الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المواطنة من منظور آخر

نجاح العلي

2009 / 10 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


بعض السياسيين العراقيين المقيمين في بلدان المنافي والبعض من المحسوبين على النخب العراقية المثقفة، كل هؤلاء يطلون علينا من على شاشات التلفاز ويطعنون بولاء بعض السياسيين الحاليين بحجة التبعية وإنهم ليسوا عراقيين أصلاء، رغم انهم عاشوا لعشرات او لمئات السنين في هذا البلد.
لست هنا بصدد الدفاع عن احد او كيل الاتهام لطرف على حساب آخر، لكن ما لاحظته ان المجتمع العراقي ينظر الى المواطنة بمنظور آخر يختلف عما هم متداول في ثقافات الشعوب الاخرى رغم ان الدستور العراقي قد اوضح ان المواطن العراقي هو كل من ولد لاب او لام عراقيين، لكن وفق المنظور الاجتماعي العراقي الذي تشكل بفعل طغيان المد القبلي والعشائري على الحياة العراقية، ان المواطن لابد ان يكون ذا حسب ونسب ووجاهة لكي يتبوأ المناصب السياسية والوظيفية، اما معيار الكفاءة والمهنية والنزاهة فهي ليست ذات اهمية او انها اشياء ثانوية.
اسوق مثلا هنا عن مبدأ المواطنة وفق النموذج الغربي المتطور الذي يعيش برفاه بفعل احترام الانسان والوقت والعمل، وبالتحديد في المانيا، فقبل ايام اختارت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل وزيرا للصحة في حكومتها الجديدة وهو فيليب روزلر صاحب الـ36 عاما، وفيليب روزلر هذا وصل الى المانيا وعمره 9 اشهر فقط، بعد ان تبنته اسرة من شمال المانيا من احدى دور الايتام في فيتنام ومنحته اسم فيليب ليحصل على شهادة الدكتوراه ويصبح طبيبا وسياسيا ناجحا، ويصفه اصدقاءه بانه شاب يتمتع بذكاء حاد وبروح الدعابة واحساسه المرهف خاصة في تعاطفه مع الام الاخرين.
يا ترى لو كان هذا اليتيم الفيتنامي تبنته اسرة عراقية ويمنح الجنسية العراقية ويصبح مواطنا عراقيا.. هل نتوقع ان يتم اعطاؤه منصبا سياسيا او وظيفيا او انه سيظل في نظر الاخرين قاصرا وغير مؤهل حتى لو كان ذكيا وموهوبا وناجحا في مجال عمله لمجرد انه من اصل غير عراقي.
انها دعوة لمراجعة الذات العراقية وجلدها للوصول الى المواطنة الحقة المبنية على الولاء والكفاءة والمهنية بعيدا عن الانتماء القومي والديني والمذهبي والطائفي والعرقي والتي اثبتت التجارب القريبة فشلها خاصة في تبوؤ المناصب الرسمية والمهنية، والرجوع الى الهوية الوطنية باعتبار العراقيين متساوين في الحقوق والواجبات، وان الحقوق هذه مثبتة دستوريا لكنها على ارض الواقع منتهكة وغير معمول بها واستعيض عنها بالمحسوبية والحزبية الضيقة والولاء الديني والمذهبي والقومي.
يبدو ان الحراك السياسي العراقي والتكتلات السياسية الجديدة تنبؤ بخير وتشير الى تكتلات جديدة خارج اطار التخندقات السابقة، بفعل الوعي الجماهيري الذي مارس ضغطا على النخب السياسية بالدفع الى الهوية الوطنية، لان الهوية الفئوية هي هوية طارئة وغير متجذرة في نفوس العراقيين وقد حاول بعض السياسيين استغلال الهوية الفئوية لتمرير بعض المشاريع والاهداف الضيقة، لكن الوعي الشعبي كان اقوى من ذلك، واعتقد ان عامل الوقت كفيل باذابة كل التعصبات في بوتقة الهوية الوطنية التي تجمع كل العراقيين ليكون شعار الجميع (الشخص المناسب في المكان المناسب) مهما كان اصله، اذ ان معيار الاختيار في اي مجال من ميادين الحياة الكفاءة والنزاهة لكي نستطيع ان نلحق بركب العالم المتقدم.
*اعلامي واكاديمي










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قيادي بحماس: لن نقبل بهدنة لا تحقق هذا المطلب


.. انتهاء جولة المفاوضات في القاهرة السبت من دون تقدم




.. مظاهرة في جامعة تورنتو الكندية تطالب بوقف حرب غزة ودعما للطل


.. فيضانات مدمرة اجتاحت جنوبي البرازيل وخلفت عشرات القتلى




.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف