الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بالثقة في النفس وبمصداقية المنهج نطرق بقوة أبواب المستقبل!

احمد سعد

2009 / 11 / 1
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


في السابع من شهر تشرين الثاني القادم من هذا العام، يحيي الحزب الشيوعي الاسرائيلي الذكرى السنوية الـ 90 لنشوء ونمو اول بذرة شيوعية في عملية "ولادة قيصرية"، تمخضت في ظل اشرس واخطر مؤامرة نسج خيوطها ونفذها التحالف الدنس الاستعماري – الصهيوني وبتواطؤ بعض القوى والانظمة العربية الرجعية، ضد الشعب العربي الفلسطيني وحركة التحرر القومي العربية في المنطقة. واذا استثنينا السنوات الاولى من صراع البذرة الشيوعية داخل المجمّع الصهيوني من المهاجرين اليهود وتأثرهم بأفكار الحاضنة الاولى "بوعلي تسيون" (من 1919 حتى 1924) فان الشيوعية المنظمة فكرا وسياسة وتنظيما كحزب طبقي ثوري اممي ماركسي – لينيني يهودي – عربي، قد بدأت تبرز على ساحة المعترك الكفاحي في فلسطين المستباحة من قبل الانتداب البريطاني وموجات الهجرة اليهودية وبقوة، منذ اواسط العشرينيات واكتسبت اعتراف "الكومنترن" مركز الحركات الشيوعية والعمالية العالمية.
واليوم يحق للحزب الشيوعي في بلادنا، وبتواضع الشيوعيين المعهود، ان يعتز ويفاخر باحتفاله التسعين لنشوء وتطور هذا الحزب. فالحقيقة الساطعة انه خلال التسعين سنة من الصراع الاستراتيجي على طابع ومستقبل فلسطين ومصير شعبها العربي الفلسطيني الاصلاني، لم يصمد ولم يبق أي حزب او تنظيم سياسي على قيد الحياة سوى الحزب الشيوعي، فجميع الاحزاب الصهيونية من يمينها الى وسطها الى يسارها اما اندثرت واختفت من الساحة السياسية او اندمجت مع غيرها وغيرت عدة مرات ملابسها الداخلية او اختارت لها طريق تغيير الاسم والجوهر. فاين هو حزب "مباي" اقوى الاحزاب الصهيونية في بناء "اليشوف" العبري واسرائيل بعد النكبة، فقد أدت ازمته الى اندماجه مع حزب "مبام" في المعراخ، ثم ان ازمة المعراخ اخرجت مبام الذي اندثر واختفى عن الوجود وبقي حزب "العمل" الذي انخسف تمثيله وتأثيره وعلى حافة تسلّم شهادة الوفاة، اين هم الصهيونيون العموميون واين "رافي" واين شينوي وحيروت الذي اصبح ليكود وانقسم الى ليكود وكاديما وراتس وميرتس وقوائم الحكم العسكري العربية. كما ان النكبة ادت الى تهجير الاحزاب العربية التقليدية الفلسطينية سوية مع التهجير القسري والتطهير العرقي للفلسطينيين ابان النكبة. وباختصار فان جميع الاحزاب السياسية الناشطة اليوم على الساحة السياسية – الحزبية هي تنظيمات نشأت بعد الحزب الشيوعي ولم يبق سوى الحزب الشيوعي الفارس في الساحة الكفاحية خيال. فهل هذه الحقيقة هي وليدة صدفة؟ هل هي صدفة انه بخلاف كل الاحزاب التي برزت واختفت في التسعين سنة الماضية بقي حزب واحد لم يغير لا اسمه ولا نهجه، لا جلده ولا جوهره وجوفه، بقي الحزب الشيوعي الطبقي الثوري المقاتل من اجل السلام العادل والمساواة والعدالة الاجتماعية والاشتراكية العلمية. فما هو السر الذي يكمن في حقيقة ان الحزب الشيوعي اثبت مصداقيته السياسية والاجتماعية وانه اهل للحياة والتطور بينما اثبتت مختلف القوى والتنظيمات الاخرى انها ليست "بنت معيشة" واختفت؟ برأينا ان مصداقية هذا الحزب يستلها من طابع هويته المميزة التي تربط جدليا بين منهجه الفكري الجدلي الماركسي وبين رسالته الاجتماعية الطبقية، الربط الجدلي بين الفكر العلمي الثوري الخلاق وبين الممارسة العملية لجعل هذا الفكر ومدلوله قوة مادية هائلة بايدي اوسع الجماهير التواقة لحياة افضل.
** حزب التغيير الثوري:
أن تكون شيوعيا حقا لا يكفي ابدا التسلح بمقولات من تأكيدات ماركس ولينين وتبدأ بترديدها كما يردد الامام آيات من القرآن الكريم او الخوري عظات من السيد المسيح عليه السلام. فكي تكون شيوعيا حقا عليك وبشكل ابداعي الانخراط بين الناس والجماهير وقضاياهم لحل قضاياهم استنادا الى مدلول الرسالة الشيوعية سياسيا واجتماعيا وثقافيا. فما يميز الحزب الشيوعي ويجعله اهلا للحياة والتطور انه حزب طبقي وثوري اممي يناضل من اجل التغيير الجذري عميق الجذور في مجتمع يعيش في غربة عن العدالة الاجتماعية. ولا مفر من ادراك المدلول السياسي والاجتماعي لما يميز الحزب، خاصة وان اعداء الشيوعية يستشرسون في التحريض التضليلي لتشويه حقيقة الحزب. فعندما نؤكد ان الحزب الشيوعي الماركسي – اللينيني حزب طبقي ثوري أممي فاننا لا نطلق شعارا للتسويق في سوق الدلالين الداشرة، بل نؤكد ان لكل كلمة من هذا التعريف مضمونها ومدلولها السياسي – ولهذا فاننا نؤكد ما يلي:
أولا – ألحزب الشيوعي – حزب طبقي، ففي مختلف التشكيلات الاجتماعية – الاقتصادية التي عرفتها البشرية فان المجتمعات مكونة من تعدد طبقات تبرز من بينها الطبقات الاساسية حسب موقعها من وسائل الانتاج ومن مردود العملية الانتاجية، بين السيد والعبد، بين الاقطاعي والفلاح، بين الرأسمالي والعامل بأجرة. وهذه المجتمعات قائمة على الاستغلال الطبقي وفي غياب العدالة الاجتماعية. والاحزاب الشيوعية التي نشأت في ظل الرأسمالية وبضمنها حزبنا الشيوعي، هي احزاب طبقية، بمعنى انها تدافع عن مصالح طبقية اجتماعية وسياسية لشرائح اجتماعية محددة، فالحزب الشيوعي هو في الاساس حزب الطبقة العاملة وجميع المضطهدين والمميز ضدهم في المجتمع الرأسمالي الاستغلالي. ورغم تعدد الاحزاب السياسية في اسرائيل فاننا نؤكد على وجود حزبين رئيسيين، الحزب الشيوعي – حزب الطبقة الكادحة واحزاب التشكيلة الرأسمالية التي تمثل مصالح مختلف شرائح البرجوازية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة ومختلف تنظيمات البيئة والاحتجاجات الاجتماعية التي تنشط لاصلاح عيوب الرأسمالية وليس لتغيير نظام الاستغلال الرأسمالي. والفكر الماركسي هو فكر متحزب للطبقة الكادحة وضد الاستغلال ومن اجل العدالة الاجتماعية.
اعداء الشيوعية والاشتراكية العلمية يحاولون نظريا وسياسيا الادعاء، ان الماركسية فقدت ركائزها المادية، فاليوم لا توجد بروليتاريا، عمال الجهد الجسدي، كما كان ايام ماركس ولينين، وتشكيلة الطبقة العاملة تغيرت بفعل الثورة العلمية – التقنية الحديثة والثورة المعلوماتية. فالجهد العلمي احتل مكان الجهد العضلي واصبح العلماء والمهندسون وغيرهم جزءا عضويا من العملية الانتاجية. كما انه اصبح للعمال جزء من الارباح ومن اسهم ملكية المصانع والشركات. جميعها حقائق، ولكنها كلمات حق يراد بها باطل، فرغم الظواهر "الاصلاحية" في العملية الانتاجية الرأسمالية فان وسائل الانتاج الاساسية في الشركات والمصانع والبنوك والاوراق المالية من سندات واسهم البورصات تبقى بايدي ملكية خاصة رأسمالية، كما انها تحتكر الارباح الاساسية من مردود النشاط الاقتصادي. واعادة انتاج البطالة الواسعة بالملايين سنويا في البلدان الرأسمالية، اعادة انتاج ملايين الفقراء والجياع في العالم الرأسمالي واتساع الفجوات الصارخة بين البلدان الرأسمالية الصناعية المتطورة والبلدان ضعيفة التطور في "العالم الثالث" في ظل العولمة الرأسمالية الخنزيرية يعكس حقيقة ان التمييز القهري هو السائد وليس العدالة الاجتماعية. وما دام هنالك استغلال وتمييز قومي واجتماعي واثني فلا مفر من الكفاح والمواجهة، لا مفر من وجود الحزب الشيوعي الطليعي للدفاع عن المظلومين ودفع المسيرة باتجاه العدالة الاجتماعية. واحد الاسباب المركزية لقوة الحزب الشيوعي بين جماهيرنا العربية التي تعاني من التمييز الطبقي والقومي العنصري، الحقيقة ان الحزب تبنى الموقف الطبقي الاممي والوطني في الدفاع عن قضايا الجماهير العربية وعن حقها في المساواة القومية والمدنية جنبا الى جنب مع دفاعه المبدئي عن حقوق العاملين اليهود والعرب في البلاد.

يختلف الحزب الشيوعي عن باقي التشكيلة الحزبية الصهيونية والعربية انه ليس حزبا اصلاحيا ولا انتهازيا بل حزبا ثوريا. ونقصد بالحزب الثوري النشاط الذي يمارسه الحزب في شتى المجالات السياسية والاقتصادية – الاجتماعية والثقافية والبيئية والذي يربط بين مواجهة مختلف مظاهر المظالم وبين الهدف الاستراتيجي بعيد المدى بالنضال لاقامة وبناء مجتمع العدالة الاجتماعية الاشتراكي. فالتغيير الثوري يعني التغيير الجذري عميق الجذور وليس التغيير السطحي الذي لا يطال كبد القضية. فعلى سبيل المثال لا الحصر فان الحزب الشيوعي في بلادنا يناضل منذ نكبة الشعب العربي الفلسطيني وقيام دولة اسرائيل وحتى يومنا هذا ضد السياسة الرسمية الصهيونية السلطوية التي تمارس محاولات نشر العدمية القومية بين جماهيرنا العربية من منطلق التنكر لحقيقة اننا اقلية قومية عربية فلسطينية اصلانية وبهدف حرمان هذه الاقلية من حقوقها القومية والمدنية. والحزب الشيوعي الذي يؤكد على ساحة الكفاح السياسي – الجماهيري ان اسرائيل لن تكون دولة دمقراطية حقا ما دامت تمارس سياسة التمييز القومي ضد جزء من مواطنيها، وان مواجهة هذه السياسة العنصرية هي قضية الجماهير اليهودية ايضا. كما يربط الحزب الشيوعي جدليا بين الكفاح الدمقراطي للجماهير العربية من اجل حقها بالمساواة المدنية والقومية، هذا الكفاح الذي حول اقليتنا القومية الى قوة دمقراطية لها وزنها السياسي الكمي والنوعي على ساحات المعترك الكفاحي، يربط بين هذا الكفاح وبين اهمية الكفاح المشترك اليهودي – العربي ضد الاحتلال الاستيطاني ودفن سياسة العدوان الاسرائيلية وانجاز الحقوق الوطنية الفلسطينية بالحرية والدولة والقدس العودة، ومن اجل السلام العادل الذي يضمن الامن والاستقرار لجميع شعوب وبلدان المنطقة وبضمنها اسرائيل والدولة الفلسطينية التي ستقوم فعلا، الحزب الشيوعي يثقف ويمارس في المعترك الكفاحي الربط الجدلي بين كون الجماهير العربية في اسرائيل فرعا اساسيا واصيلا من شعبها العربي الفلسطيني وتناضل في اسرائيل مع قوى السلام اليهودية لانجاز حق تقرير مصير شعبها لانقاذه من براثن الاحتلال والتشرد وضمان استقلاله السياسي في اطار دولة سيادية، الربط بين هذا وبين حقيقة اننا مواطنون في دولة اسرائيل لنا دورنا كمواطنين في المعركة الدمقراطية العامة لتغيير طابع المجتمع التمييزي العنصري العدواني، لنا دورنا مع القوى الدمقراطية اليهودية في مواجهة الاستشراء الفاشي العنصري المعادي للعرب وللدمقراطية ودفن مخططات الترانسفير الصهيونية العنصرية ومواجهة الاحتلال والعدوان ومن اجل غروبهما. صحيح اننا نصارع في وكر الذئاب المفترسة، ولكننا لم نطو راية الكفاح يوما او نتخلَّ يوما عن رسالتنا التاريخية، عن هدفنا الاستراتيجي بالنضال من اجل بناء مجتمع العدالة الاجتماعية والمساواة والدمقراطية وضمان حقوق الانسان وحريته. وليس من باب المبالغة او المزاودة الفارغة نؤكد ان بعزيمة الثوار يتوجه الحزب الشيوعي في بلادنا واثقا من نفسه ومن منهجه الفكري ونهجه السياسي – الجماهيري لطرق ابواب المستقبل مشحونا بالتفاؤل الواعي ان بقاء الحال من المحال، ولن تستطيع أي قوة عاتية طمس حقيقة ان الشمس تشرق دائما.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاتح مايو 2024 في أفق الحروب الأهلية


.. السداسية العربية تصيغ ورقة لخريطة طريق تشمل 4 مراحل أولها عو




.. آخرهم ترامب.. كل حلفائك باعوك يا نتنياهو


.. -شريكة في الفظائع-.. السودان يتهم بريطانيا بعد ما حدث لـ-جلس




.. -اعتبارات سياسية داخلية-.. لماذا يصر نتنياهو على اجتياح رفح؟