الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حيلة الوالي التي انقلبت عليه

جمال المظفر

2009 / 10 / 28
كتابات ساخرة


يحكى ان واليا ً مستخلفا ً شعر بأن وزراءه وحاشيته ( يلعبون بذيلهم ) أي يحاولون استغفاله ويتآمرون عليه ، فعمد الى ادعاء العمى ، ما ان يدخل عليه مستشاروه ووزراؤه حتى يغمض عينيه ويدير رأسه ذات اليمين وذات الشمال ، لكنه يرى ردود افعالهم وتغامزهم وتلامزهم وحركات وجوههم المستهزئة ولكنه يردد مع نفسه ( الا ياملاعين الوالدين ) ان النصر آت مهما طال تحايلكم ..
قرر الوالي ذات يوم ان يطلع على احوال الرعية عن قرب وان يرى مدى ولاءهم له ، هل سيكونون معه في ايام الشدة ( العمى ) ام يتلامزون اسوة بحاشيته ووزرائه ويتخلون عنه في اول انقلاب عسكري يقوم به اقرب الناس اليه ، فالكرسي مغرٍ للغاية ودفء حضنه لايضاهيه اي حضن اخر ، ولاملكة جمال الكون ، فهو يحتضن المؤخرات بكل حنية ووداعة ويدغدغ حناياها ..
وبالفعل نزل مولانا الوالي الى الشارع لمتابعة شؤون الرعية ، ورؤية اوضاعهم برؤية روحانية لابصرية لان مولانا اعمى يرى بقلبه مثلما يرى الاعمى بعكازه ، ورغم انه لم تكن هناك شوارع بالمعنى المتعارف عليه وانما طرق مليانة بالطسات والمجاري تغطي واجهاتها وكأنها بحيرات اصطناعية ، الا ان الوالي اصر على ان ينزل ، وان يرى عن قرب ردود افعال الطرفين ( الحاشية والرعية ) وليكن الاصدق انباءً من الكتب الفيصل في حكمه على الخونة .
طلب الوالي من اقرب مستشاريه ان يقوده من يده لانه لايرى ، فتجمع المستشارون من حوله ، سياسيون واقتصاديون وفنيون وسياحيون وقانونيون ونصابون وافاقون ومتزلفون ليرافقوه في جولته التاريخية ، الوالي كان ذكيا للغاية ، طلب ان يدلوه على تاجر اقمشة ليشتري جبة من الحرير المطعم بالفضة ، وبالفعل اوقفه المستشارون عند تاجر الاقمشة فبادر كبير المستشارين ( لفطي ) الى طلب افضل مالدى التاجر من حرير ولكنه لصق فمه باذنه طالبا منه اعطاء الوالي قماشا من الساتان على انه حرير لانه بنفس ملمسه وسوف لن يفرق الوالي بينهما و( النص بالنص ) اي نصف للتاجر ونصف للمستشار الامين ... الوالي عرف بهذا الاتفاق لكنه لايريد ان ينفضح سره ، كانت اذناه هما عيناه ، يسمع حتى دبيب النمل ورقص الذباب على باب الحارة .. وبعدما انتهى من شراء الحرير ( الساتان ) طلب ان يشتروا له عمامة فابتاعوا له قفة على انها عمامة والى اخر القائمة ..
المهم ان الوالي يعرف بكل التفاصيل ولكنه يلتزم الصمت الى ان يحين اليوم الموعود وتنشر الصحف وحينها سيواجههم بالوقائع وسيريهم بأم اعينهم يوم القيامة وسوء العذاب ...
ولاجل ان يثبت لهم انه اعمى ولايدعي العمى طلب منهم ان يأتوا له بحكيم متخصص في العيون عله يجد حلا لعماه من اجل ادارة امور البلاد والعباد ويشيل الحمل عن وزرائه ومستشاريه الذين ابتلوا به لان المسؤولية ثقيلة جدا خصوصا اذا كانت الخزينة او ( الصرماية ) ثقيلة جدا ، فاجمع الكل على انهم يعرفون حكيما ولا في الخيال ، معجزاته لاتقل عن معجزات الانبياء فقد ابصر من كانوا عميانا بالولادة واحيا من كانوا امواتا ، فاستسرعهم الوالي بهذا الحكيم والذي اتفق عليه المستشارون بان يكون احد فقراء الولاية مقابل مبلغ يسير من المال ليبلغ الوالي ان حالته ميؤس منها وما عليه الا الرضا بما قسم له الله وفق الحكمة الالهية ( قل لن يصيبنا الا ماكتب الله لنا ) ....
الحاشية استغلوا عمى الوالي وراحوا يتسابقون للاستحواذ على خزينة الدولة ، كل يسرق من جهته والبعض راح يمارس ( الخاوات ) من الباعة والمارة وبعضهم صار (عنتر زمانه ) يحكم ويرعد ويرهب عباد الله ويبطش بهم والوالي يرى وكأنه لايرى ، ان فتح عينيه وقال كنت ارى الحقائق اتهمه الشعب بالكذب وبالتالي تفسد الطبخة ...
المهم ان الحاشية باتوا يعبثون بالولاية ويسرقون الخزينة وماوراء الخزينة ولم يبقوا فيها شيئا ، وعندما اجهزوا على بيت المال طالت ايديهم بيت الوالي فسرقوا كل مافيه من اثاث وتحفيات وانتيكات ثم انداروا الى ملابسه بما فيها الساتان وما ان انتهت مرحلة ( الحواسم) هذه حتى التفوا الى الملابس الداخلية للوالي عظم الله اجره فصفيت الخزانة بالتمام والكمال ولم يبق للوالي غير ملابسه التي تغلف جسده والتي مرت عليها ايام ولم تغسل ، سلم امره الى الله الواحد الاحد ناصر ( المستضعفين ) وغسل غياره وعلقه على الحبل وتأزر بمئزر يعلو ركبتيه بشبرين ، المهم انه يستر عورته الى ان يحين الصباح خوفا من ان تمتد ايديهم الى ( ..... ) !!
نهض الوالي مع اول زقزقة للعصافير ليأتي بغياره والتي تبين ان يد الحاشية قد وصلت اليها ، وربما يد الرعية لان فيها ( بركات الوالي ) ...
التزم مولانا ( عظم الله اجره واجل قدره ) الصمت ، فهو مثل بلاع الموس ، ان فضح امره فسيقول عنه الرعية بأنه كان يكذب ويخدعهم اوانه كان ( حيِِّالا ) وتلك المفردة قاسية للغاية عليه ، وان سكت فان الصاية والصرماية قد ولت الى غير رجعة ولايمكنه اعادة اعمار مادمره مستشاروه ، كيف يقود دولة منهارة عن اخرها ... ولكن الوالي فضل السكوت ، فالنار التي اكتوى بها افضل من العار الذي قد يبقى يلاحقه بسبب الكذب ..
وحين ادرك مولانا الصباح سكت عن القول المباح ، فالراح راح والباقيات اعظم ، ولكن الفساد امتد في البلاد من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب ومن تلفات الدنيا وحتى خصيان الوالي ....










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تللسقف
يوسف حنا بطرس ( 2009 / 10 / 28 - 20:08 )
حكايتك تنطبق على الجعفري والمالكي ومن لف لفهم الذين نهبو اموال العراق قسم من هرب والباقي تنتظر الباقي ليهرب


2 - ذكاء مفرط
سعدون ( 2009 / 10 / 30 - 09:52 )
المعلق على المقال يوسف تللسقوف
ما شاء الله يبدوا انك على معرفة بالسرقات التي تمتت و انك قريب من مصدر القرار وعلى معرفة ان هؤلاء هم السراق فقط او غيرهم,انت تعرف من نصب هؤلاء على الشعب العراقي هم اسيادك الاميركان المسيحين وانت المدافع عنهم في كل مقال

اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي