الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حالة انتكاس

تامر المصري

2009 / 10 / 31
القضية الفلسطينية


من تفسيرات الكلام في أصل الغواية، لحالة اندفاع المفترس واستسلام فريسته، على مسرح المستباح، عند الوقوع في الشرك، حبا أو كرها. يتماهى شقان محفزان يدفعان على استكمال أسباب الجريمة؛ أولهما قوة الجلاد، وثانيهما ضعف الضحية، كي تصبح المسؤولية مشتركة، يتحملها القاتل والمقتول على حد سواء، في تعليل ما جرى، عند السقوط. لتتجلى مسؤوليتنا المباشرة، كطرف أُريد له كما لو كان قدرا، أن يكون ضعيفا ومستباحا، يغري بكل ما أصابه من حالات التواري، جلاديه على الذهاب بعيدا، في التقدم نحوه حتى الالتهام الأخير. وكأنها حالة إغراء قائمة بعواملها الذاتية، ندفع بأنفسنا فيها، إلى عوالم المجهول، الذي لم يتأكد لنا من فراسة استقراء نتائجه، سوى ضياع المصير أو فقدانه دون شك، كأولى ضرائب هواننا، أمام ما ينبغي لنا فعله، عربا ومسلمين، تجاه ما يجري في القدس الشريف، التي تعيش نزع عروبتها الأخير، في غمرة المعكوس الذي لا نعرف منه شيئا، غير انتفاء عروبة القدس، لصالح تهويدها الذي استوفى شروطه، دون حول ولا قوة منا، إلا بالله العلي العظيم.
لقد عاجلتنا دولة الاحتلال، في غير مرة من حالات انتكاساتنا المتطابقة على وجع مستمر، بالنفاذ إلينا من مقتل ثغراتنا، المفتوحة بالتعثر الذاتي حينا، والاستهداف الخارجي أحيانا، سعيا إلى إنجاز مهمتها في وأدنا المشتهى. فيما لم نكن ذات مرة، نعيش حالة انتكاس كالتي نحن غارقون في وحلها الآن، بفعل ما تيسر من جنوننا العبثي، الطافح وهنا على وهن. بعد أن أشبع الانقسام بعض الغرائز، التي صارت غير آبهة بما يجري، في محيط جهاتها الأربع، لصالح سلامة الأنا الحزبية، المتكسرة بعد حين، على استفاقة من وهم الاستحواذ بالوفاض الخاوي، إلا إذا ما تداركتها رحمة الله، في ساعة يقين عاجلة، تتخلص فيها من إسقاطات النفس وهواها، وصولا إلى التسليم بمصالحة وطنية جامعة مانعة، تكون قاعدة انطلاق نحو تعزيز الصمود الفلسطيني، في مواجهة أسرلة القدس وتهويدها، وما يجري في عموم ما تبقى، من الأصول التاريخية للوطن.
ليس في وسع المتاح لبعضنا، أن يكون نبيلا، في ألمه وحسرته على ما يجري في القدس الشريف، دون أن يمتلك زمام المبادرة الأكثر نبلا، في توطئة الظروف للفعل الوطني الحقيقي، ليواجه عمليا ما يجري للقدس والمقدسيين، في معركة عنوانها بقاء المسجد الأقصى عربيا وإسلاميا، وذلك بالاستعداد والجاهزية، للدخول في وفاق وطني فلسطيني شامل، دون الالتفات إلى محاصصة تفصيلية، ينبغي لها ألا تعلو إذا ما علا الانتماء للدين والعروبة والوطن والقضية.
لا ننتفض غرابة في بحر الاندهاش، من ترجمة دولة الاحتلال أحلامها إلى تطبيقات عنصرية، على أرض القدس الشريف، بعد أن كسرت إسرائيل جمود كل قوالب المتوقع، على مدار سنوات المطاولة والصراع، في بحثها عن وعدها، الذي لا يتحقق إلا بنفينا. بيد أننا نستنكر حالتنا الفلسطينية، بما وصلت إليه من تراخٍ في الرابطة، حتى تراجعت قضيتنا إلى ما بعد الوراء بوراء، وكدنا نضيع رمزا روحيا، يختزل فلسطينيتنا، في أولى القبلتين وثاني البناءين وثالث الحرمين الشريفين، بما أسرفنا على أنفسنا فيه زللا وشططا، في نص الضياع بالمناكفة، على حساب الثابت الذي لا يتغير، الذي كان ولا يزال المسجد الأقصى، بما يمثل من عاطفة وروحية وانتماء.
رغم كل ما جرى، فإننا لا زلنا محكومين بالأمل، في إنهاء الانقسام الفلسطيني، وتحقيق الرجاء بالوفاق الوطني، كوننا أشقاء بالمشيئة الإلهية التي لا مناص منها، لأن البديل هو الخسران لا غيره، وهو ما يحتاج إلى تفعيل الإرادات، وعدم رهنها بمناخات خارجية، لجهة الإقرار بأن المصالحة الداخلية، يجب ألا تخضع لعناوين غير فلسطينية. لأن قضيتنا لا تتقاطع مع بعض الأجندات، إلا إذا ما اقتضت الضرورة، في مراحل لا تستمر، رغم كل أنواع الشعارات المتأبدة بصعود أصحابها، ما بقي جرحنا مفتوحا.
في ظل ما يجري للقدس الشريف من حملات إلغاء عنصرية منظمة، وما تحكيه دولة الاحتلال من مؤامرات تستهدف بنيان ومكان المسجد الأقصى المبارك، وما يمارسه قطعان مستوطنيها وجنودها، نجد أننا أكثر دعوة للقفز عن مرحلة الانقسام، بطي صفحة الخلاف، وصولا إلى خلق قاعدة انسجام وطنية، لا تضيع بوصلتها الفلسطينية، في مقارعة المحتل، وهذا أضعف الإيمان، استعدادا لمواجهة، نظنها ستتصاعد حينا بعد حين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصام في حرم جامعة أوكسفورد البريطانية العريقة للمطالبة بإن


.. القوات الإسرائيلية تقتحم معبر رفح البري وتوقف حركة المسافرين




.. جرافة لجيش الاحتلال تجري عمليات تجريف قرب مخيم طولكرم في الض


.. مشاهد متداولة تظهر اقتحام دبابة للجيش الإسرائيلي معبر رفح من




.. مشاهد جوية ترصد حجم الدمار الذي خلفته الفيضانات جنوب البرازي