الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفكار في السماعية والنص الشعري

ماجد المذحجي

2004 / 6 / 4
الادب والفن


يُشكل الغنائي في النص الشعري بعد جوهري في وعي المتلقي/القارئ العربي
إنه عامل حاسم في تحديد الجمالية التي يتلقاها هو وبناءاً على جودة هذا الغنائي يتم تحديد الجودة بالمعنى الشعري لديه.. ان هذه السماعية التي تحدد الجودة تعتبر قضية مركزية وحيوية في وعي هذا المتلقي/القارئ وعبرها يتم فرز النصوص الشعرية إلى جيد وسيء ومستحسن أو مرفوض تماماً .هذا بالإضافة إلى مسألة المقولة الإخبارية التي يريد النص قولها والتي تعتبر مسألة مهمة أيضاً ولا يمكن إغفالها.
وهذه المسألة تأخذ حقيقتها من أن الشعر دائماً هو الصنف الأدبي العربي الذي يُفضل أن يتم الاستماع إليه أكثر مما تتم قراءته.. ومن ذاكرة عربية تتغني بالشعر كمنجز بلاغي وأخلاقي له سطوته.
أن الاشتغال الشعري العربي المعاصر يحرص مبدئياً وبشكل ما على كسر هذه المعادلة القائمة بين الشعر والسماع/الإخبار وخلق علاقة جديدة تتحدد بالشعر والقراءة/الأسئلة... لكن السؤال هنا هو حول الإمكانية في ذلك؟؟؟.
تأتي المشكلة أيضاً من أن الشعر هو نسق قيمة في الذاكرة العربية، أي انه ليس ضرباً من القول الجمالي الممتع الذي يمكن تلقيه ونسيانه.. إنه حاضر كذاكرة وكرامة وجملة أخلاق لا يجب ولا يمكن إهدارها ، ولذلك فالعلاقة معه تأخذ بعد مقدس( الم يقارن القرآن نفسه بالشعر حين أراد إثبات فرادته في أكثر من موقع).. وهو أيضاً مرتبط بالذاكرة الجمعية ضمن شرط واحد.. ضمن شرط الغنائية والموسيقى(وهما اللاعبان الأساسيان في مسألة السماعية).. وأي ابتكار للشعرية خارج هذا الشرط يقودها للرفض والتجاهل من قبل مجموع القارئ/المتلقي.. بل يصل الأمر إلى الاستنكار والإدانة والنعت بعدم الأدبية.
أن الشعر لدينا مرتبط بالبداوة.. البداوة التي تميل إلى التغني لكسر علاقاتها المحاطة بالجفاف.. فالشعر بموسيقاه وإيقاعه يخلق الرطوبة لدى هذه الذاكرة التي مازالت مسكون بصحراء البدوي وجلافته
أن مشكلة القصيدة اليوم إنها تحاول أن تكسر شرط ثقافي وليس شرط إبداعي مجرد فقط .. أي أن مسألة التجريب في الشعر ليست شبيهه بالتجريب في القصة والرواية.. لان هذه الأجناس الإبداعية البرجوازية الطابع تبدوا غريبة عن العربي ولهذا هو ليس عابئ بما يجري لها أو يتغير فيها، وهو أكثر تقبلاً لها بكل تغيرها. أما الشعر فهو معني به.. يفكر بمقولاته..وهذه مسألة مهمة أيضاً، فالشعر العربي القديم كان معني بالريادة.. إن الشاعر كان نبي ضمن جماعته.. أما اليوم فان الشاعر ينسحب إلى حيز اصغر.. انه معني بنفسه بأشيائه الصغيرة.. بالتوافه في الحياة.. لقد تخلى عن موقعه الريادي.. عن دورة في المدح والانتصار والهجاء لصالح النشيج والترميم الداخلي وتسجيليه تتوسل السرد أكثر من توسلها للغنائية والموسيقى. وهذه مسألة لا يستطيع تفهمها هذا المتلقي/القارئ الذي تعود على الشاعر والشعر في الصفوف الأولى حاملاً الراية ومناضلاً باسم الجميع
واعتقد أن ليس المتلقي/القارئ التقليدي هو من يفتش عن هذه السماعية.. مازال المتلقي الحداثي والشاعر الحداثي يشعر بحنين داخلي مضني .. ومازلنا نتبارى في جودة الإلقاء وقدرتنا على السحر خلف المنبر حتى لو كانت قصائدنا ونصوصنا لا تحتمل كشكل هذا الفن(الإلقاء) الذي يبتغي صنعه مختلفة غير هذه التي نشتغل عليها في نصوصنا . انه حنين يبدو شبيهاً بحنين الخاسر الذي يفتش عن صورة قديمة تشعره بالاطمئنان ويركن إليها حين يجد ان ما لدية لا يكفي للتعزية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة -درس من نور الشريف لـ حسن الرداد.. وحكاية أول لقا


.. كلمة أخيرة -فادي ابن حسن الرداد غير حياته، ومطلع عين إيمي سم




.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا


.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07




.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب