الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تطورات السياسة التركية.. والصلف الاسرائيلي

رشيد قويدر

2009 / 10 / 28
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


انجرفت إسرائيل بحملة إعلامية عمياء ضد تركيا، إثر إلغاء مشاركتها في المناورة الجوية الخاصة بحلف شمال الأطلسي في الأجواء التركية، شارك في هذه الحملة الإعلامية نواب من الكنيست الحالي (الثامن عشر) والذي يمثل نتاجاً للتصويت لسياسة الفصل العنصري، وكجداول أعمال سياسية معلنة، للائتلاف اليميني المتشدد الحاكم في تكثيف إجراءات الأبارتيد الكولونيالي، حتى ضد عرب 1948، وجاء الرد التركي الرسمي هادئ واثق من الذات، وبكلمات قليلة تفيد بأن "على إسرائيل أن تحسب حساب كل كلمة تطلقها".
أصوات قليلة إسرائيلية من خارج الصلف الصهيوني اعتبرت أن الإلغاء التركي "يمثل لنا تحذيراً من التداعيات الإستراتيجية والاقتصادية التي يمكن أن تنشأ عن العزلة السياسية المتنامية" ـ رون بن يشاي ـ يديعوت أحرنوت مقال "أنقرة ليست وحدها" ... وصولاً إلى استنتاج آخر: "علينا أن نعترف بحقيقة أن أنقرة في الوقت الراهن على الأقل، توقفت عن أن تكون شريكاً استراتيجياً أمنياً موثوقاً لإسرائيل، هذه الحقيقة تمثل ضرراً فعلياً لأمننا القومي، ذلك أنها تقضم ردعنا حيال كل من إيران وسورية، كل مَنْ ينظر إلى خارطة المنطقة سيفهم ذلك من دون صعوبة".
محرقة غزة في العدوان الإسرائيلي "الرصاص المصهور"، وتقرير غولد ستون، وإجراءات ومخاطر تهويد القدس الشرقية المسعورة، والفصل العنصري في استعمار الاستيطان والتهام الأرض المحتلة عام 1967، والنزاع الإعلامي مع السويد "سرقة أعضاء جثث الفلسطينيين" وغيرها ... الكثير من إرهاب الدولة المنظم، في نظام الفصل العنصري كما في نظام جنوب إفريقيا السابق، تدعو لمخاوف جدية في "إسرائيل" بتصنيفها من قبل المجتمع والرأي العام الدولي على أنها "دولة منبوذة".
تحت عنوان "إشارة حمراء" في المقال الافتتاحي ـ يديعوت أحرنوت 13/10/2009، وبقلم موشيه ماعوز برفيسور مختص في الشؤون الإسلامية والشرق أوسطية في الجامعة العبرية ـ يقول بها "إن الرفض المفاجئ من جانب أنقرة على مشاركة سلاح الجو الإسرائيلي في سماء تركيا إشارة حمراء أخرى من حكومة رجب طيب أردوغان بشأن سياسة إسرائيل في المسألة الفلسطينية، تضاف إلى سلسلة طويلة من الإشارات والاحتجاجات والتحذيرات المشابهة من جانب دول أخرى، ودون أن يغفل ربط الموقف التركي بحكومة "أردوغان الإسلامية" ... !
"الهراء الإسرائيلي" المنطلق يتلخص بما هو "مضاداً للإسرائيليين ومناهضاً للسامية، التعابير الصهيونية المستخدمة في حق المعترضين على سياساتها العنصرية، أو أن المواقف التركية "ترمي فقط لإرضاء الإسلام السياسي التركي"، أي ربطاً بـ "الإسلام" بيد أن المواقف التركية تجاه الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، بدأت منذ عدوان الخامس من حزيران/ يونيو 1967، وقبل وصول "حزب العدالة والتنمية" وعبر صندوق الاقتراع إلى السلطة في تركيا.
• بعد الحرب عام 1967 شددت أنقرة بالتدريج في موقفها الرسمي العلني، تجاه استمرار الاحتلال الإسرائيلي في أراضي عام 1967، الضفة الفلسطينية وقطاع غزة و"بالأساس لقدس الشرقية"، وتواصلت هذه السياسة وهذه الرسائل.
• في عام 1980 أنزلت أنقرة علم الممثلية الدبلوماسية لإسرائيل رداً على قرار الأخيرة ضم القدس الشرقية: "القدس الموحدة عاصمة أبدية لإسرائيل".
• في أعقاب مؤتمر مدريد واتفاقات أوسلو (1991 ـ 1993) تعززت العلاقات الإستراتيجية والاقتصادية لتركيا مع إسرائيل بشكلٍ كبير.
• مع اندلاع انتفاضة الأقصى في العام 2000، تعاظمت بشدة المعارضة الشعبية التركية تجاه إسرائيل، وأثرت على قادة النظام (من جميع الأطياف السياسية) على حد سواء.
• الرئيس التركي أحمد نجدت سيزار (آنذاك) وصف الأعمال الإسرائيلية بأنها "عنف واستفزاز".
• رئيس وزراء تركيا العلماني بولانت اجاويد وصف نشاط الجيش الإسرائيلي في جنين في "حملة السور الواقي عام 2002 ـ شارون" بأنها "قتل شعب".
• رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان وصف في عام 2004 أعمال "إسرائيل" في الضفة الفلسطينية بأنها "إرهاب الدولة"، وفي أعقاب حملة "الرصاص المصهور" في قطاع غزة 2009 اتهم إسرائيل بارتكاب أفعال غير إنسانية، وأضاف بأن الله سيعاقبها.
• زعماء تركيا المسلمون، البراغماتيون العلمانيون يتماثلون مع معاناة الفلسطينيين (على أراضي عام 1967)، ويؤيدون "اتفاقاً إسرائيلياً ـ سورياً"، أي بعودة الجولان إلى الوطن الأم.
• مثل معظم الدول الإسلامية، بما في ذلك كل الدول العربية، صادقت تركيا على مبادرة السلام السعودية في العام 2002 "المبادرة العربية" التي عرضت على إسرائيل لأول مرة في تاريخ النزاع العربي ـ الإسرائيلي: "السلام، الأمن والعلاقات الطبيعية"، وذلك شريطة أن تنسحب إسرائيل إلى خطوط ما قبل عام 1967، وتوافق على إقامة دولة فلسطينية، والقدس الشرقية عاصمة لها.
• الموقف الحكومي التركي والشعبي صريحاً وجريئاً في منع القوات الأمريكية من اتخاذ الأراضي التركية منطلقاً لاحتلال العراق في العام 2003.
عموماً يمكن الاستخلاص بأن تركيا دولة إقليمية هامة في المنطقة، وذات تأثير كبير انطلاقاً من وضعيتها في الجيوبوليتك، يتيح لها وعلى عكس من مرحلة الحرب الباردة، بدائل إستراتيجية أورو ـ آسيوية، ستبرز أكثر في حال فشل التغريب، ولم يتم قبولها في الاتحاد الأوروبي بأذرع مفتوحة ودون أن يعرضها ذلك إلى الارتداد عن حداثتها، وفي حال تواصل المعوقات الأوروبية المتتابعة، فبعد توجهها نحو الجوار والجنوب عبر الأهمية الجيو إستراتيجية لسورية، وبما تشكل لتركيا من فضاء إقليمي وبناء علاقات اقتصادية وسياسية وخلفية تاريخية ثقافية مشتركة في الجنوب وعموم شرق المتوسط، يمكن لها أن تصل إلى المستوى الإستراتيجي وليس مجرد تعاون بين جارتين في السياق الاعتيادي، فالروابط الجغرافية والتاريخ والثقافة والاهتمامات والتحديات هي عناوين مشتركة ربطاً بمصالح الدولتين.

كما بإمكان تركيا التوجه نحو الشرق والشمال، روسيا، الصين، الهند، إيران، فضلاً عن كونها إحدى بوابات الهامة إلى آسيا الوسطى وإلى أوروبا، وربما إعادة النظر في الأحلاف الجيوسياسية السابقة والقائمة منذ أمد طويل مع اندلاع الحرب الباردة.
إن كل دولة لها احتياجات وظروف وقيّم وتاريخ وهموم اجتماعية وآليات مختلفة، ومنذ بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي، تقدمت تركيا في تحديث اقتصادها، وتطوير وتحديث نظامها السياسي، وتعميق النظام الديمقراطي، وصاحب هذه المراجعات والتغييرات عمليات مؤلمة إلى حدٍ ما، تعد كلها مؤشرات على الانفتاح الجديد لما بعد الحرب الباردة، وعلى تزايد التعددية في المجتمع التركي. والحداثة التركية ظاهرة مديدة بارزة يجري تشكيلها وتعريفها على المستوى المجتمعي بحراك ونقاش مفتوح حول توجهات الأمة، وعليه فهي تأخذ قراراتها بشكل أساسي كوحدة متكاملة، وبدرجة معقولة ومتوازنة، وتتحدث بصوت واحد، وتحصن نفسها عبر ضوابط بما فيه الكفاية.
إن انجراف المعسكر الكولونيالي ممثلاً بالليكود والأحزاب الدينية الاستيطانية اليهودية بوابل من الرسائل الإعلامية ضد تركيا هو على غير هدى، ومستوحىً من نزعة التطرف والصلف اليميني العنصري في تكثيف إعلامي للإجراءات الشبيهة بالعنصرية والأبارتيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترقب في إسرائيل لقرار محكمة العدل الدولية في قضية -الإبادة ا


.. أمير الكويت يصدر مرسوما بتشكيل حكومة جديدة برئاسة الشيخ أحمد




.. قوات النيتو تتدرب على الانتشار بالمظلات فوق إستونيا


.. مظاهرات في العاصمة الإيطالية للمطالبة بإنهاء الإبادة الجماعي




.. جامعة جونز هوبكنز الأمريكية تتعهد بقطع شراكاتها مع إسرائيل م