الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشارع ، البرلمان، و”تكتيك“ المهزوم

عصام شكري

2009 / 10 / 31
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


لم يكن البرلمان، خلال تاريخ الحركة الاعتراضية، ميدان اساسي لنضال الشيوعيين العماليين والطبقة العاملة. حتى عندما كانت الطبقة البرجوازية "اقل رجعية" واكثر تمسكا بمبادئ الثورة الفرنسية الليبرالية، لم يكن الشيوعيون يأبهون بالبرلمان ولم يعتبرون دخوله الا مجازفة على حركتهم يجب ان يحسبوا لها الف حساب. الشارع، من جهة ثانية، كان وما يزال مركز ثقل الشيوعية واليسار والاشتراكية. فهو ميدان تدريب الطبقة العاملة على خوض النضال اليومي، ميدان لتنظيم الجماهير وتوحيدها، ميدان لتحريضها وتعبئتها وتربيتها على الفعل الثوري. من قلب تلك الوحدة والاصطفاف الجماهيري الواسع نمت قوة اليسار والاشتراكية والشيوعية العمالية والحركة المتمدنة والعلمانية واكتسبت قوتها، دافعة البرجوازية الى اتخاذ موقف الدفاع والتنازل.

دخول اليسار والشيوعيين في المؤسسات المنصبة من قبل القوى الميليشياتية الاسلامية والقومية ”الالترا- رجعية“ في العراق، وادعاء تلك القوى بانها تناضل من على منابرهم، تلك التي لم يكن للجماهير اي ضلع في منحها اياهم، ودون ان يكون لذلك اليسار اي سند جماهيري او قوة مادية اجتماعية ”شارعية“ يستند اليها، يعني من الناحية الواقعية تخلي تلك القوى عن كل راديكالية وشيوعية، ونبذ الشيوعية العمالية، وتحولهم الى ”مخلوق“ اليف، عاقل، يجلس بخنوع الى جانب وحوش القوى الهمجية لملالي الاسلام السياسي والقوميين والطائفيين والعشائريين. مجرد الادعاء بان تلك المنابر ستكون مشرعة ومتاحة لارتقاءها للحديث عن"الحرية والمساواة" سيعني ان عليك مهاجمة الاسلام السياسي ونقد الدين والقومية والمذهبية والكشف عن الانتهاكات والجرائم التي يقوم بها ”زملاءك“ النواب. تلك نكتة سمجة بالطبع !.

داخل المجتمع توجد الاف المنابر، اعلام وصحافة وانترنيت ومنشورات وفضائيات ومختلف الوسائل التي تتيح لك استخدامها للترويج، للتحريض وللدعاية الى الماركسية والشيوعية العمالية. ضعف الدولة وتشرذم قواها الميليشياتية هو احد الاسباب الايجابية التي تخدم الحركة العمالية والشيوعية والمساواتية، اضافة الى التطور الهائل في تقنيات الاتصال. ان على اليسار والشيوعية العمالية في ظروف كهذه ان يتجاوب مع انفتاح الاجواء داخل المجتمع، انفتاح الافاق بسبب ضعف البرجوازية وتشتت صفوفها بدلا من حشر رأسه في جحور المؤامرات النتن فيما يسمونه ”البرلمان“.

ان سلطة الميليشيات الدينية والقومية هي التي بحاجة الى البرلمان، لا من اجل توفير المنابر وتمثيل "الشعب"، بل لكسب شرعية المجتمع على سلطتهم اللا شرعية. الطبقة الاستغلالية، الملفحة بالف كذبة وكذبة حول الديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة الاجتماعية وانسانية المرأة وغيرها، هي طبقة خائفة. خائفة لانها تقوم بارتكاب الجرائم اليومية ضد الجماهير؛ النهب والاستغلال وتدمير المجتمع والارهاب واستخدام الدين والطائفية والقومية في تمزيق مواطنية المجتمع. انها بحاجة الى التحصن والتمترس خلف قوات القمع، الجيش والشرطة والمخابرات والامن والمناطق الخضراء وقباب البرلمانات ومآذن الجوامع التي تبث الكذب والتمييز والقدرية والانحطاط الانساني، هي بحاجة الى التخطيط مع بعضها البعض لكيفية ادامة تحميق الناس، لقمع انتفاضاتهم واحتجاجاتهم وادامة تجويعهم وافقارهم وتغييب ارادتهم بادعاء تمثيلهم وحل مشاكلهم. لا يمكن ان يكون اليسار يسارا الا في الشارع، في المجتمع، بين الناس، بين الجماهير المعترضة، داخل صفوف العمال، مع النساء، في المظاهرات والاعتراضات وتحشدات الجماهير، في ايقاف العمل والاضرابات وفي رفعه الرايات الحمراء، رايات التحرر والانسانية ونعم ، الثورة.

وبطبيعة الحال فان الشيوعيين العماليين ليسوا ضد المشاركة بممارسة سياسية انتخابية، بظروف طبيعية وحرة الى حد ما، تتيح لهم فرصة استخدام اي منبر للترويج والدعاية والتحريض والكلام عن الاشتراكية وحقوق الجماهير والمساواة التامة للمرأة بالرجل والعلمانية ونقد الاسلام السياسي والقومية والترويج لحرية الدين والالحاد وحرية التعبير والحرية السياسية غير المقيدة وغيرها، ولكن، في الظروف التي تمر بالجماهير الان فان تلك لن تكون فرصة للشيوعية العمالية بل فرصة لاعداء الشيوعية لضربها وسحقها.

ان ظروف انعدام الدولة واستشراء الميليشيات سيجعل من المستحيل ان تكون نتائج مشاركة تيار اليمين في حركة الشيوعية العمالية في مجلس الميليشيات والقوى الرجعية لصالح الحركة. الحديث عن ”التكتيك“ ليس الا غطاءاً لموقف المهزوم والمتراجع. ان الدخول في هذا المجلس الرجعي والمنصب لقوى متوحشة وارهابية ليس تاكتيكا بل موقف يميني سافر يحمل بصمات تاريخ من التراجعات ويشكل جزءا وتتمة لها.

هم مهزومون. ولكن حركتنا ليست مهزومة. وهي قادرة اليوم، داخل المجتمع، وفي شريانه النابض، الشارع، في الميادين الرحبة واماكن العمل والسكن، لا في دهاليز القوى البربرية، ان تقوم بدورها من اجل تنظيم وقيادة الحركة الاعتراضية واحلال بدائل الطبقة العاملة الانسانية لكل المجتمع.

حركتنا قادرة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التجربة الشخصية
خليل نوري ( 2009 / 10 / 31 - 10:26 )
نعم الرفيق عصام

ان الانسان الشيوعي من الصعب ان يتمكن الدفاع عن الطبقة العاملة والاشتراكية في منظمة او مؤسسة علمانية برجوازية فكيف في برلمان تتكون من الرجعية والفاشية والميلشياتية والطائفية حتى النخاع
المصدر -----------------التجربة الشخصية


2 - رائع ومنطقي
سورية ( 2009 / 10 / 31 - 12:51 )
أحسنت يا رفيق إلى الأمام


3 - شعارات
سيروان ئه‌مين ( 2009 / 11 / 1 - 00:10 )
خليک مع شحاراتک الحماسية و الطبقة العاملة العراقية في المأزق، اين انتم اصلا من الاحتجاجات العمالية ، غائبين في البرلمان و خارجها


4 - مجرد كلام ياعصام
محمد الفارس ( 2009 / 11 / 1 - 17:08 )
اجمل الكلام هو كلام اليسار والتياسر اين المتحدث من الطبقة العاملة العراقية لم نشهد له شيء يذكر ان النقد من بعد آلاف الكيلو مترات يثير السخرية ان السيد عصام وحزبه المزعوم ليس الا موقع في الانترنت واذا كان الرجعي بهاء الاعرجي قد اسقط جنسيته الهولندية لانه يريد حقا ان يدافع عن الرجعية والطبقة البرجوازية هنا في العراق اذا على كاتب المقال ان ياتي ليقود الطبقة العامله العراقية لنرى يساريته المزعومة (هنا وردة فالترقص هنا)ك)كما يقول المثل وان من السهل سوق الاتهامات ولكن دعني ارى كي اصدقك ياسيدي لست انت من يصنف اليمين واليسار اننا في صلب الحدث نعلم ماذا يجري حقا بماذا تدافع انت عن الطبقة العاملة العراقية وحتى سقط المتاع الذي معك ليس لديهم ابسط التصورات عن السياسة واذا تغير الواقع في العراق فمؤكد انك لن تكن طرف فيه










5 - اسئلة
عصام شكــــري ( 2009 / 11 / 1 - 19:05 )
السيد محمد الفارس
كم كان حجم الحزب البلشفي عندما قام بالثورة ؟. اين كان يعيش لينين معظم حياته السياسية ؟. اين قضى ماركس حياته وفي اي مدينة كتب -نقد برنامج كوته-؟ اين كان يعيش انجلز واين نشر كتابه -انتي دوهرنك-؟. اين كان منصور حكمت عندما كتب -عالم افضل-؟. اين يعيش حميد تقوائي الان ؟ اين يعيش اي شيوعي يريد ان يدفع بحركة ونضال العمال والنساء والجماهير الى الامام ؟ اين يجب ان يعيش ؟ هل هناك شروط تتعلق بمحل الاقامة ؟ الا يمكن ان يكون لانعدام الامان والتهجير القسري والمجازر الوحشية علاقة ما بالامر؟!.

للاسف حتى البرجوازية في ذلك العصر كانت اكثر ذكاءا من ان تسأل اسئلة على هذه الدرجة من البلادة.


6 - مللنا الخطب الرنانة
وسام يوسف ( 2009 / 11 / 2 - 10:12 )
حقيقة كلام اكاديمي جميل ولكن من الناحية الواقعية لا اعلم لماذا يصب غضبه السيد شكري على قوى يسارية ذاهبة الى البرلمان هل هناك ثورة اشتراكية وتخلى عنها هولاء الشيوعين ام هي رغبة في ان ننتقد اقرب اقربائنا من التحررين وحقيقة نحن كشيوعين لانستطيع ان نظغط مطالب المجتمع بتصوراتنا او مطالبنا نعم نحن نعلم ان البرلمان لايحقق مطالب العمال ولكن مشاركة العمال ترسيخ لحق العمال في السلطة وحقيقة ان السيد شكري لايعلم ان العمال ذهبو الى البرلمان ومن دون احزاب يسارية فما جوابك لهم هل ستحاول ان تفرض عليهم وصاية سياسية حقيقة انا استغرب ان نعتاش كيسارين على جلد الذات ومن جهة اخرى كونك تطرح نفسك عمالي اين انت من يوم 6:10:2009 عندما تظاهر العمال وتعرضو لااطلاق النار ام انك كنت منشغل تراقب من سيطالب بسلطة العمال . ومن قال للسيد شكري ان نقد الدين هوة الاولية فكم هي الكتب التي تثبت مادية الكون ولكن متى يقرها العامل عندما تذهب لتحين وظعه لا عندما نكتب له على النت وهوة ياخذ مائة دولار في الشهر فان كان نقد الدين مطلب لذهبنا ورائه ولك الحرية والمساواة هي المطلب الان


7 - الوعي السياسي
عصام شكــــري ( 2009 / 11 / 2 - 13:10 )
السيد وسام يوسف
تقصد ان الثورة والاشتراكية كلام اكاديمي وخطب رنانة؟. سمعتها من قبل. ادرك جيدا انها ايضا نظرة -رفاقك- وياللاسف. اسألهم وستدرك مدى السخرية والهزء من الاشتراكية ومن الثورة ومن كل ما تأسست الشيوعية العمالية عليه من ركائز. العمال لا يملون من التفكير في الاشتراكية والخلاص من الاستلاب والمثقفين يريدون -مودة جديدة-. رفاقك اصبحوا يهرولون لمنح الشرعية للقتلة والمجرمين ويأملون العمال بانهم سياخذون حقوقهم من داخل اوكار السلطة. ولكن الناس والعمال بشر حقيقيون وليسوا اكاديميين او منظرين. انهم يعرفون اكثر من رفاقك ما هو البرلمان الحالي وكيف انه لا يصلح اكثر من ان يكون وكرا للمؤامرة والدين والطائفية وزع العبوات الناسفة. اصلاحات ؟ قوانين اكثر تقدمية ؟ ترهات لا اكثر. خداع العمال بامال التغيير من داخل هذا الوكر النتن هو محاولة مقصودة لكسر همتهم وثوريتهم ودفن اشتراكيتهم. التغيير لن يأتي من هذا المكان مطلقا. انها خديعة وبأسم العمال. مخطط يميني لضرب قوة العمال الحقيقية وكسر ثوريتهم. يجب ان تصون الطبقة العاملة استقلالها التام وهذه هي وظيفتنا كشيوعيين. الخطر يأتي من اقرب المقربين.

حديثك عن اطلاق النار يوم 6-10 نحن اصدرنا بيانا (انظر سايتنا وموقع الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراق

اخر الافلام

.. غانتس يهدد بانسحاب حزبه من حكومة الائتلاف ما لم يصادق نتانيا


.. مراسلتنا: استهداف موقع الرمثا الإسرائيلي في مزارع شبعا |#الظ




.. السعودية تشترط مسارا واضحا نحو إقامة دولة فلسطينية مقابل الت


.. الجيش الإسرائيلي يواصل تصعيده ضد محافظات رفح والوسطى وغزة وا




.. إلى ماذا تؤشر عمليات المقاومة في رفح مستقبلا؟