الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرئيس بشار الأسد والتحول باتجاه المعارضة الوطنية...؟

سليمان يوسف يوسف

2004 / 6 / 5
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


ربما البعض لا يرى، في هذا العنوان المثير ، سوى نوع من الوهم السياسي أو حتى السذاجة السياسية، خاصة ونحن في سوريا، التي يحكمها (حزب البعث العربي الاشتراكي)، قائد الدولة والمجتمع، منذ أكثر من أربعة عقود، والرئيس بشار الأسد هو اليوم على رأس هذا الحزب.
لكن بعد هذا الكلام للرئيس بشار الاسد : (( الانتخابات الحرة في سوريا قادمة، واضاف: أنا لا اهتم بمنصبي، فقد أكون خارج وظيفتي في اية دقيقة. لكنني كسوري لدي واجب بلدي. هذه هي الطريقة الوحيدة للحكم من هذا المنصب.وعندما اشعر بأنه لا يمكنني أن أقدم شيئاً لبلدي قد أغادر..)) للوفد الاعلامي الامريكي، في لقاء متلفز بدمشق يوم الخميس 13-5-2004 ، ألا يخرج، عنوان مقالنا هذا، من دائرة الوهم السياسي إلى حيز الممكن والمعقول..؟. فكلام الرئيس بشار الاسد، بلغة السياسة، يحمل من المعاني والدلالات السياسية، ما يذهب بعضها على الأقل، في هذا الاتجاه. خاصة وقد جاء كلامه بعد أربع سنوات مضت على خطاب القسم - تموز عام 2000 م- الذي وعد فيه باجراء اصلاحات هامة في سوريا،وقد شكل هذا الخطاب يومها، مصدر تفاؤل وارتياح لدى جميع الأوساط في المجتمع السوري، وولد حراكاً سياسياً وثقافياً على امتداد الساحة السورية.لكن اليوم بات يشعر الكثيرين في سوريا- وبتقديراتي أن الرئيس بشار واحداً منهم- بان ما تحقق بعد هذا الخطاب من هامش ديمقراطي وانفراج سياسي، على محدوديته، تم التراجع عنه وبدأ ينحسر ويتقلص شيئاً فشيئاً. والشارع السوري بات يتساءل عن الأسباب الحقيقة لهذا التراجع والتباطؤ في اجراء الاصلاحات المطلوبة والموعود بها.
من هنا أرى أن كلام الرئيس بشار الأسد، للوفد الإعلامي الأمريكي، كان مهماً، حمل أكثر من رسالة، وربما إلى أكثر من جهة داخلية وخارجية، في هذا الظرف السياسي السوري والإقليمي الدقيق.
محلياً:أراد أن يطمئن الجميع في سوريا على أن مسيرة، الاصلاح والتطوير والتحديث، التي بدأها ستستمر بالرغم من كل ما يعترضها من عقبات وعثرات. فهي تشكل محور اهتماماته واولوياته، وباتت بالنسبة له (مهمة وطنية) لا تراجع عنها. كذلك أرى أنه حذر من سماهم بـ(الانتهازيون) أو (حراس مصالحهم)، الموجودون في الدولة وخارج الدولة، من عواقب استمرارهم في عرقلة وتأخير تطبيق برنامجه الاصلاحي.
خارجياً: أراد أن يؤكد، على ما قاله في لقاءات سابقة، بأن الإصلاحات في سوريا، هي شأن داخلي وحاجة أو رغبة وطنية غير مرهونة بالأوضاع والتطورات الإقليمية والدولية ولا بالدعوات أو الضغوطات الخارجية، من أية جهة صدرت أو جاءت، وسوريا ترفض أن تتعاطى مع قضية الاصلاحات على اساس أملاءات من الخارج.
لا شك أن الرئيس بشار الأسد كان يدرك حالة الترهل العام التي تعاني منها الدولة السورية، وحالة العطالة التامة التي أصابت معظم القوى الحية في المجتمع السوري. وبدأ يتلمس حجم المصاعب التي تعترض عملية الاصلاح. فبعد سنين طويلة،من بيروقراطية الدولة والحزب الحاكم، والتقصير في محاسبة المسيئين والمنحرفين،وتقليص الحريات السياسية والفكرية وتغييب كلي لدور قوى المعارضة الوطنية، ترهلت معظم القوى السياسية السورية، بما فيها حزب (البعث العربي الاشتراكي) الحاكم، وباتت احزاب (الجبهة الوطنية التقدمية) أشبه بـ( كورث سياسي) تردد وتمارس ذات الترانيم الحزبية والطقوس السياسية منذ أكثر من ثلاثة عقود.أما قوى المعارضة المحظورة، (التجمع الوطني الديمقراطي)،وكذلك أحزاب القوميات السورية الأخرى (آشورية وكردية) باتت جميعها قوة هشة ضعيفة، معزولة عن الجماهير،وهي اعجز من أن تمارس فعل المعارضة والضغط باتجاه التسريع في عملية الاصلاحات.
إذ ما من مجتمع يمكنه التطور والتقدم، بدون وجود مناخ كاف من الحريات الديمقراطية والسياسية والاقتصادية والفكرية تعمل وتتنشط فيه فعاليات المجتمع ومختلف قواه الحية.ومن غير صحافة حرة، وقوى معارضة وطنية في الداخل، تكتب، بحرية وبدون خوف، و تقييم دور الحكومة وتنتقدها على أخطاءها وتقصيراتها وتلاحق مصادر الفساد في أجهزة الدولة، وكذلك من غير قضاء نزيه ومستقل يحاكم ويحاسب المسيئين والمقصرين.
خيارات الرئيس:
لقد أكد الرئيس بشار الأسد، في أكثر من مناسبة، على: ((اولوية (الاصلاحات الاقتصادية) باعتبارها ترتبط بالمشاكل والهموم المعيشية اليومية للمواطن السوري)).لكن إذا ما استعصى خيار (الاصلاحات الاقتصادية)، كما هو متوقع،بسبب ممانعة وعرقلة المعرقلين، بتقديراتي أن الرئيس بشار الاسد، قد يضطر في نهاية ويلايته هذه، وهي الأولى له، أي بعد ثلاث سنوات، على اللجوء الى خيار (الاصلاحات السياسية)، من هذه الخيارات: ابعاد (حزب البعث العربي الاشتراكي) الحاكم عن السلطة، كقائد للدولة والمجتمع، وحل الجبهة الوطنية التقدمية، ورفع الأحكام العرفية وحالة الطوارئ والافراج عن جميع المعتقلين السياسيين، والدعوة لعقد (مؤتمر وطني) شامل- وهو ما طرحته المعارضة الوطنية في الأشهر الأخيرة- يعقد، هذا المؤتمر، تحت رعاية الرئيس بشار الاسد، يشارك فيه ممثلين عن جميع (الأحزاب السياسية) و(القوى الوطنية والديمقراطية) في سوريا، والمنظمات الأهلية المدافعة عن حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية، بما فيها احزاب (المعارضة الوطنية) المحظورة في الداخل، والتي رفضت الاستقواء بالخارج، وممثلين عن مختلف أنواع الطيف القومي والاجتماعي والثقافي والديني السوري، وممثلين عن مختلف الفعاليات والمؤسسات، الاقتصادية والثقافية والعلمية والتربوية. تطرح في هذا المؤتمر جميع القضايا والمشاكل الوطنية الداخلية- بما فيها حقوق القوميات السورية الغير عربية، آشوريين(سريان/كلدان)، أكراد، أرمن، شراكس، تركمان- للنقاش والبحث، وعلى ضوء هذه النقاشات والدراسات يتم وضع (برنامج عمل وطني) للاصلاح، يحظى بموافقة الجميع، وتنبثق عن المؤتمر (حكومة وطنية) مهمتها تطبيق هذا البرنامج، واستصدار قانون خاص بالأحزاب السياسية، ووضع قانون ونظام انتخابي جديد لأعضاء مجلس الشعب ومجالس البلديات، يحقق التمثيل الصحيح والعادل لمختلف الطيف السياسي والقومي والديني في سوريا، وكذلك تنبثق عن المؤتمر (لجنة وطنية) مهمتها تعديل دستور البلاد وتتولى الاشراف على اجراء انتخابات ديمقراطية حرة لأعضاء (مجلس شعب) جديد، والتحضير لانتخابات حرة ديمقراطية لرئيس الجمهورية في نهاية الولاية الثانية للرئيس بشار الاسد، وقد لا يكون هو من المرشحين للرئاسة، إذ ما حدد الدستور الجديد عدد ولايات الرئيس باثنتين فقط.
فبشار الاسد لا يريد لسوريا، مهد الحضارات، أن تكون دولة تعبر عن مصالح وإرادة الأشخاص القائمين عليها وتتحول إلى جهاز قمعي يلغي إرادة الجماعة ويصادر حرياتهم.

سليمان يوسف يوسف... كاتب آشوري سوري مهتم بحقوق الأقليات.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خامنئي و الرئيس الإيراني .. من يسيطر فعليا على الدولة؟ | الأ


.. مناظرة بايدن-ترامب .. ما الدروس المستخلصة ؟ • فرانس 24 / FRA




.. #فرنسا...إلى أين؟ | #سوشال_سكاي


.. المناظرة الأولى بين بايدن وترامب.. الديمقراطيون الخاسر الأكب




.. خامنئي يدعو الإيرانيين لمشاركة أكبر بالانتخابات | #غرفة_الأخ