الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
لا حمامة ، لا طوفان ، و لا سفينة ..
عبد العظيم فنجان
2009 / 10 / 30الادب والفن
امرأة بعدما توقف الطوفان ،
وجدنا الحمامة على كتف امرأة ..
امرأة /
بثياب النوم ، امرأة ، على الزجاج ، يغسلها المطرُ ، وفيما يسطعُ برقُ المساء على كتف القنديل الذي نفد زيته ، تكون المرأة قد اختفتْ ..
امرأة /
كان يتنفسُ وجهكِ في الصورة الرائعة ، التي لبثتْ مزروعة في ذاكرته ، كحقل سنابل رشـّه مطرٌ غزير في عزّ الجفاف . المطرُ هذا هو بعضُ خواطره التي تمرُ ، في ممرات رأسكِ ، وأنتِ تكتبين ضفائركِ في دفتر المرآة ، ثم عندما ينتهي السطر الأخير، من عرس بهائكِ ، يـُخرجكِ منكِ ، ومن المرآة ، فتتسربان معا ، بوثبة من الروح ، الى خارج حدود الكون ، تاركين تلك الواقفة مكانكِ في حيرةٍ من أمرها ، وهي تنظرُ الى المرآة ، فلا أحد هناك سوى اغنية يردّدها الشغفُ : مَن جاء ، مَن ذهبَ ؟
امرأة /
من مرآة الى مرآة واصلتْ امرأة نقل بهائها في المرايا ، تاركة في كل مرآة اثرا واحدا ، يختلف من مرآة الى مرآة .
في قلب كل مرآة امرأة ٌ تسيرُ على ضوء شمعة ، حتى تنطفيء الشمعة ُ ، فيظهرُ إثرها رجلٌ يجمعُ آثارها ، من مرآة الى مرآة ، ودائما ، في لا نهائيات رحلته ، يصلُ الى امرأة اخرى ..
امرأة /
نائمة ،
ولا صخبَ في الصورة ، إلا صخب عنقها ،
الذي عليه تنحدر حسرتي :
أمرأة
مرسومة على حائط ،
في صحراء ،
في
ثكنة مهجورة .
امرأة /
مساء كل يوم ، إذ تعود الشياطين بأخبار بلقيس ، وكيف أنها تلهثُ جَمالا ، وتلمعُ كحجر كريم في قصرها اللؤلؤي .
مساء كل يوم ، وأنا أصفحُ عن الهدهد ، واحرّف الاسطورة ، افتحً نافذتي على الليل ، و اغنـّي امرأة اخرى أجمل من أن تـُرى من قِبل ملاك أو شيطان : أشتقُ لها اسما من القمر ، وأهيمُ في رمل جمالها المتحرك ، زاهدا بأملاكي ومقطعاتي .
امرأة /
قالت : " لقد بحثتُ عنكَ في كتب السحر والتنجيم ، لأنني كثيرا رأيتكِ في منامي ، فأغرمتُ بجمالكَ ، كما أغرمتْ زليخا بيوسف .. " كانت جالسة الى جواري في حافلة الحياة ، وأنا أقرأ كفَّ القدر ، منتظرا متى يصعد معنا الاخوة الاعداء ، حاملين معهم البئر .. ثم حصل كل شيء بدقة متناهية ، وبسرعة عجيبة ، سوى أنها لم تغرم بي كما زليخا ، لأنني غيـّرتُ الخطة ، ولعبتُ دور الذئب .
امرأة /
أرى إليها تظهرُ في الشـُعلةِ ، عندما يحشرجُ الفانوسُ في الظلام ، وأنا أكتبُ تاريخها المنسي على الشفاه : تظهرُ كخيط الفجر الأول ، وتمشي الى الافق ، تتبعها الوقائعُ والأحداث ُ : في كل خطوة بداية لنسيان ، وعندما يطلعُ النهارُ يكون عليَّ أن أشحذ ذاكرتي جيدا بحجر النعاس ، بانتظار أن يحشرج الفانوسُ ، وتظهر ثانية مع خيط الفجر .
امرأة /
أرى صوتكِ أزرق .
أسمعُ اسمكِ أبيض .
ذلك عندما يُعيرني صدرُكِ عصفوريه ، فأطيرُ بهما نحوكِ ولا أصل ، لأنني أكون قد وصلتُ قبل أن أصل ، لأن بدنكِ كان قد حلَّ في بدني ، مثلما حلَّ ، في فمي ، لسانُكِ : ألفظُ به اسمكِ ، فيصيرُ كل ابيض ازرق ، ويصير الازرق ابيض، أو يضيع الابيض في الازرق ، كما يضيع الماء في قطرة ماء .
امرأة /
أسمعُ عويل ثكنات ، من أجل صوتكِ غفرتُ نفيرها :
لقد ركلني البيتُ ، ورفستني المدرسة ُ ،
فانتظرتُ الهواءَ الذي يحرّكه شعرُكِ ..
لكنني
حين انتخبتُ مياهكِ ،
وجدتها قطرة .
وجدتُ أن الملكات ،
أمام المرايا ،
يتركن بلادهن مفتوحة ، كقلب الأعمى .
عن ماذا سألتُ الهواءَ حتى يتيه ؟!
امرأة /
اكتبُ اسمها
فيهبط ُ عصفور ، وينقر الورقة .
أمحو اسمها
فيطير العصفور بعد أن ينقرَ راحة يدي .
لا حمامة ، لا طوفان ، و لا سفينة /
اغنيةٌ أوحتْ بها امرأة ، ثم جفـّتْ داخل الرأس ، قبل أن ترفعها الى مقام الورقة ، لكنكَ الآن ، إذ ينبجسُ الدوارُ الذي تتوهم أنه الحمامة التي تسبق سفينة نوح ، تصعد من قعر الطوفان الى السطح، بحثا عن زورق الاغنية :
أامرأة أوحتْ لكَ باغنية، ام أن اغنية ما قد أوحتْ لكَ بامرأة ؟
إذا كانت امرأة حقا ، فأين روحها ،
أين جنونها وضجيجها ،
أو
أين تاجها ؟
أين التاج ،
وأنتَ ، من ورقة الى ورقة ،
تطاردُ اغنية أوحتْ بها امرأة ، وتكتبُ اغنية توحي بامرأة اخرى ؟
هكذا أنتَ دائما، هكذا :
بالأغاني تلوذ ، حين لا حمامة في الافق ، لا طوفان ، ولا سفينة ..
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - ترحيب
د.عبد الكريم صادق
(
2009 / 11 / 1 - 09:47
)
كم هو جميل أن نعشق الحروف ومعانيها وننحني لكاتبها بأجلال كبير
2 - طوفان شعري
سعد جاسم
(
2009 / 11 / 1 - 16:06
)
... هذه ليست قصيدة نثر وكفى ... انها طوفان وبركان شعري
فرحي كبير بتوهجك الشعري الباذخ صديقي الشاعر وحامل الشعلة والفانوس في ليل الكلاب
محبتي ابدا
.. كل يوم - الناقد الرياضي فتحي سند : فرص الأهلي في الفوز بالبط
.. كل يوم - الناقد الرياضي فتحي سند : لو السوبر الأفريقي مصري خ
.. مهرجان كان السينمائي: آراء متباينة حول فيلم كوبولا الجديد وم
.. أون سيت - من نجوم شهر مايو الزعيم عادل إمام.. ومن أبرز أفلام
.. عمر عبدالحليم: نجاح «السرب» فاق توقعاتي ورأيت الجمهور يبكي ف