الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأمازيغية و الدولة ج 6

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2009 / 10 / 31
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


إن الأوضاع الإقتصادية المزرية التي تعيشها الطبقة العاملة و الفلاحون ليست وليدة اليوم بل هي نتيجة هجوم تحالف الإقطاع و الاستعمار المباشر على مصالح الشعب المغربي ، بعد استيلاء الإمبرياليين على المرافق الحيوية في الاقتصاد الوطني من صناعة و معادن و بنوك و أراضي خصبة ، و تخلى عن البوادي لصالح الإقطاع و فتح مجال الإستثمار الرأسمالي للكومبرادور ، من أجل كسب حليفين يناصرانه في حربه ضد المقاومة المسلحة للفلاحين الذين واجهوا الإمبريالية ، و برزت طبقة الملاكين العقاريين الكبار إلى جانب الرأسماليين الإمبرياليين و الإقطاع و نمت الرأسمالية الزراعية ، و استغلت الشركات الإمبريالية الإحتكارية المنتوج الزراعي و المناجم بالبوادي و الصناعة التحويلية و البنوك بالمدن و روجت المواد الإستهلاكية بالأسواق ، و نشأت بورجوازية صغرى بالمدن و طبقة عاملة صناعية بالمدن و منجمية و زراعية بالبوادي.
و تم وضع أسس السلطة المركزية للرأسمالية التبعية التي ارتكزت على الأساس الإقتصادي وفق شروط الحياة المادية للمجتمع المغربي ، و أصبح طرح الأمازيغية هامشيا في ظل شروط الصراع الطبقي التي حددها الأساس الإقتصادي في مرحلة الإستعمار المباشر ، بعدما تم سحق المقاومة البطولية للفلاحين و تعرض الأمازيغ للتهميش في المناطق التي يقطنون و يكدحون بها خاصة المرأة الأمازيغية التي تعتبر قوة عملها دعما مجانيا للقيمة الزائدة للرأسمال، و عانت الأمازيغية تهميشا ليس مقارنة بالعربية بل من منطلق دور الحركة الإجتماعية و المعرفية الأمازيغية بعد سيطرة الكومبرادور و الإقطاع على السلطة بدعم من الإستعمار المباشر ، و ليس مواجهة اللغة للغة كما يدعى الأساتذة البورجوازيون و الماركسيون الإنتهازيون و المناشفة الجدد ، بل من منطلق الصراع الطبقي الذي يعتبر المحدد الأساسي للتاريخ في ظل صراع القوى المنتجة الجديدة و علاقات الإنتاج البائدة في المجتمع المغربي في ظل سيادة الرأسمالية التبعية.
فكيف يمكن إذن الحديث عن الصراع الطبقي و إنجاز الثورة الإشتراكية في الوقت الذي يتم فيه طمس الحقائق التاريخية للصراع الطبقي بالمغرب ؟ و كيف يمكن معرفة أسس النظام القائم دون كشف الأسس الأيديولوجية و السياسية التي يرتكز عليها و دون دحض الأطروحة الميتاقيزيقية لبناء الدولة ؟
في القرن 15م بعد سقوط الإمارات في الأندلس تبوأ الأندلسيون مواقع مهمة في السلطة المركزية نظرا لما لديهم من امكانيات ثقافية أهلتهم إلى الإستيلاء على السلطة ، و هم لا يملكون الأراضي و ليسوا ضمن الأرستقراطية الإقطاعية التي تكونت عبر التاريخ بشمال إفريقيا ، و لكن موقعهم في السلطة المركزية جعلهم يسيطرون على التجارة و استأجروا الأراضي و استغلوا الفلاحين ، لكن سلطة الحكم الذاتي بالبوادي كانت دائما في مواجهة السلطة المركزية بالمدن ، و خلال مرحلة الإستعمار المباشر برز الكومبرادور الذي سيطر على السلطة المركزية بعد الإستقلال الشكلي و بسط نفوذها على الإقطاع بعد السيطرة على الرأسمال و أراضي الفلاحين.
فبعد بسقوط جبل صغرو سنة 1934 كأخر معقل لمقاومة الأمازيغ للإستعمار المباشر دخلت البوادي في هدوء نسبي تمكنت خلاله الإمبريالية من بسط سيطرتها على البلاد لتركيز أسس النظام الرأسمالي التبعي ، و نشأت بالمدن طبقة بورجوازية صغرى مثقفة و طبقة عاملة ناشئة بالمدن و البوادي قادتا معا حركة التحرر الوطنية ، وخاضت الطبقة العاملة نضالات مريرة من أجل الحقوق الإقتصادية و التحرر الوطني ، و تعتبر انتفاضة 8 دجنبر 1952 تضامنا مع الطبقة العاملة التونسية بعد اغتيال المناضل النقابي فرحات حشاد محطة تاريخية تعبر عن نمو الوعي الطبقي لدى الطبقة العاملة المغربية ، و لم يزل الإستعمار المباشر يبسط سيطرته بالسهل و الجبال حتى اندلعت شرارة المقاومة من جديد بقيادة تنظيم الفلاحين/جيش التحرير بالبوادي و تنظيم الطبقة العاملة و البورجوازية الصغرى الثورية /المقاومة بالمدن.
و المدن وحدها لا تستطيع مواجهة تحالف قوى الاستغلال الرأسمالي بمعزل عن المقاومة التاريخية للفلاحين على اعتبار أن جميع الطبقات الشعبية معنية بمعركة التحرر الوطني ، و برزت حركة شعبية تحالفت فيها الطبقة العاملة و الفلاحون و البورجوازية المثقفة الثورية ، إلا أن تحالف الإقطاع و الكومبرادور الذي استطاع حبك مؤامرة 1956 بتواطؤ مع قيادات الأحزاب و النقابات أدى إلى فشل الثورة الوطنية الديمقراطية ، و أصبحت مصالح الشعب المغربي هدفا لقوى الاستغلال الرأسمالية التبعية التي خلفت الاستعمار المباشر لضمان مصالح الرأسمالية الإمبريالية ، فلم يتنازل الإستعمار المباشر عن السلطة السياسية إلا عندما اقتنع أن تحالف قوى التغيير الثورية/ الطبقة العاملة و الفلاحون يهدد وجوده ، و أن انتقال السلطة السياسية إلى حلفائه أمر ضروري للحفاظ على مصالحه من أجل ضرب وحدة المقاومة الشعبية ، بعد أن تم تركيز نمط الإنتاج الرأسمالي و تفكيك علاقات الملكية الجماعية للأراضي ونمط الإنتاج الجماعي و تركيز الملكية الفردية الرأسمالية ، عبر استغلال الأراضي الخصبة بالبوادي من طرف الإمبرياليين و الإقطاع الذين خلفهم المعمرون الجدد/الكومبرادور و الملاكون العقاريون الكبار و تركيز المؤسسات الصناعية و المالية بالمدن خدمة للرأسمالية الإمبريالية، وعرفت بذلك مناطق البلاد المختلفة فوارق طبقية و اجتماعية بعد تهميش البوادي التي لا يرى فيها الإمبرياليون إلا وسيلة لتنمية الرأسمال المالي ، بعد تحويل الفلاحين إلى عمال زراعيين بالبوادي و طبقة عاملة بالمدن بعدما تم الإستيلاء على أراضيهم بتحالف مع الإقطاع و الكومبرادور ، و تم تعميق الفوارق الطبقية و الاجتماعية بعد الإستقلال الشكلي بنهب الثروات الفلاحية و المعدنية و تفويت المؤسسات الإنتاجية و المالية الوطنية للمعمرين الجدد و طرد العاملات و العمال .
في ظل هذه الظروف انتقلت السلطة من تحالف الاستعمار و الإقطاع إلى تحالف الكومبرادور و الملاكين العقاريين الكبار ، و بعد صعوده إلى السلطة عمل على تجريد الطبقات الشعبية من تنظيماتها الذاتية /جيش التحرير بالبوادي و المقاومة بالمدن ، بعد اغتيال الشهيدين عباس المساعدي و حدو أقشيش بالريف اللذان قادا حركة التحرر الوطني و قمع مقاومة الأمازيغ بالريف و الجنوب.
إن قانون التطور اللامتكافيء الذي يميز الرأسمالية الإمبريالية يعمق الفوارق الطبقية و الإجتماعية في مناطق البلاد المختلفة خاصة في الدول التابعة ، حيث تحظى المناطق الغنية بالثروات الطبيعية باهتمام الرأسمال الذي يعمل على بناء الطرق و السكك الحديدية و المرافيء لتسهيل استغلالها و تصديرها ، ويرجع تهميش البوادي إلى مقاومة الفلاحين للاستعمار المباشر بدءا بثورة الريف و انتهاء بحركة التحرر الوطني ، و أصبحت المدن الكبرى مراكز لجل العمليات الإنتاجية و المالية الرأسمالية بينما الضواحي و البوادي تعيش تهميشا مكثفا و على رأسها المناطق الأمازيغية ، ومع تنامي هجوم الكومبرادور و الملاكين العقاريين الكبار تنامت الفوارق الطبقية و الإجتماعية إلى حد ظهور طبقات بورجوازية اغتنت غناء فاحشا على حساب الطبقات الشعبية ، التي تم تفقيرها و نشر الأمية و الجهل في صفوفها و تعطيل الشباب و خاصة حاملي الشهادات منهم و تهميش الثقافات الشعبية و خاصة الأمازيغية .

تارودانت في : 31 أكتوبر 2009
امال الحسين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الكينية تطلق الغاز المسيل للدموع على مجموعات صغيرة من


.. شاهد: تجدد الاحتجاجات في نيروبي والشرطة تفرق المتظاهرين بالغ




.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: أي سياسة خارجية لفرنسا في حال


.. مخاوف من أعمال عنف في ضواحي باريس بين اليمين واليسار مع اقتر




.. فرنسا: تناقضات اليمين المتطرف حول مزدوجي الجنسية..وحق الأرض