الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عيد الحب ومنفى البلاد العربية

احمد ثامر جهاد

2004 / 6 / 5
العلاقات الجنسية والاسرية


ليس اعتباطيا أن غالبية عظمى في البلاد العربية ، قدر لها أن تولد وتشيخ وتموت من دون أن تعرف - للحظة واحدة - أن هناك عيدا للحب تحتفل به البشرية جمعاء في يوم 14 من شهر شباط في كل عام . عيد للإنسان بكل المعاني يسمى عيد القديس فالنتينو . استراحة يوم واحد جميل تمنح الذات فرصة مثلى لمغازلة شريك أو استذكار حبيب ، بقبلة تطبع على خد أو تسبح في فضاء . وإن كانت هناك أقلية تعرف هذه المناسبة ، فإنها غالبا لا تحتفل أو تحتفي بها . لماذا ؟ هل هو ذنبنا إننا مفصولون عن ملذات الحب الإنساني بمسافة قسرية خادعة قوامها قيمنا المحافظة ؟ ألسنا كذلك حقا ، لمجرد ان حياتنا أيام للموت المجاني فحسب ؟
سأعتبر نفسي محظوظا ، ليس فقط لأنني من الأقلية التي تعرف من دون ان تحتفل ، بل لان قدرا عجيبا أو مصادفة كونية جعلت يوم ميلادي في هذا التاريخ بالضبط . ربما لهذا السبب دأبت على إقناع نفسي – وكان من السهل علي ذلك – إنني عشت قصة حب فريدة ، وان حياتي – في السر – هي بيد من ينذرها ، رغما عني ، لقصص سواها . لكني اجزم ان لكل امرئ سببا معقولا لتأمل مسيرة حياته ( في قصة حب ) امتلكت حياته يوما ما ، حزنا أو سعادة . فللحب حكايات ومسرات وفصول وعبر ، كما أن له شجون ومصائر وصور .
في سنوات مضت كانت المرأة الوحيدة التي أحببتها لا تفتأ تذكرني بهذا اليوم وهي تحرص على الاحتفال به ، حينا بلغة الشفاه العذبة ، وبالهمس الأنثوي حينا آخر . فاشعر أني إنسان له كيان ووجود ومعنى . إلا أن عقود المحنة اللاحقة ، قد هرست حياتنا بسخفها ومرارتها ، وأعدمت أفراحنا كلها ، بعد أن وضعت السلطة اللون الكاكي محلَّ اللون الوردي .
هكذا ولأسباب عدة تعرفونها لُقنت ذاكرتنا منذ ان كانت بيضاء طرية ، تواريخ كل الأعياد الوطنية والقومية والدينية ، فحفظناها عن ظهر قلب ، قلب لا يعرف الحب . لنجد أنفسنا معزولين عن ركب العالم ليس في الأفكار فقط بل حتى في المشاعر . كيف نكون غلاظ بشعين على هذا النحو ، فيما تصرخ منابرنا بكلمات تمجد قدسية الإنسان ، افضل الخلق ؟
أصبحت صورة مألوفة للجميع أن ترى على الطرف المقابل للعالم الذي درج على الاحتفال بهذه الذكرى منذ الآلاف السنوات ، عالما آخر يغرق بالأوهام والأحزان يسمى العالم العربي . فلم تكن مذيعة نشرة الأخبار في إحدى الفضائيات العربية مبالغة ولا متجنية ، حينما ذكرت الخبر التالي : ( في الوقت الذي تحتفل كل دول العالم بمناسبة عيد الحب وسط كرنفالات وابتهاج شعبي واسع ، أوعزت السلطات السعودية إلى قوى الأمن والشرطة بمنع أية مظاهر احتفال بهذا اليوم وملاحقة أي شخص يخرق أو يتجاوز على …) ولسان حال الحاكم يقول : انه عيد بغيض وشيطاني ودخيل على ثقافتنا العربية الإسلامية .
ابتسمت بهدوء عندما استمعت ذات مساء لهذا الخبر ( الطريف ) وعدت استلقي على فراشي الوحيد ، مغتبطا أنني أبارك نفسي بالحب من دون أن يعتقلني أحد ، فرحا ببعض حياة كانت تهمس لي بكلمات تذكرني بمن أحبوني وأحببتهم .
الهدية الوحيدة الذي وصلتني هذه المرة ، كانت بطاقة حمراء مشفوعة بكلمات أختي الصغيرة ، التي على بساطتها ، بدت لي مثل رذاذا ابيض يعد بأمل ما :
( أخي العزيز احمد ..كل عام وأنت بخير .. من قلبي أتمنى لك أياما مليئة بالمسرات والمحبة …).

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ممرضة مصرية تعالج الأطفال القادمين من غزة تنهار في البكاء


.. عالمة الآثار المصرية د. مونيكا حنا: استرجاع الآثار المصرية س




.. المشاركة تيجان شلهوب


.. المشاركة أمل المدور




.. المشاركة في الاحتجاج نجمة حطوم