الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لعنة السماء تنزل على المسؤولين غير المسؤولين

علي محمد البهادلي

2009 / 10 / 29
الارهاب, الحرب والسلام


جبريل يصرخ والأملاك تنتحب ، واهتزَّ عرش الرحمن والسماء تلبدت بالغيوم والكون اظلم ؛ حزناً على دماء العراقيين التي لم تسل على الأرض وإنما عانقت السماء ، ولسان حال العراقيين يقول ربنا تقبل منا هذا القربان ، وفي الجانب الآخر أصوات تهمس بدعاء كدعاء أبي عبد الله الحسين ضد الجيش الأموي رب مزِّقهم تمزيقاً وفرِّقهم تفريقاً واجعلهم طرائق قدداً ولا تبقِ منهم أحداً .
لا يتصور أحد أن هذا الدعاء على الإرهابيين ، لا بل هو على كل مسؤول "غير مسؤول" في هذا البلد الجريح ، فالكثير منهم مسؤول بصورة أو بأخرى عن سفك دماء العراقيين ولا أعني أنهم هم من يفجر ، وإن كان البعض منهم متورط أيضاً في هذا الملف ، وما المذكرات القضائية التي يصدرها القضاء العراقي بحق هؤلاء بين الحين والآخر إلا خير شاهد على ما نقول ، لكن مع الأسف لا نجد من يمتلك الشجاعة ويحاسبهم ويسائلهم فقبل عدة أيام أصدر القضاء مذكرة اعتقال بحق إحدى البرلمانيات وزوجها الذي هو عضو في مجلس محافظة ديالى بتهمة دعم الإرهاب وتمويله ، لكن نجد المسؤولين في الدولة العراقية جبناء ولا يستطيعون أن يقوموا بمساءلة مثل هذه النماذج ، ويتذرعون تارة بالمصالحة الوطنية وتارة أخرى بالخوف من أن تُعتَبَر المذكرة في إطار التصفيات السياسية أو بالحصانة التي يتمتعون بها ، أما دماء الأبرياء و" الفقرة " فلا أحد يأخذها بالحسبان ، وهذه ليست المرة الأولى التي يسلم فيها المجرمون من المثول أمام القضاء ، وسوف لن تكون الأخيرة ، ما داموا يتمتعون بأفضل الامتيازات ومحميين من قبل كتلهم ، فهم غير مسؤولين من قبل القضاء وهم في الوقت نفسه تصرفاتـهم "غير مسؤولة " وإذا كان علي كيمياوي وغيره ممن أُدينوا بارتكاب مجازر إبادة جماعية ضد أبناء الشعب العراقي لم يُنفَّذ حكم الإعدام فيهم ، فحتماً سيسترخي هؤلاء الإرهابيون ويريحوا بالهم من التفكير باحتمال القبض عليهم والمثول أمام القضاء فضلاً عن معاقبتهم .
إن الشعب العراقي ضاق ذرعاً بما يجرى وملَّ السكوت ويحتاج من يوقظه للانتفاض على النخب السياسية الفاشلة التي تقود البلد ، فهو ـ أي الشعب ـ يريد ممن يتسنم موقع المسؤولية لا سيما مسؤولي الأجهزة الأمنية أن يصارحوه بإمكانات وزاراتهم في حفظ الأمن وأن يعطوا أرقاماً ومواعيد محددة للخطط التي يعدونها من أجل استقرار الوضع الأمني ، فكثرة الوعود التي يطلقها فلان وفلان ...رئيس الوزراء وقائد عمليات بغذاد والناطق الرسمي باسم خطة فرض القانون ووزير الداخلية ومدير دائرة مكافحة المتفجرات في الوزارة نفسها ووزير الدفاع ....وهلم جراً ، كل هذه الوعود تذهب هباءً منثوراً أو كسراب بقيعة يحسبه المغفلون أمناً واسقراراً عند كل مرة يحدث فيها خرق أمني يحصد أرواح المئات ، فنحن اعتدنا الخروقات المدمرة ، وأصبح الشهر الذي لا يحصل فيه مثل هذه الخروقات انتصارات عظيمة تشبه إلى حدّ المطابقة الانتصارات المزيفة للقائد الضرورة وحامي البوابة الشرقية ، فنقول لكل هؤلاء غير المسؤولين إذا كانت لديكم ذرة ضمير أو غيرة على هذا الشعب فلتعترفوا بالفشل وتتنازلوا عن مناصبكم إلى غير رجعة وغير مأسوف عليكم ، فلم نرَ ولم نسمع أحداً منكم اعترف بالفشل ولا مرة واحدة ، كأنكم معصومون لا تخطأون وعقمت النساء أن تلد أمثالكم ، ونقول لكم كم وزير استقال وكم حكومة في العالم المتحضر حُجبَت عنها الثقة لمجرد حوادث أمنية طفيفة لا ترقى إلى الزوابع الأمنية التي تعصف بالبلد منذ سنوات ، لكن الدنيا قد اخضرت في عيونكم وضمائركم أصبحت كالحجارة لا يوقظها انفجار ولا حتى "تسونامي إرهابي " وسيعلم الذين ظلموا الشعب العراقي أي مصير يلقون والعاقبة للشرفاء النجباء الشجعان .
هذه صرخة من صرخات الشعب العراقي المظلوم نريدها أن تصل إلى أروقة مجلس الوزراء لاتخاذ مواقف شجاعة تجاه ما يجري على الساحة العراقية وتغيير القيادات المسؤولة عن القواطع التي حدثت فيها الانفجارات ، ومحاسبتها لتقصيرها وتهاونها في حفظ دماء الأبرياء ، ومساءلة الأجهزة المسؤولة عن كشف المتفجرات والتي ثرثرت كثيراً حول وصول أجهزة تكشف المتفجرات من بعد مسافة ثلاثة كم ووو ، فإذا بها لا تستطيع أن تكشف شاحنات مملوءة بالمتفجرات تمر بالسيطرات التي توجه هذه الأجهزة نحو السيارات لكنها مع الأسف الشديد لا تستطيع أن تكشف سوى الأدوية و " الزاهي " !!
أما إذا لم نرَ تغييراً ملموساً ومحاسبة البمقصرين ، فإننا لنا موعد معكم يا دولة رئيس الوزراء في الانتخابات المقبلة .
أما طلبنا الأخير ـ وإن كان هو المقدم ـ أن يمن الله علينا بنخب سياسية تستشعر معاناة الشعب ، وتنزل معه إلى الشارع لمقارعة الإرهاب ، لا يهمها المكاسب الحزبية أو الطائفية أو الإثنية ، هدفها الأول والأخير هو خدمة المواطن الذي أوصلها إلى السلطة ،وتنفيذ البرامج والوعود الانتخابية ، أما من استأثر وراح ينشد مكاسبه ويفكر في " فلله الفاخرة" في دبي ولندن ، فستأتي لعنة الشعب عليه وعلى ما كسب قبل أن تفعل السماء فعلتها ، رب لا تذر على الأرض من السياسيين الفاسدين دياراً رب إنك إن تذرهم لا يلدوا إلا فاجراً كفاراً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24