقع الديموغرافي للمناطق الكردية وعلى أيديهم تستمر مأساة الإنسان الكردي الاجتماعية والاقتصادية، بحيث بات غريبا˝ في موطنه ومحاربا˝ في لغته وثقافته ومطاردا˝ في أحلامه وآماله...

لذا لا بد من محاسبة مسؤولي الحركة الكردية السياسية لأنفسهم قبل أن يحاسبوا الذين سلموهم رسائل بمنع أحزابهم من النشاط السياسي.

وحقيقة لو كان للأكراد جمعية اجتماعية وثقافية موّحدة لكانت أقوى من "مجموع" هذه الأحزاب السياسية المنشطرة والمتمزقة داخليا˝، كما أنها حقيقة أن أحزابنا لا تختلف عن حزب البعث والأحزاب الشيوعية السورية الباقية من عصر "الحرب الباردة" ومناهجها من وحي ذلك العصر وعديد من شخوصها من شباب ذلك العصر، فإذا قلنا بأن لا مجال لإصلاح وترميم وترقيع حزب البعث فعلينا الاعتراف بأن ذلك ينطبق على حركتنا السياسية الكردية أيضا˝ كما ينطبق على حطام الأحزاب الشيوعية في سورية.

نحن بحاجة إلى استراتيجية جديدة، إلى دفع قوي، وإلى طاقات حرة وجديدة تؤمن بأن حل القضية الكردية مرتبط ارتباطا˝وثيقا˝ بالديموقراطية وبتطبيقها على أرض الواقع وتدرك بأن النظام الحالي ليس بحصان السباق من أجل الوصول إلى الديموقراطية والحرية وإلى حل عادل لقضيتنا القومية ومنحنا حقوقنا المغتصبة بما فيه حق الحكم الذاتي لكردستان سوريا ضمن وحدة البلاد السورية وفي ظل نظام ديموقراطي تعددي حديث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تعيش باميلا كيك حالة حب؟ ??????


.. نتنياهو يعلق على تصريحات بايدن بشأن وقف إرسال أسلحة لإسرائيل




.. مغنيات عربيات.. لماذا اخترن الراب؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بوتين يوافق على سحب قوات روسية من مناطق مختلفة في أرمينيا




.. باريس: سباق البحث عن شقة للإيجار • فرانس 24 / FRANCE 24